عقب اندلاع الانتفاضات العربية وصعود الإسلاميين إلى السلطة فى عدد من البلدان العربية، تصاعد الجدل حول طبيعة الدولة فى الإسلام بالمقارنة مع نظيرتها فى الغرب الحديث، وواجهت الفرضيات التقليدية التى تنظر إلى التغيير السياسى فى بلاد الإسلام وفى كل مكان خارج الغرب، باعتباره تقليدا لنموذج مقتبس عن المجتمعات الصناعية الغربية، أزمة كبيرة؛ إذ وضع الصعود إلى سدة الحكم الإسلاميين أمام تحديات جسيمة تتعلق بتصوراتهم النظرية السابقة عن طبيعة الحكم والسياسة فى الدولة الحديثة.
وفى كتاب "الدولتان.. السلطة والمجتمع فى الغرب وبلاد الإسلام" لـ برتران بادى ترجمة لطيف فرج، والصادر عن مدارات للأبحاث والنشر، يناقش هذه القضية ويبحث عن أصل مفهوم الدولة عند كل من الغرب والشرق.
وتقول مقدمة الكتاب إنه من أوائل الكتب التى حاولت الخروج من أسر تلك النظرة الاستشرافية التقليدية للدولة فى الإسلام، محاولة الإبانة عن أوجه الاختلاف الأساسية بينها وبين الدولة الحديثة فى الغرب من خلال أدوات علم الاجتماع التاريخي.
كما ترى كلمة الغلاف أن كتاب ''الدولتان'' يهدف إلى سد ثغرة ضخمة فى معرفتنا بتاريخ الأفكار السياسية فى التاريخ الإسلامى والغرب الحديث مما يسهم فى إثراء النقاش السائد حاليا حول مسائل الدولة والسياسة والحكم فى عالمنا العربى والإسلامي.
ويرى الكتاب أنه "كان هناك تعجل فى النظر إلى القرون الوسطى على أنها مرحلة ثبات، بل وجمود، بينما تفرض هذه الفترة نفسها اليوم على العالم الغربى، وفى العالم الإسلامى على أنها عهد يتميز بالابتكار السياسى، ففى خلال هذه القرون برز فى الغرب حيز مستقل للنشاط السياسى، كما ظهر توتر بين الجماعة والفرد أحدث تجديدا عميقا، بينما تكون فى بلاد الإسلام نموذجا امبراطوريا تمثل مؤسساته وأبعاده فى حد ذاتها تحديا موجها إلى القوالب السياسية، التى سبق أن عرفها ووصفها مؤسسو الحضارة الإسلامية، ومن هذين النظامين الجديدين للنشاط السياسى برزت اختلافات بل وتناقضات سمحت بتحديد أفضل لهوية كل من النموذجين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة