سرح بخياله ذات ليلة وحلق فى السماء وتخيل نفسه يسكن القصر، يتسابق الجميع لتنفيذ أوامره وتلبية متطلباته.. شاهد عبر نافذة الحلم موكبه فى الشوارع وسفره شرقا وغربا.. تنهد طويلا عندما انحنى كبار المسئولين أمامه ودخل اللاوعى عندما قرأ التاريخ الذى وصفه بالزعيم المنقذ للوطن ورئيس مصر الذى خرج بها من عنق الزجاجة.
هل حلمت أو تخيلت شيئا آخر لم أذكره سيادة الرئيس المحتمل؟، انتظر ولا تجيب حتى أوضح لك الرؤية كاملة وبعدها قرر إن كنت ستخوض انتخابات الرئاسة أم لا.
أرجوك لا تفهمنى خطأ، فأنا بادئ ذى بدء أدعم وأؤيد وأساند حقك فى المنافسة على منصب رئيس مصر، بل أناشدك الترشح إذا كنت متأكدا من امتلاك أدوات العبور بالوطن ومواجهة التحديات.
ومع أول أيام تلقى طلبات الترشح، أنبهك عزيزى الحالم بكرسى العرش أن التحديات رهيبة وعلى مستويات متعددة، وهى بالقدر الذى يبدد خيالاتك ويصيبك بالرعب، ذلك أن فشلا منك لن يقبله أو يتحمله الشعب، لا تكترث بكلامى الآن وانتظر حتى أضىء لك الواقع.
·التحديات الأمنية:
التحديات الأمنية فى مصر لا تخطئها إلا عين فقدت البصر، ولا أقصد فقط الأمن السياسى ولكن الأمن الجنائى أيضا، والذى لم يستعيد قوته بعد، وستصدقنى إن نظرت فى محيطك حيث الخطف والسرقة بالإكراه والسرقة بالمغافلة والبلطجة وتجارة المخدرات بمختلف أنواعها ما زالت على أشدها بالعشوائيات، وإذا تطرقت إلى ما هو أبعد ستجد الصعيد ملتهبا بعدما انتشرت الأسلحة الآلية فى القرى والنجوع والمدن الأمر الذى ساهم فى خلق خصومات ثأرية وتجدد أخرى، ألم تسمع عن ظاهرة السرقة التى انتشرت تحديدا فى قرى أسيوط ومنها تلك التابعة لمركز أبوتيج، وكيف أن رجال المباحث بقيادة الرائد عبد الغفار الناحل ومعاونيه لا ينامون الليل ويتجولون فى دوريات متواصلة وينصبون الأكمنة فى الأماكن المشتعلة وعند مفترق الطرق، وهذا الأمر لا يختلف كثيرا فى الدلتا وإن كنت لا تعلم فأنا أؤكد لك بأن الأمن الجنائى ما زال يحتاج الكثير.
· تحدى الإرهاب
مصر تواجه موجات عاتية من الإرهاب متنوع الوسائل، متطور الأداء سواء فى الأسلحة المستخدمة أو فى التخطيط وأساليب الهجوم.
والإرهاب فى بلادنا متمدد ومتسع فلا يتوقف على منطقة دون أخرى، يظهر فى الصحراء والمدن والقرى وهو وفق معدلات تطور عملياته يصبح مؤكدا انتشاره وزيادة عنفوانه وغدره فى المرحلة اللاحقة، فهل أنت مستعد بخطط لمواجهة هذا الإرهاب أم أنك ستجرب بينما نتشبث نحن للخروج من الوحل؟.
· تحدى الحدود:
انتبه عزيزى الرئيس المحتمل، فالحدود مشتعلة.. حدودنا الغربية مع ليبيا حيث الانفلات الأمنى والتغول الإرهابى وغياب السيطرة على الأرض، وهذه الحدود ممتدة للغاية وتحتاج تركيزا وقوة كبيرتين للسيطرة، كما تحتاج عقلية واعية تفهم طبيعة المواجهة وسد الثغرات وتطهير الوباء أولا بأول، وحدودنا الجنوبية مع السودان تتعرض للتهديد.
وإذا انتقلنا إلى الشرق نجد حدودنا مع دولة الكيان الصهيونى وغزة التى مع احترامنا لمقاومة شعبها لا يمكن أبدا استبعاد دورها فى "إرهاب سيناء"، فغزة تصدر إلينا المارقين والتكفيريين الحالمين بدولة الخلافة بعد طردهم من سوريا والعراق.
وبعيدا عن التفاصيل المملة أؤكد لك إن كنت لا تعى بأن تحديات حدودنا تحتاج رئيسا واعيا لديه خبرة بالتعامل فى هذا الملف.
· التحديات الاقتصادية:
وعن التحديات الاقتصادية حدث ولا حرج، لكن أنا هنا سأشير إلى أزمات السياحة ونقص الاستثمار والموارد وما نجم عن ذلك من ارتفاع فى سعر الدولار والغلاء.
وأشك عزيزى الرئيس المحتمل فى أنك تجهل هذه التحديات الاقتصادية، لكن على كل حال هى تحديات تحتاج مخططات استراتيجية سريعة ومتوسطة وطويلة الأجل، تستهدف تحقيق تنمية شاملة وتحقيق نقلة نوعية فى إطار توظيف الموارد والاستفادة بالعلم والخبرات بشكل يوفر حياة كريمة فى أقصر وقت ممكن.
وبعيدا عن تفاصيل المخططات والاستراتيجيات أقول، إن العبث فى هذا الملف قد يدمرنا تماما، ما يعنى أن رئيسا غير واع أو قادم ليبدأ من البداية يمثل خطرا كبيرا على حياتنا المعيشية، خاصة وأننا مشينا طويلا فى الإصلاح الاقتصادى من تحرير سعر الصرف والتدرج الضريبى وهيكلة منظومة الدعم، وهذا معناه العودة للخلف والانطلاق من نقطة جديدة إن لم يكن الرئيس القادم ملما بخطوات سلفه وقادرا على استكمالها.
· التحديات الاجتماعية:
لن أتطرق كثيرا فى التحديات الاجتماعية، لكن فقط سأذكرك بأن الأمية تغرق 27% من الشعب المصرى، وهذه النسبة خطيرة جدا تحتاج لمواجهتها إجراءات علمية وتعليمية وتوعوية، وقد بدأت فعلا، فهل تعرف عزيزى الرئيس المحتمل طبيعتها وتوافق على استكمالها..ألم أقل لك بأننا لا نمتلك رفاهية الوقت؟.
· الديون ونقص العملة الصعبة:
لأسباب أمنية وظروف عالمية تعانى مصر من نقص العملة الصعبة وعلى رأسها الدولار، وهذا راجع لعدة أسباب منها، ضعف التدفق الاستثمارى والعائد السياحى بفعل الغياب النسبى فى الأمن، وكذلك ضعف عائدات قناة السويس بسبب ضعف التبادل التجارى العالمى الذى أثر على مرور السفن والحاويات، ناهيك عن انسحاب استثمارات كانت موجودة بالفعل.
ومصر فى السنوات الأخيرة خطت خطوات جيدة نحو كسب ثقة مؤسسات التمويل العالمية وإقناع الدول بعودة مواطنيها للسياحة فى مصر، بجانب تفاصيل وقائية وتشجيعية لقطاعات السياحة والاستثمار وزيادة الصادرات وتقليص الواردات وقصرها على السلع الأساسية الضرورية مع تقييد الترفيهية برسوم جمركية ضخمة وخلاف ذلك.
ونجحت الدولة فى الحصول على المواد البترولية بأثمان منخفضة أو بدون أو وفق أقساط مريحة، كما حصلت على السلع الأساسية بأسعار مخفضة من خلال علاقات اقتصادية ناجحة وعلاقات دولية ذكية، فهل أنت مدرك حجم هذه التحديات عزيزى الرئيس المحتمل أم أنك ستبتكر أساليب جديدة مع العلم بأننا لا نمتلك رفاهية الوقت؟.
لن أصيبك بالإحباط وأكشف لك المزيد من التحديات والمؤامرات الداخلية والإقليمية والعالمية، فما سبق كاف لأن تتخذ قرارك الذى يجب أن يكون مدروسا، لأن الشعب لن يرحمك إذا قضيت على الأمل أو حطمت حلم الاقتراب من مغادرة عنق الزجاجة.
عزيزى الرئيس المحتمل: فكر جيدا وها هى الانتخابات الرئاسية على الأبواب، وخذ قرارك وتحمل عقباته وأرجوك كن رئيسنا إن امتلكت أدوات إنقاذ الوطن أو ابتعد فنحن لا نمتلك رفاهية التجربة ولا رفاهية الوقت.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد على
فى سطور
السيدان عنان وخالد اين هى وطنيتكم يرجى توضيحها لنا فى سطور إذا كانت هناك سطور