"توحد.. وخراب ديار ".. أولياء أمور يتحدثون لـ"اليوم السابع" عن معاناة أكثر من 800 أسرة بمصر: الميزانية الشهرية 4 آلاف جنيه من غير أدوية.. ربع كيلو المكرونة بـ80 جنيهاً.. والعلاج المستورد "غول"

الجمعة، 29 سبتمبر 2017 10:57 ص
"توحد.. وخراب ديار ".. أولياء أمور يتحدثون لـ"اليوم السابع" عن معاناة أكثر من 800 أسرة بمصر: الميزانية الشهرية 4 آلاف جنيه من غير أدوية.. ربع كيلو المكرونة بـ80 جنيهاً.. والعلاج المستورد "غول" اطفال التوحد
كتبت - سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى

- جلسات التخاطب تكلف 1200 جنيه شهرياً وتكثيفها يتطلب 2400 جنيه

- جمعية أمهات التوحد: روشتة علاج الطفل تصل إلى 4 آلاف جنيه ونقدم المساعدات للأسر

 
فى عمر 9 أشهر اكتشف «أبوالعزايم» الأب العشرينى سمات التوحد فى طفله من خلال أعراض عدة، كالمشى على أطراف الأصابع والرفرفة والدوران حول نفسه، وبعد تشخيصه وبدء رحلة العلاج، واجه معضلة لم يجد لها حلًا إلا العمل فى مهنتين، فيقول: «رعايته بتكلفنى تقريبًا 3.5 ألف جنيه، وأنا موظف صغير مرتبى لا يتعدى 1700 جنيه، بشتغل شغلانتين عشان أكفى، وبقيت عامل زى الثور المربوط فى ساقية». هذه المعضلة كانت أصعب فى البداية، حسبما يقول أبوالعزايم خليفة: «كنت فى الأول بجيب علاج للنطق كان يكلفنى 1000 جنيه كل 20 يومًا تقريبًا، لكن الحمد لله دلوقتى هو بيتكلم شوية».
 
أما عن ميزانية الطفل الذى يبلغ من العمر 4 سنوات ونصف السنة الآن، فتتضمن عدة بنود بين مراكز التخاطب، والمواصلات، والمصاريف الشخصية للطف، والعلاج، ويفندها «خليفة»: «مصروف المركز يبلغ 1200 جنيه شهريًا إذا ذهب 3 أيام فى الأسبوع، ولو حبيت أكثف طبعًا الشهر يكلف 2400 جنيه، المواصلات من وإلى المركز تكلفنى 30 جنيهًا فى الزيارة، ومصاريفه الشخصية من 7 إلى 9 جنيهات يوميًا، والعلاج شهريًا يكلفنى 350 جنيهًا بعدما تخطينا مرحلة علاج النطق». وعلى الرغم من أن جلسات التخاطب هى البند الأضخم فى الميزانية، فإن «خليفة» يرفض الاستعانة بواحدة من الجمعيات التى تقدم هذه الجلسات بأسعار مخفضة، ويقول: «فى جمعيات بتقدم فعلًا جلسات بأسعار مخفضة، لكن المشكلة إنها ما بتكونش بنفس قدر المسؤولية والاهتمام، بالتالى النتائج بتكون ضعيفة، الموضوع بالظبط زى الفرق بين الدرس الخصوصى وفصل المدرسة المليان أطفال، المركز درس خصوصى والجمعيات فصل»، أما بنود العلاج أو التغذية فلا توجد جمعيات تساعد، فيقول: «كل ما أروح جمعية يقولوا لى التوحد دا مش اختصاصنا».
 
ورغم هذا العبء الذى يضاعفه على كاهل الأب وجود طفلة أخرى تعانى مشكلة فى قدمها، وتحتاج نوعًا خاصًا من الأحذية والعلاج الطبيعى، فإنه يشدد: «أنا بتكلم عشان الناس تفهم وتعرف لكن ما أقصدش أشتكى ولا أستعطف حد، أنا ما بشتكيش لغير الله وراضى بكل اللى ربنا كاتبه».
 
هذه المعاناة لا يعيشها «أبوالعزايم» وحده، وإنما تعيشها أكثر من 800 ألف أسرة فى مصر، حسب آخر تقديرات منظمة الصحة العالمية التى أعلنتها فى بيانها عام 2014، وهو الرقم الذى أكدته غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، فى إبريل الماضى خلال احتفالية الوزارة باليوم العالمى للتوحد.
 
وإلى جانب المسؤولية النفسية التى تقع على عاتق أسرة الطفل المتوحد، لا سيما والداه اللذان يلعبان دورًا مهمًا فى تقديم الدعم اليومى للطفل، يأتى العبء المادى ليقف أحيانًا عقبة فى طريق تقديم العلاج اللازم، وما يحتاجه هذا الطفل من جلسات لتطوير السلوك ونظام غذائى خاص وعلاج، وأحيانًا ما يتسبب هذا العبء المادى فى تغيير خطط حياة الأسرة بالكامل.
 

«رويدا»: «عملت جمعية عشان أدخل ابنى مدرسة ومابقدرش أقدم له كل اللى محتاجه»

 
«أنا بعمل اللى بقدر عليه.. طبعًا مش بقدر أعمل كل حاجة ابنى بيحتاجها بسبب الظروف المادية»، بنبرة تمزج الدفاع بالحسرة، بدأت «رويدا» أم الطفل «جاسر» حديثها إلى «اليوم السابع» عن رحلتها مع طفلها البالغ من العمر 6 سنوات، بعد أن اكتشفت سمات التوحد لديه وهو فى عمر سنتين. 
 
وحسب «رويدا» فإن جلسات التخاطب تلتهم القدر الأكبر من الميزانية، فتقول: «الجلسات غالية جدًا، الساعة يتراوح سعرها بين 60 و100 جنيه، غير أن التحسن يكون بطيئًا، فأقل شىء جلستان فى الأسبوع، بالتالى تكلفنا الجلسات شهريًا متوسط 480 جنيهًا على الأقل».
 
إلى جانب الجلسات يحتاج الطفل نظامًا غذائيًا وعلاجيًا خاصًا، مما يضيف إلى الميزانية، مثل محفزات الإدراك، وبعض الوصفات الطبيعية لتحقيق الهدف نفسه، مثل عين الجمل واللوز وعسل الجنسنج وطلح النخل، هذه الخلطة تتعدى الـ 200 جنيه، بالإضافة إلى الأوميجا 3، وعلاج الذاكرة المستورد الذى وصل سعره إلى 350 جنيه أو أكثر، وتعترف «رويدا»: «معرفش سعره وصل لإيه دلوقتى بصراحة لأنه من ساعة ما وصل 300 جنيه ما جبتوش، وبصراحة فى زيه المصرى بس ما بيعملش أى نتيجة واستعملته لقيت إنى برمى فلوس على الأرض». تمتد قائمة الميزانية الخاصة برعاية الطفل المتوحد، فتقول «رويدا»: «طبعًا لازم نتابع مع دكتور مخ وأعصاب، وأسعار الكشف لا تقل عن 300 جنيه». تدابير عدة اتخذتها «رويدا» من أجل تدبير أمورها بحيث تقدم لطفلها كل ما يمكن من رعاية، وتقول: «بعمل جمعية عشان أدخله مدرسة خاصة لمجرد إنه يتعامل بطريقة آدمية، لكن هذا لن يحميه من المعاناة، وتعرض للضرب فى الحضانة والإساءة، وبالتالى نقلته حضانة أخرى و الحمدلله الذى أكرمنا بمدرسة محترمة وبدأ فعلًا يتعلم».
 
أما قائمة الأشياء التى لم تتمكن «رويدا» من توفيرها لطفلها فهى طويلة أيضًا، وتكاليفها باهظة، وتقول: «فى جلسات أكسجين لكن أنا بصراحة ما جربتهاش لأنى من المنصورة، وعشان أعملها فى القاهرة لازم ميزانية كبيرة، كمان ناس عملتها ودفعت أكثر من 30 ألف جنيه والنتيجة مش كبيرة»، وتضيف: «طبعًا طفل التوحد يحتاج لعب رياضة، وأفضل رياضة له السباحة، وهى مكلفة جدًا، الكورس بـ 350 جنيهًا شهريًا، ويمكن أن يصل 500 لأنه حالة خاصة والمدرب يدربه وحده».
 

«ميرفت»: بعت كل ورثى للإنفاق على ابنى 

 
ميزانية قريبة من تلك التى خصصها أبوالعزايم خليفة لطفله، تحتاجها ميرفت عبدالنبى، والدة الطفل «يوسف»، الذى يبلغ من العمر 7 سنوات و8 أشهر، وتقول عنها إجمالًا: «المصاريف على يوسف لوحده بتعدى ألفين ونصف أو 3 آلاف شهريًا، وربك اللى بيسترها ويقضيها من عنده»، وتستطرد: «والده عامل يومية فى البناء، وعندى 4 أطفال منهم 2 أبناء زوجى ووالدتهما توفيت و2 أولادى، وأنا صرفت كل ورثى من أبى عشان أصرف على ابنى».
 
تشير «ميرفت» إلى أن الأعباء ازدادت عليها بعد أن تخطى طفلها سن السادسة، حيث خرج من مظلة التأمين الصحى للأطفال دون سن المدرسة، ولأنه لم يلتحق بمدرسة حكومية لظروفه الصحية أصبحت تكاليف علاجه بالكامل على عاتقهم. علاج «يوسف» ليس المحطة الأصعب فى رحلتها معه، فقد مرت بمحطات عدة، حتى اكتشفت سمات التوحد فى طفلها فى عمر الثالثة، وتقول: «ما خليتش مكان إلا وجريت بيه، من القصر العينى، للتأمين الصحى، لمعهد ناصر، لمعهد البحوث، لجلسات أكسجين فى مدينة نصر والدقى، وجلسات تخاطب فى الأورمان، ولحد العلاج والأعشاب وعمليات الأسنان والأشعات والرنين المغنطيسى، ورسم المخ وتحاليل دم، كل شىء كان بيقول ابنى سليم 100%». أما بعد تشخيصه بالتوحد، فبدأت رحلة العلاج: «يحتاج جلسات تخاطب وتعديل سلوك، غير الحفاضات، ونظام الأكل الخاص به والعلاج، وكل ده على حسابنا، غير إن مدارس الحكومة رفضته وعلشان يتعلم لازم مدرسة خاصة».
 

«هناء»: «المصاريف نار.. بعت دهبى عشان أعالجه.. والنظام الغذائى أكبر مشكلة» 

 
«المصاريف نار».. بهذه العبارة بدأت هناء إبراهيم إجابتها عن السؤال الذى لامس بدقة الوجيعة داخلها، وتقول: «أنا بقالى سنة بس وخلصت كل اللى معايا، وموفرين دخلنا أنا وباباه كله ليه، وبعت دهبى وكل اللى معايا عشان نصرف عليه».على عكس باقى أولياء الأمور ترى «هناء» أن «الجلسات أمرها يهون، لكن المشكلة فى النظام الغذائى»، وتوضح: «كيس المكرونة ربع كيلو بس بـ 80 جنيه دا لو لقيته، واللبن كذلك، وكل الحاجات مستوردة وكل شهر بتزيد». تتكبد «هناء» مصروفات إضافية من أجل إجراء فحوصات وتحاليل لابنها خارج مصر، وتقول: «فى مصر عملت الفحوصات 3 مرات وتطلع معندوش حاجة وهو مريض فعلًا». ولم تحدد «هناء» المصروفات الإجمالية التى يحتاجها طفلها، إلا أنها تذكر بدقة تكلفة كل بند فيها، وتقول: «جلسات التخاطب بمتوسط 1000 جنيه فى الشهر، بواقع 70 إلى 100 فى الجلسة، أما الأكل ففى الشهر يحتاج 2 كيس مكرونة واللبن لبن جمال بـ 40 جنيهًا للكيلو والمكسرات الكيلو بـ 60 جنيهًا، بالإضافة لباقى بنود الأكل من زيوت وخل خاص بالإضافة إلى الأدوية».
 
وتضيف: طالبنا أكثر من مرة بأن يخصصوا للأطفال مرضى التوحد مستشفى متكاملًا كمستشفى 57357 لمرضى السرطان، ولم يستجب لنا أحد.
 

مؤسسة «جمعية أمهات التوحد»: «كل حاجة مهمة وكل حاجة غالية»

 
رحلة فريدة الشيخ التى بدأت قبل 19 عامًا مع رعاية ابنها المتوحد، وما تعرضت له من صعوبات وتحديات مالية، دفعتها إلى تأسيس جمعية «أمهات التوحد» فى الإسكندرية، من أجل مساعدة الأسر على مواجهة الأعباء المادية التى تتطلبها رعاية الطفل المتوحد.
وتقول «فريدة» لـ«اليوم السابع» إن الجمعية رغم وجودها فى الإسكندرية، فإن نشاطها يمتد من القاهرة إلى الصعيد، وتساعد العديد من الأسر والحالات التى تصلها أو على الأقل توصلهم بمن يمكنه المساعدة. ولأن «فريدة» ترى أنه فى حالة الطفل المتوحد فإن كل البنود مهمة، ولا شىء له أولوية على بند آخر، تقول إن الجمعية تقدم مساعدات للأسر فى مختلف المجالات بين جلسات تخاطب بأسعار مخفضة، ومساعدة نفسية، وأدوية، وطعام يناسب الحمية الغذائية الخاصة بهم، وتقول: «كل حاجة غالية وكل حاجة مهمة». تشير «فريدة» أيضًا إلى أن ارتفاع سعر العلاج هو واحد من أبرز التحديات التى تواجه أسر الأطفال المتوحدين، وتقول: «الروشتة ممكن توصل لـ 4 آلاف جنيه، والأدوية غالبيتها مستوردة، والبديل المصرى ساعات بيكون مضروب».
 
العدد اليومى
العدد اليومى

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة