يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من الشهر الجارى انطلقت أعمال منتدى دافوس الاقتصادى العالمى تحت شعار "بناء مستقبل مشترك فى عالم مفكك"، بمشاركة حوالى 70 رئيس دولة ورئيس وزراء، و340 من كبار الساسة والمسؤولين فى العالم، وكالعادة وجهت إدارة المنتدى الدعوة الرسمية إلى وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، قبل أن تفاجئ به يلغى زيارة فى اللحظات الأخيرة قبل انطلاق أعمال الحدث العالمى.
لماذا تغيبت إيران؟
بالرغم من أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، قال يوم الأربعاء، إن سبب تغيب بلاده عن المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس هو إشراف الوزير ظريف على تنفيذ الهيكلية الجديدة للوزارة، إلا إن الوقائع المتراصة إلى جوار بعضها البعض يشى بأمر آخر.
جواد ظريف
المشهد الذى عقد بمشاركة وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير ووزير خارجية مملكة البحرين خالد بن أحمد الخليفة، والدكتور أنور محمد قرقاش، عضو مجلس الوزراء فى دولة الإمارات، ووزير الدولة للشؤون الخارجية، كشف عن حقيقة الأمر.
فقد ظهر الوزراء الثلاثة متحدثين بلغة إنجليزية رصينة وفندوا حقائق السياسات الإيرانية التوسعية الإمبريالية فى الإقليم، ما يعنى أن وجود جواد ظريف كفرد واحد أمام ثلاثة متحدثين كان ينطوى على إظهار بلاده فى صورة ضعيفة ويؤكد خروجه مهزوما فى تلك الموقعة الدبلوماسية، ولهذا تلقى أوامر من إدارته السياسية بالبقاء فى طهران.
العام ليس ككل الأعوام
انطلق بيان الخارجية الإيرانية من التذرع بأن عدم ذهاب جواد ظريف إلى دافوس للمرة الأولى فى تاريخ المنتدى هو لأسباب إدارية فى وزارة الخارجية الإيرانية، بينما كان بإمكان ظريف إنابة أحد مساعديه لهذه المهمة، لكن اللافت هذا العام أن إيران بالكامل تغيبت.
جانب من الندوة
بيان الخارجية اكتفى بنفى أن ظريف ألغى فى اللحظة الأخيرة زيارته إلى سويسرا للمشاركة فى الحدث السنوى، قائلا: "بالرغم من تلقى ظريف دعوة للمشاركة فى المنتدى، إلا أنه رجح البقاء فى طهران، بغرض الإشراف ومتابعة تنفيذ الهيكلية الجديدة لوزارة الخارجية كما أنه لم يكن لديه أى برنامج للقيام بزيارة خارجية خلال هذه الأيام".
ومع ذلك لم يتطرق بهرام قاسمى إلى أن وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف كان فيما مضى دائم الحضور فى المنتدى وغالبا ما كان يشتبك مع نظرائه الخليجيين العرب فى جلسات أمام الكاميرات على الهواء، لكن ونظرا لضعف الموقف الدبلوماسى الإيرانى وانخراط طهران العلنى فى ملفات مثل اليمن وسوريا ولبنان بصورة ليس من اليسير الدفاع عنها أو تحصينها دبلوماسيا امتنع ظريف عن الحضور.
تجمع عربى لكشف إيران
فى جلستهم بالمنتدى تجمع وزراء خارجية الرياض وأبو ظبى والمنامة المفوهين وأكدوا فيما يشبه الإجماع على أن سياسة إيران الخارجية فى المنطقة، سياسات ظلامية تحارب الفكر التنوريرى وتريد إعادة السياسة آلاف السنوات إلى الوراء.
عادل الجبير
وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، قال بالحرف الواحد: "فى الشرق الأوسط لدينا رؤيتان متنافستان. رؤية نور.. ورؤية ظلام، ورؤية الظلام هى الطائفية، وهى تحاول استعادة امبراطورية دمرت منذ آلاف السنين، وهى تستخدم الطائفية والإرهاب لكى تتدخل فى شؤون الدول الأخرى".
وكشفت كلمات الجبير وكلمات قرقاش والخليفة الرؤية العربية الكاشفة لأهداف إيران والتفريق بين تلك الأهداف والوسائل، بمعنى أن النظرة العربية لسياسات إيران تدرك جيدا أن إيران تستخدم للوصول إلى أهدافها السياسية والاستراتيجية أدوات مذهبية وطائفية للحصول على تأييد واستعطاف الشعوب العربية وأبرز مثال على ذلك هو لعب إيران بورقة القضية الفلسطينية.