البيتكوين .. وخدانا على فين؟
فى المرة الأولى التى سمع فيها الإنسان عن التسجيل أو التليفزيون أو أى اختراع حديث، كان هناك العديد من الأسئلة حول طريقة عملها وهل سيكون لها أهمية فى المستقبل وعدة شكوك حول نية مطورها.
وعندما تطورت التقنيات أكثر وظهر الهاتف والأيباد والأجهزة ذات الشاشات التى تعمل باللمس والمليئة بمئات من التطبيقات المختلفة القادرة على دفعك لتستغنى عن مجموعة كاملة من الأجهزة، اعتقد البعض أن هذا قمة التكنولوجيا ولا يمكن الوصول إلى أبعد من ذلك.
ومنذ عشر سنوات، ربما لم يكن أحد ليصدق فكرة التعامل بعملة غير مرئية، لا تخضع لضوابط حكومية ولا وجود لها خارج الإنترنت، فظهرت عملة البيتكوين الافتراضية، وقابلها العالم أيضا بالإنكار والتهميش والسخرية، فمن سيستبدل العملات الورقية فى يده بشىء افتراضى على الإنترنت، وكيف سيؤثر شىء غير ملموس على مستقبل العالم؟
bitcoin
ما العلاقة بين البيتكوين والذكاء الاصطناعى؟
تتفق المخاوف على أن كليهما يهدد استقرار المستقبل البشرى، فالبيتكوين ينذر بانقراض النظام المالى التقليدى، بينما قد يكون الذكاء الاصطناعى بديلًا عن كثير من العناصر البشرية فى المستقبل، كلاهما أيضًا يحتوى بداخله نظامًا معقدًا يصعب على كثير من العقول حاليًا استيعابه لدرجة الإنكار، فمن من البشر الحاليين يمكنه التصديق أن يستبدل النقود التى تعود عليها لسنين مضت بعملة إليكترونية لا تستطيع لمسها بيديك، مثلما لا يصدق أحد أن مئات الوظائف فى المستقبل ستلغى لصالح روبوتات وأنظمة ذكية تعمل عن بعد.
حالة الإنكار هذه تتكرر كل عدة عقود كلما ظهر اختراع أو تكنولوجيا جديدة تلغى أدوات من الماضى، وهذا هو صلب العلاقة الوثيقة بين البيتكوين والذكاء الاصطناعي، وما إذا كان انتشار الحديث عنهما خلال هذه الفترة يعنى إمكانية تحالفهما لتشكيل المستقبل، فلم يتطرق أحد حتى الآن إلى إمكانية ابتكار الخبراء والمتخصصين فى مجال الذكاء الاصطناعى لآلات فائقة الذكاء والتطور قادرة على تعدين عملات البيتكوين التى لا تحتاج لطرق سك العملة التقليدية، بل تعتمد على مجموعة من العمليات الحسابية التى تجريها أجهزة الكمبيوتر للتكاثر، فتمكن هذه الآلات من إنتاج العملات ببساطة، والتخلص من واحدة من المشاكل التى تؤرق وتشغل بال الكثيرين حول القدرة على إنتاج هذه العملة فى حال التصديق عليها واعتمادها.
ذكاx اصطناعى
ومن يدرى ربما تكون الصين الكيان الداعم للبيتكوين منذ سنوات طويلة، والتى كانت من أوائل المؤيدين للذكاء الاصطناعى والمعتمدين عليه فى شتى المجالات، هى العقل المدبر الذى يسعى لاستغلال كل من البيتكوين والذكاء الاصطناعى لابتكار عملة موحدة والتغلب على الدولار واليورو وغيرها من العملات الدولية الأخرى، التى تتحكم فى الاقتصاد العالمى منذ سنوات، وتعطى لأوروبا السيطرة الكاملة على مستقبل الكثير من الشعوب والكيانات.
فمن الممكن أن يكون الذكاء الاصطناعى هو الحل الذى توصلت إليه الصين لضمان شرعية هذه العملة الافتراضية التى لا وجود مادى لها.
الخوف وتهديد البشر عاملان مشتركان بين البيتكوين والذكاء الاصطناعى
ومثلما تشترك عملة "البيتكوين" و"الذكاء الاصطناعى" فى أن كلا منهما مجهول ويتم مهاجمته وإنكاره، يشتركان أيضا فى المخاطر الواسعة التى يحملانها فى طياتهما، فالعالم يخشى من "البيتكوين" لعدة أسباب، أولها أنها عملة متقلبة ولا يمكن توقع مستقبلها أو سعرها ومن يستثمر فيها عليه أن يتقبل كافة المخاطر المصاحبة لها، ثانيا هو أنه يتم التعامل بها على الإنترنت وهو ما يجعلها معرضة للاختراق من قبل القراصنة، وهو ما يعنى أنها ستعرض مستخدميها إلى عمليات الاحتيال وسيصعب محاسبة أى شخص عن عمليات الاحتيال أو النصب أو حتى عمليات القرصنة الإلكترونية.
الأخطر من ذلك هو انهيار اقتصاد الدول، فإذا نظرنا إلى تحويلات العاملين سنرى أنها ستتأثر، حيث تقدر رسوم تحويل العملات مثل اليورو والدولار إلى بيتكوين بـ 1%، أما تحويلات البنوك العادية فتقتطع رسوم من 3% إلى 8% من المبالغ المحولة، ونتيجة لانخفاض رسوم البيتكوين فتحويلات العاملين بالخارج فى جميع الدول ستتأثر سلبيا نتيجة لجوء العديد من الأفراد إلى تحويل رواتبهم إلى بيتكوين مما سيؤثر بالسلب على اقتصاديات الدول.
عملة افتراضية
أما الذكاء الاصطناعى فيمثل تهديدا مباشرا ليس فقط لوظائف البشر بل لبقائهم بالكامل، فمع اعتماد الشركات والمصانع والجهات المختلفة بشكل متزايد على الآلات المدعومة بالذكاء الاصطناعى الذى يعمل بدقة وإنتاجية أعلى من البشر، أصبح هناك توقعات بفقدان الملايين لوظائفهم، كما أن هناك تقارير تناولت مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعى فى تطوير روبوتات قاتلة يمكنها التفكير ومواجهة البشر فى المستقبل والقضاء عليهم.
وعند النظر من الخارج قد تعتقد أن المخاطر لا تتشابه، بل إذا ركزت جيدا ستجدها واحدة، فإذا كانت عملة البيتكوين ستجبر الدول على تغيير سياستها الاقتصادية وطريقة عملها لمواكبة التكنولوجيا الحديثة، فالذكاء الاصطناعى سيجبر أيضا الدول الشركات على تغير سياستها التشغيلية، وسيضطر البشر إلى البحث عن وظائف تلائم التطور الذى سيحدثه هذا النوع من الذكاء.
وإذا كان الذكاء الاصطناعى يمكنه القضاء على البشر وسرقة مصدر رزقهم، فالعملات الافتراضية تهددهم بالإفلاس حال قرصنتهم أو انخفاض قيمتها من يوم لآخر.
البيتكوين بتتعمل إزاى ؟
وصفها مؤسسها بأنها نظام نقدى إلكترونى يعتمد فى التعاملات المالية على مبدأ الند للند Peer-to-Peer، وهو مصطلح تقنى يعنى التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط.
فى البداية عليك أن تعلم جيدا كيف يتم إنتاج هذه العملة، خاصة وأنها غير مادية ولا يمكن طبعها، إذ يتم إصدارها من خلال عملية تحمل اسم "التعدين"، وهى عملية معقدة تعتمد فى الأساس على جهاز المستخدم، الذى يتم ربطه مع مجموعة من الأجهزة حول العالم لتقوم بفك مجموعة من الشفرات.
التعدين
ويمكن شرح الأمر بشكل مبسط، أنه عند قيام شخص ما بتحويل عملات "بيتكوين" لشخص آخر، فإن خوارزمية البيتكوين تقوم بتشفير عملية الإرسال بشكل معقد، ثم ترسلها لأجهزة من يقومون بالتعدين لمحاولة فك هذه الشفرة لإتمام عملية تحويل العملات والمحافظة على أمن وسلامة العملية، وفى نفس الوقت يحصل الشخص الذى قام بالتعدين على مقابل بسيط من عملات البيتكوين مقابل ما قام به جهازه من فك للشفرات.
مستقبل البيتكوين
مستقبل البيتكوين قد يكون واعدا للغاية، خاصة مع بداية تقبل حكومات العالم لها، وتفكير بعض الدول فى إنتاج بدائل أكثر تنظيما من العملات الافتراضية، إذ تقول التقارير إن هناك انتشارا كبيرا لمسألة تعدين البيتكوين فى الصين بصورة كبيرة، وهناك الكثير من المدونات والمواقع الصينية المتخصصة فى هذا المجال والتى تعطى الأسرار والطرق الجيدة وتساعد الناس على صناعة الثروة من خلال هذه العملية.
وهناك مسئول فى البنك المركزى المصرى قال إن البنك يعد فى الوقت الحالى دراسة متكاملة لإمكانية إصدر تشريع أو قانون خاص يتيح تداول العملات الإفتراضية أو الرقمية، وأبرزها "البيتكوين" والاعتراف بها كمنتج مالى فى المعاملات المالية والمصرفية، كما يعتزم مصرف "جولدمان ساكس" نفسه البدء فى التعامل بالعملة الافتراضية، وهذا وفقا لتقرير من "سكاى نيوز"، وتعد ألمانيا من أوائل الدول التى اعترفت رسميا بعملة بيتكوين بأنها نوع من النقود الإلكترونية.
البورصة
ولكن المستقبل لن ينحصر عند هذا الحد، خاصة وأن بعض الخبراء يعتقدون أن مع التدخل الحكومى فى هذه العمليات ستنهار فقاعة هذه العملة وستفقد قيمتها الكبيرة التى تتمتع بها حاليا، وقال كينيث روغوف، أستاذ السياسة العامة والاقتصاد بجامعة هارفارد وكبير الخبراء الاقتصاديين سابقا بصندوق النقد الدولى، إن الحكومات لن تسمح للناس بإجراء معاملات مالية ضخمة من خلال طرق لا يمكن تتبع أطرافها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة