عادت واقعة انتحار روبرت بود دواير، الذى كان يشغل منصب المسؤول رقم 30 كأمين خزانة الدولة لكومنولث ولاية بنسلفانيا الأمريكية، إلى الأذهان فى واجهة المشهد بعد عدة تقارير عن موقف حكومة الرئيس ترامب من زيادة عائدات الضرائب والحرب ضد كوريا الشمالية على خلفية التوترات بين الدولتين فى الأشهر الأخيرة.
جاءت الواقعة بعد أن تبادل رواد مواقع التواصل فيديو لواقعة إطلاق دواير النار على نفسه في عهد الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، معتقدين أنه وزير الخزانة الأمريكى الحالى، نكاية فى إدارة الرئيس ترامب التى تتخاذل عن وضع حل لأزمة الضرائب ومواجهة كوريا الشمالية على خلفية برنامجها النووى والصاروخى المثير للجدل، لكن الحقيقة غير ذلك.
إحدى صور ديور فى الصحافة الأمريكية
ويظهر المقطع رجلاً يرتدى بدلة، يتكلم فى مؤتمر صحفى ثم يخرج مسدساً من مظروف ويشهره على نفسه، باتجاه رأسه، وسط احتجاج الحضور وتعالى صراخهم، وتكفى نظرة بسيطة للتوضيح بأن هذا المقطع قديم جدا، من خلال رداءة التصوير والصوت، وقد يبدو كما لو أنه مستوحى من فيلم سينمائى، تم إنتاجه في الثمانينيات.
ديور فى صورة منتشرة على المواقع الأمريكية
والمؤكد أن الوزير الحالى من خلال تأمل بسيط يختلف فى الشكل والوجه عن ذلك الشخص الذى يظهر فى الفيديو، وفى اليوم نفسه كان وزير الخزانة الأمريكى ستيفن مونشين، يؤكد أن الرئيس دونالد ترامب لا يرغب فى إشعال حرب ضد كوريا الشمالية، ويتكلم عن أن تخفيض الضرائب غير قابل للتفاوض.
ومع الإشارة إلى أن أغلب المستخدمين العرب الذين شاركوا المقطع وتبادلوه على موقعى "فيس بوك" و"تويتر" تحدثوا عن الفساد ووصف بعضهم الرجل بالشجاع بينما انتقده البعض، غير أنهم لم يتدبروا حقيقة الوضع، ولم يتأكدوا من أن الوزير الذين قصدوه لا يزال موجودا على قيد الحياة يمارس مهام عمله بشكل اعتيادى.
صحيفة روت المأساة وقت حدوثها
فى واقع الأمر فإن هذا الفيديو يعود إلى عام 1987 بالتحديد 22 يناير من ذلك العام، والرجل الذى انتحر اسمه روبرت بود دواير، وكان يشغل منصب المسؤول رقم 30 كأمين خزانة الدولة لكومنولث ولاية بنسلفانيا الأمريكية.
وتشير مواقع الإنترنت إلى أن روبرت المولود فى 21 نوفمبر 1939، كان قد خدم من 1971 إلى 1981 كعضو جمهورى فى مجلس ولاية بنسلفانيا، ثم شغل منصب أمين الخزانة الثلاثين فى بنسلفانيا من 20 يناير 1981، حتى انتحاره فى 22 يناير 1987.
لقطة نادرة لديور
وقد دعا دواير إلى مؤتمر صحفى فى عاصمة ولاية بنسلفانيا هاريسبورج، حيث قتل نفسه أمام الصحفيين المتجمعين، من خلال إطلاق النار على نفسه فى الرأس من مسدس ماجنوم 357، وتم بث مقطع الانتحار فى وقت لاحق من ذلك اليوم نفسه، إلى جمهور تلفزيونى واسع فى ولاية بنسلفانيا.
ولأن الواقعة كان لها أوسع الأثر في الولايات المتحدة الأمريكية فقد حاكم القضاء فى سنة 1990 طالبا جامعيا فى ولاية فيلادلفيا بسبب نشره الفيديو على أجهزة الكمبيوتر التى يستخدمها طلاب الجامعة.
وعادت القصة إلى واجهة المشهد بعد أن أعاد أحد المواقع الإلكترونية بث الفيديو على اليوتيوب على أنه لوزير الخارجية الأمريكى الحالى، وما إن تم ذلك حتى اتنشر كالنار فى الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعى التى تناقلت المقطع دون التأكد من حقيقته ومن هوية صاحبه.
وتعود قضية انتحار الرجل القديمة فى عام 1987 إلى مسائل فساد واختلالات فى الفواتير المالية، وكان يرى أنه برىء وضحية لمؤامرة سياسية، وأنه يرفض المحاكمة ما اضطره للإقدام على هذا الفعل، واصفا السجن بأنه معتقل أمريكى، وهكذا دخل دواير التاريخ كصاحب أغرب واقعة انتحار فى أمريكا على مر العصور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة