فى إطار حالة من الاحتجاج والرفض الحقوقى الواسع لقوانين التجسس الجديدة، التى تتجه أستراليا لسنها، أبدت الكنيسة الكاثوليكية فى البلاد مخاوف من أن تجبر تلك القوانين الكهنة والراهبات على إعلان أنهم عملاء من الفاتيكان.
وتلزم هذه القوانين، التى تهدف لتقويض التدخل الأجنبى فى البلاد وسط مخاوف من جهود صينية للتدخل فى سياسات أستراليا وجامعاتها، أى شخص يعمل مع قوة أجنبية بالكشف عن وضعه وتفاصيل عمله وإما يتم توجيه اتهامات جنائية له. غير أن قادة الكنيسة الكاثوليكية يرون أن هذه الإجراءات سوف تسكت أعضاء الكنيسة المشاركون فى أنشطة حقوقية وربما تلزمهم بالتسجيل كعملاء للبابا فرانسيس أو الفاتيكان.
وبحسب صحيفة الديلى تليجراف، البريطانية، قال المطران الكاثوليكى روبرت ماكجوكين من توومبا فى كوينزلاند فى تحقيق برلمانى: إ"الكاثوليك هم اتباع يسوع المسيح، وأننا لسنا وكلاء لحكومة أجنبية". مضيفًا: "الكنيسة الكاثوليكية فى أستراليا تتكون من الملايين من المواطنين الأستراليين الذين يمارسون عقيدتهم، وليسوا مملوكين قوة أجنبية".
وحذر المطران الكاثوليكى، أنه بموجب القانون فإن كل كاثوليكى مشارك فى نشاط حقوقى أو رعوى قد يحتاج إلى التسجيل والإبلاغ، موضحًا أنه نظرا لأن الكاثوليك يشكلون أكثر من 20% من سكان أستراليا، متابعًا: "نعتقد أن هناك الكثير من التسجيلات".
وقال مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الأستراليين، إن القوانين تتضمن إعفاء للجماعات الدينية، ولكنها تستند خطأ إلى افتراض أن الكنيسة الكاثوليكية في أستراليا تعمل بالنيابة عن الفاتيكان، مشيرًا فى مقابلة مع صحيفة ذا أستراليان، إلى أن الكنيسة الكاثوليكية ليست المنظمة الوحيدة التى لها روابط دولية معرضة لخطر الإتهام، بشكل متعمد أو غير مقصود، بموجب القوانين الجديدة.
القوانين، التى دفع بها رئيس الوزراء الاسترالى، مالكوم ترانبول، تواجه انتقادات حادة من الحقوقيون والصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان وجماعات المراقبة باعتبارها تهدد بجعل البلد الديمقراطى أشبه بالأنظمة الاستبدادية.
وعندما اقترح ترنبول، قوانين التجسس الجديدة، أكد على الحاجة إلى أن يبلغ المسئولين العاملين ممن ذو علاقة بالحكومات والهيئات حول العالم عن أى جهود أجنبية للتدخل فى السياسات الداخلية.
وتم تقديم مشروع القانون فى ديسمبر الماضى، حيث رأى الكثيرون داخل الحكومة، أنه أداة حيوية لحماية البلاد من التدخل الخارجى من قبل بلدان مثل الصين وروسيا.
لكن الحقوقيون والصحفيين وغيرهم من الجماعات المراقبة للحكومة جميعهم انتقدوا هذه القواعد الجديدة باعتبارها تهديد للديمقراطية.
وقالت إليان بيرسون، المديرة الاسترالية لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "هذه القوانين تمنح الحكومة مستوى جم من السلطات، إنها خطيرة للغاية".
وفى المقابل تصر الحكومة على أن القوانين ضرورية وتمت صياغتها بحرص، وبدأ عقد جلسات الاستماع فى البرلمان الأسترالى، هذا الأسبوع، حيث تركز الشهادات على مخاطر النهج الأمنى الواسع للقوانين.
وتشير نيويورك تايمز أنه بالنسبة لنشطاء حقوق الإنسان، فإنه القوانين الجديدة تعرقل الأبحاث الخاصة بعملهم فضلا عن احتمال اعتبار المحادثات العادية مع المسئولين الأجانب جريمة.
وتنقل عن بيرسون قولها، إنه سيكون من الخطير لها التحدث للحكومة الأمريكية أو مسئولى الأمم المتحدة بشأن ما قد أخبرتها به حول حقوق الإنسان حتى لو كان فيما يتعلق بأى بلد أخرى وليس أستراليا فقط، مضيفة أن المحادثات العادية قد تصبح جريمة إذا قام أى شخص من هذه المنظمات بكتابة مذكرة بشأن ما تم مناقشته، خاصة إذا ما اعتبرت الحكومة أن هذه المعلومات حيوية بما يتوافق مع تعريفها الأوسع لمصالح الأمن القومى.
وبالنسبة للصحفيين فإنهم معرضون للمحاكمة والحبس لمدة تصل إلى خمس سنوات فى حالة نشر أى معلومات أو صور غير مصرح حكوميا استخدامها.
وضربت الصحيفة مثالًَا على ذلك بأنه إذا كان صحفى يقوم بكتابة قصة عن الماجرين غير الشرعيين القادمين من أندونيسيا وألتقى فى إطار ذلك بمسئول متقاعد من قوات حرس الحدود.
وأضافت الصحيفة، أنه إذا أمده هذا المسئول بصورة له أثناء العمل تعود لعام 2013، مثلا، وقام الصحفى بنشرها، ومن ثم قال مسئولو الهجرة، إن الصورة سرية، على الرغم من أن المصدر قال إنه تم اعتبارها سرية بعد مغادرة عمله. ففى هذه الحالة يكون الصحفى قد تورط فى قضية تتعلق بنشر مواد حكومية غير مصرح باستخدامها وهو ما تصل عقوبته لخمس سنوات.
كما تطال القوانين موظفى الحكومة بما يعرقل عملية الشفافية، ذلك وفقا للمفتش العام وأمين المظالم فى الكومنولث. وتشمل القوانين الجديدة المقترحة العلاقات الإقتصادية مع الدول الأخرى.