"السند المزيف" ترصد فساد الدولة والدين فى المجتمع الروسى

الثلاثاء، 16 يناير 2018 12:00 ص
"السند المزيف" ترصد فساد الدولة والدين فى المجتمع الروسى غلاف الرواية والمترجم يوسف نبيل
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انطلاقًا من المثل الشعبى الشهير "الدنيا أوضتين وصالة" يكون لنا أن نقرأ رواية "نوفيلا" "السند المزيف" للكاتب الروسى الشهير ليو تولستوى، والصادرة حديثا عن سلسلة الجوائز بالهيئة العامة للكتاب ترجمة يوسف نبيل.

بعدما تنتهى من الرواية سوف تدرك أن "السند المزيف" هو البطل الفعلى للرواية، فهو المحرك الذى حدد مصائر جميع شخصيات، سواء كانت تنتمى إلى طبقة النبلاء أو الفلاحين أو رجال الكنيسة، فالأحداث داخل "النوفيلا" تدور بشكل دائرى مرتبطة بذلك السند، فمهما ابتعدت المسافات أو اقتربت بين الشخصيات فالجميع فى النهاية مرتبطب ذلك  السند، وقد تم كل ذلك دون أن يفقد المؤلف خيطًا من خيوط أحداثه.

والرواية تتحدث بشكل مباشر عن الفساد بكافة أوجهه فى المجتمع، سواء كان فسادا مجتمعيا متمثلا فى طبقة النبلاء وحالات الانتهازية والرشوة التى يقومون بها من أجل مظهرهم الاجتماعى، أم سواء من الليبرالى الذى يقدم  رشوة لإبعاد تهمة تزييف السند عن نجله، أو صاحب المكتبة الذى "يرشى" البواب ليشهد زورا بحق فلاح أبلغ عنه بسبب السند المزيف.

كما تناولت الرواية أيضا الفساد الدينى، والمتمثل فى شخصية "ميخائيل"، الراهب الذى لم يكن مقتنعا بالتعاليم التى يقوم بتدريسها، لكنه يظل فى ممارسة دوره كنوع من السلطة على الناس، وأيضا من خلال الكنيسة التى تقوم بمهاجمة كل من يبتعد عن الكنيسة حتى لو قام بالتعاليم الصحيحة للمسيح، وذلك لاكتسابها المال من رعاياها، وربما أيضا تجسد حالة السلطة الأبوية التى تمثلها المؤسسات الدينية على المجتمعات خصوصا فى القرى.

يقول عالم علم النفس الشهير سيجموند فرويد "الدين ينبع من عجز الإنسان فى مواجهة قوى الطبيعة فى الخارج"، وقد جسد المؤلف تلك المقولة من وراء التحول الذى طرأ على عدد كبير من الشخصيات، بتحولهم من أعمال الشر والقتل إلى الدين، إلى أعمال الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين ورفض القتل، وحتى القيصر الروسى، كما أن أول من دعا لتعاليم الدين الصحيح بعيدا عن الكنيسة كان خياط كسيح، وحتى "ستيبان" القاتل، لم يستطع الخروج من الأزمة النفسية التى انتابته إلا بعد آخر جريمة قتل إلا بالاتجاه إلى الدين.

كما أن المؤلف حاول تحليل الحالة النفسية لطبقة النبلاء، التى تبغض الفقراء، حتى وإن تظاهرت بعكس ذلك، عن طريق صاحب المزرعة الذى كان يعامل الفلاحين بطريقة عادلة، وما إن ما تعرض لحالة سرقة، حتى تعامل معاهم بشكل عنيف، معتبرا أنهم لا يصلح معاهم إلا "ضرب الكرباج".

ورغم ما يعرف عن "تولستوى" من كونه ينتمى لطبقة النبلاء، إلا أنه يبقى مناحزا بشكل كبير لطبقة الفلاحين والكادحين، وتبقى روايته "السند المزيف" التى نشرت بعد رحيله، حيث رحل فى ٢٠ نوفمبر ١٩١٠، أحد أهم كتاباته التى ربما توقعت وقوع الثورة الروسية قبل حدوثها بسبعة أعوام كاملة.

يبقى أن نشير إلى أن ترجمة المترجم يوسف نبيل، كانت جيدة، حيث اجتهد إلى حد كبير فى تقديم النص بحيث يشعر القارئ من خلالها وكأنه يقرأ عملا مكتوبا بالعربية، كما أنه كان حريصا على توضيح بعض المصطلحات والكلمات الصعبة وغير بالمعروفة بتوضحيها حتى يصير القارئ متعايشا مع الأحداث.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة