فى الأيام القليلة القادمة ستكون قد مرت 7 سنوات كاملة على ثورة 25 يناير، بما فى تلك الأيام من تغيرات كثيرة وتحولات ومواقف لم ينجلِ الكثير من غموضها حتى يومنا هذا، لكن إن كان ثمة شىء جلى وحيد قد ظهر خلال السنوات السبع الفائتة، فهو كيف كان المنهج الإخوانى- سواء فى التفكير أو الممارسات- منهجًا تكفيريًا وإرهابيًا فى كل شىء.
- الإخوان وحلفاؤهم حين تحول الاستفتاء على المواد الدستورية لمسألة كفر وإيمان
لم يحتج الوجه الخفى لجماعة الإخوان المسلمين سوى شهر واحد للظهور، فبمجرد مجىء شهر مارس، والإعلان عن إجراء استفتاء دستورى حول تعديل 6 مواد دستورية، بادرت الجماعة لتحويل الخلاف على مواد دستورية إلى خلاف حول الإيمان والكفر، وسريعا انطلقت أبواق الجماعة لترهب المعارضين لها بقضية التكفير، وسريعا زجت بمسألة "المادة الثانية من الدستور" والتى لم تكن مطروحة للاستفتاء اصلا فى الواجهة لمحاولة صناعة الـفتنة الطائفية وتأجيجيها، بل أن مكبرات الصوت ومآذن المساجد فى بعض المناطق كانت تنطلق لتعلن أن المعركة فى الاستفتاء هى "معركة الإيمان والكفر".
محمد حسين يعقوب
ولا ينسى الجميع الفيديو الشهير لمحمد حسين يعقوب الداعية السلفى الذى حول المعركة الانتخابية إلى "غزوة" وكأنها حرب بين الإيمان والكفر.
- حين رأى صبحى صالح من ليسوا إخوانا بـ"الذى أدنى"
بعد "غزوة الصناديق" فى شهر مارس، بدأت تتكشف الأفكار أكثر فأكثر بعد طول تستر لها مارسته الجماعة بدقة وإتقان حتى انطلى على كثيرين خلال فترة حكم مبارك، فى فيديو أذيع فى مايو عام 2011، كان صبحى صالح يجلس فى لقاء تثقيفى عقدته الجماعة مع مجموعة من شبابها، فى هذا المؤتمر كان صبحى صالح يقنع الحضور من شباب الإخوان بأن "فتاة الإخوان" هى خير عن أى فتاة عادية حتى لو كانت "متدينة" وذات رباية، قائلا: "أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير"؟.
واستكمل حينها صبحى صالح قائلا: إن هذه الاختيارات منظمة بـ "الدين" وأن تتزوج الإخوانية هو نصر لشرع الله، ونصر على المجتمع ومخلفاته!، واصفا من يذهب لزواج فتاة "متدينة وذات خلق" ويفضلها على الزواج من إخوانية بـ"الأخ الفلوطة".
صبحى صالح
لم يأت كل ذلك بالقطع من فراغ، فالانتصار على المجتمع هو لب فكرة "سيد قطب" وأفكاره التى سيطرت على الجماعة، والتى رأت المجتمع المصرى جاهلا وكافرا، فهو يقول فى كتابه معالم فى الطريق: "تدخل فى إطارِ المجتمعِ الجاهلى تلكَ المُجتمعاتُ التى تزعمُ لنفسِها أنها مسلمة، لا لأنها تعتقدُ بألوهيةِ أحدٍ غيرِ الله، ولا لأنها تُقدِّمُ الشعائرَ التَّعَبُّديةَ لغيرِ الله، ولكنَّها تدخلُ فى هذا الإطار يعنى الإطارَ الجاهلى والرِدَّةَ عن دينِ اللهِ؛ لأنها لا تَدينُ بالعبوديةِ للهِ وحدَهُ فى نظامِ حياتِها".
وهكذا كانت أفكار الإخوان التكفيرية تتساقط على طريقنا فى خلال سبع سنوات، وتبدأ فى وضع نفسها فى وجهنا شيئا فشىء، نحن مجتمع جاهل، أدنى من المجتمع الإخوانى الذى هو خير، لذا فإن الصدام قادم.
محمد مرسي
- الخلاف مع محمد مرسى هو خلاف بين إسلام أو لا إسلام
وصل محمد مرسى إلى سدة الحكم فى يونيو من عام 2012، وبوصوله بدأت الأفكار التكفيرية التى تساقطت فى زلات اللسان، إلى حقائق دامغة، معارضون مرسى ضد الإسلام كما قال صفوت حجازى فى لقائه الشهير على أحد قنوات الإخوان، المعركة ليست مرسى أو غيره بل هى معركة "الإسلام" و"لا إسلام" على حد وصفه، بل إنهم "كفار وأنجاس" لأنهم طالبوا بتنحى محمد مرسى كما قال "محمد عبد المقصود" الداعية الإخوانى واصفا من سيخرجون ليتظاهروا ضد حكم الإخوان فى 30 يونيو.
أما وجدى غنيم ففى لقاء بقناة الجزيرة، فحين سأله المذيع:"ما رأيك فيمن يغنى أغنية تسلم الأيادى" فكان رده واضحا لا مواربة فيه، كافر مرتد وخارج عن الإسلام، من غناها ومن سمعها!، وهو أمر غير مستغرب على هذا التكفيرى الذى وصف الدعوة لمظاهرات ضد مرسى بأنها حرب بين الإسلام وأعداء الدين، وأن مثل تلك المظاهرات ليست حرية رأى أو تعبير، بل هى دعوة للكفر.
- التكفير يتحول إلى قنابل.. الإخوان يهددون حياة المصريين
بعد أن أزاح الشعب المصرى الإخوان فى ثورة 30 يونيو، بدأ الإخوان المنهج العملى للرد على من اعتبرهم كافرين، باستهداف حياتهم، وفى يناير من عام 2015 أذاعت قناة "مكملين الإخوانية" بيانا للجماعة يدعو كافة العاملين بالسفارات الأجنبية فى مصر والشركات العالمية لمغادرة البلاد فورا وإلا أنهم سيكونون محل استهداف ممن اسموهم "حركات العقاب الثورى".
عنف الإخوان
أما محمد ناصر الإعلامى الإخوانى، فظهر فى أحد برامجه موجها رسالة إلى ضباط الشرطة وعائلاتهم قائلا: "أنا بقولكم على الهواء اقتلوا الظباط، عايز أقول لزوجة كل ظابط جوزك هيتقتل.. هيتقتل"، أما وجدى غنيم، فدعا إلى قتل "الإعلاميين" قائلا: "بقولها على الهواء، اللى يقدر يجيب رقبة واحد من الإعلاميين ربنا هيكرمه".
أما أشرف عبد الغفار القيادى الإخوانى فقد ظهر على قناة "العربى الجديد" القطرية، قائلا إنه يدعو أفراد جماعة الإخوان لاستهداف محطات الكهرباء عقابا للمصريين على عزلهم محمد مرسى من منصب الرئاسة.
كل هذه التوجيهات والتهديدات شهدها المصريين أمرا واقعا فى السنوات بين 2013 وبداية 2015 حين انفجرت مئات العبوات البدائية الناسفة فى الطرقات مستهدفة بخلاف المنشآت العديد من المواطنين الأبرياء العابرين، بخلاف استهداف قوات الجيش والشرطة بالقتل العمد، وهو نفسه تطبيقا للمنهج التكفيرى لدى سيد قطب والذى وضع خطته الشهيرة لتنظيم عام 1965 والتى أسماها "إزالة الرؤوس" والتى تقتضى بمجرد وقوع عملية اعتقالات لأعضاء التنظيم أن تجرى اغتيالات وتفجيرات فى المقابل، وهذا ما كان مذكورا فى أوراق سيد قطب التى نشرها الإخوان بعد إعدامه بعدد من السنوات وأسموها "لماذا أعدمونى" والتى قال فيها: "وبمجرد أن تبدأ الاعتقالات سنرد باغتيالات تستهدف رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربى، ثم نسف لبعض المنشآت التى تشل حركة مواصلات القاهرة وفى خارجها كمحطة الكهرباء والكبارى".
هكذا انكشفت سنوات من التلون ومحاولة إخفاء حقيقة الأفكار التكفيرية والمنهج الإرهابى فى فكر جماعة الإخوان المسلمين طوال السنوات التى سبقت الثورة، ليظهر حقيقة أن كتابات سيد قطب، ليست مجرد أفكار من مريض نفسى خرج لتوه من السجن، بل أفكار إرهابية تكفيرية متأصلة فى نفس كل إخوانى. وهو ما سماه سيد قطب فى كتابه الشهير "معالم على الطريق" بـ"انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله وطرد المغتصبين له".