خالد صلاح يكتب: عاصفة تغيير سعودية جديدة اسمها «أرامكو»

الجمعة، 26 يناير 2018 09:00 ص
خالد صلاح يكتب: عاصفة تغيير سعودية جديدة اسمها «أرامكو» خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعمال شركة أرامكو فى استخراج البترول
أعمال شركة أرامكو فى استخراج البترول
 
قد يبدو الحديث عن الاقتصاد والبورصة وطرح أسهم الشركات الكبيرة فى أسواق التداول العالمية قضية بعيدة عن الجاذبية لكثير من القراء، لكن الأمر مختلف تماما هنا فى الخطوة التى تعتزم المملكة العربية السعودية اتخاذها فيما يتعلق بطرح شركة أرامكو «عملاق صناعة النفط فى العالم» للتداول فى البورصة، وبدأت ترتيباتها المالية والقانونية تتبلور على أرض الواقع، هذه الخطوة هى حجر أساس كبير فى خطط التغيير الاقتصادى والاجتماعى فى المملكة التى أعلنها الأمير محمد بن سلمان ضمن استراتيجية 2030، نحن لا نتحدث عن تغيير يشمل حفلات غنائية وقيادة المرأة للسيارة، نحن أمام تحول سيغير تماما شكل المملكة، فـ«أرامكو» هنا ستقلب موازين ومعادلات كبيرة فى الاقتصاد السعودى، وفى اقتصاديات دول النفط، وفى علاقة المملكة بمنظمة أوبك «البلدان المنتجة للنفط»، وفى خريطة التنمية داخل السعودية.
 
«أرامكو» هى كلمة سر كبيرة فى الاقتصاد العالمى، وطرحها هو عنوان لتحول كبير فى التنوع المستهدف فى الاقتصاد السعودى، فالعالم على موعد مع ثورة شاملة، حتى وإن كان الأمير محمد قد قرر سلفا أن يبدأ هذه الثورة تدريجيا من خلال التخطيط لطرح %5 فقط من أسهم الشركة، فنحن هنا نتحدث عن واقع مختلف سيفرضه الأمير القوى على الساحة العالمية وليس على السعودية فقط، إذ إن «أرامكو» ليست مجرد شركة نفطية عادية، لكننا أمام عملاق تصل نسبة الـ%5 منه المقررة للطرح قيمة 100 مليار دولار أمريكى، مما يعنى أن تقدير الشركة يتجاوز 5 تريليونات دولار على الأقل، خبراء الاقتصاد العالمى يؤكدون هذه الحقيقة، فالأمريكيون يعرفون أن شركة أرامكو تقدر بعشرة أضعاف القيمة السوقية لشركة أبل الأمريكية، وإذا كانت قيمة «أبل» هى 530 مليار دولار تقريبا، فإن رقم 5 تريليونات سيصبح رقما متواضعا فى التقديرات الخاصة بتقييم «أرامكو»، وطرح هذا الرقم سيؤدى إلى انتعاش مذهل فى السوق السعودية، وسيوفر سيولة غير مسبوقة ستتيح للقيادة الشابة فى المملكة قدرة استثنائية فى تنفيذ خطط التنوع الاقتصادى الذى ينقل السعودية، آمنة مطمئنة، لمرحلة ما بعد الاعتماد على النفط.
 
لماذا أذهب هنا برأيى إلى أن ما سيحدث فى «أرامكو» سيغير فى معادلات اقتصادية أخرى على صعيد العالم؟
هذا بالتأكيد ليس حدثا سعوديا فقط، لكن المتابعين لاقتصاديات النفط يعلمون أن المملكة هى «الصقر الأول» فى السيطرة على الأسعار داخل أوبك، وقد أتاحت ملكية شركة أرامكو للحكومة السعودية «منفردة» أن تقود المملكة عمليات التسعير وخفض أو زيادة الإنتاج حسب مصالحها ومصالح الدولة المتعاونة معها داخل أوبك، هذا الوضع قد يشهد بعض التغييرات فى حال طرح أسهم الشركة فى البورصات العالمية، فهؤلاء المساهمون ستترتب لهم حقوق فى الأرباح، وسيتعين على مجلس إدارة «أرامكو» تحقيق أعلى معدلات للربح فى الأسهم لمصلحة المساهمين، وهو ما يدفع للمرة الأولى فى تاريخ أوبك بوجود متغير آخر يشارك فى تحديد أسعار النفط، وهو ببساطة حملة أسهم أكبر شركة نفط فى العالم.
 
السؤال هنا.. كيف ستتغير علاقة المملكة السعودية مع أوبك بعد وجود حملة الأسهم، وما هو مصير عمليات ضبط الأسعار أو التحكم فى معدلات الإنتاج التى تلجأ إليها أوبك، وهل سيكون لهؤلاء المساهمين الجدد دور فى التأثير على الشركة بالموافقة أو الرفض لسياسات أوبك فى الإنتاج والتسعير؟
 
هذا سؤال كبير، وإجابته ليست سهلة، الأمير محمد بن سلمان وحده يعرف الإجابة، أو يدرس البدائل المتاحة أمامه وفق مصلحة «أرامكو» ومصلحة المملكة ومصلحة الشعب السعودى، وأيا كان قراره هنا فإننا سنكون أمام موجة تغيير واسعة على صعيد العالم، لن نكون أمام «سعودية جديدة» فحسب اقتصاديا واجتماعيا، ولكننا سنكون أمام معادلات جديدة على مستوى المنظمات الدولية العاملة فى مجال النفط، وعلى حركة الأسعار، وعلى عمليات البيع والشراء لأهم سلعة فى اقتصاد العالم.
 
أخيرا، ترددت معلومات فى صحف عالمية بأن شركة أرامكو تدرس نموذج شركة «شتات أويل» النرويجية، وهى شركة طرحت جزءا من أسهمها فى البورصات العالمية وتملك الحكومة النرويجية نسبة %67 من أسهمها بعد طرح الجزء المتبقى للاكتتاب العام، وقد أدى طرح الشركة النرويجية إلى خروج النرويج بعيدا عن سرب منظمة أوبك فى تحديد الأسعار والإنتاج منذ عام 2002، فهل يمكن أن تمتد التحولات السعودية نحو هذا النموذج؟ سؤال آخر كبير، ولا إجابة له إلا فى عقل الأمير محمد بن سلمان أيضا.
 
الأكيد أن هذا التحول مدروس بعناية من قيادة المملكة، والأكيد أيضا أن هذا التغيير فى الاقتصاد السعودى، وهذه التحولات الواسعة فى استثمارات المملكة وتنوعها ستنعكس على الشعب السعودى، وعلى المنطقة بكاملها، وعلى العالم.
فترقبوا مفاجآت كبيرة، ودراما اقتصادية جديدة فى الشرق الأوسط.
 
الأمير محمد بن سلمان
الأمير محمد بن سلمان
 
البورصة السعودية
البورصة السعودية
 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة