أكد الدكتور هانى سرى الدين الخبير الاقتصادى وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن أداء الحكومة تحسن بشكل ملحوظ فى الستة شهور الأخيرة لافتا إلى أن محافظ البنك المركزى طارق عامر نجح فى مهمته وتحديدا فى الأسابيع القليلة الماضية ويتبقى فقط البدء فى الإصلاح المؤسسى للدولة.
وأضاف سرى الدين فى حوار لـ«اليوم السابع» أنه عار على دولة بحجم مصر ألا تمتلك خريطة استثمارية، مؤكدا أن الإصلاح الاقتصادى بدأ يتبلور فى مؤشرات إيجابية ولكن ينبغى أولا إعطاء أولوية لملف الاستثمار بشكل أكبر، فالسياسات النقدية وحدها لن تستطيع أن تحل الأزمة ولكن ينبغى أن يتماشى معها سياسات مالية وتنفيذية لتحقيق الطفرة الاقتصادية المرجوة.
وإلى نص الحوار...
كيف تقيم الأوضاع الاقتصادية والسياسية منذ 25 يناير لمصر؟
- مشكلة الإصلاح الاقتصادى فى مصر أن مردوده الاجتماعى لم يكن بنفس الوتيرة والسرعة وذلك قبل 2011، بعد ثورة 25 يناير مرت مصر بظروف اقتصادية صعبة خاصة وقد أسأنا إدارة العملية السياسية بعد 2011، الإصلاح الاقتصادى بدأ فى 2015، وبدأنا نرى بعض المؤشرات الايجابية فى الأسابيع القليلة الماضية، ونحن الآن على الطريق الصحيح إلا أنه لايزال لدينا مشكلة فى أداء الاجهزة الحكومية فهى فى منتهى الضعف وبالتالى الثقة فى التحسن الاقتصادى لازالت ضعيفة كما أن إدارة مسألة التضخم كانت غير موفقة فى مراحل كثيرة وشعر المواطن بألم مضاعف نتيجة هذا الأمر بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية إلا أننا بدأنا مشوار الإصلاح الاقتصادى بشكل جاد.
كيف خضت تجربة العمل السياسى بعد ثورة 25 يناير؟
- تجربة المصريين الأحرار كان الهدف الأساسى منها تكوين حزب مدنى ليبرالى بما تحمله الكلمة من معنى ليكون حزبا قادرا على إحياء سياسات حزب الوفد من جديد فيما يتعلق بمواقفه من الدولة المدنية، ليمثل حزبا توافقيا يجمع بين قطبى الوحدة الوطنية ولا يقوم على الإقصاء، وحقيقة الأمر أنه بعد 1952 لا توجد حياة حزبية حقيقية فى مصر ولكن فى رأيى أن إصلاح النظام السياسى فى مصر لن يكون إلا بحياة ديمقراطية مدنية سياسية، وهذا الأمر لن يأتى إلا بوجود أحزاب سياسية قوية، فلا يمكن أن يكون هناك نظام شعبوى دون حياة حزبية حقيقية، فتحقيق الاستقرار السياسى لمصر هى قضية أمن وطنى فغياب الحياة الحزبية القوية معناه عودة الإخوان والتطرف وعودة التيارات غير المنظمة فوجود حياة حزبية قوية يصب فى مصلحة الأمن القومى المصرى.
ما أسباب خروجك من حزب المصريين الأحرار؟
- خرجت بسبب الاختلاف فى وجهات النظر حول الإدارة السياسية ولكن كان هناك تصور بأن الحزب يجب أن يوسع من قواعده بشكل أكبر مما كان عليه وكنت أرى ضرورة توسيع دائرة التمويل بحيث ألا تعتمد على شخص أو اثنين وبالتالى أردت أن أفسح المجال وقررت أن أترك حزب المصريين الأحرار.
كيف ترى تجربة المهندس نجيب ساويرس من خلال «المصريين الأحرار»؟
- الحزب كان يضم عددا كبيرا من الشخصيات العامة فى قطاعات عدة واتفقت على رؤى محددة وفى الفترة الاخيرة لا أستطيع أن أحكم على ما جرى لأننى كنت خارج حزب المصريين الأحرار، لكن لا شك أن هذه الشخصيات العام اتفقت على الأهداف المتميزة للحزب وبالتالى لا يمكن اختزال حزب فى شخص بعينه، وأعتقد أنه حدث شرخ كبير فى الحزب، وفى الفترة الأخيرة لاحظنا ضم أعضاء لا تؤمن بأهداف الحزب التى تأسس عليها ولكن خروج المصريين الأحرار من الخريطة السياسية والعمل السياسى فى مصر.
هل أحزنك انقسام الحزب لجبهتين؟
- أكيد تألمت لأن ضعف الأحزاب أمر ليس جيدا، فلا شك أن هذا الامر أضر بالمصريين الأحرار والعملية السياسية، أنا كنت حريصا طوال الوقت أن يكون فى مصر حزبان أو ثلاثة أقوياء وحزب أغلبية واضح.
كيف انضممت لحزب الوفد؟
كان هناك تواصل بينى وبين الحزب منذ 2008 مع قيادات الحزب المختلفة على مدار تاريخه وكنت قريبا جدا من الانضمام للحزب فى 2009 ولكن الأمر لم يتم ثم تواصل حزب الوفد معى فى 2013 من خلال رئيس الحزب الدكتور السيد البدوى وقبلت لأن حزب الوفد هو الحزب السياسى الوحيد على الساحة السياسة فى مصر، وبالتالى اتخذت القرار فى 2016 بالانضمام للحزب وعينت فى هيئته العليا التى تعد مفرخة سياسية بكل ما تعنيه الكلمة.
ما هو الدور الذى تقوم به داخل حزب الوفد؟
- أنا عضو بالهيئة العليا داخل الحزب، والهدف الأساسى هو العمل مع قيادات الوفد فى إعادة الوفد على الساحة السياسية بقوة ونساهم فى القضايا الوطنية فى المرحلة الحالية ودعم نواب الوفد الموجودين فى البرلمان فالحزب يمتلك مجموعة من النواب على مستوى عالى كالنائب سليمان وهدان والنائب محمد فؤاد والنائب أحمد السجينى وطلعت السويدى وبهاء أبوشقة.
ماذا عن ملف التمويل الذى توليت إدارته داخل حزب الوفد؟
- ليس الأمر بهذا الشكل وإنما لجنة لتنمية موارد الحزب من خلال استغلال أصول الحزب واستغلال حجم العضويات الذى تجاوز 100 ألف عضوية فاعلة الذى لا يعتمد على شخص بعينهم، وبدأنا بالفعل فى النظر فى هذه المسألة ولست وحدى ولكن هناك العديد من قيادات الحزب ندرس سويا إعادة النظر فى تنمية موارد حزب عريق بحجم حزب الوفد فالحزب لديه أكبر عدد من المقرات فالحزب لديه اكثر من 150 مقرا منها 25 مقرا مملوكا للحزب، وأعضاء اللجان والمقرات الفرعية يتحملون تكاليف تشغيل المقرات بالكامل وكل المقرات بهذا الشكل باستثناء المقر الرئيسى.
فيما يخص جريدة الوفد فما تعانيه جريدة الوفد هو ما تعانيه الصحف بشكل عام لكن الموقع الإلكترونى لازال فاعلا وفى منتهى القوة والصحفيون فى الوفد كلهم صحفيون محترفون بدون استثناء وهو الحزب الوحيد فى مصر الذى لديه جريدة يومية مقروءة، ولكن الإدارة المالية تحتاج إلى عمل أكبر ونحن قادرون على إعادتها لسابق عهدها، فالجريدة على أولويات الهيئة العليا.
ما تقييمك لأداء الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد فى الفترة الأخيرة؟
- نحن لا نقيم أشخاصا بقدر ما نقيم أداء الحزب وقياداته، وأعتقد أن حزب الوفد فى المرحلة الماضية أدى دورا مهما جدا، ومواقف الحزب كانت فى منتهى القوة والحزب لايزال رقما صحيحا فى الحياة السياسية فى مصر رغم ما شاب الحياة السياسية من عثرات وقيادة الوفد تسعى لتكريس حزب الوفد ليلعب دوره الايجابى ورغم كل التكهنات بأن حزب الوفد لن يكون له مقاعد مؤثرة، إلا أن الانتخابات البرلمانية كشفت عكس ذلك وحصل الوفد على مقاعد كثيرة وأعتقد أنه لازال الحزب رقما واحدا فى مصر.
ما طموحك الشخصى داخل حزب الوفد؟
- طموحى أن يكون حزب الوفد هو الأبرز وأن يكون رقما واحدا فى الحياة الحزبية والسياسية، وأن يكون له دور فاعل فى عملية الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى وتحقيق طفرة اقتصادية وطفرة اجتماعية، كما يستحقها الشعب المصرى.
هل تدرس الترشح لرئاسة حزب الوفد؟
- فى هذه المرحلة لا أفكر فى الترشح لرئاسة حزب الوفد، وهناك مرشحين أعلنا عن رغبتهما فى الترشح، وهما المستشار بهاء أبوشقة والمهندس حسام الخولى ولهما إسهامات جيدة، وأعتقد هناك أيضا مرشحون آخرون سنراهم فى المرحلة القادمة وأعتقد أن الحديث عن الترشح قبل الانتخابات بعشرة 10 أشهر يحول الحزب عن التركيز عن المهام الصحيحة فى هذه المرحلة، والمرشحون الحاليون فى منتهى القوة ولكن أرى أن كثرة الحديث عن الانتخابات فى هذه المرحلة من شأنها أن تؤجج صراعات وهمية، وأيا كان رئيس الحزب سنقف فى ظهره وسندعمه، وحقيقة الأمر أن هناك من 10 إلى 15 قيادة حالية فى الوفد قادرة على أن تترأس الحزب واعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد ظهور الحصان الأسود وربما تحمل الأيام القادمة مفاجآت فى هذا الأمر.
كيف ترى التراشق والسباب بين أعضاء الوفد على مواقع السوشيال ميديا؟
- وجود اختلافات بين اعضاء الحزب مسألة صحية جدا وتدار بشكل ديمقراطى وعلى مدار 100 عام ماضية والحزب كان مفرخة لعدد كبير من القيادات الذين عملوا تنفيذيا كالدكتور على السلمى والدكتور منير فخرى عبد النور، ورغم وجود اختلافات فالجميع على قلب رجل واحد والبعض اقترح أن يتم إلغاء «الواتس آب» بين أعضاء الهيئة العليا فى الوفد، لكن القرار النهائى كان باستمراره لأن المناقشات صحية وتصب فى صالح حزب الوفد والبعض يتصور أن حزب الوفد مات ولكن كل مرة يتم إثبات أن هذا الحزب قوى ولن يموت فمثلا شعار الحزب عبقرى يضم الهلال والصليب منذ 100 عام فشعاراته حقيقية لها جوهرها فالوطن فوق الجميع فالدين لله والوطن للجميع وحزب الوفد على مدار تاريخه كان أقوى من كل القيادات التى خرجت منه فمثلا خرج أحمد باشا ماهر وخرج مكرم باشا عبيد ولكن ظل الوفد كبيرا.
هل تؤيد وجود حزب للرئيس السيسى أو ظهير سياسى له؟
- الدستور منع على الرئيس أن يتولى رئاسة حزب لكن لم يمنع، ولا يمكن أن يتصور ألا يكون هناك ظهير سياسى حزبى للرئيس وأنا أؤيد هذا وأى دولة تحتاج إلى أغلبية وتحتاج إلى معارضة والمعارضة ستكون فى القضايا الوطنية جزءا من الأغلبية.
كيف تقيم أداء المهندس شريف إسماعيل رئيسا للوزراء؟
- فى رأيى أنه كان أداء الحكومة فى الشهور الأخيرة أفضل بكثير من أدائها من قبل، وهناك تحسن كبير فى أدائها ويحسب للحكومة ورئيس الوزراء تصميمهم على السير فى مسار الإصلاح الاقتصادى لكن التنسيق بين السياسات المالية والنقدية أدى إلى تفاقم الأزمة كذلك شعرت بأن الحكومة وكأنها فوجئت بقرار التعويم أو قرار رفع الدعم عن السلع هذا بالإضافة إلى أن الاستثمار لازال ضعيفا ولايزال هناك مشكلة فى مناخ الاستثمار فى مصر.
هل تؤيد رحيل رئيس الوزراء أم استمراره؟
- من الأفضل لمصر أن تظل هذه الحكومة موجودة حتى نهاية الفترة الرئاسية الأولى خصوصا أن الشهور القليلة الماضية كشفت عن تحسن فى الأداء وبالتالى عليها أن تكمل ما بدأته فبعد 2011 تغير الحكومات أدى إلى تذبذب العمل السياسى .
ما تقييمك لأداء محافظ البنك المركزى طارق عامر؟
- فى حقيقة الأمر أصبح هناك تحسن فى الشهور الأخيرة لأداء محافظ البنك المركزى وخاصة أن إدارة السياسة النقدية عملية ليست سهلة خاصة وأن السياسات المالية لا تحقق شيئا ولا يمكن أن نحمل البنك المركزى وحده مسئولية ضعف الجنيه، فضعف العملة مرتبط بالاستثمارات وقوة الاقتصاد وقرار التعويم صراحة كان فى منتهى الشجاعة، أما فيما يخص زيادة سعر الفائدة فلا شك أنه يؤثر على الصناعة لكن فلسفة البنك المركزى وواجباته تقتضى العمل على مواجهة التضخم وسعر الفائدة هى الآلية التى أمامه لذا فبشكل مؤقت يرفع سعر الفائدة وأنا أنظر إلى هذا الأمر باعتباره سياسة مؤقتة وفى المجمل أن البنك المركزى نجح فى إدارة ملف السياسة النقدية.
ما رأيك فى أداء سحر نصر وزيرة الاستثمار؟
- سحر نصر عملت حالة من الديناميكية والتحرك وتفعيل دور الوزارة وأصبحت أكثر إيجابية فى الترويج والتحرك مع المستثمرين ولكن فى رأى لازال هناك مجهود كبير فى تفعيل هذا المجال، فملف الاستثمار ليس مسئولية وزير الاستثمار فحسب وإنما مسئولية الحكومة كلها والملف بشكل عام لم يحدث فيه الطفرة المطلوبة حتى الآن، وأرجو ألا تكتفى وزارة الاستثمار بملف الترويج وحده ولا ملف تسوية المنازعات فقط ولكن عليها أن تهتم بالملف الخاص بالمشاكل التنفيذية على أرض الواقع فهذا الملف سيمثل طفرة إيجابية.
كيف تقيم أداء عمرو الجارحى وزير المالية؟
- فى الفترة الأخيرة تحسنت السياسات المالية، فمثلا تحسن عجز الموازنة وتحسنت إيرادات الضرائب، لكن تظل المشكلة فى ضعف البنية الأساسية فى أجهزتها التنفيذية ولن تتحقق الطفرة المطلوبة دون الإصلاح المؤسسى للحكومة ولن تتحقق الثقة بدون إصلاح مؤسسى حقيقى لمؤسسات الدولة على كل المستويات.
ما تقييمك لأداء الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الفترة الرئاسية الأولى؟
- قد أكون غير راض عن كثير مما يحدث خاصة على الصعيد السياسى لكن لو عاد بى الزمن إلى الوراء لفعلت ما فعلته وأيدت ترشح الرئيس السيسى للرئاسة وهو أمر هام لحماية الأمن القومى، أما فى مايو 2018 لا يمكن أن أعطى تأييدا على بياض وهذا يتوقف على هل سيكون هناك مرشح آخر أم لا، ولكن لا أعتقد أنه سيظهر فى 2018 مرشح قوى منافس للسيسى، فى حقيقة الأمر السيسى نجح فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى ونجح فى تطوير قدرات الجيش ونجح فى المحافظة على الحدود المصرية ونجح فى تحسين العلاقات الخارجية ونجح أيضا فى اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة ولكن لست راضيا عن ملف الحريات العامة وعن إجراءات الحماية الاجتماعية.
حقيقة الأمر أن القرارات الصعبة التى وضعتنا على طريق الإصلاح الاقتصادى، هى قرارات عبد الفتاح السيسى وليس شخصا آخر، «هو احنا هنضحك على بعض».
هل لديك معلومات عن الخريطة الاستثمارية فى مصر؟
- لا أعلم عنها شيئا وعار على دولة بحجم مصر ألا يوجد بها خريطة استثمارية وننادى بهذا الأمر منذ عشر سنوات وللأسف حتى اللحظة لم يتحقق هذا الأمر وآن الأوان أن يكون لدينا خريطة استثمارية حقيقية لمصر.
ما تقييمك لأداء البرلمان خلال دورى الانعقاد الماضيين؟
- أداء البرلمان أقل بكثير من آمال أى مواطن مصرى، وأعتقد أن البرلمان جزء من المشكلة فمصر فى مرحلة خطيرة وتقتضى دعم سياسات الرئيس والوقوف معها فنجد سياسة طبطبة كثيرة على الحكومة ونجد أن البرلمان متوتر ولا يتخذ مواقف قوية وواضحة فى القضايا التى تهم المواطن، ويجب أن نرى استجوابات وتقصى حقائق، وحقيقة الأمر أن هناك حالة من ضعف الثقة بين المواطن والبرلمان كمؤسسة من مؤسسات الدولة، والاستقرار السياسى يقتضى برلمانا قويا وبرلمانا معارضا يحاسب الحكومة بقوة.