بينالى القاهرة الدولى للفنون هو أحد أهم وأقوى الفعاليات الفنية العالمية، الذى يقام كل عامين خلال شهر ديسمبر، وتنظمه وزارة الثقافة المتماثلة فى قطاع الفنون التشكيلية، وعلى الرغم من مكانته وأهميته إلا أنه متوقف منذ عشر أعوام دون أسباب واضحة.
وكان آخر تنظيم لبينالى القاهرة بدورته العاشرة فى نهاية عام 2006 وبالتحديد يوم 13 ديسمبر، واستمر حتى يوم 15 فبراير 2007، ومن بعد هذه الدورة أصبح بينالى القاهرة، مجرد ذكرى جميلة للفنانين التشكيليين الذى حظوا بفرصة المشاركة فى هذا الحدث الفنى العالمى، وحلما لمن لم يشارك من قبل، بينما رأى الفنان حازم المستكاوىأن آخر ميعاد لتاريخ بينالى القاهرة الدولى كان فى عام 2010، واستمر حتى عام 2011، وكان بدورته الـ12
وعلى الرغم من جهود الفنانين التشكيليين ورغبتهم الحقيقة فى إقامة هذا البينالى ودعوتهم لعودته، وافق الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة فى يوم 14 ديسمبر لعام 2015 على إعادة بينالى القاهرة من جديد، حيث أكد ضرورة إعداد الخطوات والترتيبات اللازمة لعودة البينالى بقوة.
وبعد مرور ما يقرب من سنتين على موافقة الوزير لإقامة البينالى، لم يخرج علينا قطاع الفنون التشكيلية لإظهار أى ملمح أو نية واضحة حول عودة البينالى من جديد، ومن هنا نتساءل لماذا يغفل قطاع الفنون التشكيلية عن إقامة هذا الحدث العالمى؟ والذى بالطبع سيعيد لمصر مكانتها على الساحة الفنية الدولية.
قال الدكتور والناقد التشكيلى عز الدين نجيب، إن قطاع الفنون التشكيلية ليس لديه خريطة طريق فى سياستيه، فهو ليس لديه سلم أو أولويات أو برامج مدروسة لمعالجة ومواجه المشكلات.
وأوضح عز الدين نجيب، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن بينالى القاهرة ليس الحالة الوحيدة من نوعها، حيث هناك متاحف معطلة ومغلقة منذ سنوات بحجة التطوير والترميم، وكما هو معروف أن المتحف يمثل ذاكرة الأمة من ناحية، ومن ناحية أخرى يمثل مادة خصبة للباحثين للتعرف على تاريخ الفن، ومع ذلك لا نجد حتى الآن أى خطة أو برنامج لافتتاح متحف محمود خليل أو الجزيرة أو غيرهم من المتاحف.
وأشار عز الدين نجيب إلى أن بينالى القاهرة الدولى لا بد أن يحتل المكانة الأولى ضمن أولويات وزارة الثقافة، لأنه يشكل وعيا جماليا لدى الجمهور المصرى وبدون تحقيق هذا الهدف لا جدوى من إقامة بينالى أو معرض عام أو أى نشاط فنى، مضيفا أنه كتب كثيرًا، ووجه العديد من الرسائل بوقف أى بينالى يكلف الوزارة ملايين الجنيهات لمدة سنة واحدة فقط وتخصيص هذه الميزانية فى تعليم الجماهير كيفية التذوق الفنى، من خلال التوسع فى إقامة معارض فنية تشكيلية فى جميع المحافظات وإقامة أيضا ندوات فنية ثقافية ونشر الذوق الفنى عبر وسائل الأعلام المختلفة، خاصة لأن الشعب المصرى لديه أميه بصرية بنسبه 99%.
وأشار عز الدين نجيب إلى أن القطاع استجاب بفكرة التوقف ولم يستجيب لإقامة التوسعات فى إنشاء معارض فنية أو إقامة ندوات، كما أن التوقف استمر سنوات طويلة، متسائلا: أين ذهبت الأموال الطائلة التى كانت تخصص لإقامة البينالى طوال هذه السنوات.
وأكد عز الدين نجيب، أن توقف البينالى وإغلاق المتاحف وأيضا توقف إصدار مجلة الخيال بعد نقلها من هيئة قصور الثقافة إلى قطاع الفنون التشكيلية لمدة سنة، دليل على غياب الرؤية السياسية والاستراتيجية من القائمين على قطاع الفنون التشكيلية والعمل الثقافى ككل، فنحن ننبح فى أصواتنا ولا يشعر بنا أحد.
ومن جانبه، قال الفنان التشكيلى عبد الوهاب عبد المحسن، إنه من ضمن الفنانين الذين حظوا بفرصة المشاركة فى البينالى بدورته السادسة، لافتا إلى أن أسباب توقف بينالى القاهرة الدولى ترجع إلى عدم الإرادة والحماس فى إقامة هذه الفعالية الدولية الضخمة من قبل وزارة الثقافة.
وأوضح عبد الوهاب عبد المحسن، أن الإمكانيات المالية لم تكن السبب وراء توقف إقامة البينالى، فعلى سبيل المثال تحرص مؤسسة عبد الوهاب عبد المحسن للفن والثقافة، على إقامة ملتقى برلس القاهرة الدولى لمدة أربعة أعوام متتالية بأقل الإمكانيات، على الرغم من استضافته إلى 14 فنانا من مختلف دول العالم.
وأشار عبد الوهاب عبد المحسن إلى أنه عمل كـ وكيل فى وزارة الثقافة، ويعلم جيدا أن الإمكانيات المادية لم تكن سبب يعوق إقامة أى فعالية، مضيفا أن أى فعالية تحتاج إلى وضع رؤية واضحة واستراتيجية لتنفيذها فقط، وطالب عبد الوهاب عبد المحسن بضرورة عودة البينالى من جديد لإنقاذ سمعة مصر الفنية فى الخارج، ومن أجل تبادل الثقافات والخبرات الفنية التى لا تقدر بمئات الجنيهات.
وفى السياق ذاته، قال الفنان التشكيلى عماد إبراهيم، إنه لم يحظ بفرصة المشاركة فى بينالى القاهرة الدولى من قبل على الرغم من أنه متواجد ومنتج للحركة الفنية التشكيلية لمدة تزيد عن 25 عاما، موضحا أنه لا يعلم حتى الآن ما هى الأسباب وراء توقف بينالى القاهرة الدولى؟!، إضافة إلى أنه لا يرى سياسات واضحة وصريحة حول توقف اى فعالية ثقافية غير البينالى.
ولفت عماد إبراهيم أن أى نشاط فنى ينظمه قطاع الفنون التشكيلية يقتصر على فئة من التشكيليين المعروفين باسم "الدائرة المغلقة"، التى يختارها القطاع كل عام، ولهذا لست حريص على المشاركة فى أى فعالية فنية ينظمها قطاع الفنون التشكيلية.