"أسيل" طفلة فى عمر الزهور لم تتجاوز العام والنصف، بدلا من أن تقضى أوقاتها بين أحضان والديها هاجمها طاعون العصر مرض "الضمور الشوكى" مبكرا، لتعيش على المحاليل الطبية فى انتظار الفرج أو لقاء ربها الكريم، منذ ولادتها تتردد أسرتها على المستشفيات لإنقاذ حياتها، يعتصر قلب والديها بالحزن والأسى الذين يشاهدونها على فراش المرض دون استطاعتهم علاجها، ويعيش ذلك الوجه الملائكى على جهاز التنفس الصناعى وتلقى غذائها بواسطة الخراطيم والمحاليل.
الوجه الملائكى الطفلة أسيل قبل مهاجمة المرض لها
"لا أتحمل أن أرى طفلتى راقدة على الفراش، كانت مصدر بهجة لنا فى الحياة، ملأت منزلنا بالسعادة والحب والاستقرار والشغف بالحياة، ولكن بعد مرور ٣ شهور منذ ولادتها تحولت حياتنا إلى جحيم، أصبحنا نعيش على أوتار الأمل المحاطة باليأس، الشعور الذى يحاصرنا الآن العجز والضعف ولا نستطيع فعل شىء سوى الدعاء"، بهذه الكلمات الحزينة المليئة بالشجن أطلقت الأم نهلة شلبى، صرختها المدوية بعد تدهور حالة أسيل بعد نحر المرض جسدها بمرض نادر وهو الضمور الشوكى، أفقدها التوازن والتحكم أو التحرك بشكل طبيعى.
الطفلة أسيل فى حاجة ماسة للعلاج بالخارج
تجدد أسرتها النداء مرة أخرى بالاستغاثة عبر موقع "اليوم السابع"، بعد طرق أبواب السادة مسئولى الصحة دون تلبية لرجائهم، وتقديم طلب العلاج على نفقة الدولة، للهيئة العامة للتأمين الصحى، نظرا للتكلفة العالية لعلاجها فى أحد المستشفيات بالخارج.
الطفلة أسيل
أضافت والدة الطفلة، نهلة شلبى، خلال حديثها لـ«اليوم السابع»، أن الحياة التى تمر عليها فى الوقت الحالى، صعبة للغاية بعد ظهور المرض منذ ولادتها، وباتت توزع وقتها واهتمامها على طفلتها الأخرى، بحيث لا تهمل شقيقتها إسراء 4 سنوات، ورغم ذلك تحرص على زيارة أسيل يوميا بمستشفى جامعة المنصورة، والسفر من مقر اقامتهم بالمحلة الكبرى إلى المنصورة للاطمئنان عليها ومتابعة حالتها.
الطفلة الرضيعة أسيل مع شقيقتها إسراء
وأوضحت أن علاج الطفلة أسيل، يتلخص فى سفرها إلى الخارج للعلاج فى أحد المستشفيات الحكومية بالمانيا، لتلقى عقار يسمى"سبنرزا"، يعوض الجينات المفقودة لديها، ويساهم فى تحسين حالتها ومساعدتها على الحركة، وتبلغ القيمة الإجمالية للعقار نحو 14 مليون جنيه، وهو مبلغ كبير لا يقدرون على سدادهما، لافتة إلى أنها لا تتحمل إجراء عملية شق الحنجرة مرة أخرى إلى طفلتها لتعرضها للاختناق، خاصة بعد قيام عملتين فاشلتين فى الفترة الماضية.
فيما كان الأب فى حالة لا يرثى لها، فهو رب الأسرة والمسئول الأول عن علاجها يتألم لعدم استطاعته توفير المبلغ الضخم لنقلها إلى أحد المستشفيات بالمانيا، لتلقى العلاج فى أسرع وقت، مضيفا أن التاخير فى تقديم الرعاية الطبية لها يزيد من مضاعفات المرض وتدهور حالتها التى تسوء يوما عن الأخر تحت جهاز التنفس الصناعى فى الوقت الحالى.
تقرير من التأمين الصحى بعدم توافر العلاج للحالة الإنسانية
قال سعد مرزوق، والد الطفلة بصوت مكلوم، طرقنا كل الأبواب لعلاج أبنتى الوحيدة، على أمل الاستجابة للحالة الإنسانية، ولكن كانت الردود مخيبة للآمال بالتسويف والتأجيل وذلك لدراسة الميزانية المخصصة، مضيفا أن المجالس الطبية المتخصصة التابع لوزارة الصحة، طالبه بتقرير صحى من الخارج يفيد بحالة الطفلة وبالفعل قدمت التقارير اللأزمة وجاء الرد بدراسة الحالة.
المجالس الطبية المتخصصة تدرس حالة الطفلة أسيل
وأكد أن حالة الطفلة أسيل انسانية معقدة، تمكث فى سرير المستشفى منذ خمس شهور تتنفس هذه المدة من خلال جهاز التنفس الصناعى الذى لا يمكن فصله عنها، حتى أصبحت لا تستطيع الحركة أو التحدث، وباتت تتألم وتبكى فى صمت، بسبب الخراطيم المحشورة فى أنفها وفمها ورقبتها، ورغم هذه المحنة التى أحلت عليهم، إلا أنها فى كامل وعيها وإدراكها وتفرح وتبتهج عند رؤيتنا خلال الزيارة.
المحاليل والخراطيم تخنق الطفلة أسيل
من جانبها، طالبت الدكتورة شادية ثابت، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، المجتمع المدنى، بدعم الحالات الإنسانية التى تحتاج إلى تكلفة مالية عالية، لا تقدر وزارة الصحة على علاجها وحدها، خاصة أن ميزانية الوزارة لا تتحمل الأعباء الأخرى، مضيفة أن العلاج من مرض الضمور الشوكى يكلف الدولة ملايين الجنيهات، وهذه الحالات كثيرة، والعلاج يساهم فى التخفيف على معاناتهم وتقليل مضاعفاته وسرعة انتشار المرض.
وأضافت عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، فى تصريحات خاصة لـ " اليوم السابع" أنها طالبت فى وقت سابق بتأسيس صندوق مالى بالمجلس أشبه بصندوق "تحيا مصر" لتمويل هذه الحالات وعلاجها، جاء ذلك خلال توصيات للجان الطبية النوعية بمجلس النواب وباتفاق من كامل الأعضاء، مشيرة إلى ضرورة عمل جلسات علاج طبيعى لمرضى الضمور الشوكى لمنع حدوث تشوهات للعضلات، وبالإضافة إلى ضرورة تعاطى الفيتامينات، كجزء من العلاج.
يذكر أن مرض ضمور العضلات الشوكى هو مرض يحدث بسبب انهيار الخلايا العصبية فى الدماغ والحبل الشوكى، ويؤثر غالبا على الأطفال الرضع، الذى يجعل من الصعب بالنسبة لهم استخدام عضلاتهم وتحريكها، وتكلفة العلاج مكلفة للغاية فى الخارج.
وكان الدكتور أيمن أبو العلا، عضو مجلس النواب، أوضح أن هناك نحو 500 ألف طفل وشاب يعانون من مرض ضمور الشوكى، مؤكدا أنه مرض قاتل، ورغم ذلك لا تعترف وزارة الصحة به فى العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحى، جاء بيانه خلال إحدى الجلسات العامة بمجلس النواب نوفمبر الماضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة