ـ السيسى مخلص ويدفع ثمن أخطاء الحكومة من شعبيته
ـ المصريون أسياد الشعوب ومؤيدين من الله
ـ شخصيتى أمام الكاميرا هى شخصيتى ورا الجاموسة
ـ اللى بيخطبوا فى المساجد بالساعات عاملين زى الهبلة اللى مسكوها طبلة.. واللى عايز يتأكد من تجديد الخطاب الدينى ييجى وأنا أوريله
ـ الدين لا يعرف سلفية وإخوان وكل التصنيفات ع الجزمة.. ولا أؤمن بمراجعات فكرية ولا حوار مع مجرم يكفرنى
فى حارة متفرعة من أحد أزقة منطقة التوفيقية، داخل مسجد عبارة عن دور ثانٍ بأحد العقارات القديمة التى يحيطها المحلات، جلس الدكتور مبروك عطية عميد كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر فرع سوهاج، وأحد أشهر الدعاة على الفضائيات، يستقبل محبيه وأهالى المنطقة الذين ينتظرون لقائه الأسبوعى.
جلس مبروك عطية ينتظرنا حسب الميعاد وأمامه "قرطاس طعمية وكيس فول ورغيفين"، وفور حضورنا طلب من مساعديه تأجيل الإفطار واستأذنا فى أكل "قرصة بعجوة" فقط، وألا نبدأ التصوير قبل أن يمسك بيده الورد الذى أصبح جزءا من حالته وشخصيته التى أصبحت مستقلة فى الدعوة ومخاطبة الجمهور.
الحالة التى ظهر عليها الدكتور مبروك عطية وإن كانت تشبه بساطة لغته وأداءه أمام الكاميرات، إلا أنها أثارت تساؤلات حول سبب حرصه على التواجد فى هذا المسجد الصغير المختفى بين حوارى التوفيقية بوسط البلد، وكان ذلك أول ما سألناه عنه فى حوارنا.
بداية.. لماذا تترك الفضائيات ورفاهية المساجد الكبرى وتأتى إلى هنا؟
ببساطة لأننى عاهدت أهل هذه المنطقة منذ 18 عاما أن يكون لى معهم لقاء أسبوعيا، وأنا لا أنقض عهدى حتى لو ملأت الدنيا شهرة وصيتا، ثم إننى لا أجد نفسى إلا بين البسطاء، وأرفض كثيرا من دعوات تلك المساجد التى يزورها علية القوم.
وهل ترى أن مساجد علية القوم وتقرب الدعاة من الكبار صورة سلبية؟
لا أعتقد ذلك، لكن لكل شخص ظروفه، ثم إن الغنى أمر حميدا، والله يحب الغنى، وأنا ضد من يتغنون بالفقر، وضد مقولة: "خذوهم فقراء يغنيهم الله"، لأن الإسلام ليس به ذلك، حتى أن الدين يقول فى أمور الزواج: "من استطاع الباءة فليتزوج" وهذا معناه أن الغنى ويسر الحال أمرا مطلوبا وضروريا.
متى قررت أن تمسك وردة لأول مرة أمام الكاميرات.. وكيف رسمت تلك الشخصية التى تظهر بها فى البرامج؟
أولا أنا أمسك وردة من أول يوم ولادتى، لأنى أصلا مولود فى جنينة، وبيتنا ملىء بالورود، لذلك جاءتنى الفكرة بأن أظهر للناس وأنا ممسك بها، أما عن شخصيتى فطريقتى أمام الكاميرات زى طريقتى وأنا ورا الجاموسة".
هل كان لك أى انتماءات سياسية أو مذهبية فى بداية حياتك كالإخوان أو السلفية أو غيرهم؟
أبدا، عمرى، وكل هذه المسميات "ع الجزمة"، ولا يجرؤ أحد أن يدعونى للانضمام لهم، والحقيقة أنا لا أعرف لماذا كانوا يخافون منى، لكنى أدركت أن هذه نعمة أحمد الله عليها، فأنا لا أقدس جماعة أو تيار، أو حتى شيخ، وأرى أن كل ذلك ليس من الإسلام فى شىء.
هل تقلدك منصب عميد كلية فى آخر سنوات خدمتك أمرا طبيعيا؟
الحقيقة أننى كنت أستحق ان أكون عميدا للكلية منذ 20 عاما، إلا أننى لست من الباحثين عن مناصب أو غيرها، لكن تم إسناد المنصب إلى هذا العام قبل بلوغى سن التفرغ بعام واحد، والحمد لله أنه نزع من قلبى حب الكراسى، والانتماءات السياسية والحزبية والمذهبية وغيرها، لأننى فى الأساس ليس لدى وقت لكراسى ومناصب وكفانى العلم والكتب، حتى القنوات التى أعمل بها لا أتفاوض فيها على الأجر أو الامتيازات.
ماذا لو فاجأتك متصلة أنها تزوجت من غير مسلم استنادا إلى بعض الفتاوى الحديثة بإباحة زواج المسلمة من غير المسلم؟
تتزوج كما تشاء، حتى لو أرادت تتزوج حجرا، لكنها آثمة، ومن أفتى بذلك آثم، وقولا واحدا، كل ما يقال عن زواج المسلمة من غير المسلم ومساواة المرأة بالرجل فى الميراث "قلة أدب" وفجور وفسوق.
لكن البعض يأخذ على الأزهر أنه لم ينجح فى ملف تجديد الخطاب الدينى؟
أنت تتحدث الأن إلى عميد كلية فى الأزهر، وأنا أؤكد لك ولغيرك أننا نجدد الخطاب الدينى يوميا "واللى عايز يتأكد ييجى وأنا أوريله"، وطالما نحن فى طريق إسعاد الناس فنحن نجدد، لأن الخطاب الدينى هو كلمة الله ورسوله لإسعاد الناس، لكنى أتحداك أن تسأل أى شخص عن معنى الخطاب الدينى ويجيب.
هل تؤيد إجراء مراجعات فكرية للمتطرفين فى السجون؟
أنا لا أعلم ماذا تعنى كلمة مراجعات فكرية ولا أقتنع بها، وطالما أن شخص ما موجود فى السجن إذا هو مجرم، وطالما أنه مجرم، إذا يجب أن يكمل مدته كاملة كسجين، ثم بعد خروجه لو عاد إلى ما كان عليه نعيده إلى السجن مرة أخرى بالقانون، "لكن أنا هروح السجن أتناقش مع متطرف بيكفرنى إزاى وهناقشه فى إيه، ده لو أتريق على سبحتى واعتبرها بدعة مثلا ممكن أتعصب عليه وأقتله"، الخلاصة أننى ضد هذه الفكرة تماما ولا أرى منها فائدة أو نفع.
لكن أصحاب دعوة المراجعات الفكرية يرون أن استمرار فكر مثل "جماعة الإخوان" يضر بالمجتمع ويجب مراجعة أفكار شباب الجماعة على يد متخصصين
.
"أنا معنديش حاجة اسمها إخوان، ودى مش جماعة دينية ولا إسلام سياسى ولا غيره، حتى السلفية والسنية وغيرهم، كل ده هجص، وأمتنا أمة واحدة لايصنفها أحد، حسن البنا وأتباعه عايزين يسموهم الإخوان المسلمين، يبقى إحنا بقى ولاد كلب وأعداء وكفرة، وبعدين لو هما إخوان مسلمين ليه لم يحاربوا من أجل الإسلام حتى الأن".
بمناسبة أنك أحد شيوخ الفضائيات.. هل تؤيد قانون تنظيم الفتوى الذى يعده البرلمان؟
طبعا، ياريت ينظموها، ويجرموا كل من يفتى من غير أهل الفتوى، ويقبضوا على كل من فى الزوايا ومن يصعدون المنابر من غير المؤهلين، وكل من يمسك ميكروفون المسجد لمدة ساعة وأكثر يخطب فى الناس، لأن هذا الشخص بالنسبة لى "هبلة ومسكوها طبلة".
المثقفون يدعون لاعتبار الفن والسينما والغناء من أدوات تجديد الخطاب الدينى.. وبعض الشيوخ يرون بها حرمة؟
أنا لا أراها حرام على الإطلاق، وأرى أن الفن حلال وأن السينما والموسيقى حلال، وأنا شخصيا كنت أدخل السينما، ودخلت أفلام قديما مثل الحرافيش وثلاثية نجيب محفوظ وأتذكر أننى فى شبابى ظللت أتشاور مع زملائى فى مدينة منوف لعدة أشهر قبل دخول فيلم "غابة من السيقان" لمحمود يس وميرفت أمين، ودخلناه وندمنا بعدها ندما شديدا، ليس لأنه حرام لكن لأننا كنا نحتاج الفلوس التى أنفقناها فى أشياء تخص دراستنا.
لكن هذا الفيلم بالتحديد به مشاهد عرى كثيرة؟
لا أتذكر منها أى مشهد، وكل ما أتذكره منه هو رسالته التى تدعو لمحاسبة النفس، وفى كل الأحوال أنا لا أرى فى الفن عيبا، إلا لو كان به دعوة مباشرة وصريحة للفجور.
حتى الرقص الشرقى ليس عيبا؟
نعم حتى الرقص الشرقى، وهو أبو الفنون كمان، لكن بشرط أن يكون من المرأة لزوجها فقط، لكن أن يراها الناس "يبقى إحنا لم نتربى على دين"، ومن العيب أن نظل نناقش هذه الأمور حتى يومنا هذا، ومن تريد أن ترقص لزوجها فلترقص وأرشح لها كمان أغنية "أه لو لعبت يازهر بتاعة أحمد شيبة" أو أغانى عدوية "حبة فوق وحبة تحت".
حتى هذه النوعية من الأغانى حلال سماعها رغم أن نقاد الفن أنفسهم يرفضونها؟
طبعا حلال وليس بها أى شىء، "ده واحد بيقسم الكلمات ويلحنها عشان الست تهز للراجل وتسعده"، لكن المرأة التى لاتجيد الرقص الشرقى أكيد هتكون بتعرف تعمل أمور أخرى لإسعاد زوجها أيضا.
ما رأيك فى ظاهرة خلع الحجاب التى كثرت هذه الأيام؟
أولا لا يوجد شىء إسمه ظاهرة خلع الحجاب، الحكاية ببساطة إن مصر كانت كلها فى الستينيات كانت تعرى الشعر والكتف والرجلين، وكان ارتداء الحجاب وقتها شذوذ، ولم يكن هناك أى مشكلة، ثم ربنا كرمنا وجاء الخير وأصبحت بناتنا فى الشوارع "مستورة ومتغطية"، لكن هييجى يوم من الأيام يظهر دعاة السفور من جديد، ويرجع تانى الشعر والكتف والرجلين.. وهذه الظاهرة لها أصل فى ديننا، عندما سأل سيدنا حذيفة رسول الله قائلا: "إنا كنا فى جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ فقال رسول الله نعم، فسأله وهل بعد هذا الشر خير، فأجابه رسول الله نعم"، وهذا دليل على أن كل خير بعده شر والعكس إلى يوم الدين.
لكن من يدعون لخلع الحجاب موجودون بالفعل الأن ونشاطهم ودعواتهم منتشرة.
هؤلاء أعداء الله والوطن، وكان يوجد أمثالهم فى الماضى، لكن انتشار دعوتهم وخلع الحجاب مرتبط بشكل أكبر بالحالة الاقتصادية للناس، فقد تلقى هذه الدعوات رواجا أكثر لو انتعشت الحالة الاقتصادية للطبقات الإجتماعية الفقيرة والمتوسطة.
هل صحيح أن غلاء الأسعار مرتبط بالمعاصى وخلع الحجاب؟
إطلاقا، هذه دعوات جاهلة، ربنا لو هيعاقبنا على أعمالنا سيدمرنا دمارا شاملا، و لن نجد لقمة العيش.
بمناسبة الأوضاع الاجتماعية وانتشار ظاهرة الطلاق المبكر.. لو جاءتك فتاة تسألك هل تقبل بزواج الصالونات أم تنتظر الزواج عن حب.. بماذا تنصحها؟
سأقول لها تزوجى عن عقل، لأنه أصلا لا يوجد فى الإسلام شىء اسمه حب، ولكنه يدعو إلى نتائج الحب، ومن يحبنى أولى أن يعاملنى جيدا ويرحمنى ويكفى حاجتى، والدليل أن الله نفسه حدثنا عن فضله كى نحبه ولم يأمرنا بحبه دون ذكر فضائله، الحقيقة أن الحب وهم وذكره يصيبنى بالقئ، وما تروج له التليفزيونات ليس حبا بل إعجابا بالتضاريس.
ونصيحتى للفتيات أن يخترن وفق ضوابط الشرع وهى، أن تطيق النظر إليه، وأن يملك 4 جدران ويجهز شقته كاملة ولا تدفع الفتاة جنيها واحدا، وأن يكون لديه وظيفة، وأن يكون على خلق ويقيم الصلاة، "وبعد كده لا تقولى حب أو مش حب".
هل ترى أن الشعب المصرى لازال ينطبق عليه مقولة "شعب متدين بطبعه"؟
طبعا، الشعب المصرى سيد الشعوب، وملتف حول دينه والفضيلة، وانظر إلى عدد الحجاج والمهتمين والسائلين فى أمور دينهم،لكن من سيفسد هذا الشعب الصحافة والإعلام، ولولا أن الشعب المصرى مؤيد بنصر من الله لكنا مثل سوريا فى التشرد بعد 25 يناير، لكن شعب مصر عبقرى.
لكن ظهورك لم يكن إلا بعد ثورة يناير وانتشار قنوات الإعلام.
بالتأكيد الإعلام له إيجابيات، لكنه به مفاسد كثيرة، وأنا لا أخشى أن أقول ذلك لأنى "مش بتاع شو"، لكن المظاهرات والثورات أنا أكرهها.
لكن الناس قد يتم دعوتهم قريبا للاستفتاء على تعديل الدستور وزيادة مدة الرئيس إلى 6 سنوات لو وافق البرلمان على المقترح.. هل تشارك وقتها؟
نعم وأؤيد ذلك بشدة، بل أطالب أن تكون مدة الرئاسة مدى الحياة، إحنا مش ناقصين وجع قلب ومضيعة للمال والوقت، وطالما أننا اخترنا رئيسا نثق به، أيا كان اسمه، فما الداعى لتغييره بعد عدة سنوات.
وماذا تقترح إذا بديلا لذلك؟
أنا اقترح أن يظل الرئيس مدى الحياة، لكن الطريقة التى نسير بها وما شاهدته منذ 2011 "خلى أجلى يقرب"، وكله كلام تهريج وحرق أعصاب، "وهو إحنا خدنا إيه من الديمقراطية والكلام الفارغ ده".
قد يفهم البعض من ذلك أنك تدعو الناس للبعد عن السياسة والمشاركة السياسية؟
نعم أدعو لذلك، وأنا شخصيا لم أكن أشارك فى انتخابات أو استفتاءات أو غيره حتى أصبحت المشاركة بالرقم القومى، لكن قبل ذلك لم أكن أشارك، ثم إن مصر لا تحتمل كل يومين انتخابات وطوابير وتصويت.
وما رأيك فى الرئيس السيسى؟
أؤمن جدا أن الرئيس السيسى مخلص ونزيه اليد، ولا يهمه كرسى ولا منصب، لكنه يدفع ثمن أخطاء الحكومة من شعبيته، لذلك يجب أن يبحث عن التنفيذيين أصحاب الفكر والحلول غير التقليدية.
أخيرا.. ماهى الرسالة التى توجهها للمصريين فى الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمرون بها؟
أقول للمصريين أننا يجب أن نتحمل، وإلا من سيتحمل عننا تلك الأزمات حتى نعبر ببلدنا إلى مانريد، "مش هينفع نروح نجيب شعب من بره يتحمل بدلنا، وبإذن الله الأزمة هتعدى".