د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب: لا تشترى الغَثَّ بالثَّمِين

الجمعة، 26 يناير 2018 02:00 م
د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب: لا تشترى الغَثَّ بالثَّمِين د.داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل جربت من قبل أن تتسبب في تدمير أشياء غالية وثمينة، أثناء بحثك عن أشياء تافهة القيمة؟ ولابد لنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال، على الأقل في كل مرحلة من مراحل حياتنا، فهل نُنكر أننا كثيرًا ما نستهلك أعصابنا، وهي أغلى ما لدينا أثناء اهتمامنا بأمور ليس لها قيمة، ولن تُدر علينا أي نفع، وكثيرًا ما نُهدر وقتنا الذي لا يُقَدَّر بمال، أثناء سعينا وراء تفاهات، لا تستحق مُجرد التفكير فيها، وأعمارنا التي تنتهي أمام أعيننا تدريجيًا، وعندما نُفكر، نجد أننا استهلكنا أكثر من نصف هذا العمر في الترهات والسفاسف، وأحيانًا يذهب نقاؤنا أثناء محاولاتنا الانتقام والثأر من أعدائنا.
 
وهكذا، قد نجد أنفسنا نقتل شيئًا ثمينًا أثناء بحثنا عن شيء غَثّ، فلا تندهشوا من هذا التضاد، فللأسف، دائمًا ما تضعنا الحياة أمام الشيء ونقيضه، وتُجبرنا على الاختيار، والغريب أننا لا نُدرك هذا الاختبار، إلا بعد أن نختار، وغالبًا ما نكتشف أننا اخترنا الشيء الرخيص، والذي بسببه دهسنا على أغلى الأشياء، دون أن نُدرك. 
 
فعند اقتراب موسم حصاد القمح، وكان موسمًا فياضًا، مليء بالخيرات والرزق والبركة، ذهب الفلاح البسيط إلى حقله مُتحمسًا، يتفقد أملاكه ومحصوله كعادته، وبينما هو سائر بين سنابل القمح الجميلة، توقف فجأة، حيث شاهد فأرًا بين السنابل، فجرى الفلاح وراء الفأر، يُريد أن يمسكه ويقتله، استغرق الأمر أكثر من ساعة، والفلاح يُحاول الإمساك بالفأر، ولكنه عجز عن ذلك تمامًا، وبعد أن أفاق الفلاح، وجد نفسه قد داس على الكثير من السنابل، وأتلف الكثير من المحصول.
 
وهكذا، فهذا الفلاح أتلف الشيء الغالي، وهو محصوله، أثناء محاولته الإمساك بالفأر، وهو بلا قيمة، فهل يُمكننا أن نُدرك كم هي الكارثة التي تحلّ بنا، عندما نكتشف أننا أضعنا الكثير من الأُمور والأحاسيس والأعصاب الغالية، أثناء مُحاولتنا الإمساك بأُمور لا قيمة لها، ولكننا للأسف، لا نُدرك ذلك، إلا بعد أن نكون قد اشترينا الغَثَّ بالثَّمين.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة