ينفرد "اليوم السابع" بنشر خريطة انتشار زواج القاصرات فى محافظات الجمهورية والتى تعتبر بمثابة جرس إنذار لمراكز صناعة القرار لحماية الأطفال من انتهاك حقوقهم الاجتماعية والصحية، بالإضافة إلى وقف الاعتداءات الجنسية على الفتيات القاصرات من خلال إصدار قرار بحظر زواج الأطفال الأقل من 20 عاماً.
وتحظى قضية زواج الأطفال باهتمام المجتمع، ويعود ذلك إلى وجود مفارقات بين القانون الحالى وتوجهات الدولة وفعاليات المجتمع من جهة، وبين الواقع وكراهته من جهة ثانية فى ظل مخاطره وعواقبه الصحية المتعددة.ويتسبب زواج الأطفال فى ظهور مشكلات صحية جسدية ونفسية بين الفتيات المتزوجات فى سن مبكرة، الأمر الذى يهدد بزيادة انتشار الأمراض المختلفة بين أفراد المجتمع من أهمها سوء التغذية والتقزم والأنيميا.
وتشير التقارير الطبية لوجود آثار سلبية لزواج الأطفال تنقسم إلى جوانب صحية كأن يتعرضن لمشكلات جسدية ناجمة عن عدم استعداد أجسادهن لخوض تجربة من هذا النوع وهن مهددات بالإصابة باضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل والولادة المبكرة، زيادة على تكاثر حالات الإجهاض بين تلك الفئة من المتزوجات واحتمال الوفاة أثناء الولادة وارتفاع مخاطر إصابتهن بهشاشة العظام.
وأما عن الأضرار النفسية فتكمن فى معاناة الفتيات من الحرمان العاطفى ومن حنان الوالدين والحرمان من عيش مرحلة الطفولة، ويؤدى ذلك إلى الإصابة بأمراض نفسية مثل الهستيريا والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية، كما ينجم عن ذلك اضطرابات فى العلاقات الجنسية بين الزوجين بفعل عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة.
وأظهر المسح الصحى السكانى أن أعلى نسبة للمتزوجات أقل من 20 سنة بمحافظة القاهرة(9.1%) وفى الجيزة (8.1%) وفى الشرقية (7.7%) فى حين كانت أقل المحافظات الحضرية هى محافظات السويس وبورسعيد بنسبة 0.7%، ويرتفع متوسط عدد الأطفال فى حالة الزواج قبل 18 سنة إلى حوالى 3.7 طفل، بينما يكون المتوسط 2.79 فى حالة الزواج بعد عمر22 سنة ما يشير إلى ضرورة الاهتمام بهذه الظاهرة للحد من النمو السكانى.
وكشفت نتائج المسح الصحى فى مصر عام 2014 أن نسبة الإناث المتزوجات فى الفئة العمرية من 15-19 إلى 14.4% وتزداد أعدادهن فى المناطق الريفية، وهن من بين ذوات المستوى التعليمى.
وبلغت نسب زواج القاصرات فى المحافظات القاهرة 9.10%، بنى سويف 3.80%، الجيزة 8.10%، الفيوم 3.60%، الشرقية 7.70%، أسوان 1.60%، المنيا 6.90%، الإسماعيلية 1.40%، البحيرة 6.70%، دمياط 1.30%، الدقهلية 6.40%، السويس 0.70%، أسيوط 5.90%، بورسعيد 0.70%، القليوبية 5.80%، الاقصر 0.50%، الغربية 5.00%، مرسى مطروح 0.40%، الإسكندرية 5.00% البحر الاحمر 0.30%، سوهاج 5.00% الوادى الجديد 0.30% المنوفية 4.80%، شمال سيناء 0.30%، قنا 4.30% جنوب سيناء 0.10%، كفر الشيخ 4.00%.
وقال الدكتور طارق توفيق مقرر المجلس القومى للسكان لـ"اليوم السابع" إن 33.3% من الإناث المتزوجات فى الفئة العمرية 25-29 واللائى يقطن فى ريف الصعيد قد تزوجن قبل سن 18 سنة وبالمقارنة بنسبة أقل من 10% من أولئك اللائى يقمن فى المحافظات الحضرية والدلتا وأضاف طارق توفيق أن انتشار زواج الأطفال قد تقلص فى كل المناطق فيما عدا حضر الوجه القبلى.فأكبر معدلات التراجع فى نسبة النساء الصغار اللائى تزوجن قبل سن 18 سنة بين عام 2009 وعام 2014 قد وجدت فى ريف الوجه البحرى والمحافظات الحدودية، وهى المناطق التى يسود فيها زواج الأطفال.
وأوضح الدكتور طارق توفيق مقرر المجلس القومى للسكان اسباب زواج الأطفال فى مصر إلى انتشار الفقر بكافة أنواعه، الاقتصادية والاجتماعية، وهيمنة كثير من الموروثات الثقافية على عقول الشرائح المجتمعية التى تعانى من تدنى المستوى التعليمى والمعيشى.
وتابع: تجنح الأسر الفقيرة إلى تزويج بناتها فى سن صغيرة وذلك لتحقيق مبدأ "السترة" لارتباطه بمفاهيم أخرى سائدة مثل "عفة البنت" و"عرض" أفراد الأسرة من الذكور، وسيطرتهم على كافة القرارات المصيرية الخاصة بالأسرة من الذكور، هناك أسباب اقتصادية للزواج المبكر مثل لجوء الأسر محدودة الدخل إلى تزويج بناتها لعرسان أغنياء عادة ما يكونوا غير مصريين وكبار فى السن، مما ينتهك كافة الحقوق الإنسانية للفتيات ضحايا هذا النوع من الزواج.
ومن جانبه أضاف الدكتور عاطف الشيتانى مستشار المجلس القومى للسكان أن المجلس بإطلاق الإستراتيجية القومية للحد من الزواج المبكر فى يوليو من عام 2014 والتى تهدف إلى خفض نسبة هذا النوع من الزواج بنصف قيمتها التى قدرت آنذاك وفقا لما هو متاح من بحوث ودراسات، بحوالى 15%.
وتابع الشيتانى: إذا فرضنا أن نسبة الـ 15% الواردة فى الإستراتيجية تمثل تقديرا صحيحا لتلك الظاهرة، فهذا يعنى أن حوالى 13.9 مليون فتى وفتاة تنتهك حقوقهم ويدفع بهم إلى دوائر الجهل والفقر، التى تكرس تلك الظاهرة وتزيد من تداعياتها على كافة مجالات التنمية فى مصر.
وفى ذات السياق أضافت منى أمين المدير التنفيذى لبرنامج العنف ضد المرأة أن الإستراتجية القومية للحد من الزواج المبكر تواجه عدد من التحديات التى تعوق جهود التصدى لهذه الظاهرة، ومنها وجود بيئة ثقافية واجتماعية واقتصادية داعمة لتفاقمها، خاصة فى المجتمعات الأكثر احتياجا هذا بالإضافة إلى التحديات القانونية التى تمثل معوقاً رئيسياً للحد من هذه الممارسة.
واستكملت منى أمين: فى عام 2008، رفعت الحكومة المصرية سن زواج الإناث من 16 إلى 18 سنة أسوة بالذكور، وذلك وفقاً للمادة 31 مكرر من قانون الأحوال المدنية والمادة 228 من قانون العقوبات، ولكن هناك ثغرات فى القانون حالت دون تنفيذ هذه المادة حيث تركت تلك الثغرات فرصاً للتحايل على القانون بعقود غير موثقة أى غير قانونية كما أن النصوص الخاصة بتجريم تلك الممارسة غير مفعلة.