من الخليج إلى طاجيكستان.. إيران تبث سمومها بأجندات الخراب.. طهران تستغل حماس شبان "حزب النهضة" بعد الاستقلال عن موسكو.. تدريبات سرية على حرب العصابات والاغتيال بمدينة "قم".. و"الحرس الثورى" يمول حروبا أهلية

تعد دولة طاجيكستان إحدى دول الجوار الإيرانى والنفوذ الحيوى لطهران، خاصة فى الفترة التى أعقبت تفكك الاتحاد السوفيى وحصول دوشنبه على استقلالها عن الدب الروسى، وبخلاف دور إيران المشبوه فى قطر، ومحاولاتها إثارة الفتنة فى منطقة الخليج، تحاول طهران السيطرة على طاجيكستان وضرب استقرارها بكل الطرق والوسائل حتى لو كانت عن طريق دعم الإرهاب وتدريب الشبان على أعمال العنف المسلحة.

فقبل أيام دشن التاريخ فصلا جديدا من فصول توتر علاقات إيران بجيرانها خاصة فى المحيط القريب، خاصة فى إقليم الدول الناطقة بالفارسية، بعد أن تورطت طهران فى عهد الرئيس الراحل هاشمى رفسنجانى فى دعم وتدريب وتمويل عناصر متطرفة بهدف إشعال وتأزيم الحرب الأهلية بطاجيكستان.

قوات الأمن الطاجيكية

اتهام رسمى بدعم الإرهاب

لم يعد التمويل الإيرانى للإرهاب مقصورا على حديث الخبراء والمحليين والمراقبين لتطورات المشهد وتفاعلات إيران فى بيئتيها الداخلية والخارجية، فقد اتهمت الحكومة الطاجيكستانية إيران رسميا بالتورط فى عمليات قتل وتخريب على أراضيها، بينها اغتيال الرئيس السابق للبرلمان صفارعلى كينجاييف بالعام 1999، تزامنت وتلت حربا أهلية ضد متمردين إسلاميين فى الجمهورية السوفيتية السابقة، وهو ما أدى إلى حدوث توتر شديد بين طهران ودوشنبه.

ويتبع السواد الأعظم من الشعب الطاجيكى المذهب السنى ويشكل المسلمون 98 بالمئة من السكان ويشكل السنة ما نسبته 90 بالمئة بينما تبلغ نسسبة الشيعة 3 بالمئة فقط، وكانت دوشنبه جزءا من الجمهوريات الإسلامية التابعة للاتحاد السوفيتى قبل انفصالها وتفكك الاتحاد فى 26 ديسمبر بالعام 1991م.

رئيسا طاجيكستان وإيران

وبث التلفزيون الرسمى لطاجيكستان فيلم وثائقى مدته 45 دقيقة مثل أول اتهام علنى لطهران بالتدخل فى الحرب الأهلية فى طاجيكستان التى وقعت بين عامى 1992-1997، وهى سنوات واقعة بالفترة التى تقلد فيها الرئيس الإيرانى الراحل هاشمى رفسنجانى السلطة (1989 ـ 1997).

تفاصيل العمليات الإرهابية

وتشمل العمليات التى مولتها إيران ودعمتها بالتدريب والمال والسلاح إطلاق الرصاص الحى واستهداف المركبات العسكرية ومراكز الموظفين العسكريين وجرائم أخرى من بينها اغتيال الموظفين العسكريين والجنود والموظفين فى الأجهزة الأمنية والسياسية، وفقا للفيلم.

وتنفى إيران باستمرار ضلوعها فى إشعال الحرب الأهلية فى طاجيكستان، وأصدرت السفارة الإيرانية فى دوشنبه بيانا قالت فيه: "الادعاءات المطروحة فى هذا الفيلم من قبل أشخاص مسجونين، نقلا عن أشخاص ليسوا على قيد الحياة، لا يمكن أن يكون لها مصداقية".

صورة من الحرب الأهلية فى طاجيكستان بالتسعينيات

كما اتهم الفيلم الوثائقى إيران بتمويل عمليات قتل سياسى وتوجيهها، ما يعد أحد فصول التوتر الشديد بين طاجيكستان وإيران بعد اتهام دوشنبه ديبلوماسيين إيرانيين بممارسة نشاطات مفرطة على أراضيها.

عين على حزب النهضة الإسلامى

وورد فى الفيلم الوثائقى الذى أعلنت وزارة الداخلية الطاجيكية أنها شاركت فى تصويره، أن طهران كانت مهتمة بإثارة حرب أهلية فى البلاد، وقدّمت مساعدات مالية لحزب "النهضة الإسلامى" فى طاجيكستان ودربت مسلحين مرتبطين به على الأراضى الإيرانية.

ويظهر الفيلم ثلاثة من الإرهابيين المدانين الذين ينتمون للحزب الإسلامى، ويعترفون بتنفيذ اغتيالات شملت ساسة وشخصيات عامة، وشن هجمات على قاعدة عسكرية روسية بين عامى 1994 و2000، مؤكدين أنهم تلقوا تدريبا فى إيران وتمويلا منها.

السفارة الإيرانية فى طاجيكستان

واعترف أحدهم بأنه سافر إلى الجمهورية الإيرانية الإسلامية عام 1995 للتدريب العسكرى، وذلك من دوشنبه إلى عشق أباد ومن عشق أباد إلى إيران، وتلقى تدريبا برفقة 200 شخص طاجيكى فى مدينة قم وكركان وأنه عاد إلى طاجيكستان عام 1997 وقام برفقة زملائه بتنفيذ مخطط عن طريق من قال إنه "الحاج حليم" لاغتيال مثقفين وعلماء دين فى طاجيكستان.

تحديد هويات الإرهابيين

وتعد طاجيكستان إحدى الدول الثلاث الناطقة بالفارسية إلى جانب إيران وأفغانستان، لكن أهلها يكتبون الفارسية بحروف لاتينية على غرار اللغة التركية الحالية، وتعتبر إيران هذه الدولة إحدى مناطقة النفوذ الحيوى لها.

وأوضح الفيلم أن الجهات الأمنية الطاجيكية، لاسيما وزارة الداخلية، نجحت فى تحديد هويات عدد من النشطاء فى الجماعات الإجرامية الخطيرة، وتمكنت بعد تقنين الإجراءات من إلقاء القبض عليهم جميعا.

ولفت الفيلم إلى أن زعيم الجماعات الإرهابية التى قامت بتلك العمليات هو عبد القادر عبد الله الملقب بـ"روستم ناركى" وهو من مواليد 13 يوليو 1967 ومتزوج ولديه ثلاثة أبناء، فضلا عن مساعده تغاى مراد أشرفوف الملقب بـ"على" وهو من مواليد 2 سبتمبر 1970 ومتزوج ولديه 4 أبناء.

خطة الانتقال من دوشنبه إلى طهران

وقال عبد القادر عبد الله فى الفيلم: "مكثنا فى كابول لمدة شهر وعندما اكتملت المجموعة توجهنا بالطائرة إلى الجمهورية الإيرانية الإسلامية، ومن هناك أخذونا لمدينة مشهد عاصمة محافظة خراسان رضوى ومكثنا فى فندق لليلة واحدة وتوجه السيد عبد الله نورى وزعيم حزب النهضة الإسلامية إلى مكان آخر وفى الصباح توجهنا إلى طهران".

لقطة من الفيلم

وأظهر الفيديو زعيم التنظيم بينما يمثل ما فعله من جرائم قتل واستهداف للعسكريين فى مواقع الجرائم كما تمت بالفعل، ويظهر فى ظهره أحد الجنود الطاجيك الذى يربطه معه بقيد حديدى خشية الهرب أو الفرار.

ولدى صناع القرار فى إيران طموح شديد لضم طاجيكستان أو جعلها إحدى الدول التى تدور فى فلك طهران على غرار دمشق وبغداد، ما يفسر إثارة الفوضى من جانب مؤسسات الدولة الإيرانية فى الجمهورية السوفيتية المستقلة حديثا، وهو ما تواجهه الحكومة فى دوشنبه بحزم بالغ.