مضطربو الهوية الجنسية.. عندما نسمع ذلك المسمى نجد المجتمع يبادر بجلد كل ما هو غير مألوف ومحاسبة الرجل والمرأة على واقع ليس لهم به يد، مما يجعل الآباء والأمهات يشتركوا بجريمة قانونية وأخلاقية بالغش والتدليس وتزويج الشاب، وهو ليس ذكرا طبيعيا يصلح أن يكون أب وزوج، أو التخلص من الفتاة وهم يعلمون إنها ليست كأنثى طبيعية تنجب له الأولاد ويستمتع بها زوجها .
زواج مضطربى الهوية الجنسية خلال"2016-2017"
ومن خلال دفاتر محاكم الأسرة نكشف عن الأرقام التى رصدت ظاهرة زواج مضطربى الهوية الجنسية ومأساة أزواج وزوجات ارتبطوا وهم لا يصلحون للزواج وقاموا بالغش والتدليس وإخفاء، ذلك عبر التلاعب فى الشهادات الصحية التى تكشف سلامتهم عبر رصد ما يقارب عن 2350 دعوى وقفوا خلال عامى 2016_2017 بحثا عن حل، وانقسمت الأرقام بين 650 دعوى طلاق للعيب، و1700 دعوى غش وتدليس بعقد زواج.
كارثة اختبارات التأكد من سلامة الأزواج جسديا ونفسيا لإتمام عقد القران تؤكد أنها "حبر على ورق"
الكشف الطبى المعتاد الذى يتم للتأكد من سلامة الأزواج جسديا ونفسيا ما هو إلا "حبر عن ورق" على حد وصف الخاضعين له، فعبر رصد تجربة أزواج قاموا بتلك الاختبارات الخاصة بإتمام عقد القران، قال "هانى.م" المتزوج بتاريخ 9 يناير بـ2017: "وقت التحضيرات للزفاف، كنا نواجه ضغطا وليس لدينا وقتا، وكانت بتظهر ألف حاجة مهمة لازم ننجزها، والخلافات بينى وبين خطيبتى كترت، علشان كدة أنا أخذت صورها وبطاقتها وعملته من غير الخضوع لأى كشف".
كما أكدت "نهى.فواز" وهى إحدى المتزوجات بعام 2016: "تزوجته دون إجراء كشف طبى، وخلصنا الليلة من غير ما نروح المستشفى".
ويرصد "اليوم السابع" حالات تكشف معاناة مضطربى الهوية الجنسية أمام محاكم الأسرة.
إبراهيم: "أخدت أكبر مقلب فى حياتى".. وزوجته ترد: "عاقبونى بالحبس وقالولى هتموتى ويموت سرك معاكى"
وفى نفس السياق تمتم الزوج "إبراهيم متولى" بكلمات غير مفهومة بعد أن أخذ أكبر مقلب فى حياته، على حد وصفه، وتساءل ماذا يفعل فى هذه المصيبة التى لم تخطر على باله، لتبدأ زوجته "سهير خالد"، الرد على اتهاماته أمام محكمة الأسرة بإمبابة بالغش والتدليس بعقد الزواج وببطلانه قائلة: "عشت 26 عاما مظهرى الخارجى أنثى، ولكن داخليا شعورى ذكر ولا أستطيع التصريح لوالدتى بسبب تعنيفها وضربها لى ورفضها ميولى وتصديهم لمحاولتى الذهاب للطبيب بالحبس والإجبار لكتم سرى، قائلين لى هتموتى ويموت سرك معاكى".
وأكملت: "أجبرونى على الزواج من مصطفى ومن هنا بدأت سلسلة عنف أخرى ضدى من قبل زوجى، الذى امتنعت عنه فاتهمنى بسوء سلوكى، وعندما علم بوضعى عاملنى وكأنى مصابة بوباء، رغم أننى ليست لى يد فى وضعى".
سعدية: "باعونى لمدمن قال لى انتى مسخ وجرجرنى على قسم الشرطة"
وتأتى هنا حكاية الزوجة سعدية عبد النعيم تلك الفتاة التى عاشت طوال 44 عاما دون زواج "عانس" كما كانت تناديا والدتها دائما، وما صرحت به بدفاتر محكمة الأسرة بمصر القديمة، وهى تواجه دعوى بطلان عقد الزواج وتروى قصتها قائلة: "أمى أجبرتنى على ترك المدرسة بعد البلوغ وقالت لى هفضحك، ومنذ ذلك الوقت وأنا وحيدة، جميع أشقائى عاشوا حياتهم وتركونى فى غرفتى بين أربع جدران أحدث نفسى" .
وتابعت الزوجة: "باعونى لرجل مدمن، رغم علمهم بأننى لا أصلح للمعاشرة الزوجية، وكانت الكارثة رد زوجى قال لى- أنتى مسخ وجرجرنى على قسم الشرطة، لإثبات الحالة وبدأت الفضائح، وأكد الزوجة: "كل الناس ووقتها تنصلوا منى حتى أشقائى ورفضوا مساعدتى".
زوجة: "وقعت فى زوج لديه خلل فى الهوية يشبهنى ولكن بجسد رجل"
وتتشابه مئات القصص، لأولئك الأزواج أمام محاكم أسرة وهم يحاكمون بتهمة الغش والتدليس ويرددون جميعهم عبارة "ملناش ذنب احنا ضحايا ومضطرين"، ومن تلك القصص الزوج عادل صفوان، الذى عاش طوال سنوات يناشد تخليصه من هذا الكابوس، الذى يعيش فيه مما دفعه لمحاولة الانتحار، ولكن أسرته كانت تتصدى له ليقف أمام محكمة أسرة بالوايلى تطلب زوجته الخلع منه.
وقالت "حميدة ناصر" أمام محكمة الأسرة: "زوجى مات واضطررت للزواج لكى أعيش أنا وابنتى ولكنى وقعت فى زوج لا أعلم علته تجنبنى منذ أول يوم زواج، لأعلم بعدها أن مضطرب الهوية يشبهنى ولكن بجسد رجل".
وقال الزوج المعلول وهو يقص أمام مكتب التسوية حكايته: "قضيت عدة سنوات وأنا أعانى نفسيا من تلك المشكلة وخضعت للكشف الطبى محاولا تصحيح، التى ولكن أهلى كانوا لى بالمرصاد هددونى خوفا من عدم تقبل معارفنا بحالتى".
مختص: اكتشاف تحايل أحد الطرفين فى عقد الزواج يترتب عليه بطلانه
ومن هذا المنطلق حرصنا على توجيه جميع الأسئلة التى يمكن أن تدور فى هذا الشأن، وبالأخص ما هو الموقف القانونى للشخص، الذى وقع فى فخ الزواج من "مضطرب الهوية الجنسية"، هل يحق له طلب فسخ هذا العقد واسترداد جميع مستحقاته الناشئة عن هذا الفسخ؟ ويجيب خالد المصرى المحامى قائلا: "الفسخ يعد نقضا للعقد من أصله وسببه عدم إمكانية استمرار العلاقة الزوجية، حيث يتضح أن هناك حالة تعيب الزواج، فعقد الزواج قائم على حل المتعة وإذا استحالت هذه المتعة فإن عقد الزواج يفقد هذه الصفة، التى هى السبب الرئيس فى الزواج.
وتابع المحامى: "قانون الأحوال الشخصية لسنة 2000 ينص على أنه يجب أن يكون العيب الذى بأحد الزوجين مستحكما، ومن العيوب المنفرة أو الضارة، أو التى تحول دون الاستمتاع ويستعان بأهل الخبرة فى معرفتها، كما يسقط الحق فى طلب الفسخ إذا علم بالعيب قبل العقد، أو رضى به صراحة، ويستثنى من ذلك حق الزوجة فى طلب الفسخ بسبب عيوب الرجل التى تحول دون الاستمتاع سواء كانت أصلية أو طارئة ولو رضيت بها صراحة، وهنا نجد المحكمة إذا كانت العيوب غير قابلة للزوال تفسخ الزواج فى الحال، وإن كان زوالها ممكنا تؤجل القضية مدة مناسبة يحددها أهل الخبرة من الأطباء فإذا لم يزل العيب خلالها حكمت المحكمة بالفسخ.
وتابع المصرى: "إذا كان هناك بعض الحيل وقعت من قبل أحد الطرفين، وهى أهل الزوجة فى هذه الحالة فإن العقد يكون قد تم عن طريق التدليس، وكانت هذه الحيل من الجسامة، بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثانى العقد وفى مثل هذه الحالة عندما يكتشف الزوج أن زوجته كانت مصابة بأحد الأمراض، أو العكس يبدأ سريان مدة الحق فى إبطال العقد أو فسخه ثلاث سنوات من اكتشاف الخطأ أو التدليس.