قال وزير الخارجية سامح شكرى ان مصر دوماً فى مقدمة الجهود متعددة الأطراف الرامية إلى نزع أسلحة الدمار الشامل ومنع انتشارها؛ حيث تشكل هذه الأسلحة أحد أبرز التهديدات الملحة التى تواجهها البشرية والسلم والأمن الدوليان.
وأكد شكرى فى كلمة خلال اجتماع مجلس الأمن حول عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، ان مصر تعرب مجدداً عن قلقها إزاء التهديد الخطير الذى تواجهه البشرية جراء استمرار وجود الأسلحة النووية.
وفيما يلى نص الكلمة..
السيد الرئيس،
أود بدايةً أن أتوجه بالشكر لوكيل السكرتير العام الممثلة السامية لشئون نزع السلاح السيدة إيزومى ناكاميتسو على الإحاطة القيمة التى قدمتها، والتى نستخلص منها ضرورة اعتماد مقاربة جديدة وشاملة تكفل اتخاذ إجراءات فعالة للسعى نحو إنهاء التهديد الذى تمثله أسلحة الدمار الشامل، ومركزية جهود نزع السلاح وعدم الانتشار فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وعلى ضوء الأهمية البالغة التى توليها مصر لموضوع نزع أسلحة الدمار الشامل وعدم انتشارها، ونظراً لتقديرنا لهذه الفرصة الهامة لمناقشة هذه القضية المحورية على هذا المستوى الرفيع، فقد قررتُ - خلافاً للمألوف - أن ألقى مداخلتى اليوم باللغةِ الإنجليزية حرصاً على وضوح الرسالة.
السيد الرئيس،
لقد كانت مصر دوماً فى مقدمة الجهود متعددة الأطراف الرامية إلى نزع أسلحة الدمار الشامل ومنع انتشارها؛ حيث تشكل هذه الأسلحة أحد أبرز التهديدات الملحة التى تواجهها البشرية والسلم والأمن الدوليان. وفى هذا السياق، وإذ تقدر مصر الدور الأساسى لمجلس الأمن فى التصدى للتحديات المتصلة بانتشار أسلحة الدمار الشامل وإنفاذ الإجراءات التى يتم الاتفاق عليها بهذا الخصوص، فإننا نرى أن أسلوب عمل المجلس فى هذا المجال يتطلب قدراً كبيراً من الإصلاح. وينبغى علينا هنا أن ننظر فى منهج أكثر كفاءة وشمولية يكون من شأنه تعزيز شعور جميع الدول الأعضاء بملكية الإجراءات التى يعتمدها المجلس، وأن نسعى إلى الاستفادة بشكل أكبر من المساعى الحميدة والوساطة التى يمكن للأمين العام الاضطلاع بها، مع الالتزام على الدوام برسالة واضحة مفادها أن الغاية النهائية لأية تدابير قسرية يتبناها المجلس تتمثل فى الوصول إلى حل سياسى سلمي.
ومن منظور أشمل، فإن مصر تعرب مجدداً عن قلقها إزاء التهديد الخطير الذى تواجهه البشرية جراء استمرار وجود الأسلحة النووية، وتؤكد على أن الإزالة الكاملة لهذه الأسلحة بشكل قابل للتحقق ولا رجعة فيه تمثل الضمانة الرئيسية ضد انتشارها، وتعد أفضل وسيلة لمنع استخدامها أو التهديد باستخدامها من جانب الدول أو الفاعلين من غير الدول. إن تحقيق هذا الهدف، الذى تم بالفعل الاتفاق عليه، يعتمد إلى حد كبير على تنفيذ الدول النووية لالتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وعلى تحقيق عالمية هذه المعاهدة التى لا تزال تمثل حجر الزاوية فى الأمن الدولى والعمود الفقرى لمنظومة نزع السلاح ومنع الانتشار.
السيد الرئيس، الزملاء الأفاضل،
على الرغم من إحراز تقدم واضح وملموس فى مجال عدم الانتشار، إلا أن التقدم نحو نزع السلاح النووى لا يزال رهينة لمفاهيم وتصورات مغلوطة تتصل بالتوازن الاستراتيجي. لقد حان الوقت لنا، أعضاء الأمم المتحدة، لإجراء مناقشة صريحة وشاملة حول صحة واتساق هذه المفاهيم التى توحى بأن حيازة الأسلحة النووية والاعتماد على الردع النووى يسهمان فى إرساء الأمن والاستقرار الدوليين. وفى الواقع، فإن النظر بشكل مدقق فى التحديات المعاصرة المتعلقة بمنع الانتشار، بما فى ذلك الحالات الخاصة بدول بعينها، كفيل بإيضاح أن هذه التحديات تنبع -بطريقة أو بأخرى – من استمرار وجود الأسلحة النووية والطابع التمييزى لمنظومة عدم الانتشار، والذى يقوض مصداقية وفعالية هذه المنظومة.
ولا شك أنه فى عالم خال من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، كان من الممكن للأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يكونا فى وضع أفضل بكثير لمواجهة التحديات المتصلة بعدم الانتشار وبحالات عدم الامتثال بشكل أكثر مصداقية ودون ازدواجية فى المعايير. وقد أثبتت الممارسة العملية صعوبة التصدى لعدم الانتشار دون العمل على نزع السلاح، أو معالجة حالات عدم الامتثال بشكل انتقائى مع التجاهل المتعمد لتحقيق عالمية الالتزامات المتفق عليها.
وتمثل عدة تطورات هامة حدثت مؤخرا، ومنها على سبيل المثال تبنى "التعهد الإنساني"، والاعتماد التاريخى لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، إشارات واضحة على أن الظروف قد تغيرت على الساحة الدولية. وتنطوى على رسالة واضحة مفادها أن صبر الدول غير النووية التى أبدت التزاماً حقيقياً بمبدأ نزع السلاح وعدم الانتشار آخذ فى النفاد بشكل متزايد فيما يتعلق بضرورة اتخاذ إجراءات جادة لمعالجة الثغرات القائمة فى منظومة عدم الانتشار السائدة، فضلاً عن معالجة ما تعانى منه هذه المنظومة من تمييز لم يكن مقصوداً أن يستمر إلى الأبد عندما تم التفاوض على معاهدة عدم الانتشار.
السيد الرئيس،
بالرغم مما تعانى منه منطقة الشرق الأوسط من توتر وعدم استقرار مزمنين، فقد أثبتت مصر حسن نواياها وانضمت لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وشاركت بنشاط فى المفاوضات التى أدت إلى معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، كما كانت مصر من أوائل الموقعين عليها. وقد اتخذنا هذه القرارات لأننا نقدر حياة الإنسان والسلم الدولي، ونلتزم بالسعى الدؤوب لتعزيز هدف نزع السلاح النووى وتخليص العالم من كافة أسلحة الدمار الشامل. وعلاوة على ذلك، فقد قامت مصر دوماً بدعم وتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن الرامية إلى معالجة الحالات المتعلقة بانتشار أسلحة الدمار الشامل دون ازدواجية فى المعايير، فضلاً عن مكافحة وصول تلك الأسلحة للفاعلين من غير الدول.
ومع ذلك، فمن المؤسف أن الشرق الأوسط لا يزال أحد أبرز الأمثلة على التهديدات التى يواجهها نظام عدم الانتشار، والأسلوب الانتقائى الذى يتعامل به مجلس الأمن مع مثل هذه التهديدات. ولعله من الضرورى التذكير بإخفاق مجلس الأمن فى الالتزام باعترافه الصريح، الذى يعود إلى عام 1991، بهدف إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
وبناء على ما سبق، فإنه ليس من المستغرب أن المنطقة تشهد مستوى غير مسبوق من الإحباط، ولا سيما من جانب الدول العربية، جراء الفشل المتكرر فى تنفيذ التعهد المتفق عليه بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل. وما زلنا نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما أقدمت عليه ثلاث دول من عرقلة التوصل إلى توافق آراء فى مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 2015، مما أدى إلى فشله فى اعتماد وثيقة ختامية.
وختاماً، سيدى الرئيس، فإننى أود إعادة التأكيد على موقفنا المبدئى بأن القضايا الموضوعية العامة المتعلقة بتدابير عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل ينبغى معالجتها كذلك فى أطر أشمل بمشاركة فعالة من جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة ومن خلال جميع أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة، خاصةَ وأن تحقيق الأمن الجماعى لجميع الدول أصبح الآن – أكثر من أى وقت مضى – شرطاً ضرورياً لتحقيق السلام والتنمية المستدامين اللذين ندين بهما للأجيال القادمة.
وشكراً سيدى الرئيس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة