نقلا عن الأهرام
· لا نقبل التفريط فى اختصاصات المجلس .. والبرلمان صاحب القول الفصل فى إقرار الاتفاقيات
· الحكومة ملزمة بتقديم تقرير ربع سنوى عن إنجازاتها .. وهذه بداية المحاسبة الحقيقية
· هناك محاولات خبيثة لفصل البرلمان عن الشارع.. وسأكشف هذه المؤامرات فى الوقت المناسب
· رفع الدعم هو الدواء المر الذى يجب تحمله.. والإصلاح الاقتصادى كان ضرورة لا مفر منها
· مردود التشريعات التى أقرها البرلمان لن يظهر بين عشية وضحاها
· لا أجور على حق المعارضة.. وأُتهم أحيانا بمجاملتهم وإفساح المجال لهم
· الدولة تعانى فى سبيل الحفاظ على استقرارها منذ عام ٢٠١١
· اتفاقية صندوق النقد الدولى تم إقرارها طبقا للدستور
· الحكومة ستقدم مشروع قانون جرائم تقنية المعلومات للمجلس وستكون له الأولوية فى المناقشة
· مشروعات قوانين الإجراءات الجنائية وتنظيم الصحافة والإعلام وحماية المستهلك والإدارة المحلية أهم أولويات دور الانعقاد المقبل
· الدستور أوجب تعديل قانون الإدارة المحلية لإصلاح الفساد المستشرى فى المحليات منذ عقود
· تقرير هيومان رايتس ووتش مسيَّس لاستخدامه كوسيلة للضغط على مصر
قال الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، إن الحكومة ستقدم مشروع قانون جرائم تقنية المعلومات للمجلس وستكون له الأولوية فى المناقشة، كما أن مشروعات قوانين الإجراءات الجنائية وتنظيم الصحافة والإعلام وحماية المستهلك والإدارة المحلية أهم أولويات دور الانعقاد المقبل.
وإلى نص الحوار : -
· ما تقييمكم لأداء البرلمان فى دور انعقاده الثانى، وهل أنت راضٍ عن ذلك الأداء؟
بداية، لابد أن نشير إلى أن دور الانعقاد الثانى شهد نشاطا تشريعيا ورقابيا غير مسبوق، فالوقت كان ضاغطا والأجندة التشريعية كانت مزدحمة جدا ولاتزال، والموضوعات المعروضة مهمة وحساسة وتحتاج إلى نظر عميق، ويكفى أنه تمت الموافقة على (219) تشريعا من أهم القوانين فى مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبالتالى فنحن بذلنا مجهودا كبيرا وحقيقيا ولم نضع وقتا، خصوصا أن دورى الانعقاد الأول والثانى كانا متصلين تقريبا، وأنا شخصيا راضٍ عن المجهود المبذول منى ومن السادة الأعضاء.
· أقر المجلس 219 قانونا فى دوره المنقضى، وهو ما يمثل حجما كبيرا بالنسبة للبرلمانات السابقة، إلا أنه لم تتم مناقشة مشروعات قوانين مهمة تتعلق بالخدمات المباشرة للمواطن فى مجالات التعليم والصحة والتنمية المحلية والاقتصادية.. ما تعليقكم؟
بالفعل أقر مجلس النواب هذا العدد الكبير من القوانين بإجمالى (2354) مادة، وهذا الكم من التشريعات يمثل أكبر عدد مشروعات قوانين أقرها البرلمان فى تاريخ الحياة النيابية المصرية، وكما ذكرت لاتزال الأجندة التشريعية مزدحمة، ولكن لماذا ننظر دائما إلى الجزء الفارغ من الإناء، فنحن أمامنا فصل تشريعى مازال به ثلاثة أدوار انعقاد متبقية، ولا يزال أمامنا العديد من التشريعات التى لم نتمكن من نظرها خلال الدور السابق، وهى من أولويات المجلس فى الفترة المقبلة، وقد قمنا بإقرار العديد من القوانين التى تتعلق بالخدمات المباشرة للمواطنين فى شتى المجالات، يأتى على رأسها مثلا قوانين منح العاملين بالدولة عددا من العلاوات الاستثنائية لمواجهة الغلاء وزيادة الأسعار، وكذا زيادة المعاشات، والتأمين الصحى لطلاب المدارس.
وفى مجال النهوض بالاقتصاد القومى، تم إقرار قانون الاستثمار، وقانون إصدار تراخيص المنشآت الصناعية، وفى مجال الصحة تم إقرار قانون التأمين الصحى على الطلاب، والهيئة القومية لسلامة الغذاء، والإعلان عن المنتجات الصحية، وكلها مناطق كان الفراغ التشريعى مسيطرا عليها، بما ينعكس بشكل مباشر على المواطن، وغير ذلك من القوانين التى تمس الأمن القومى ومكافحة الإرهاب، مثل تعديلات قوانين الإجراءات الجنائية والكيانات الإرهابية والإرهاب والتظاهر والطوارئ، ومن القوانين المهمة أيضا قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقانون التنظيم المؤسسى للصحافة والإعلام، وقانون نقابة الإعلاميين، كل هذه القوانين مهمة وتؤثر فى الحياة بشكل جوهرى، أتفهم أن التوقعات عالية جداً ولكن دائما وقت البرلمان محدود، وهذا هو التحدى الأساسى أمام أى برلمان.
وما يؤسفنى أن الإعلام لم يظهر بوضوح نشاط المجلس وما يقدمه للمواطنين، وكثير من الإعلاميين يحاولون التركيز على السلبيات فقط، وأى برلمان به ممارسات قد لا ترضى البعض، ولكن يجب دوما تذكر أن هذا لا يمثل البرلمان ككل.
· هل ترى أن برلمان ثورة ٣٠ يونيو قد حقق طموحات الشعب المصرى؟
كما ذكرت فقد أنجز البرلمان جزءا كبيرا من أولوياته، ولكن لا تزال أمامنا مهام لابد من إنجازها، وغايتنا فى المقام الأول تحقيق طموحات الشعب المصرى، وندعو الله أن يجعلنا عند حسن ظن الشعب بنا، ولا يصح التقييم الجزئى، وأود أن أذكر بأن مجلس النواب الحالى بنوابه وتشكيله وهيئاته البرلمانية باختلاف أيديولوجياتهم معظمهم حديثو العهد بالخبرة البرلمانية والتى لا تأتى إلا بالممارسة، وقد تلاحظ ذلك فى تقدم أداء المجلس خلال دور الانعقاد الثانى، وأتوقع فى دور الانعقاد الثالث إن شاء الله تحسنا أكبر، وهذه هى الخبرات المتراكمة.
· البعض غير راضٍ عن أداء البرلمان، وهناك حالة من عدم الشعور بمردود تلك التشريعات.. كيف يرى الدكتور على عبدالعال هذا؟
قد يكون هذا صحيحا، ودوافعه كثيرة، ولكن التقييم يجب أن يكون كليا، ويجب أيضا أن نتذكر أننا نعمل فى ظروف ومرحلة دقيقة للغاية ولدينا عجز فى الميزانية وليس كل ما نرغب فى عمله أو نتمناه نصل إليه فى ضوء عجز الموازنة، فضلا عن أن مردود هذه التشريعات لن يظهر بين عشية وضحاها، فلابد من الصبر لبعض الوقت حتى يشعر المواطن بصدى هذه التشريعات، وهذا ليس لدينا فى مصر فقط بل فى جميع دول العالم، وهناك قوانين إصلاحية حقيقية صدرت مثل قانون الاستثمار وقانون التراخيص الصناعية وهذه قوانين تضمنت أفكارا جديدة، ونأمل ألا ينتهى الفصل التشريعى الحالى إلا بعد تحقيق أكبر قدر ممكن من طموحات المواطنين.
وأكرر.. أرجو من الإعلام أن يظهر الدور الإيجابى الذى يقوم به البرلمان وحجم الإنجازات التى يقدمها، كما يقوم بإبراز بعض السلبيات، وهذا لن يتأتى إلا بالانضباط الذاتى للإعلام، وأطلب من الإعلام أن يوازن بين الرغبة فى تحقيق معدلات مشاهدة عالية والانتشار الذى تسعى إليه كل وسيلة إعلامية، وبين واجباته ناحية الصالح العام والمصلحة العليا للبلاد، وعلى الإعلام أن يمد المواطنين بأخبار المجلس وأن يعلمهم بشئونه وهذا حق للمواطن، لكن أى نوع من المعلومات؟.. المعلومات التى يحتاجها فعلا وتساعده على الإحاطة بصورة كاملة، ولا نطلب من الإعلام أن يكون مؤيدا للمجلس، لكن أطلب من الإعلام أن يساعد الدولة على اجتياز هذه الظروف الدقيقة، ولدى ثقة تامة فى حسن تفهم الإعلاميين، لذلك أعجبنى جدا الإعلان الذى يذاع فى وسائل الإعلام عن الشخص (المطبلاتى والمقللاتى)، لهذا فعرض الصورة كاملة أمر حتمى لإمكانية التقييم حتى نصل إلى الحقيقة.
· رغم طول مدة دور الانعقاد الثانى إلا أنه لم يشهد استخداما لواحدة من أهم أدوات البرلمان الرقابية «الاستجواب» فما السبب؟
الاستجواب هو أخطر الأدوات البرلمانية وأعلاها درجة من حيث الجسامة، ويتضمن توجيه اتهام لأحد أعضاء الحكومة بالتقصير أو المخالفة، وقد وضح دستور 2014 ومن بعده اللائحة الداخلية للمجلس، الشروط الشكلية والموضوعية اللازم توافرها فى الاستجواب، ولا يُقبل الاستجواب إلا بعد استيفائه الشروط الشكلية والموضوعية المقررة، وكلها أسباب قانونية ولائحية، وهذه الشروط يجب أن تتوافر وإلا يتم حفظ الاستجوابات لعدم استيفائها هذه الشروط.
والأهم من مناقشة الاستجواب هو الأثر الناتج عنه، فالعبرة بالأفعال، ففى المجالس السابقة كانت تُناقش استجوابات ويأتى الوزير ويظل المستجوب يتحدث ساعات طويلة، ولكن هل سبق وأطاح الاستجواب بوزير أو قدمه للمساءلة؟، فى حين أن هذا البرلمان استطاع أن يجبر وزيرا على تقديم استقالته لمجرد تشكيل لجنة تقصى حقائق، لذلك أكرر أن العبرة بالنتيجة، وفى الممارسات البرلمانية الحكمة مطلوبة، خصوصا فى مرحلة بناء الدول، ويجب أن نعطى المسئولين فرصة للإنجاز، وإلا سنقع فى مصيدة عدم الاستقرار الحكومى الذى وقعت فيه دول كثيرة وما يترتب على ذلك من عدم اكتمال خطط التنمية وبرامج الإصلاح.
· كيف ترى حالة عدم الرضاء لدى الشارع عن الأداء الرقابى للبرلمان على الحكومة فى العديد من الملفات، حيث يرى أن مجلس النواب لم يقف فى صف المواطن، خصوصا فيما يتعلق بارتفاع الأسعار؟
سقف الطموح عال، والدولة تعانى فى سبيل الحفاظ على استقرارها منذ عام 2011، ولدينا ظروف إقليمية ودولية تلقى بظلالها على المنطقة، وهو ما انعكس على اقتصاديات جميع الدول، وبالتالى فالإصلاح الاقتصادى كان ضرورة ملحة لا مفر منها، وأذكر بأن الحكومة أصبحت مقيدة بتقديم تقرير ربع سنوى عن عملها وما حققته من برنامجها الذى وافق عليه البرلمان، وهذه بداية المحاسبة الحقيقية، ومجلس النواب دائما فى صف المواطن المصرى، فالمجلس هو من توافق مع الحكومة لدعم السلع التموينية بمليار جنيه، ومجلس النواب هو من وجه الحكومة لإعداد مشروع قانون لضم نسبة من أرصدة الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة للدولة لدعمها، وأقره المجلس قبل نهاية دور الانعقاد السابق، وطالبنا الحكومة أيضا بزيادة أسعار توريد المحاصيل المهمة من الفلاحين مثل (الأرز، وقصب السكر، والقمح، والقطن) لتخفيف العبء عن كاهل المزارعين ومواكبة ارتفاع الأسعار.
وهناك العديد من التوصيات الصادرة عن المجلس ولجانه النوعية تمس مصالح المواطنين بصفة مباشرة، وأقول لك إن بعض الإعلاميين لا يركزون إلا على الجانب السلبى، فكل هذه المحطات لم تحظ بالاهتمام الإعلامى المناسب .
· ما أهم التشريعات التى كان يجب على البرلمان أن ينجزها من وجهة نظرك؟
الوقت هو التحدى الأكبر أمام أى برلمان، وأذكر أن النواب كانوا لا يستطيعون السفر لدوائرهم والعودة والبرلمان أمامه كم هائل من التشريعات بعضها يقدم من الحكومة والآخر يقدم من عشر الأعضاء، وفى أحيان كثيرة يتم دمج مشروعات قوانين الحكومة والأعضاء معا، للخروج بنص توافقى يهدف إلى تحقيق الصالح العام، وهذه التشريعات تتم دراستها وفقا للأكثر أولوية وهكذا، وفى دور الانعقاد السابق لم يسعنا الوقت إلا لإقرار ما تم إنجازه، والباقى سوف يكون محل نظر ودراسة المجلس فى المرحلة القادمة وفقا للأكثر أولوية.
· اتفاقية تعيين الحدود كانت من أصعب المحطات التى واجهها البرلمان فى دورته الثانية.. كيف واجهت الانتقادات التى وجهت للمجلس خلال مناقشاتها؟
الاتفاقيات الدولية وفقا للدستور اختصاص البرلمان والمجلس هو صاحب القول الفصل فيها وفقاً لنص المادة (151) من الدستور، ومبدأ الفصل بين السلطات يفرض ذلك ويجب احترامه ولا نقبل التفريط فى اختصاصات المجلس.. واتفاقية تعيين الحدود حسمت وفقا للدستور شأنها شأن عشرات الاتفاقيات الدولية الأخرى وليست هذه هى المرة الأولى التى تبرم فيها الدولة المصرية اتفاقيات تعيين او ترسيم الحدود
· شهد دور الانعقاد الثانى حالة مستمرة من التجاذب مع المعارضة فى البرلمان، وهو ما اعتبروه جَوْرا على حقهم فى توضيح وجهة نظرهم على عكس الموقف مع الأغلبية.. ما تعليقك؟
أنا لا أجور على حق المعارضة، والحقيقة أننى أفضل استخدام تعبير «الأغلبية والأقلية»، وبالعكس، أنا متهم فى بعض الأحيان بمجاملة الأقلية وإفساح المجال لهم أكثر من غيرهم، والتجاذب بين الأقلية والأغلبية ظاهرة صحية توجد فى جميع البرلمانات القائمة على أسس ديمقراطية، وللأقلية أن تبدى وجهة نظرها، وعلى الجميع الاستماع إليها، ولكن القرار النهائى للأغلبية كما قلت، ويجب على الجميع احترامه، واللائحة الداخلية للمجلس تفرض عدم التعقيب عليه.
وأنا أحرص على الاستماع إلى الجميع وبخاصة الأقلية، لعله يكون فى وجهة نظرهم ما هو جديد ولكن ينبغى أن يكون ذلك فى إطار من الاحترام المتبادل وتقبل الرأى الآخر، ولكن ما يحزننى عدم تقبل الأقلية أحيانا لنتائج التصويت ومحاولات فرض الرأى عنوة، وأنا بصفتى رئيسا للمجلس يجب أن أحتوى جميع النواب وآراءهم أغلبية كانوا أم أقلية، وهو ما أحاول فعله قدر المستطاع، دون إخلال بالجلسة ولا بنظامها، ولن أسمح بتجاوز أى طرف تجاه الآخر، وأتصدى بكل حزم لمحاولات فرض الرأى بالقوة أو إفساد الجلسة.
· ما تقييمك لائتلاف دعم مصر والدور الذى يقوم به فى البرلمان؟
حقيقة أرى أن ائتلاف دعم مصر يقوم بدور محمود فى البرلمان وكان له العديد من الإيجابيات والمواقف الشجاعة، وتذكر أن هؤلاء نواب منتخبون وأسهل شىء عليهم مغازلة الشارع، لكنهم فى الوقت نفسه يتمتعون بحس وطنى عالٍ وإدراك حقيقى للمسئولية والصعوبات التى تواجه الوطن، وأسهل شىء الآن الاعتراض، على عكس الماضى، ولكن بطبيعة الحال كون الائتلاف كيانا جديدا على الممارسة البرلمانية، تنقصه بعض الأمور التى أتمنى أن يتم تداركها فى المرحلة القادمة بإذن الله، ولا ننسى أننا لأول مرة فى الحياة النيابية المصرية نشهد وجود ائتلاف برلمانى، تطبيقا للدستور الجديد، والنائب محمد زكى السويدى، رئيس الائتلاف، نشيط جدا ولديه فكر ويدير الائتلاف بقدر كبير من المهنية ويعاونه نخبة متميزة من النواب القائمين على إدارة الائتلاف، وفى النهاية، جميع النواب على قدم المساواة لدى، وكلنا معبرون عن إرادة الشعب.
· فى رأيك .. ما عيوب البرلمان التى ستحاولون تلافيها فى دور الانعقاد الثالث؟
أقولها بكل صراحة: تأخر بدء الجلسات، وغياب بعض النواب عنها، أكثر الأمور التى تعطل سير البرلمان وتؤدى إلى عدم إنجاز الأدوات التشريعية فى الوقت المطلوب، وأنا موجود فى البرلمان بشكل شبه يومى، وأكون حاضرا منذ الصباح الباكر فى مكتبى، كما أن بعض مشروعات القوانين تحتاج إلى نصاب معين لإقرارها، وقد نبهت لهذا الأمر مرارا وتكرارا، ولكن سأطبق اللائحة مع بداية الدور القادم حال عدم الالتزام.
وحقيقة الأمر أن ما يدفع بعض النواب لذلك، هو سعيهم للوزارات المختلفة لإنهاء مصالح أبناء دوائرهم، ولكن فى الفترة القادمة سنلزم الحكومة بتحديد مواعيد، فى غير أيام انعقاد الجلسات لتلقى وفحص طلبات النواب مع السادة الوزراء، حتى يكون هناك تفرغ أكثر لحضور الجلسات.
· اعتبر البعض ما شهدته مناقشات البرلمان لقانون الهيئات القضائية تغولا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية.. فما تعليقكم؟
نحن متفقون على أن لسلطات الدولة الثلاث استقلالا تاما كفله الدستور، ولكن هذا الاستقلال وسيلة وليس غاية، بمعنى أن لكل سلطة دورا تكمل به السلطة الأخرى، ويغفل الجميع مبدأ مهما وهو التوازن بين السلطات، وبالتالى فإن السلطة تحد السلطة وتقيدها، وهذه مبادئ دستورية مستقرة منذ مئات السنين، فالمجلس يراقب الحكومة، وفى الوقت ذاته يشرع القوانين التى تعتبر ملزمة للكافة بمجرد صدورها ولكنه لا يتولى الإدارة، وهذا لا يعنى تغولا لسلطة على أخرى، فالمجلس باشر اختصاصه الدستورى وهو سن القوانين، وما تم من تعديلات على قوانين الهيئات القضائية من صميم عمل المجلس، ولا يمس استقلال القضاء، فهذه التعديلات تنظيمية بحتة تتعلق بطريقة اختيار رؤساء هذه الهيئات، ولا تمس مهام السلطة القضائية فى شيء، ويكفى أن نقارن بين نصوص التعديلات التى تمت والقوانين التى كانت قائمة قبل التعديل، لتعرف هل التعديل انتقص من الاستقلال أم لا.
· وماذا عن تعديل قانون الإجراءات الجنائية الجديد؟
مازلنا فى انتظار وصول مشروع قانون تعديل قانون الإجراءات الجنائية من الحكومة، وقد أوشكت الحكومة على الانتهاء منه، فهو الآن فى مرحلة المراجعة وضبط الصياغة، ولكن بدأت بالفعل اللجنة التشريعية فى عقد جلسات استماع، دُعى إليها العديد من المختصين فى هذا الشأن، لبحث وجهة نظرهم على مسودة مشروع القانون اختصارا للوقت وتمهيدا لمناقشته بمجرد وروده من الحكومة، وكما أشرت من قبل، أقر المجلس مشروع قانون مقدما من عُشر الأعضاء لإجراء بعض التعديلات الضرورية التى تحقق العدالة الناجزة على هذا القانون بدور الانعقاد الماضى.
· يصف البعض موافقة البرلمان على قرض صندوق النقد الدولى بأنها غير دستورية لصدورها لاحقة على تنفيذ الاتفاقية.. ما رأيكم فى ذلك؟
اتفاقية قرض صندوق النقد الدولى كتبت بأيادٍ مصرية، وهى عبارة عن برنامج اقتصادى تقدمت به الحكومة إلى صندوق النقد، مطالبة بتقديم تسهيلات مالية ممتدة لتحقيق هذا البرنامج، ومصر باعتبارها مساهمة فى هذا الصندوق من حقها الحصول على هذه التسهيلات مثل باقى الدول الكبرى التى قد تلجأ إلى الاقتراض، وإذا أخذت اتفاقية الصندوق على أنها اتفاقية دولية، فأى اتفاقية دولية وفقاً للدستور يجب أن تمر على المجلس للعرض والموافقة واتخاذ القرار المناسب، وإذا اعتبرتها قرضاً فالسلطة التنفيذية لا تستطيع الاقتراض قبل موافقة السلطة التشريعية، وبالتالى لا مخالفة، لأن المجلس لو رفض الاتفاقية ألزمت الحكومة بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبلها، ولا شك أن أفضل ممارسة برلمانية كانت تقتضى أن يتم عرض الاتفاق بمجرد إبرامه على المجلس وعدم التأخير فى عرضه، وأعتقد أن هذا ما تنبهت إليه الحكومة، ولا يوجد ما يخالف الدستور فى هذه الاتفاقية حسبما وافقت عليها اللجنة التشريعية، وهى المعنية ببحث دستورية جميع الاتفاقيات الدولية، ولم يكن أمامنا خيار آخر فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الملحة، سوى وضع برنامج إصلاح اقتصادى بدلا من اللجوء إلى الاقتراض بفوائد عالية تزيد من الدين الخارجى.
· العلاقة بين البرلمان والإعلام شابها بعض التوتر، فما سبب هذا التوتر وهل يضيق صدرك بالنقد والتحليل لأداء البرلمان والنواب؟
نحن داعمون لحرية الرأى ونقبل النقد الموضوعى البناء، ولكن لا نقبل فى الوقت نفسه، بأى حال من الأحوال المساس بهيبة المجلس وكرامته وكرامة أعضائه، وقد كان ذلك سبب بعض التوترات التى حدثت، فمن حق المواطن المصرى أن يكون الإعلام على قدر من المهنية، فالمهنية تفترض عرض الإيجابيات بذات الحماس والسرعة التى تٌعرض بها السلبيات، ودعنى أحدثك بصراحة، هل نشاط وإنجازات المجلس سواء داخل القاعة أو فى اللجان النوعية، تم تناولها إعلاميا بنفس الحجم الذى يتم فيه تناول بعض السلبيات؟.. نحن لا نطلب إلا الموضوعية والمهنية فقط وتوخى الصالح العام.
· صرحت بأنك إذا كتب لك القدر ستكتب مذكراتك وستذكر فيها أنك أنقذت هذا المجلس من المؤامرات التى تحاك ضده.. فماذا كنت تقصد بهذه المؤامرات، وهل يمكن أن تطلعنا على بعض تفاصيلها؟
كانت هناك محاولات حثيثة لمنع تشكيل البرلمان، وعندما تشكل البرلمان ظهرت محاولات واضحة لإضعافه وإظهاره بمظهر سلبى، وبالنسبة للمذكرات فلكل حدث حديث، وما أريد توضيحه أن هذا المجلس محاط بالعديد من المؤامرات لتصدير صورة سيئة عنه للداخل والخارج، وفى ذلك إضعاف للدولة المصرية وليس البرلمان فقط، وهذا ما يجب التنبه إليه، فهناك محاولات مستمرة لفصل البرلمان عن الشارع، وهى محاولات حثيثة وخبيثة، وحاولتُ جاهدا إنقاذ هذا البرلمان من هذه المؤامرات، وسأكشف للتاريخ حجم هذه المؤامرات وكم التحديات التى واجهناها لإجهاضها فى الوقت المناسب.
· ما تقييمك لأداء الحكومة وهل كانت عند مستوى منح البرلمان الثقة لها؟
الحكومة مطلوب منها الكثير فى ظروف دقيقة جدا، وهى تسعى كما يسعى البرلمان إلى تحقيق مصالح المواطنين وإرضائهم فى ظل ظروف اقتصادية صعبة، ولكن لا يزال طريق التنمية طويلا، ودعنى أسألك سؤالاً عكسيا، فى التوقيت الذى تم عرض تشكيل الحكومة فيه لماذا لا يمنح البرلمان الحكومةَ الثقةَ؟.. صحيح أننا اختلفنا مع الحكومة فى موضوعات كثيرة، ولكن هذه هى طبيعة العلاقة بين البرلمان والحكومة.
· هل ترى أن الحكومة تعمل على تنفيذ توصيات البرلمان فى مختلف القضايا، وهل يوجد تنسيق وتعاون معها؟
الحكومة هى حكومة جمهورية مصر العربية، ومهمتها تنفيذ القوانين ورعاية المواطنين وفقا للدستور، والمجلس يصدر قراراته وتوصياته، وعلى الحكومة تنفيذها فى حدود المخصصات المتاحة لديها، فالحكومة أولا وأخيرا تعمل فى إطار موازنة عامة أقرها المجلس وملتزمة ببنودها، ونسعى جاهدين إلى خلق مناخ مناسب للتعاون والتنسيق بين المجلس والحكومة، وفى الحقيقة هذا الدور يتحمل جزء كبير منه الوزير عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، الذى يسعى بكل جهد إلى تحقيق مزيد من التعاون والتنسيق.
· ما رأيك فى الإشكالية التى وقعت بين وزراء بالحكومة فى مشروع قانون الاستثمار، وهل تتوقع أن يأتى هذا القانون بنتائج استثمارية لمصر؟
الاختلاف فى بعض وجهات النظر والرؤى لا يحقق شتاتا، والفلسفة الحقيقية المقصودة من قانون الاستثمار الجديد هى تلافى مشكلات البيروقراطية وإزالة المعوقات أمام المستثمر، بحيث يلجأ إلى شباك واحد لتنفيذ مشروعه الاستثمارى، والخلاف حول من يصدر اللائحة التنفيذية حُسم سريعا داخل الحكومة، وتدخلت شخصيا لحل أى إشكاليات بالاشتراك مع المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والوزيرعمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، وتم التوافق على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار بناء على عرض من الوزير المختص وبعد موافقة مجلس الوزراء، وأتوقع النجاح لقانون الاستثمار فى ظل وجود وزيرة مثل د. سحر نصر.
· تخوض مصر حربا شرسة لمواجهة الإرهاب فما هو دور السلطة التشريعية فى تلك الحرب؟
أولا: البرلمان يدعم جهود الدولة والقوات المسلحة الباسلة والشرطة الأبطال فى مواجهة الإرهاب.
ثانياً: دور السلطة التشريعية فى مكافحة الإرهاب بالغ الأهمية، والذى يتمثل فى ضرورة وضع التشريعات التى تحقق العدالة الناجزة، وقمنا بإقرار حزمة من التشريعات، مثل تعديل قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والكيانات الإرهابية والإرهاب، وكذلك تعديل قانون الطوارئ، بحيث يتم الإسراع فى محاكمة من يثبت تورطه بالدليل القطعى فى إحدى الجرائم الإرهابية، وهذا دورنا كمجلس نواب للتصدى لهذه الظاهرة الإجرامية التى تهدد أمن المجتمع وأمانه.
· هل توجد تشريعات سيقوم البرلمان بإعدادها لمواجهة الإرهاب، خصوصا فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية؟
هناك حزمة من التشريعات يعتزم المجلس إقرارها فى المرحلة المقبلة، هذه التشريعات يجب إقرارها لمواجهة الإرهاب والتصدى له داخليا وخارجيا، ويوجد بالفعل فى المجلس مشروع قانون متعلق بالجريمة الإلكترونية، مقدم من أكثر من عدد من الأعضاء ومحال إلى اللجنة التشريعية لدراسته بالاشتراك مع لجنتى الدفاع والأمن القومى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما أن الحكومة أيضا تعد مشروع قانون بهذا الشأن وستقدمه إلى المجلس فور الانتهاء من صياغته، وأعتقد أنه ستكون له أولوية فى دور الانعقاد الثالث إن شاء الله.
· هل سيكون للبرلمان دور خارجى وداخلى للكشف عن الدول التى تدعم الإرهاب وتموله؟
كما ذكرتُ من قبل، فدور البرلمان داخلياً فى مواجهة الإرهاب يكون من خلال سن تشريعات تحقق العدالة الناجزة وتقدم المتورطين فى هذه الجرائم للمحاكمة، ومن خلال الاتصال بالبرلمانات المناظرة نوضح وجهة النظر المصرية، ولا ندخر جهدا فى كشف جميع الدول الداعمة للإرهاب والممولة له والتى توفر الملاذ الآمن ومنصات الإعلام التى تروج لهذه الفئة الضالة، التى تهدد أمن الوطن واستقراره من خلال كشف مخططاتهم فى جميع المحافل الدولية.
· ماذا تقول للشعب المصرى والمواطن البسيط الذى عانى ومازال يعانى من ارتفاع الأسعار فى ظل عدم وجود رقابة حقيقية على الأسواق؟
المواطن المصرى قوى وقادر على تحمل الصعاب وجميع المواقف، والبرلمان دوره توصيل معاناة المواطنين والتعبير عن متطلباتهم من خلال القوانين وأدوات الرقابة، وأنا أعد بأننا سنكون على قدر المسئولية لتوفير حياة كريمة للمواطنين من خلال الأدوات التشريعية والرقابية المخولة للبرلمان، ومازلنا نطالب الحكومة بتوفير رقابة حقيقية على الأسواق منعا لجشع التجار وانفلات الأسعار.
· ارتفاع أسعار المواد البترولية كان من أكثر الموضوعات التى أثارت الرأى العام، خصوصا أن ارتفاعها يتسبب فى ارتفاع كل شىء.. لماذا لم يتصدّ البرلمان للحكومة ويؤجلْ زيادتها لحين تحسن الأحوال؟
بكل صراحة، رفع الدعم هو الدواء المر الذى يجب أن نتحمله لكى نتعافى من الأزمة الاقتصادية المتراكمة والتى وضعتنا فيها سياسات سابقة، فالموازنة العامة للدولة تتحمل أعباء كثيرة بسبب دعم البنزين والسولار والغاز الطبيعى، وفى ظل ارتفاع عجز الموازنة كان أمرا حتميا رفع جزء من الدعم عن المحروقات، وعلى الجميع تحمل المسئولية، والتحلى بالصبر، والمواطنون يشعرون بالمشكلة ويعلمون أنه لا حلول بديلة، فقد تم تأجيل الإصلاح الاقتصادى عشرات السنوات، والمصارحة مع الشعب بحقيقة الأزمة الاقتصادية وآليات التغلب عليها، هى السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة والخروج من هذه الضائقة الاقتصادية التى بدأت فى الانفراج بالفعل.
· بعد مرور نحو ثمانية أشهر على تحرير سعر الصرف.. هل ترى أنه حقق الهدف منه، ومتى نعود إلى تثبيت سعر العملة؟
قرار تحرير سعر الصرف من أصعب القرارات الاقتصادية وأخطرها على الإطلاق، لما يترتب عليه من تبعات بالغة الأثر على الهيكل الاقتصادى للدولة والنواحى الاجتماعية والسياسية بصفة عامة، وهذا القرار كان ضروريا فى الوقت الراهن، لتوحيد سعر العملة ولكسب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ولخلق مناخ جاذب للاستثمار، والعودة إلى تثبيت سعر العملة قرار يحتاج إلى دراسة اقتصادية محضة، والأكثر صحية للاستثمار أن يتحدد سعر الصرف وفقا لآليات العرض والطلب دون تدخل من الدولة.
· كيف ترى مؤشرات الاقتصاد المصرى، وهل يوجد أمل فى أن يتعافى فى ظل زيادة عجز الموازنة وارتفاع معدلات التضخم؟
بالطبع الاقتصاد المصرى فى مرحلة بداية التعافى، وكلما تضافرت الجهود لحل هذه الأزمة سيتم التغلب عليها بشكل أسرع، والبرلمان عليه دور، والحكومة عليها دور، والمواطن عليه دور، ولابد من التعاون على جميع الأصعدة لتخطى هذه المرحلة، وهذه كلها أمور متوقعة فى أى برنامج إصلاح اقتصادى، وبإذن الله عندى أمل كبير فى تعافى الاقتصاد القومى فى أقرب وقت ممكن.
· البرلمان شكل فى العام الماضى خلال دور الانعقاد الأول لجانا قامت بزيارات ميدانية للمحافظات الحدودية، ولكن بعد مرور نحو عام ونصف العام لم يحدث تغيير فيها.. ما تعليقك حول جدوى تلك اللجان؟
مشكلات المناطق الحدودية ليست وليدة اليوم، فهذه المناطق تم تجاهلها على مدى عقود مضت، مما أدى إلى تردى أوضاعها بشكل كبير، والدستور أولاها رعاية خاصة، وهذا المجلس هو أول مجلس يتصدى لمشكلات هذه المناطق بهذا القدر، ولكن حل هذه المشكلات يحتاج الكثير من الوقت وزيادة فى المخصصات المالية المقررة لهذه المناطق، وقد قامت اللجان النوعية بالمجلس عقب زيارتها الميدانية لهذه المناطق بوضع توصيات عرضت على المجلس وأحيلت إلى الحكومة لتنفيذها، والمجلس فى حالة متابعة دائمة مع الحكومة لتنفيذ هذه التوصيات.
· قانون الإدارة المحلية كان من القوانين الضرورية لإصلاح الفساد المستشرى فى المحليات، ولجنة الإدارة المحلية انتهت منه منذ عدة أشهر.. لماذا لم تتم مناقشته وإقراره؟
أوافقك الرأى، فقانون الإدارة المحلية من القوانين الضرورية، والقانون الحالى مضى عليه عشرات السنوات دون تعديل، وقد أوجب الدستور تعديله، وفلسفة القانون الجديد هى إصلاح الفساد المستشرى فى المحليات، وتفعيل دور الشباب والمرأة والعمال والفلاحين أمر حتمى أوجبه الدستور، لهذا كله فإن مشروع قانون بهذا القدر من الأهمية يحتاج إلى دراسة متأنية ولجان استماع وحوار مجتمعى لإقرار القانون فى نصوص سليمة تحقق المرجو منه، ولم يسعنا الدور السابق لإتمامه، وهو من أولويات المرحلة القادمة بإذن الله.
· يأخذ البعض على البرلمان ما يعتبرونه مخالفة للدستور من خلال عدم إقراره مجموعة من القوانين مثل العدالة الانتقالية وتوطين أهالى النوبة؟
يحتاج إقرار مثل هذه القوانين إلى توافق مجتمعى واسع ومواءمات سياسية معينة وظروف خاصة، لما تعالجه هذه القوانين من قضايا شائكة، وعدم إقرارها فى موعد معين لا يعد مخالفة للدستور، لأن الدستور قد نص فى باب الأحكام الانتقالية على إجرائها فى أول دور انعقاد للمجلس، وإذا لم يكن هناك قبول مجتمعى لقانون معين فالأفضل التأنى فى إصداره، وإلا فلن يحظى بالتطبيق الجاد، فالقوانين توضع لكى تطبق.
· ما أجندة التشريعات التى ستناقش خلال دور الانعقاد القادم؟
أجندة التشريعات فى دور الانعقاد القادم مليئة بالعديد من القوانين المهمة، منها قانون حماية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وقانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقانون الإجراءات الجنائية، وقانون حماية المستهلك، وقانون الإدارة المحلية، وقانون العمل، وقانون المنظمات النقابية العمالية، وقانون الشباب وغيرها.
· كيف ترى دور البرلمان فى دور الانعقاد الثالث، خصوصا أنه سيشهد انتخابات رئاسية؟
دور البرلمان سيكون أكثر فعالية بإذن الله، وسنحاول تلافى أوجه القصور التى حدثت فى الدورين الماضيين، ووفقا للمادة (142) من الدستور من حق عشرين نائبا أو أكثر تزكية مترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وقد حددت المادة (108) من اللائحة الداخلية للمجلس آلية ذلك، من خلال تزكية من يرغب من النواب لمترشح واحد للرئاسة على النموذج الذى تعده لذلك الهيئة الوطنية للانتخابات، وتعتمد الأمانة العامة للمجلس التوقيع والبيانات الواردة على هذا النموذج.
· كيف تقيم حال الحياة السياسة والأحزاب فى مصر؟
عقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو شهدت الساحة السياسية عددا كبيرا من الأحزاب، وكثير منها كانت له خبرة محدودة فى العمل العام، وهذا البرلمان يساعد على ضم عدد من هذه الأحزاب إلى بعضها، بحيث تمثل كتلا حزبية واحدة، نحن لا نريد أحزابا كثيرة، ولكننا نريد أحزابا فعالة.
· كيف ترى مطالبات البعض فى قانون مفوضية الانتخابات بالإشراف القضائى الكامل؟
دعنى أتوقف عند هذه النقطة، نص المادة (210) من الدستور واضح والأعمال التحضيرية واضحة، وعندما كنا بصدد إعداد الدستور كنا أمام مرحلة انتقالية، وكانت هناك ظروف استثنائية، لذلك تم الاشتراط أن يكون الإشراف القضائى كاملا لمدة عشر سنوات بعد العمل بالدستور، ولم يكن فى نيتنا الإبقاء على الإشراف القضائى بشكل دائم، وإلا فلماذا تم النص على مدة العشر سنوات؟، وإذا تركنا الإشراف القضائى بشكل مفتوح، فما العبرة إذن من إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات؟.. الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة قائمة على أمورها، والإشراف القضائى إلى ما لا نهاية أمر غير مقبول ويعطل القضاء.
وأنا بصفتى أستاذ قانون دستورى قبل أن أكون رئيساً لمجلس النواب ضميرى المهنى يحتم علىّ عدم الصمت عن أى مخالفة للدستور، وكنت أنوى التنحى عن إدارة الجلسة إذا ما تم التصويت على قانون الهيئة الوطنية للانتخابات بخلاف ما قضى به الدستور.
· كيف ترى دور مصر الخارجى فى الوقت الراهن؟
لابد أن نعترف فى البداية بأنه عقب ثورتى يناير ويونيو حدث بعض التراجع النسبى فى الدور المصرى إقليميا ودوليا، نظرا للتحولات السياسية ولانشغال مصر بمشاكلها الداخلية، وهو أمر طبيعى فى مرحلة ما بعد الثورات، ولكن فى غضون فترة بسيطة نجحت الدولة المصرية بفضل جهود قيادتها السياسية، فى أن تعيد انفتاحها على العالم كله وتكتسب احترام الجميع، وهو ما انعكس فى حصولنا على مقعد غير دائم فى مجلس الأمن، وعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقى، ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بتغير المناخ، كما توثقت علاقات مصر بدول العالم وقواه الكبرى، وكان من نتائج ذلك كله أن موقف مصر أصبح يُحترم ويُعمل له حساب فى إدارة جميع الأزمات الإقليمية، ولا يفوتنى أن أؤكد أن مصر أثبتت للعالم دورها القيادى فى مكافحة الإرهاب، ونجاحها فى أن تضع صورة الإرهاب بالطريقة الواضحة أمام المجتمع الدولى، وتوصيل رسالة مفادها أنها لن تتوانى فى القضاء على الإرهاب، وأنها ليست وحدها المستهدفة منه ولكن المنطقة والعالم أجمع، ولا شك أن دور مصر النشط والواضح فى مجمل هذه القضايا انعكس إيجابيا فى استعادة النظرة الخارجية لمصر.
· الزيارات الخارجية المتعددة التى قمتم بها هل أسهمت فى تحسين صورة مصر خارجيا؟
لا شك أن الزيارات الخارجية التى قامت بها وفود برلمانية من مجلس النواب المصرى، والتى ترأستُ عددا منها، كان لها دور كبير فى تحسين صورة مصر خارجيا، لاسيما أننا تمكنا خلالها من نقل حقائق الأوضاع فى مصر كما هى على أرض الواقع، مما أسهم فى تحسين الصورة المغلوطة التى تعمدت بعض وسائل الإعلام المغرضة توجيهها إلى الخارج بهدف تشويه حقيقة الوضع فى مصر، والأمر المهم هنا هو أن الزيارات التى قمنا بها إلى الخارج كانت بناء على دعوات وُجهت إلينا، مما يعكس إصرار الأطراف الخارجية فى استجلاء الحقائق بشأن الوضع داخل مصر من مصادر تثق فيها وتطمئن إلى رأيها.
على صعيد آخر، فإن عدداً من الزيارات التى قمنا بها إلى الخارج بهدف المشاركة فى المؤتمرات البرلمانية الإقليمية والدولية للمنظمات التى يشترك فيها البرلمان المصرى بعضوية كاملة، وخلالها تم تقلد عدد من نواب البرلمان مناصب مهمة ورفيعة فى تلك المحافل، منها على سبيل المثال عضويتى فى اللجنة التنفيذية بالاتحاد البرلمانى الدولى، وعضوية المستشار أحمد سعد الدين الأمين العام للمجلس فى المكتب التنفيذى للأمناء العامين العرب، وتمثيل بعض النواب الآخرين فى عدد من لجان الاتحاد، فضلاً عن تولى مجلس النواب المصرى رئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وكل ذلك يضيف بلا شك للدبلوماسية البرلمانية المصرية التى تمثل رافداً مهماً فى دعم صورة مصر أمام العالم الخارجى.
· ماذا عن القرارات التى اتخذتها لجنة القيم بشأن بعض النواب؟
لجنة القيم تعمل بحيادية كاملة، ومشكّلة من عدد من النواب يتمتعون بالاستقلال التام فيما يعرض عليهم من موضوعات، ويحال العضو إلى لجنة القيم بناء على ما يعرضه مكتب المجلس إذا رأى مبررا لذلك، وتمنح اللجنة الفرصة الكاملة للنائب المحال إليها لتقديم أوجه دفاعه، وتصدر قراراتها بأغلبية أعضائها، ولا تعد قراراتها نافذة إلا بموافقة المجلس عليها بأغلبية أعضائه، فيما عدا قرار إسقاط العضوية فيحال إلى اللجنة التشريعية أولا ثم يُعرض على المجلس ولا يعد نافذا إلا بموافقة ثلثى أعضاء المجلس على الأقل.
· وماذا عن القرارات والأحكام التى لم ينفذها المجلس؟
المجلس حريص على احترام جميع أحكام القضاء الصادرة من المحاكم المختصة وملتزم بتنفيذها فى إطار الدستور والقانون واللائحة، إلا إذا كانت هناك بعض عقبات فى التنفيذ، هنا ينبغى التوقف والدراسة المتأنية للحكم لتحديد آلية تنفيذه وفقاً للدستور.
· كيف ترى التقرير الصادر عن منظمة هيومان رايتس بشأن مصر؟
ملف حقوق الإنسان ملف مسيس ودائما ما يستخدم كورقة للضغط، وعندما ننظر إلى تقرير هيومان رايتس ووتش نجد أنه تناول بعض حالات انتهاك حقوق الإنسان بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الضوء لم يسلط إلا على ما ورد بالتقرير بشأن مصر، وهو الأمر الذى يجب التوقف عنده كثيرا، ولكن مواجهة مثل هذه الصور من أدوات الضغط لا تكون إلا من خلال تماسك الجبهة الداخلية، ويلعب الإعلام المحلى دورا مهما فى هذا المجال، فمن المهم أن نكون متماسكين داخليا، وأى مخططات خارجية لضرب الدول تكون وسيلته تفكيك الداخل، ولذلك الدول الكبرى والحضارات الكبرى لم تفجر إلا من داخلها، ودليلى على تماسك الجبهات الداخلية حديث لسيناتور أمريكى خلال أحد المؤتمرات دافع خلاله عن أمريكا، وعندما وجه سؤال له عما إذا كان تغير فكره كمعارض للسياسة الأمريكية يقف وراء دفاعة عن السياسة الأمريكية، رد ردا قاطعا: لن أغير وجهة نظرى ولكنى أعارض السياسة الأمريكية على أرضها وليس خارجها، ومن وجهة نظرى فإن تماسك الجبهة الداخلية يجب أن يقف وراءه إعلام مسئول .
· الحديث عن التماسك قد يصطدم بواقع حياتى من معاناة يومية للمواطنين؟
لابد من الاتفاق أولا على أن مصر مازالت فى مرحلة تثبيت أركان مؤسساتها الدستورية، فالخريطة تغيرت فى المنطقة ، نختلف أو نتفق هذا أمر طبيعى جدا، فى حدود الهدف العام والمصلحة العامة، وقد مرت مصر بظروف أشد قسوة مما نحن عليه الآن، فعقب «النكسة» كان يتم توجيه موازنة الدولة للمجهود الحربى، ولولا تماسك الجبهة الداخلية ما كان نصر أكتوبر 1973، ولا أزال اتذكر تلك الفترة أننا كنا نحلى الشاى بالعسل الأسود، ونحصل من المجمعات الاستهلاكية على «فرخة» واحدة يوميا، وما أسرده فى ذلك يدرس فى علم الاجتماع السياسى الذى يؤكد أن تماسك الجبهة الداخلية يمثل قوة لا يمكن الاستهانة به، أما ما يحاك لك بالخارج فيمكن أن تسيطر عليه لاحقا بفضل ذلك التماسك الداخلى.