مدينة دمياط هى مدينة قديمة اشتقت اسمها من تامحيت Tameht بمعنى أرض الشمال باللغة المصرية القديمة، ثم حرفت إلى Temiatبالقبطية والى Tamia this باللاتينية، وكان موقعها القديم فى الجهة الشمالية من المدينة الحالية بحوالى 12 كيلو ونقلت إلى مكانها الحالى، كما ذكر فى القاموس الجغرافى لمحمد رمزى عام 633 هجرية وذلك كخط دفاع أول للمدينة حظرا من غزوات البحر، ولم تظهر أية شواهد أثرية فى العصر الفرعونى استخرجت من دمياط غير ناقوس من العصر الفرعونى تم العثور عليه فى مدينة دمياط نفسها، أما معظم الآثار المكتشفة والموجودة حاليا بدمياط فتعود إلى العصرين اليونانى والرومانى كذلك العصور الإسلامية بمراحلها المختلفة.
ويقول الأثرى تامر العراقى ابن محافظة دمياط والباحث فى الآثار الكلاسيكية: إن دمياط كانت مركزا لصناعة وسك أو ضرب العملة الصليبية فى مصر، حيث تعرضت دمياط لحملتين صليبيتين الأولى هى الحملة الخامسة بقيادة حنا دى برين ملك بيت المقدس والذى تمكن من احتلال دمياط فى الخامس من نوفمبر عام 1219 م حتى 7 سبتمبر عام 1221م.
أما الحملة الثانية فكانت هى الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا والتى لم تمكث كثيرا بعد أسر لويس التاسع فى قرية ميت الخولى عبد الله وتم جلاء الحملة فى مايو عام 1250م
ويستطرد العراقى الحديث قائلا: الحملة الصليبية الخامسة نظرا لبقائها مدة أطول فى دمياط فقد اضطر الصليبيون لإنشاء دار لسك عملة خاصة بهم ولتعاملاتهم التجارية أطلقوا عليها (نقود الضرورة)، حيث صعب على الصليبين التعامل بالدنانير الإسلامية الموجودة فى المدينة ذلك الوقت نظرا لاكتناز التجار المسلمين لثرواتهم خوفا من استيلاء الصليبين عليها، لذا اضطر الصليبون لإصدار نقود صليبية بكتابات لاتينية فرضوها على أهالى دمياط.
وأضاف العراقى هذه النقود هى مسكوكات نادرة وفريدة من نوعها كما ذكر الدكتور رأفت النبراوى عالم الآثار والمسكوكات الإسلامية فى كتابه "النقود الصليبية فى الشام ومصر" حيث لم يلبث أن طرد الصليبون من دمياط بعد حوالى 22 شهرا من احتلالهم المدينة، ومن هنا جاءت ندرة هذه النقود.
ويضيف العراقى أن دمياط هى المدينة الوحيدة التى أنشأ بها الصليبون دار لسك العملة ذات الكتابات اللاتينية، فهى نقود قليلة العدد ونادرة جدا، ولكنها دليل أثرى ومادى يكشف لنا على حقيقة نواياهم التوسعية الاستعمارية ورغبتهم فى تكوين إمارة صليبية جديدة فى المدينة كما حدث فى الشام وتكون بؤرة لهم فى الزحف على باقى القطر المصري.
وأشار العراقى أن الصليبين قد سكوا أربعة أنواع من هذه النقود
النوع الأول: كما ذكر فى كتاب دكتور النبراوى هى دنانير من الفضة على مركز الوجه صليب كبير تتسع أذرعه الأربعة فى نهايتها وتختصر بينها اثنتين من الحبيبات واحدة فى الربع الأيمن العلوى والأخرى فى السفلى
النوع الثانى: فيشبه النوع الأول تماما ولكن الاختلاف فقط بان الحرف E قد سجل بعد الحرف I بدلا من A كما فى النوع الأول.
والنوعان الثالث والرابع فيوجد على الوجه مدرج مرتفع فرقة صليب مزدوج ويخرج من أعلاه زخرفة منحنية إلى اعلى وهى عبارة عن سعفه نخيل وهى عند الرومان رمز النصر، أما عند المسيحيين فهى انتصار الشهيد على الموت.
وأشار العراقى إلى أن هذه الصور من كتالوج رسالة ماجستير للدكتور النبراوى بكلية الآثار نقلا عن مقاله للفرنسى بارثليمى بعنوان " قطعة نقود دمياط " عام 1859م " Monnaite de Damiette en 1219 وهى محفوظة حاليا فى بفرنسا.
احد صور العملة الصليبية فى مصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة