نستطيع أن نلاحظ، فى الفترة الماضية، كثرة الحديث عن أزمة يواجهها النقد الأدبى، وتراجع حركة الإبداع النقدى، وقلة النقاد الجيدين.
ونلاحظ أيضًا الحديث الدائر داخل الدوائر الأدبية والثقافية، عن أزمة النقاد، وغياب الموضوعية فى نقد الأعمال الأدبية، وضعف تقييمه أدبيًا، مثل تصريحات للكاتبة نوال السعداوى، عن عدم وجود حركة نقد حقيقى، وأخرون رأوا مثلما رأت "السعداوى" فى ضعف حركة النقد، فهل يعانى النقد فى مصر أزمة تراجع، وهل غاب الناقد الأدبى المبدع عن الساحة؟.
حسين حمودة: بعضه يعانى غياب المعايير
وأوضح "حمودة" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن من ضمن المشكلات العامة التي يواجهها النقد فى ثقافتنا وفى الثقافة الغربية هى ما أسماه بـ"عزلة النقد داخل الدوائر الأكاديمية"، وصعود "النقد الصحفي" السريع أو المتسرع أحيانًا.
وأشار الدكتور حسين حمودة، إلى أن هناك غيابًا للمعايير النقدية، وهناك مشكلات أخرى يواجهها النقد العربى، منها صعوبة المصطلحات التي يتم استخدامها أحيانًا، وعدم وضوحها وعدم الاتفاق حول معانيها أحيانًا، فضلاً عن عدم توفر منابر نقدية كافية ومناسبة للدراسات النقدية التي تتجه إلى "القارئ العام" غير المتخصص.. إلى آخر المظاهر التي يمكن أن نرصدها حول المسافة القائمة بين الإبداع والنقد العربيين.
وأكمل "حمودة": "نعم.. الإبداع الأدبي العربى حاضر ومزدهر فى مجالات عدة الآن.. نعم النقد العربى عن هذا الإبداع غائب فى هذا الزمن الراهن لأسباب معروفة والمشكلات واضحة، وتجاوز المشكلات رهن بتغيير أو بتجاوز أسبابها".
مروة مختار: لا ننكر وجود قراءات تميل للاستسهال
وأضافت "مختار": "مصر جزء من العالم ومن ثم فالحالة النقدية ليست معزولة عن السياق الذى نحياه، ومسألة مقارنة جيلنا بجيل سابق أسس مدارس نقدية فى مصر ليست دقيقة وأراها تطرح بشكل ساخر وجائر.
وأشارت الدكتور مروة مختار، إلى أن يمكننا أن نقول إن الحركة النقدية غير مواكبة لحركة الإبداع فى مصر وأن حركة الإبداع سبقتها بسبب تعدد منافذ النشر الخاص والحكومى والإلكترونى وفى المقابل لن تجد النقاد يتابعون هذه الحركة بشكل دائم ودورى، فعدد كبير منهم ركز فى العمل الأكاديمى واحتمى بالنصوص الكلاسيكية أو الحديثة المستقر عليها نقديًا بسبب الإشراف العلمى أو طبيعة أبحاث الترقية العلمية.
وأكدت مروة مختار أن عدد آخر حاول أن يجمع بين الاثنين حتى هذه الفئة منهم المتابع بشكل مستمر ومنهم المتابع بشكل متقطع، وهناك نقاد لا ينتمون للمؤسسة الأكاديمية يمارسون النقد بحرفية عالية وحرية يفتقدها بعض من عملوا فى المؤسسة الأكاديمية، موضحًا أنه لكى تواكب دور النشر زخم الأعمال الإبداعية وتواليها أصبحت تلجأ لآراء القراء فمن وجهة نظرها نهم الجمهور الحقيقى لا النقاد.
ولفتت أستاذ الأدب بالجامعة الأمريكية، إلى أن وجه آخر للمسألة هو أن لغة الكتابة النقدية فن، أنت تكتب وفى عقلك ووجدانك شرائح التلقى فلا تتعالى عليهم بحشد المصطلحات فى غير موضعها أو بمستوى كتابة لا يتناسب معهم فلكل مقام مقال، وقد تكون آفة الاستسهال غلبت على بعض الكتابات النقدية.
وأتمت الدكتورة مروة مختار: "فى مصر نقاد يعملون بجد واتقان ومثابرة وهناك جيل تال يتقدم ويتحقق تدريجيا، نشهد نجاحاته هنا وهناك، وأخيرًا فإن من ينشغل بعمله لن يلتفت لتصنيف من حوله لكنه سيسعى جاهدًا أن يطور نفسه ومن حوله ليعالج السلبيات التى يراها".
جرجس شكرى: نقد المسرح انفصل عن الواقع
وأضاف "شكرى" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الحركة الإبداعية ومنها النقدية، شهدت فى الماضى ازدهارا كبيرا بسبب وجود مبدعين اهتموا بالواقع، بينما الآن الإبداع انفصل عن واقعه، وأصبح هناك نخبة تكتب وتهتم بطريقة الكتابة الجمالية، وتهتم بالمدارس مثل البنوية والأسلوبية بعيدًا عن الأهتمام بقضايا الواقع.
وأشار الناقد المسرحى جرجس شكرى، إلى أن العالم يمر بمرحلة انتقالية غير مستقرة، على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وهو ما يؤثر بالتاكيد على الإبداع، ولا يخلق حركة إبداعية مستمرة.
وأوضح "شكرى" أن التغيير فى مثل هذه الظروف يكون معتمدًا على الزمن والمتغيرات، التى قد تطرأ على العالم، ولا أحد يستطيع وضع حل لذلك.
أحمد حسن عوض: النقاد المميزون لا يتجاوزون أصابع اليد
وأضاف "حسن" وفى الوقت نفسه إن عدد النقاد القادرين على استخراج الجماليات الجديدة، يكاد لا يتجاوز أصابع اليدين، بالإضافة إلى أن النقد فى معظم أنشطته المتنوعة يكاد يدور حول أسماء بعينها تنال حقها من الدرسة والمتابعة والبحث والناس بشكل عام يفضلون السير فى الطرق الممهدة على التوجة لطرق جديدة وخوض تجربة مبتكرة.
وتابع الناقد أحمد حسن عوض: "فضلا عن أن أغلب الباحثين الذين يعملون فى الماجستير والدكتوراه ويعملون فى حقل الأدبى، لا يمتلكون الأدوات الكافية لتحليل الأعمال الإبداعية بالإضافة إلى تفضيلهم الدوران حول موضوعات بعينها قتلت بحثا، ونالت حقها من النقد يد نقاد كبار.
وأتم "حسن": ولا يعنى هذا أن نفقد الأمل فدائمًا ما تفاجئنا الحياة الثقافية بنقاد جدد قادرين على سد الفراغ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة