فى كتاب الأخوة الأعداء: العلاقات اليمنية ـ الخليجية (1990ـ2010) لـ أحمد محمد أبو زيد، والصادر حديثًا عن دار العربى للنشر والتوزيع، محاولة لقراءة مستقبل العلاقات اليمينة ـ الخليجية، وتفنيد للدعاوى القائلة بانضمام اليمن لعضوية منظمة دولة مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ناحية، وسبر أغوار تأثير حروب الخليج الثانية والثالثة (1990ـ2003) على العلاقات الاقليمية فى النظام الإقليمى الخليجى مع التشديد على علاقاتها مع دولة اليمن.
كما إن الكتاب محاولة لمتابعة الجدل النظرى القائم بين المدرسة الواقعية الجديدة والليبرالية المؤسسية الجديدة حول تأثير الحروب على العلاقات الإقليمية بين الدول من جانب، والدور الذى تلعبه المؤسسات الدولية فى التأثير على سلوكيات الوحدات الدولية (الدول القومية) وطريقة تفاعلاها وتحركها فى بيئة النظام الدولى بعد الحروب الكبرى (دولية كانت أو إقليمية) تجاه الوحدات الدولية الأخرى.
وفى الكتاب ينطلق أحمد محمد أبو زيد، المتخصص فى العلاقات الدولية فى جامعة أبردين باسكتلندا، ومدير الأبحاث بالمعهد الدولى للدبلوماسية الثقافية فى دولة الإمارات العربية المتحدة، من فرضية محتواها "أنه من المرجح ألا ينضم اليمن لعضوية منظمة دول مجلس التعاون الخليجى، لتزايد احتمالات تهديده لدول المنظمة عن منافعه التى قد يجلبها لهم"، ومن ناحية أخرى فإن الانضمام لعضوية هذه المؤسسة محتمل جداً من منظور المدرسة الليبرالية المؤسسية لوجود العديد من مؤشرات التقارب القيمى ووجود العديد من المعايير المشتركة (اللغة، الثقافة، العقيدة، التاريخ) بين اليمن وباقى دول المنظمة، وتزايد معدلات التبادل التجارى والاعتماد المتبادل بين الطرفين، والفيصل فى تحديد نتيجة هذا الجدل (النظري) هو السياسات (العملية) التى سوف تتبناها دول مجلس التعاون الخليجى تجاه اليمن فى المستقبل، وهو الاختبار الحقيقى لأى أطروحات نظرية.
فى هذه الكتاب، يبحث المؤلف أثار هذه الحروب (حروب الخليج الثانية 1990-والثالثة 2003) فى التأثير على علاقات دول منظمة مجلس التعاون الخليجى تجاه دولة اليمن، وما الدور الذى تلعبه المنظمات الدولية (منظمة مجلس التعاون الخليجى للدول العربية) فى عالم ما بعد الحرب فى التقريب أو التباعد بين الدول الأعضاء بها والدول المجاورة لها متخذاً من المنظور الواقعى الجديد كمنهج تحليلى.
ويقول المؤلف إن منظمة دول مجلس التعاون الخليجى (كمثال على المنظمات الدولية ذات النطاق الإقليمى) لم تنجح فى الاستمرار والبقاء طوال أكثر من ربع قرن إلا لاعتبارات واقعية تقول بأن بقاء أى مؤسسة دولية يرجع بالأساس إلى اعتبارات أمنية وعسكرية (دفاعية بالذات)، وليس كما يروج الليبراليون المؤسسيون الذين يؤكدون أن نجاح المنظمات الدولية يرجع بالأساس إلى كبر حجم معدلات الاعتماد المتبادل والتبادل التجارى والقيم والمعايير المشتركة، والميل والتركز على تحقيق المكاسب النسبية أكثر من السعى نحو تحقيق المكاسب الكلية. فالمنظمات الدولية قد تساعد على تقليل احتمالات اندلاع الحروب والصراعات لإسهامها فى تقييد السلوك الخارجى للدول الأعضاء بها. وهو ما يجعل من احتمالات انضمام اليمن لعضوية مجلس التعاون ممكنة.
وأضاف أبو زيد، بأن العلاقات اليمنية ـ الخليجية معقدة للدرجة التى تجعل من الصعب اختزالها فى ثنائيات مثل التقارب أو الابتعاد، التعاون أو الصراع، بقدر ما هى تجسيد لمفهوم حديث التداول فى أدبيات السياسة الخارجية والدراسات الاستراتيجية يدعى "الأعدقاء Frenemies"، الذى عادة ما يستخدم للإشارة إلى نوع معين من العلاقات تتسم باحتوائها على مزيج مختلط ومعقد من مشاعر الصداقة والعداوة فى الوقت ذاته، فبينما دأبت دول مجلس التعاون الخليجى على الإشادة بالنظام السياسى اليمنى وتقديم المساعدات والمعونات الاقتصادية والإنسانية لليمن، إلا أنها وفى ذات الوقت لم تتوان عن إبعاده وإقصائه على قدر المستطاع عن الانضمام لعضوية منظمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية على الرغم من كافة الوعود التى يتم إطلاقها منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة