>> استقبلنا إسرائيليين فى مركز ابن خلدون وأكلناهم "فول وطعمية وجرجير" قبل زيارتى لجامعة تل أبيب
>> جلست 48 ساعة فى إسرائيل.، ومن يتهمنى بـ"الجاسوسية" تافه
>> انتمائى الناصرى دفعنى للتصفيق للشباب الذين هتفوا ضدى فى جامعة تل أبيب.. والتنظيم الدولى للإخوان له فرع فى إسرائيل
>> اللى عايز يزور إسرائيل يزور واللى عايز يقاطع يقاطع واللى عايز يحارب يحارب
إذا ذُكر الجدل، ذُكر اسم الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، فالرجل دائما يصدع بتصريحات تثير جدل الرأى العام، ليس هذا فحسب بل فاجأ مؤخرًا الجميع بزيارة إسرائيل، للمشاركة فى ندوة بجامعة تل أبيب تناقش ثورة 1919 وثورات الربيع العربى.. "اليوم السابع" التقى "سعد الدين إبراهيم"، وواجهه بأسئلة فكانت الإجابات مفاجأة، وإلى نص الحوار..
مبدئيا ما هى كواليس زيارتك لتل أبيب التى أثارت الرأى العام خلال الأيام الماضية؟
الرجل المسئول عن الدراسات المصرية فى جامعة تل أبيب وهو عاشق لمصر ويجيد اللغة العربية، اسمه شيمون شامير، وهذا الرجل كان أول مدير لمكتب العلاقات الإسرائيلية فى مصر بعد زيارة الرئيس السادات للقدس فى السبعينات، ثم حينما اتفق البلدان على علاقات دبلوماسية كاملة فى تبادل السفراء، كان أول سفير لإسرائيل فى مصر.
لماذا تذكر هذه الأحداث التاريخية لزيارة لم يمض عليها إلا أيام قليلة؟
لأن شيمون شامير كان زميلى فى جامعة كاليفورنيا، فعلاقتى به قديمة، وعندما جاء لمصر رئيسا لمكتب العلاقات ثم سفير، رغم أنه كان زميلى لم أتصل به، وعندما حاول الاتصال بى قلت له:"يا شيمون يوجد موقف من المثقفين المصريين ضد التطبيع".. فاحترم كلامى ولم يتصل بى وأنا لم أتصل به.
وماذا حدث فيما بعد؟
دارت الأيام وكان الكاتب اليسارى لطفى الخولى، دعا بعد اتفاقية أوسلو، بفتح حوار بين المصريين ومعسكر السلام فى إسرائيل، المهم حصلت محادثات، وكان هناك اتفاق بين المثقفين المصريين بعدم الذهاب إلى إسرائيل وعدم التعامل إلا مع الفلسطينيين، وبعد اتفاق أوسلو، أصبح شيمون شامير أستاذا فى جامعة تل أبيب واتصل بى وقته وقال لى:"بعد اتفاقية أوسلو هل تعتبرها كافية لبناء علاقة مع مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية؟"، فقلت له وقتها سوف أسال الباحثين فى المركز.
وهل وافق مركز ابن خلدون على بناء علاقات مع تل أبيب؟
عرضت وقتها الأمر على حوالى 30 باحثا فى مركز ابن خلدون، وحصل تصويت على سؤال "هل توافق على تبادل الزيارات بيننا وبينهم؟"، فبين آخذ وعطاء كان دائما يأتى التصويت متساويا بين الراغبين فى فتح حوار مع جامعة تل أبيب والرافضين، إلى أن جاء باحث فلسطينى كان يعمل معنا فى المركز اسمه "أشرف بيدس" وهو متواجد حاليًا فى حزب التجمع، فى أحد الاجتماعات، وكان تصويت على هذا الأمر أيضا، رفع يده وقال "ممكن أقول حاجة"، فسمحنا له بالكلمة، فقال:"أنا فلسطينى ولكنى أعتبر نفسى مصرى لأنى عايش فى مصر وبشتغل معاكم فى مركز ابن خلدون من 10 سنوات، وهذا لا يمنع إن عندى حب شديد أرى فلسطين، وفى الوقت الذى تم فيه رفض استقبال الإسرائيليين فى مركز ابن خلدون أنا صوت أن يزورونا هنا على أمل أنهم يدعوننا لزيارتهم فى تل أبيب، لكى أرى أهلى فى حيفا"، فكلام هذا الباحث أثر فى جميع الجالسين، وعندما قمنا بالتصويت على استقبال الإسرائيليين فى مركز ابن خلدون، ووافق الجميع باستثناء فرد وهو شخص مركسى اسمه سليمان شفيق، ووقتها قال لنا من حقى عدم حضور هذا الاجتماع.
وهل بعد هذا التصويت وجهتم دعوة للإسرائيليين لزيارة مركز ابن خلدون؟
بعد انتهاء التصويت، تلقيت اتصالات منهم ثانى يوم، فهم لا يضيعون الوقت، وقلت لهم مركز ابن خلدون مستعد لاستقبالكم فى الوقت الذى يناسبكم، وكان هذا الاتصال يوم ثلاثاء، فقالوا لنا سنزوركم يوم الخميس، وفعلا استقبلناهم فى المركز.
وما هو أبزر شىء حدث خلال زيارتهم للمركز؟
وقت الغداء طلبوا أن يأكلوا طعاما مصريا، وفعلا أحضرنا لهم "فول وطعمية وجرجير وعدس وبصارة وكل الأكلات"، وبالمناسبة هم يجيدون اللغة العربية بشكل جيد جدا، لأن الإسرائيلى يتعلم خلال دارسته العبرية والعربية ولغة أوروبية، وخلال زيارتهم لنا تبادلوا النكات المصرية، وكان هناك ضحك بصوت مرتفع، وكان وقتها سلمان شفيق يجلس وحيدا فى الدور الثانى، وأرسل لى ورقة يتساءل فيها عن سبب الضحك، فقلت له إن الناس منسجمة، ودعوته يحضر الجلسة، ووافق بشرط عدم المشاركة فى النقاش، لأنه كان ملتزما بموقف حزب التجمع، ووقتها سليمان شفيق لاحظ أن هناك شخصا من أعضاء الوفد الإسرائيلى اسمه إيمانويل ماركس، مما دفعه الاقتراب منه وسأله:"هل توجد علاقة بينه وبين كارل ماركس؟ وقتها نظر له إيمانويل، وقال له:"أنا الحفيد الثالث لكارل ماركس" فقام سليمان شفيق باحتضانه، وتصور معه.. وأنا أقول اللى عايز يزور إسرائيل يزور واللى عايز يقاطع يقاطع واللى عايز يحارب يحارب".
وهل بعد زيارتهم لمركز ابن خلدون تلقيتم دعوة منهم لزيارة تل أبيب؟
نعم وفعلا ذهبنا، وزرنا منزل أشرف بيدس الفلسطينى الذى كان يعمل معنا، وأنا يتهيأ لى أنه لم أفعل شيئا غير إنى مكنت أشرف بيدس من زيارة حيفا فهذا يكفى، فهذا الموقف كان مؤثر جدًا، وهذه الحدوتة بشكل مفصل.
وماذا عن الزيارة الأخيرة التى أثارت جدلا واسعا؟
تلقيت دعوة لحضور مؤتمر فى جامعة تل أبيب، وعرضت الأمر على زملائى فى مركز ابن خلدون وتناقشنا ووافقنا على الذهاب وفعلا ذهبنا، ومناسبة دعوتنا عقد الجامعة مؤتمر بمناسبة مرور 100 سنة على ثورة 1919 بالإضافة إلى ثورات الربيع العربى، وطول هذه السنة سيكون فى جامعة تل أبيب محاضرات وندوات ومؤتمرات عن تفصيلات ثورة 1919 المصرية.
ولماذا جامعة تل أبيب تولى هذا الاهتمام بثورة 1919؟
لأنها كانت أول ثورة ضد الاستعمار الغربى العالمى، فالأوربيون استعمروا العالم بزعم التقدم والارتقاء به، لكن فى بعض البلدان انتفضت ضد الاستعمار الانجليزى مثل مصر ودول أخرى، وثورة 19 ألهمت وألهبت الناس كلها فى العالم، وثورة 19 كانت آخر موقف يشارك فيه اليهود والأقباط والمسلمين معا فى حدث سياسى كبير.
ما هو موقفك بعدما هاجمك شباب فلسطينيون فى الجلسة الافتتاحية؟
فى الدقائق الأولى بعد تقديمى بواسطة شيمون شامير قام حوالى 20 طالبا وهتفوا ضدى بشعارات منها "يسقط التطبيع ويسقط عملاء التطبيع وعاشت مصر عربية وعاشت فلسطين عربية"، وقاموا بالانسحاب من المحاضرة.
ماذا فعلت فى هذه اللحظة؟
قمت بالتصفيق لهم.
لماذا كانت رد فعلك التصفيق؟
رغم أن الحدث كان موجها ضدى، إلا أننى فى أعماقى عروبة وناصرى، وكنت سعيد أنه لازال يوجد شباب فلسطينى من أبناء الجيل الثالث لعرب 48 مازال معتزا بعروبته ومعاديا للتطبيع، وهذا الجزء الذى كان بداخلى استجاب لهم وتعاطف معهم، بينما الجزء الثانى بداخلى الذى لم يستجيب أو يتعاطف معهم، إنهم لم يجلسوا ويحضروا باقى المحاضرة ليسمعوا ماذا سأقول، ولم يحاولوا التحاور معى ليعرفوا سبب زيارتى لجامعة تل أبيب.
أجد فى حديثك تناقضا، كيف تكون سعيدا من شباب هتف ضدك، وأيضا انزجعت فى نفس الوقت؟
أنا ذهبت لإسرائيل بسبب مؤتمر أكاديمى يتحدث عن ثورة 1919 والربيع العربى، وأريد أن أقول لك إن إنجلترا كانت محتلة لنا ومع ذلك كانت هناك بعثات تعليمية تذهب إليها، فمعظم الأجيال من أجدادنا تعلموا فى إنجلترا، فالتعليم الأكاديمى شىء والموقف السياسى شىء آخر، ونحن استقبلنا إسرائيليين هنا فى مركز ابن خلدون، وكنت أتمنى أن يجلس الشباب ليسمعوا ماذا سأقول.
يعنى ممكن نقول حضرتك أكاديميا مع التطبيع وسياسيا ضد التطبيع؟
لم أقل إنى ضد التطبيع ولا علميا ولا أكاديميا ولا سياسيًا.
يعنى حضرتك مع التطبيع؟
أنا مع السلام بكل تفاصيله بما فيه التطبيع، لأن العالم كله اتجه لهذا الاتجاه حاليًا، وأصبحت لا توجد مشكلات التى كانت موجودة زمان.
ماذا فعلت بعد انتهاء المحاضرات داخل جامعة تل أبيب؟
أكملت زيارتى، وكانت لمدة يومين فقط، ثم ذهبت إلى البرتغال لارتباطى بعقد مؤتمر هناك، وكان هذا المؤتمر أيضا عن ثورات الربيع العربى.
ما رأيك فى الهجوم الذى أثير عنك بعد زيارتك لإسرائيل واتهام البعض لك بالجاسوسية والعمالة؟
من يتهمنى بذلك نقول له "البينة على من ادعى"، وهل من قالوا ذلك هم رسول الوطنية، والشخص الذى اتهمنى بذلك أعتبره تافها وكلامه ليس له لون أو طعم أو رائحة، ويسعى لتملق السلطات، ومن يتهمنى بالعمالة "هو اللى عميل"، وأضح أنه يمتلك أصول العمالة.
وكيف ذهبت لإسرائيل؟
أنا كنت فى العاصمة الإسبانية مدريد، لقضاء "الكريسماس" مع ابنى ثم ذهبت إلى إسرائيل وكل هذا فى خلال أسبوع.
هل ثناء حضرتك على طريقة التعليم فى إسرائيل يعتبر دعوة منك للمصريين للتعلم فى تل أبيب؟
لا، إنما دعوة لمعرفة حقيقة لماذا جامعة عبرية "تل أبيب" مصنفة ضمن أفضل 100 جامعة فى العالم، ولا يوجد جامعة مصرية باستثناء الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى التصنيف الـ500، وأنا أتمنى أن تكون جامعة القاهرة بمستوى العلمى لأكسفورد.
هل يوجد فرع للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان هناك؟
طبعًا، التنظيم الدولى للإخوان له فروع فى 88 دولة.
هل جاءت سيرتهم داخل جامعة تل أبيب؟
أغلب الظن أن الطلاب الذين هتفوا ضدى فى بداية المحاضرة إسلاميين سواء منتمين لحماس أو لفتح.
ما رأيك فى الذين يصفونك بأنك "رجل الأمريكان فى مصر"؟
من يقول ذلك حر، وأنا بسمع هذا الكلام كثيرا.
ما رأيك فى التيار الإسلامى؟
جزء لا يتجزأ من الخريطة السياسية المصرية وسيظل كذلك إلى أبد الآبدين، ولذلك دعوت للمصالحة بين الإخوان والمجتمع والسلطة، لأنه لن تستطيع القضاء على الإخوان المسلمين لأنهم موجودون على الساحة من 80 سنة، وبالتالى لابد أن نجد لهم مكانا ما فى الخريطة السياسية.
بمناسبة مئوية عبد الناصر، لماذا تردد دائما أنك ناصريا؟
أنا أعتز جدًا بالزعيم عبد الناصر، وأعتبر نفسى ناصرى رغم أن الناصريين يعتبرونى أنى ناصرى فسدت، والناصريون مثل الإسلاميون "الإخوان والسلفيين"، يعملون بمبدأ "إما معانا 100% إما أن تكون عدونا"، وأنا إعجابى بعبد الناصر كزعيم وطنى وكان إلهاما للعالم الثالث كله وهذا شىء تفخر به مصر، وأنا مدين لعبد الناصر بأشياء كثيرة، منها أنه هو الذى جعلنى تركت الإخوان وجعلنى ناصريا.
كم قضيت فى جماعة الإخوان وكيف تركت الجماعة؟
دخلت الإخوان وأنا عندى 8 سنوات حتى أصبح سنى 15 سنة، وحينما قابلت عبد الناصر وأنا فى الصف الثانى الثانوى أثناء لقاء عبد الناصر بالمتفوقين، وكنت مازلت إخوانيا، وكنت متأثر جدًا بما فعله جمال عبد الناصر فى جماعة الإخوان وقتها، ثم حصل حديث بينى وبين جمال عبد الناصر خلال هذا اللقاء، و"الراجل خدنى على قد عقلى" وتركتنى أتحدث وانتقدت ما يحدث للإخوان بسبب التعذيب بالإضافة إلى إلقاء القبض على أشخاص ليس لهم علاقة بالإخوان، وذكرت للرئيس عبد الناصر اسم زميلى ليا وقتها اسمه عبد الحميد حسانين تم القبض عليه وتم تعذيبه حتى جن، وتكهرب الجو وقتها بسبب ما قلته، فبدد عبد الناصر الجو بحكاية.
وما هى الحكاية التى ألقاها عبد الناصر؟
وقتها أخرج جمال عبد الناصر قلما من جيبه، وقال لنا:"هذا القلم من الذهب الخالص وأخذته هدية من الرئيس أيزنهاور، وأنا أعتز به، لأنه هدية من جنرال أمريكى وليس لأنه رئيس أمريكا، وفى يوم هذا القلم ضاع منى، فاتصلت بـ"زكريا محيى الدين وزير الداخلية وقتها" وقلت له إن القلم الذى جاء لى هدية من الرئيس الأمريكى أيزنهاور واضح أنه اتسرق فابحثوا عنه، وبعد 10 دقائق فتحت درج بجوارى فوجدت القلم، فاتصلت بـ"زكريا محيى الدين" لأقول له إنى وجدته ، فوقتها أبلغنى زكريا بأنهم قبضوا على السارق واعترف بجريمته"، وقتها إحنا ضحكنا بصوت مرتفع، وعبد الناصر ذكر لنا هذه الحدوتة ليكشف حجم الفساد المتوغل فى الدولة".
لكن لماذا تركت الإخوان بسبب هذه القصة؟
لأنى عندما عودت إلى بلدنا المنصورة بعد هذا اللقاء مع عبد الناصر، وجدت وقتها الزعيم عبد الناصر أرسل زميلى عبد الحميد حسنين فى سيارة بصحبة محافظ الدقهلية بالإضافة إلى أنه أرسل لأم زميلى علبة شيكولاتة و100 جنيه، فهذا الموقف جعلنى أراجع أفكارى وقلب كيانى وحولنى إلى عاشق لعبد الناصر، وكل هذه الحدودتة ذكرتها فى مذكراتى.
بمناسبة مذكراتك، فقد اطلعت على الجزء الذى اعترفت فيه على علاقات النسائية، فهذا الموضوع لم يزعج ضميرك؟
تعاملت فى الخارج أن حرام وحلال مرتبطة بالقيم، وأنا يكون الشخص أمينا ومخلصا وعادلا وهذه القيم التى تحل مكان حرام وحلال، والعلاقات الجنسية حلال طالما بالتراضى بين أى طرفين، ولذلك تجد فى أمريكا الكلام عن ترامب وعلاقات النسائية أمرا عاديا.