•بائع متجول: اغتصاب الأطفال يتم داخل العشش
•القطارات القديمة وسهولة الدخول والخروج يسهل الجرائم أمام الجناة
•أحد الأطفال: المُعتدى عليهم يلقبون بــ"الكديان" ويقام للضحية الجديدة حفلة اعتداء جنسى
"التوربينى" اسم أطلق على أشهر متهم فى قضية اغتصاب وقتل أطفال وقعت فى مدينة طنطا عام 2006 أسمه الحقيقى رمضان عبد الرحيم منصور، 26 سنة، زعيم عصابة اغتصاب أطفال الشوارع وقتلهم، قتل ما يزيد على 8 أطفال عقب اغتصابهم بالاشتراك مع باقى أفراد عصابته.
ورغم نهاية التوربينى بتنفيذ حكم الإعدام عليه وشريكه فى عام 2010 إلا أنه خلف وراءه أكثر من توربينى متهم باغتيال براءة الأطفال واغتصابهم وأحيان تصل الجريمة إلى القتل، وتعد مخازن السكة الحديد برمسيس، أكثر المناطق التى تشهد رواجا لتلك النوعية من الجرائم، حيث شهدت ضبط عدد كبير منهم بعد كشف تورطهم فى اغتصاب الأطفال وإجبارهم على التسول.
وتعد "مخازن السكة الحديد، أكثر المناطق التى تشهد عددا كبيرا من تلك الجرائم، لعدة أسباب أهمها، أن الأطفال الهاربين من منازلهم بسبب الخلافات الأسرية بمحافظات الوجه القبلى والبحرى، يستقلون القطارات القادمة إلى محطة رمسيس ويستقرون بتلك المنطقة، حيث يستقبلهم أمثالهم من الأطفال المقيمين بمخازن السكة الحديد ويعرضون عليهم الانضمام لهم، ثم يفاجئون بشخص يطلق عليه "الزعيم" مهمته توفير مكان للنوم والطعام، مقابل تسريحهم للعمل بالقطارات والتسول بميدان رمسيس.
ويبدأ "الزعيم" فى ممارسة سطوته على الطفل المنضم حديثا، حيث يغتصبه تحت تهديد السلاح، وفى حال محاولة الطفل الرفض، يهدده بالقتل، ويمارس هوايته الشاذة مع ضحاياه من الأطفال بكل أريحية لتأكده أن ضحاياه لن يلجئوا إلى قسم الشرطة للإبلاغ عنه.
كما أن أحد الأسباب التى حولت مخازن السكة الحديد إلى مأوى لما يطلق عليهم "التوربينى"، ولضحاياهم من الأطفال سهولة الدخول لها، حيث إنه مسموح أمام أى شخص الوصول لها دون أى عائق، بالإضافة إلى أنها تعد مأوى أيضا للبائعين المتجولين العاملين داخل القطارات.
وتمكنت مباحث الأحداث بالقاهرة من إنقاذ عشرات الأطفال من يد من يطلق عليهم "توربينى داخل تلك المنطقة، ويرصد "اليوم السابع" عدد من الجرائم البارزة التى وقعت مؤخرا، منها إلقاء مباحث رعاية الأحداث القبض على عاطل الشهر الجارى، يدعى " محمد ش" 44 سنة، وشهرته "الشاذلى" لاتهامه باستدراج طفل هارب من أسرته بالمنيا، للعمل معه فى بيع المشروبات الغازية فى القطارات، وعقب انتهاء العمل يعتدى عليه جنسيا تحت التهديد، داخل مخازن السكة الحديد برمسيس، وتبين أنه متهم فى عدة قضايا هتك عرض أطفال وحيازة مخدرات.
كما تمكنت مباحث رعاية الأحداث فى شهر أكتوبر الماضى من ضبط تشكيل عصابى يقوده عاطل، يستقطب فيه أطفال الشوارع ويغتصبهم داخل ورش السكة الحديد برمسيس، وكشفت تحريات رجال المباحث أن المتهم "محمد.ف.ع" 19 سنة شهرته "المحلاوى" يتزعم عصابة تتولى استقطاب أطفال الشوارع وإجبارهم على التسول فى إشارات المرور بمحيط منطقة رمسيس، وفى نهاية اليوم يتم اغتصابهم داخل مخزن السكة الحديد، حتى لا يستطيعوا الهرب وتنفيذ أوامره بالتسول، وتم ضبطه وبصحبته 6 أطفال بينهم 3 فتيات ذكروا أن المتهم كان يغتصبهم وأنهم هاربون من ذويهم.
وفى شهر مارس الماضى ألقى رجال المباحث بالقاهرة، القبض على مسجل خطر يدعى "شريف.م" شهرته "شيكابلا" لاتهامه باستقطاب أطفال الشوارع حديثى السن بعد هروبهم من أسرهم بمنطقة الأزبكية، واستغلالهم فى أعمال التسول، واعتدائه عليهم جنسيا، حيث ضبط برفقته طفلين، "محمد.أ" 14 سنة، و"أحمد، ن" 12 سنة بمكان جهزه لهذا الغرض كائن بالرصيف الموازى لسور السكة الحديدية المطل على شارع رمسيس.
كما تمكن ضباط مباحث القاهرة من القبض عل عاطل بميدان رمسيس لاتهامه بالاعتداء الجنسى على طفل مقابل توفير مكان للمبيت له بجوار عربة المأكولات بعربات السكة الحديد، مستغلا حاجته ونزوحه من بلدته بأسيوط.
ونظرا لتكرار تلك الجرائم داخل مخازن وورش السكة الحديد برمسيس، واعتبارها أكثر البؤر، التى تشهد اعتداءات جنسية على أطفال الشوارع، والأطفال الهاربين من منازلهم، توجه محررو "اليوم السابع" إلى تلك المنطقة لإجراء تحقيق حول تلك الانتهاكات، ففى البداية سألنا عن كيفية الوصول لمخازن السكة الحديد أثناء تواجدنا بميدان رمسيس، حيث وصلنا إليها بسهولة وبدأنا فى الدخول لها دون أن يستوقفنا أى شخص لسؤالنا عن وجهتنا، وأسباب تواجدنا بتلك المنطقة، حيث لم نرصد تواجد أى أفراد أمن بالمكان.
وبعد جولة داخل تلك المنطقة سألنا أحد عمال الصيانة بورش السكة الحديد، عن الأطفال المقيمين بصفة دائمة بالمكان، فذكر أنهم عادة يعملون نهارا كبائعين داخل القطارات، حيث يتجمعون أسفل شجرة "توتة" بمنطقة الورش، انتظارا لتوزيع المهام عليهم من جانب الشخص الذى يتولى "تسريحهم"، وفى نهاية اليوم يلجئون إلى القطارات المركونة بالمنطقة للنوم بها، وهنا يتعرضون للانتهاكات الجنسية.
وأضاف عامل الصيانة أن هؤلاء الأطفال تركوا منازلهم وقدموا من المحافظات الأخرى، واستقروا بمنطقة رمسيس، ولا يجدون مكانا للنوم سوى داخل الورش، وهو ما يسهل عملية اغتصابهم، حيث تتحول تلك المنطقة ليلا إلى مكان موحش ومظلم".
وخلال عملية البحث التقينا بشخص يدعى "خ.ع"، يعمل كبائع فى القطارات ويعمل بصحبته عدد من الأطفال، تحدث معنا لاعتقاده أننا نبحث عن طفل ترك منزله، وقال إن عددا كبيرا من الأطفال يتم الاعتداء عليهم جنسيا بمخازن السكة الحديد برمسيس، خاصة الأطفال الهاربين من منازلهم بسبب خلافات أسرية، والقادمين من المحافظات الأخرى عبر القطارات.
وأضاف أن مساحة منطقة المخازن كبيرة، ويوجد بها بعض "العشش الخشبية" وهو ما يسهل وقائع الاعتداء على الأطفال، وتحويلها إلى مأوى لهم للمبيت بها، مضيفا أن الأطفال يتم الاعتداء عليهم أيضا بالإكراه تحت تهديد السلاح، داخل القطارات المركونة، خاصة من جانب بعض الأشخاص العاملين فى تسريح الأطفال للعمل داخل القطارات.
وقال إن ضباط مباحث قسم شرطة الأزبكية وإدارة رعاية الأحداث يشنون حملات على تلك المنطقة للقبض على المتهمين بإجبار الأطفال على التسول، إلا أنهم سرعان ما يقضون فترة العقوبة ويعودون مرة أخرى للعمل بنفس المكان، مضيفا أن الأطفال والمتهمين بالاعتداء عليهم، يستغلون سهولة الدخول والخروج لمنطقة المخازن الخاصة بالسكة الحديد للإقامة بها.
وأكد أن هناك عدد كبير من الأشخاص يأتون لمنطقة المخازن والورش للبحث عن أبنائهم الذين تركوا منازلهم، حيث يتم عرض صورة الطفل على الأطفال العاملين كبائعين بالقطارات للتعرف عليها، وفى حال عدم الوصول إليه، ينصحه بالتوجه إلى قسم شرطة الأزبكية للبحث عنه.
وخلال جولتنا عثرنا على أحد الأطفال المقيمين بميدان رمسيس، فذكر أنه يدعى " أحمد.م" وسألناه عن جرائم الاعتداء الجنسى التى يتعرض لها الأطفال فقال إن الأطفال يحضرون عبر القطارات من المحافظات الأخرى، ويستقرون بمنطقة رمسيس، ويبدأ المسجلين خطر والعاطلين، وبعض البائعين العاملين بالقطارات فى إقناعهم بالتسول نهارا، والعمل فى بيع الشاى والمشروبات داخل القطارات، ثم يتم الاعتداء عليهم جنسيا أثناء نومهم بمخازن السكة الحديد وداخل بعض العشش والأوكار الخاصة بهم، بالإضافة إلى النوم داخل القطارات المتوقفة بالمخازن.
وأضاف أن هناك حفلة جنسية يتم إعدادها للطفل الذى يحضر للمكان للإقامة به، حيث يتم تهديده بالأسلحة، والاعتداء الجنسى عليه، خاصة أن المتهمين يرتكبون فعلتهم لضمانهم أن الطفل لن يبلغ عنهم رجال المباحث، كما أنه لن يبلغ أسرته الهارب منها، مؤكدا أن عدد الأطفال كبير جدا، ويطلق عليهم الأطفال "الكديان"، نسبة إلى ما يتعرضون له ويشتهرون به من تعرضهم للاعتداءات الجنسية.
وتابع أنه بالرغم من ضبط أحد المتهمين منذ أيام لاعتدائه على أحد الأطفال جنسيا داخل منطقة المخازن والورش، إلا أنه ما زال الأطفال والأشخاص الذين يجبروهم على التسول متواجدين بالمكان، يمارسون عملهم، مضيفا أن عدد منهم يمارسون التسول بميدان رمسيس ثم يلجئون إلى المخازن للنوم بها.
وقال إنه فى بعض الأوقات يتم القبض على المتهمين وإحالة الأطفال إلى الأحداث والمؤسسات العقابية، إلا أنهم يعودون إليها مرة أخرى.