هؤلاء يحكمون الدنيا من الآخرة.. صلاح الدين الأيوبى المفترى عليه بعد موته بـ800عام.. الشعراوى لغط لا ينتهى.. الجدل يتجدد حول عبدالناصر من بوابة "طعام سويسرا".. الثورة العرابية التاريخ الذى لا يعرفه يوسف زيدان

الخميس، 04 يناير 2018 08:35 ص
هؤلاء يحكمون الدنيا من الآخرة.. صلاح الدين الأيوبى المفترى عليه بعد موته بـ800عام.. الشعراوى لغط لا ينتهى.. الجدل يتجدد حول عبدالناصر من بوابة "طعام سويسرا".. الثورة العرابية التاريخ الذى لا يعرفه يوسف زيدان هؤلاء يحكمون الدنيا من الآخرة
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم انقضاء عام 2017، وبداية عام 2018، لكن مازالت الظاهرة الأكثر غرابة هى عودة أشخاص من حياتهم الآخرة ليحكموا العالم من جديد، فمازال الجدل حول الشخصيات التاريخية مستمرًا، والذى بدأه عمرو موسى بمذكراته، التى اتهم فيها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بشراء طعامه من سويسرا، ثم استحوذ يوسف زيدان بالجدل حول شخصين، هما الزعيم أحمد عرابى الذى هاجمه، معتبرًا إياه أنه سبب احتلال مصر، قائلا: إنه لم يقف أمام الخديو أصلا، وكذلك صلاح الدين الذى اتهمه يوسف زيدان بأنه واحد من أحقر الشخصيات، ثم اختتم العام بهجوم الكاتبة الكبيرة فريدة الشوباشى على الشيخ الشعراوى، وهو ما أعاد للذاكرة أيضًا كل الانتقادات التى وجهت للشعراوى خلال حياته.. مضى هؤلاء وفارقوا عالمنا إلى عالم آخر، لكن عالمنا مازال متأثرا بهم، حتى  يمكننا أن نقول وبكل ثقة، إن هؤلاء مازالوا يحكمون العالم من قبورهم.



«الشوباشى» تساءلت: لماذا سجد عند النكسة متهما عبدالناصر بـ«الشيوعية» لكنه نعاه بعدها بوصفه الرجل الذى نشر الإسلام؟
نعاه بعدها بوصفه الرجل الذى نشر الإسلام؟

 


خالد منتصر اعتبره مسؤولا عن تعطيل قانون زراعة الأعضاء لربع قرن من الزمان لتحريمها

 
فى 2017 عاد الجدل الذى لا ينتهى حول الشيخ الشعراوى إلى الواجهة، بعد الاتهامات التى كالتها له الكاتبة الصحفية الكبيرة فريدة الشوباشى فى حوارها مع «اليوم السابع»، التى اتهمت فيه الشيخ بنشر التطرف.
 
 
ورغم أن الرجل قد فارق الحياة منذ ما يقرب من 20 عاما، إلا أن الجدل حول شخصه وأفكاره لا يلبث أن يختفى حتى يعود من جديد للواجهة، هو أصلا جدل بدأ فى حياته وحول شطرا منها إلى معارك وأسئلة واستفسارات ومناطق غموض حول الكثير من موافقه لدى البعض.

الشعراوى والزعماء تقارب أزعج الكثيرين

علاقة الشيخ الشعراوى بالسلطة هى أحد الأمور التى طالما أثارت جدلا واسعا حوله، بل إن الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى أفرد كتابا كاملا يتحدث فيه عن هذه المسألة تحديدا، عبر تتبعه للأشعار التى كتبها خلال حياته، فيرصد مثلا ما كتبه فى مديح النحاس وسعد زغلول باعتبار انتمائه الوفدى قائلا: «ودمت يا ذكر سعد ملهباً أمما/ يسعى إلى مجدها النحاس والوفد»، لكنه فى الوقت نفسه يمدح الملك خصم الوفد قائلا: «فإذا الطلعة السنية لاحت.. وتجلى الفارق بحبل موطد، كبر الحشد والأكف تلاقت.. بين مردد الهتاف وزغرد!».

 

 

 
المديح فى الملك فاروق ووصف طلعته بـ«السنية» ممتد حتى من قبله، فقد كتب الشعراوى مادحا الملك «فؤاد» قائلا: «عد أبا الفاروق فياح الشذا/ حبذا العود ببدء حبذا، أنقذ الأزهر من أزمته/ فكفى رأى فؤاد منقذا».
 
الذين ينتقدون الشعراوى ومن بينهم الكاتبة الكبيرة فريدة الشوباشى، وإبراهيم عيسى ذكروا مديحه لفؤاد وفاروق، مقارنين إياه بإشادته بثورة يوليو، هذه الثورة التى أجتزت حزبه، «الوفد»، من الحياة السياسية، ووضعت زعماؤه تحت الإقامة الجبرية، وسجنت بعضا منهم، ففى مديحها يقول الشعراوى: «أحييها ثورة كالنار عارمة/ ومصر بين محبور ومرتقب، شقت توزع بالقسطاس جذوتها الشعب للنور والطغيان للهب».
 
وهو أمر يجده هؤلاء الناقدون للشيخ الشعراوى تحولات غير مفهومة، من محب للملك فاروق ونظامه من صاحب «طلعة سنية»، إلى طاغية تجتزه ثورة يوليو.
هؤلاء أيضا ينتقدون ما كاله للسادات من مديح لم يكن لغيره، ففى مارس من عام 1978 وقف الشيخ الشعراوى تحت قبة البرلمان ليقول عبارته: «والذى نفسى بيده لو كان لى من الأمر شىء لحكمتُ لهذا الرجل الذى رفعنا تلك الرفعة وانتشلنا مما كنا فيه إلى قمة ألا يسأل عما يفعل»، وهى العبارة التى ظلت حتى آخر يوم من أيام حياة الشعراوى محل جدل بل وغضب من البعض.
 
 
صور-الشيخ-الشعراوي-4-450x295
 

الشعراوى والإخوان وأسئلة حائرة

واحدة من المناطق التى توقف عندها الناقدون علاقة الشعراوى بالإخوان المسلمين، ففى الكتب المتنوعة والحوارات الصحفية التى يحكى فيها الشعراوى ذكرياته، التى أجراها الكاتب الصحفى محمود فوزى، يحكى الشعراوى عن انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين فى الثلاثينات، بل إنه يقول إن بيان تأسيس فرع جماعة الإخوان فى القاهرة كان هو أحد الموقعين عليه، لكنه انسحب عام 1939 حين وجد أن العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين تتنافى مع حبه لحزب الوفد وزعيمه مصطفى النحاس، وكان حبه للوفد أشد.

 

لكن بعد كل تلك السنوات كيف رأى الشعراوى الإخوان؟ يستدل هؤلاء بالحوار المنشور بجريدة المصور فى مارس عام 1982، والذى يرى فيه الشعراوى إن حسن البنا كان من أفضل الدعاة، لكن المشكلة كانت فيمن لحقه، فيقول: «لم يعرف العالم داعية مخلصا مستنيرا كالشيخ حسن البنا، الشيخ حسن قمة فى الدعوة إلى الله عندما تسمع له، وإلا فكيف استطاع أن يجمع كل هؤلاء الناس، وكيف رباهم، عندما ترى الأجيال التى كانت موجودة تجدها شيئاً عظيماً».
من يهاجمون الشعراوى يقولون إن الأخطر من الإعجاب بحسن البنا، هو إعجاب الشعراوى بسيد قطب، أو كما سماه هو صاحب الظلال الوارفة، حيث يقول فى حلقة تليفزيونية مازالت موجودة على موقع «يوتيوب»: «رحم الله صاحب الظلال الوارفة الشيخ سيد قطب، فقد استطاع أن يستخلص مبادئ إيمانية عقائدية، لو أن المسلمين فى جميع بقاع الأرض جعلوها نصب أعينهم لما كان لأى دولة من دول الكفر غلبة علينا».
 
لكن حفيد الشعراوى فى حواره مع «اليوم السابع»، الذى أجرته الزميلة زينب عبد اللاه، قال بشكل واضح إن الشيخ الشعراوى كشف عن مفاجأة خطيرة، وهى أن الإخوان المسلمين حاولوا قتل الشيخ الشعراوى حرقا، ووقفوا ضده ووقف ضدهم، كما أنه اتخذ موقفا واضحا من اتجاههم لتفسير الدين بـ«السياسة»، ومنهج يوسف القرضاوى فى الإفتاء.

الشعراوى يتخذ موقفا متشددا من زراعة الأعضاء

أحد من هاجموا الشيخ الشعراوى فى 2017 لمواقفه كان الكاتب الصحفى والطبيب خالد منتصر الذى اعتبره مسؤولا عن تأخر قانون زراعة الأعضاء لسنوات طويلة، حيث حرم الشعراوى نقل الأعضاء، معتبرا أن نقل الأعضاء حرام شرعا، لأن جسد الإنسان لا يملكه بل هو ملك لله تعالى، فبالتالى لا يجب أن يتم نقل الأعضاء أو التبرع بها.

 

بل إن الشيخ الشعراوى يذهب إلى أكثر من ذلك، ففى كتاب «الشعراوى وفتاوى العصر»، يقول الشيخ الشعراوى للصحفى محمود فوزى، إن من يبيع أعضاءه كافر لأنه تصرف فى «ملكية الله».
 
 
الدكتور «خالد منتصر» قال فى أحد مقالاته إن هذا الموقف الغريب من الشيخ الشعراوى عطل لربع قرن قانون زراعة الأعضاء، متهما إياه أنه رغم فتواه المعطلة تلك أجرى زراعة قرنية فى آخر حياته.

لماذا شكر الشعراوى الله على النكسة ومدح ناصر ووصفه بـ«ناشر الإسلام؟»

سجدة الشعراوى شكرا لله عند حدوث نكسة يونيو 1967، أكبر علامات الاستفهام التى يرددها الناقدون لأفكاره، وربما كانت المحور الأساسى للمعركة التى خاضتها فريدة الشوباشى حول الشيخ فى 2017، وهو ما تراه هى وغيرها مدخلا لانتقاد، أن يسجد الشخص لهزيمة بلاده أمام عدو لا يراعى حرمة ولا يملك ضميرا، لكن مبرر الشعراوى كان رؤيته بأننا لو انتصرنا فى «أحضان الشيوعية»، على حد وصفه، لكانت فتنة!

 

هذا المبرر أيضا رآه المنتقدون غريبا، فعبدالناصر لم يكن «شيوعيا» وإن طبق السياسات الاشتراكية الاقتصادية، لكن الرجل كان مؤمنا مسلما موحدا بالله، يعرف ويقدر الرموز الدينية.
 
الأخطر من هذا هو ما يرد به البعض بأن الشعراوى الذى سجد لله شكرا عند حدوث النكسة كى لا يكون انتصارا لـ«الشيوعية» التى يمثلها جمال عبدالناصر ونظامه، كتب بعد 3 سنوات من النكسة مقالا يرثى فيه جمال عبدالناصر بعد وفاته، يقول فيه: «هو ميت يعيش معنا، وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير، والملهم الملهم، والقائد الحتم، والزعيم بلا زعم، لو كنا منطقيين مع تسلسل العجائب فيه لكان موته بلا حداد عليه، لأننا لم نفقد عطاءنا منه، إنه وهو ميت لا يزال وقود الأحياء».

 

توفيق الحكيم يبلغ الشرطة عن نفسه بسبب الشعراوى

واحدة من أكثر المعارك التى خاضها الشيخ الشعراوى، كانت معركة ضد أهم أدباء مصر يوسف أدريس وتوفيق الحكيم، وزكى نجيب محمود، حين نشر توفيق الحكيم سلسلة مقالات فى جريدة «الأهرام» حملت اسم «حديث مع الله» عام 1983، فثار الشعراوى لهذا أيما ثورة، وأصدر بيانا شهيرا نشر فى جريدة «اللواء الإسلامى» يتهم فيه توفيق الحكيم بالضلال، ويشكك فى عقيدته.
 
التشكيك فى عقيدة توفيق الحكيم جعلت من الرجل يخشى على حياته، وأن يتقدم ببلاغ للنائب العام طالبا التحقيق معه إن كان قد أخطأ، لأنه يشعر بأن حياته مهددة ومعرضة للخطر، بل ويتهم الحكيم بحسب ما رواه فى كتابه توفيق الحكيم يتذكر، الشعراوى بأنه يقود حملة غوغائية تشكك فى دينه، وتهيج الرأى العام ضده، وتعرض حياته للخطر».
 

صلاح الدين الأيوبى.. المفترى عليه بعد موته بـ800 عام 

«بطل حطين» اضطر لمحاربة أمراء الشام لتوحيد بلاد مفتتة ضد عدو استوطنهم عشرات السنوات 
 

 لم يكن هناك مفهوم لمعنى «الآثار» فى التاريخ كما نراها اليوم وصلاح الدين ليس أول من استخدم أحجار المعابد والأهرام فى البناء

من بين أغوار التاريخ خرج صلاح الدين إلى الواجهة من جديد فى عام 2017 ليحتل جدلا واسعا على يد يوسف زيدان، الذى وصفه بأحد أحقر شخصيات التاريخ الإنسانى، قائلا، إنه حرق مكتبة القصر الكبير بدعوى مواجهة الفكر الشيعى، وإنه ارتكب جريمة إنسانية بمنع الفاطميين من التناسل حين احتجز الذكور بعيدا عن الإناث لمدة 100 عام فى منطقة بعيدة عن السيدات، بحيث لا يرون أنثى فى حياتهم فينقطع نسلهم. حديث يوسف زيدان أثار سخطا كبيرا عليه، وأعاد من جديد صلاح الدين إلى الواجهة بعد أكثر من 800 عام على وفاته، وما زال مستمرا حتى مع بداية عام 2018. 

 
جدل صلاح الدين الأيوبى يبدأ أصلا من ليلة مولده لأبيه نجم الدين أيوب والى تكريت فى العراق، فهناك من يعتقدون أنه ابن أسرة كردية، وأن نسب العائلة يمتد للكرد، فيما يرى آخرون أنهم عرب نزلوا عند الأكراد، بل يبالغ البعض الآخر حفاوة به لينسبه إلى قريش. 
 
طاف صلاح الدين فى طفولته بلدانا عدة، ففى بعلبك التى ظل والده واليا عليها مدة سبع سنوات كانت طفولته، ثم انتقل على دمشق فى شبابه وهناك درس الهندسة والكيمياء، وانضم ليكون عسكريا فى جيش الملك نور الدين زنكى، كانت الخلافة العباسية ممزقة بين عدة خلافات، فهناك الفاطمية فى مصر وحتى تونس، وهناك شريط محتل على الساحل للصليبيين، وممالك ممزقة فى الشام، وهناك الخليفة العباسى فى بغداد وما حولها، فيما كانت أسرة نور الدين زنكى قريبة من أسرة «أيوب»، حيث كان شديد الاعتماد عليهم بعدما أنقذوه من الموت حين التقى جيشه بجيش الخليفة المسترشد قبل سنوات.
 
كانت عين نور الدين مسلطة على مصر الخلافة الفاطمية التى كانت توشك على الاحتضار، وكانت الخلافات على أشدها بين الوزيرين اللذين يحكمانها وهما «شاور» و«ضرغام»، قدم «شاور» مستعينا بنور الدين محمود الذى جند شيركوه ليقود حملة إلى مصر تستهدف الوزير ضرغام، تلك الحملة التى ستكون بداية سطوع صلاح الدين والتى انطلقت عام 1164.
 
وبالفعل استطاعت الحملة قتل ضرغام، لكن شاور قرر أن يغدر بهم ويسلم البلاد إلى الصليبيين الذين حاصروا أسد الدين شيركوه فى بلبيس ثلاثة أشهر، لكن أسد الدين شيركوه الذى استعان بصلاح الدين ابن أخيه الشاب واستطاعا أن يقلبا ظهر المجن على شاور، ويستوليا على مصر بأكملها وينتزعاها من يده، فى تلك الفترة كان الظهور الكبير لصلاح الدين قائدا مميزا، وأسر صلاح الدين أحد أكبر قادة الجيش الصليبى وهو صاحب قيسارية، وبعد طول معارك ألقى القبض على شاور وأصدر الخليفة الفاطمى العاضد لدين الله أمرا بقتله وعين أسد الدين شيركوه وزيرا. أصبح أسد الدين شيركوه الرجل الأول فى مصر، يساعده صلاح الدين الأيوبى، وحين توفى أسد الدين شيركوه أسندت المهمة إلى صلاح الدين، فى هذا الوقت كان الصليبيون يتجهزون لحملة جديدة، معتقدين أن صلاح الدين شخص غير مؤهل للقيادة، فى 25 أكتوبر من عام 1169 حاصر الصليبيين ميناء دمياط فى الإسكندرية، إلا أن صلاح الدين استطاع أن يفشل حملتهم. بهذا الانتصار ثبت صلاح الدين ملكه على مصر فى ظروف تاريخية بالغة التعقيد، فقد كان الخليفة العاضد بالله آخر خلفاء الفاطميين يعانى مرض الموت، فى الوقت الذى طلب فيه نور الدين زنكى من صلاح الدين أن يتم الدعاء للخليفة العباسى على المنابر بدلا من الخليفة الفاطمى، وهو الأمر الذى ماطل فيه صلاح الدين طويلا، لأنه خاف من ثورة الناس عليه، لكنه وبعد ضغط من نور الدين زنكى فعل ذلك. 
 
مع الوقت بدأ «نور الدين زنكى» التخوف من أن يستقل صلاح الدين الأيوبى بحكم مصر، ومع مرور الوقت وقعت القطيعة بين صلاح الدين ونور الدين زنكى الذى جهز جيشا ضخما لمحاولة خلع صلاح الدين، إلا أن هذا الجيش لم تكتب له الحركة قط، إذ توفى نور الدين زنكى عام 1174، وبذلك أصبح صلاح الدين حاكم مصر الأوحد.
 
كان صلاح الدين الأيوبى يرى أن انقسام الشام لممالك وإمارات صغيرة هو الذى أعطى القوة للصليبيين الذين قدموا منذ ما يقرب من 90 عاما واستوطنوا شريطا ساحليا فى بلاد الشام، والذين دائما ما كانت تقع بينهم الحروب مستعينين بالصليبيين على بعضهم البعض، لذا فكان القرار أن يجعل الشام كلها موحدة تحت حكمه، وكان الطريق أمامه مفتوحا لضم ممالك الشام، فقاد جيشه نحو دمشق، التى دخلها بسهولة سلما، ثم بدأ يسترد المدن المحيطة بالشريط الساحلى، فغنم حماة، وعددا من المدن الأخرى فى الشام، واستمرت الحرب بين الأيوبيين وأتباع نور الدين زنكى، حتى استطاع صلاح الدين أن يضم شطرا كبيرا من الشام إلى ملكه.
 
بعد ذلك تحول صلاح الدين الأيوبى إلى طائفة الحشاشين الذين عرفوا بالاغتيالات، وتحصنهم فى القلاع فوق الجبال، لكنه لم يستطع أن يفتح حصونهم القوية، لكن هذه الحصون ربما هى التى ألهمته بناء قلعته الشهيرة فوق جبل المقطم، فعاد إلى مصر وبدأ فى بنائها.
 
بحلول عام 1183 كانت مملكة صلاح الدين تضم مصر وسوريا والحجاز وأطراف العراق، وبهذا كان قد استطاع تكوين مملكة تحيط ببيت المقدس وبقية الإمارات الصليبية شمالا وجنوبا، وفى أثناء توسيع مملكته وقع الحدث الذى استدعى صلاح الدين الأيوبى أن يدرك أن الوقت قد حان لاسترداد القدس، استغل صلاح الدين الخلافات بين الصليبيين، فحرك جيشه ناحية القدس، ثم التقى الصليبيين فى مروج حطين، استمرت المعركة لساعات طويلة، وعند انتهائها كانت الكارثة قد وقعت بالصليبيين الذين انهزموا هزيمة كبرى، بعدها اتجه إلى مدينة القدس وحاصرها 14 يوما قبل أن تستسلم المدينة لصلاح الدين، الذى دخلها فى 2 أكتوبر من عام 1187.
 
كانت استعادة بيت المقدس مبعثا لإرسال الصليبيين الحملة الصليبية الثالثة فى أوائل عام 1191، إذ اجتمع ملوك أوروبا لتسيير حملة ضخمة لاستعادتها، ورغم ما واجهته الحملة التى كان على رأسها ريتشارد الأول «قلب الأسد» ملك إنجلترا، وفيليب أغسطس ملك فرنسا، لكنها حاصرت مدينة عكا التى نجحوا فى إسقاطها بالفعل، وأعدموا كل المسلمين فيها وعددهم 3 آلاف، الأمر الذى استدعى صلاح الدين الأيوبى إلى الرد بإعدام الأسرى الصليبيين الذين فى حوزته، ورغم ذلك لم يكتب الانتصار الساحق للحملة الصليبية الثالثة إذ تبادل الفريقان المناوشات حتى أجهدتهما الحرب، وفى سبتمبر من عام 1192 انتهى الأمر بتوقيع هدنة تدوم 3 سنوات، على أن يعطى للمسيحيين حق الحج إلى القدس.
 
فى خلال تلك الفترة نمت علاقة احترام بين ريتشارد قلب الأسد وصلاح الدين الأيوبى، للدرجة التى عرض فيها ريتشارد الأول على صلاح الدين زواجه بشقيقته، كى يعم السلام لكن الأمر لم يتم، وفى النهاية وقع الفريقان صلحا عرف بمعاهدة الرملة، وعاد صلاح الدين إلى دمشق ليصاب بـ«الصفراء» وبدأ المرض يتزايد عليه، وبعد 12 يوما من السقوط فى الحمى توفى. 
 
المآخذ التى أثيرت حول صلاح الدين الأيوبى مشكلتها الحقيقية أنها تنظر للتاريخ بعين الحاضر، فكيف يمكن مثلا لصلاح الدين الأيوبى أن يهاجم ممالك أخرى مسلمة، لكن الحقيقة أن سقوط الإمارات الصليبية فى فخ الصليبيين وبقائهم فى منطقة الساحل الشامى لثلاث قرون كاملة إنما مرجعه شىء واحد هو تفكك وانهيار الدولة المركزية بين ممالك صغيرة، فقد أصبح كل أمير ملكا على مدينة، يتحالف مع الصليبيين حينا للفوز بمدينة أو قلعة، لذا فإن فتوحات صلاح الدين فى الشام هى التى مكنته بشكل واضح من استعادة المدينة المقدسة، وتحجيم الصليبيين وإيقاف توسعاتهم. 
 
أما ما قيل بشأن هدمه الآثار الفرعونية لاستخدامها فى بناء قلعته الضخمة، فإننا نتحدث عن ألف عام مضى، فلا حجر رشيد اكتشف، ولا الحضارة الفرعونية فكت طلاسمها، ولا حتى قيمة الآثار قد قدرت كتراث إنسانى ليس فى مصر فقط بل فى بلاد العالم كله، وليس فى عهد صلاح الدين الأيوبى بل على مر العصور، فهذه الثقافة لم تبدأ سوى بقدوم عصر التنوير فى أوربا، وأكبر دليل على ذلك أن أكبر المساجد الإسلامية فى عهود المماليك المتنوعة تحمل أعمدة وأحجارا عليها نقوش فرعونية واضحة. 
 
وحتى نقرب الصورة أكبر فلا يمكننا مثلا أن نلوم أجدادنا لأنهم كانوا يتواصلون بينهم بالحمام الزاجل ولم يكونوا يستخدمون البريد أو الهاتف، لأنه وبكل ببساطة تلك الأشياء والأفكار لم تكن قد وجدت بعد، وإنما هى حصاد الفكر الإنسانى المتجمع شيئا فشيئا على مر سنوات طويلة.
 
لذا فإننا حين نقرأ صلاح الدين بلغة عصره لا بلغة عصرنا نستطيع أن نفهم كم كان قائدا فذا، وعبقريا، وإنسانا صالحا وميالا للسلم لا الحرب.
 
598704dcd437506c228b4567

الجدل يتجدد حول عبدالناصر من بوابة «طعام سويسرا»


 

شقيق الزعيم يرد على عمرو موسى: «ده كلام حشيش».. والدسوقى: «كان نظيف اليد».. ونجله: «لن أنزل لهذا المستوى»
 

رحل الرئيس جمال عبدالناصر عن عالمنا منذ 47 عاما، لكنه لا يزال يثير جدلا لا ينتهى حول حياته، الجدل هذه المرة عاد فى عام 2017 عبر عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، الذى كتب فى مذكراته أنه كان يقوم خصيصًا بشراء الطعام لعبدالناصر من سويسرا، مشكلة موسى أنه أتى على النقطة الوحيدة، التى لم يختلف عليها أحد حول عبدالناصر وهى نظافة اليد، وحرصه التام أن يعيش تمامًا كما بدأ ابنا من أبناء بلاده. 
 
عاصفة الجدل اشتعلت حول عبدالناصر هذه المرة عبر بوابة مذكرات عمرو موسى، فظهر على الساحة الشقيق الأصغر للزعيم، فى حديث خاص لـ «اليوم السابع» حينها قال فيه، إن هذا ما يطلق عليه «كلام حشيش»؛ حسب وصفه، قائلا: «عمرى ما شفت فى بيته غير البطيخ والشمام والكوسة والبامية».
 
 شقيق عبدالناصر مدح حينها فى زهد شقيقه، الذى وصفه بأنه كان قاسيًا على نفسه وأهله، حتى أنه اعتقل عمه خليل لمدة 6 أشهر بعدما سمع أنه أقام علاقة شراكة مع أحد رجال الأعمال، وعما ذكره موسى فى مذكراته أنه كان يستلم هذا الطعام بنفسه، قال عادل عبدالناصر: «كلام مش حقيقى ويجيب دليل وأى حد يقدر يقول أى كلام».
 
عادل عبدالناصر أشار أيضا إلى نقطة مهمة، وهى أن الهجوم الذى شهدته مذكرات عمرو موسى على عبدالناصر يرجع لخلافات شخصية، لأن ابنة عمرو موسى تزوجت من حفيد عبدالناصر أحمد أشرف مروان، ثم انفصلا فيما بعد، وهو ما تسبب فى مشكلات بين الجانبين، ولعل هذا هو السبب الذى جعل موسى ينال من شخص الزعيم الأسبق.
 
عادل-عبد-الناصر--HASSAN-MOHAMED-(9)
عادل عبد الناصر
 
 
واستكمل شقيق جمال عبدالناصر قائلا: «الزعيم مش بتاع الحاجات دى، حتى كل الناس ممكن تختلف معاه لكن عند نظافة اليد لازم يقولوا إنه كان نظيف اليد، شقيقى ظاهرة نادرة، تركنا منذ 47 عامًا، والناس مازالت تحبه حتى الآن».
 
أما نجل الزعيم، عبدالحكيم، فقد قال: إنه لن ينزل لمستوى الرد على هذا الهراء، ويكفيه رد أبناء الشعب المصرى على هذه التصريحات، قائلا: «اللى مبيحبش جمال عبدالناصر يشوف بلد غير البلد دى يعيش فيها»، موضحًا  أن هناك فرقا بين النقد والاختلاق، ولن نجد أحدا انتقد نفسه مثلما فعل جمال عبدالناصر».
 
الردود لا تتوقف عند أسرة الزعيم، بل تمتد لمحبيه أيضًا، فهناك المؤرخ المعروف الدكتور عاصم الدسوقى، الذى قال فى حوار أجراه مع جريدة «اليوم السابع»: إن هجوم عمرو موسى على عبدالناصر هو جزء من الحملة الغربية على التاريخ المصرى، كما أن من يكتب مذكراته وينشرها وهو حى يكذب أو لا يقول الصدق، بل يخفى حقائق قد تدينه.
 
عمرو-موسى-رويترز
عمروموسى
 
ورأى الدسوقى أن عمرو موسى لم يستطع الهجوم على سياسات عبدالناصر، ولم يجد فى سياساته الخارجية ودوره كبطل قومى عربى ما يشينه، فتحدث عن مسألة الطعام، وهذا ادعاء غير مقبول و«كذبة كبيرة»، فجميعنا نعرف كيف عاش عبدالناصر حياة متواضعة، وكيف كان نظيف اليد.
أما الكاتبة فريدة الشوباشى فهى بدورها شنت هجوما حادا ضد عمرو موسى واصفة إياه بالرجل الذى يقود أوركسترا منظمة للهجوم على الزعيم الراحل جمال عبدالناصر»، واصفة الدبلوماسى السابق بـ «غير الأمين».
 
وتابعت فريدة الشوباشى فى إطار هجومها على ناصر أن أى مكان فى الوطن العربى ترفع فيه صورة عبدالناصر، ورغم ذلك فالبعض يشتمونه بدلا من أن يفتخرون به، وهذا دليل على أن الهجوم ضده ممنهج.
 
 
الشوباشى سخرت من الهجوم على عبدالناصر فى مذكرات عمرو موسى فقالت: «هو أنت افتكرت دلوقتى بعد 47 سنة إنه كان بيشترى الأكل من سويسرا؟ أى حد يتكلم عن نزاهة عبدالناصر أقول له اخرس وقول الحقيقة، مش ما تتكلمش، عيب عليك تزيف تاريخك وعيب عندنا زعيم لازم نفخر بيه».
 
 

«الثورة العرابية» التاريخ الذى لا يعرفه يوسف زيدان

الحكومات المصرية قبل عرابى ضمت وزيرا فرنسيا وآخر إنجليزيا يحق لهما تعطيل أى قرار للحكومة
 

 

استعمار مصر تم اقتصاديا وسياسيا وتشريعيا قبل ثورة عرابى بسنوات بسبب ديون الخديو وامتيازات الأجانب
 

الخوض فى قضية الثورة العرابية اليوم بعد مرور 135 عاما على انتهائها، يبدو أمرا غريبا، لكن الحقيقة أن تلك الثورة وزعيمها تعرضت لظلم تاريخى كبير مازال متكررًا حتى اليوم كرره فى عام 2017 الدكتور يوسف زيدان الذى اتهم عرابى بالتسبب فى الاستعمار البريطانى لمصر، بل إن ثورته كانت لرغبة شخصية بتولى الحكم، مجافيا الحقيقة بأن تلك الثورة لم تكن أبدًا خاصة بـ«عرابى»، بل كانت ثورة مصرية خالصة هى الأولى فى التاريخ الحديث، وهى التى بلورت ربما للمرة الأولى نظرتنا القومية بأننا «مصريون» ولسنا «عثمانيين»، وقامت لإنهاء تاريخ من الظلم والاستبداد وقع على شعبنا.

 

هل كان عرابى وراء الاستعمار البريطانى لمصر؟ 

من الغريب أن يحمل يوسف زيدان عرابى مسألة الاستعمار البريطانى لمصر، وكأن مصر لم تكن مستعمرة بالفعل قبل الثورة العرابية، فعلى الصعيد الاقتصادى فـ«السير تيودور روزشتين» يروى فى كتابه «خراب مصر» أن أول دين اقترضه إسماعيل كان فى سنة 1862 وكان يبلغ 3 ملايين جنيه، وبعدها بعشر سنوات وصلت الديون للحكومات الأجنبية إلى 68 مليون جنيه، بخلاف 25 مليون جنيه لرجال الأعمال الأجانب، تبدو الأرقام بمقاييس هذا اليوم صغيرة، ولكن بمقاييس هذا الزمن فإن إجمالى إيرادات الدولة المصرية لم يزد وقتها عن 2 مليون جنيه.
 
 
ونظرا لهذا الدين فقد تم وضع نظام «الرقابة الثنائية» عام 1876 وهو وجود رقيبين ماليين أوروبيين – إنجليزى وفرنسى - فى الحكومة المصرية لا تصرف الدولة المصرية مليمًا دون الرجوع إليهما، بل إن أول وزارة فى مصر وهى وزارة نوبار باشا، والتى عينت سنة 1878 كان بها وزيران، أحدهما فرنسى للأشغال والآخر إنجليزى للمالية، وكان لهما حق إيقاف أى قرار يتخذه مجلس الوزراء.
 
أما النظام القضائى فى مصر فقد كان يعطى الأجانب سلطة ضد القانون، عبر نظام «المحاكم المختلطة»، التى تحاكم الأجانب بقوانين بلادهم وبواسطة قناصل بلادهم، بل تأسست «الجمعية التشريعية للمحاكم المختلطة»، وهى جمعية تمثلها الدول الأجنبية فى مصر تمنع إصدار أى قانون لا توافق عليه الدول الأوروبية.

 

 

مصر التى لم تكن للمصريين قبل عرابى 

لم يكن أمام الخديو لسداد تلك الديون سوى فرض الضرائب على فقراء مصر، وهى الضرائب التى خلقت حالة من المعاناة والاستعباد، وينقل صلاح عيسى فى كتابه «الثورة العرابية» عن السير ماكنرى والاس فى كتابه «مصر والمسألة المصرية» صورة مريرة لعملية الاستيلاء على الأراضى، أنه إذا عجزت قرية عن سداد الضرائب فإن الخديو يسدد الضرائب عنها فى مقابل أن يأخذ ثلاثة أرباع الأراضى الزراعية فى القرية. 
 
ويقول والاس فى كتابه: إن الفلاحين المصريين كانوا يضربون بالكرباج لإظهار ما لديهم من نقود لسداد الضرائب المستحقة، وحين يرى مدير المديرية، الذى يحضر مشهد جلد الفلاح أن الضرب العنيف لم يؤد بالفلاح أن لديه نقودًا مدخرة فإنه يطلب من الفلاح الاقتراض من المرابى اليونانى، الذى كان يصطحب مدير المديرية، فيمضى الفلاح المسكين المتألم على قيمة القرض برهن الأرض للمرابى ويقبض جامع الضرائب المال».
 
ويستكمل والاس: «وتتوالى النكبة، إذ تطلب الحكومة المزيد من الضرائب، فيضرب الأفراد بالكرباج، ويعرض المرابى شراء المحصول بثلث الثمن، فيقبل الفلاح، ثم يأتى جامع الضرائب مرة أخرى والكرباج فى يده، فيطلب الحمار والماشية والدجاج، وفى النهاية لا يجد الفلاح محصوله، ولا يجد قوت يومه، ولا أدوات زراعته فيهجر الأرض ويترك بلاده ويأخذها المرابى أو الخديو».
 
ونتيجة لذلك فإن الدكتور رفعت السعيد ينقل فى كتابه عن الثورة العرابية، أن الفلاحين هجروا أرضهم وأصبحوا مشردين فى شوارع المدن، حتى بلغ عدد المهاجرين من محافظتى الشرقية والدقهلية فى سنة 1875 فقط، ما يقدر بـ 46 ألف فدان.
 
احمد-عرابي
احمدعرابي

عرابى الرجل الذى تحرك ليرفع الظلم عن المصريين.

 

لعلنا أخطأنا إذا تخيلنا أن عرابى ذهب من تلقاء نفسه هكذا إلى الخديو جامعًا حوله الجنود والمواطنين ليقول للخديو «لسنا عبيدا»، بل إن الألم والعناء الذى كان يغلى، فالمرة الأولى التى سمع فيها المصريون عن عرابى كانت فى فبراير عام 1879، حين تظاهر 2500 ضابط حول مقر الحكومة وعلى رأسهم عرابى، مطالبين برواتبهم المتأخرة 18 شهرًا، وما إن شاهدوا نوبار باشا، رئيس الوزراء، يخرج من باب الوزارة حتى قبضوا عليه، وكذلك ضربوا وزير المالية فى الحكومة المصرية الإنجليزى السير ويلسون حتى يصرف لهم رواتبهم المتأخرة!، الأمر الذى أسقط وزارة نوبار باشا.
 
فى التوقيت نفسه كانت تتفاعل محاولات جبهة وطنية بإصدار دستور يحد من يد الخديو، ويمنح الوزارة ومجلس النواب سلطة حقيقية، وتحويله من مجلس «شورى» إلى مجلس حقيقى يعطى سلطة مراقبة الحكومة، فتأسست جمعية حلوان من عناصر المثقفين والأرستقراطيين المصريين أواخر عام 1879، للتوقيع على برنامجها وبدأت المطالب تتزايد وكان الجيش رأس حربتها، فطالب الضباط المعتزون بمصريتهم فى يناير 1881 بتمصير الجيش المصرى، وإقصاء الضباط الأتراك منه وعلى رأسهم عثمان رفقى، وزير الحربية، الذى منع ترقية الضباط المصريين، فما كان من القيادات التركية إلا أن ألقت القبض على عرابى وعبدالعال حلمى وعلى فهمى، فقام بقية الضباط بالهجوم على ثكنات قصر النيل، حيث احتجزوا وحرروهم فى 1 فبراير 1881، وهو التحول الجذرى، الذى يصفه السير ألفرد بلنت فى كتابه عن مصر قائلا: «لم تمض عدة أسابيع على ما حدث فى فبراير حتى أصبح عرابى قوة يعتد بها، ووصلته آلاف الشكاوى من المظلومين فى كل أنحاء البلد يطلبون معونته، وأن كثيرا من الأعيان والمشايخ أقبلوا على الاتصال به».
 
ثم بدأ عبدالله النديم فى جمع توكيل لعرابى والجبهة الوطنية عرفت بالمحضر الوطنى فيه مطالب المصريين من الفلاحين والتجار والحرفيين، هذه التوكيلات، التى أخذها عرابى إلى الخديو قائلا: «جئنا لنقدم إليك يا مولاى طلبات الجيش والأمة، ثم حاور القنصل البريطانى قائلا: إن طلباتى المتعلقة بالأهالى لم أعمد عليها، بل قدموها إلى نائبًا عنهم، وانظر إلى هؤلاء المحتشدين خلف العساكر فهم الأهالى الذين أنابونا منهم فى طلب حقوقهم».
 
أمام هذا المشهد المهيب وافق الخديو على الخطوط العامة لمطالب حركة 9 سبتمبر 1882، ومنها إسقاط وزارة «رياض باشا»، الذى كان عميلا للأوروبيين ليتولى بدلا منه محمد شريف باشا، وكان من بين الوزراء محمود سامى البارودى، الذى أصبح أول مصرى يتولى منصب وزارة الحربية.
 
ومع أوائل انتصار الثورة تصاعدت المطالب بشكل واضح ليضع الوطنيون برنامجًا خطيرًا أوائل عام 1882 يقولون فيه صراحة إن مصر ليست ولاية عثمانية، وعلى الخديو أن يخضع للقانون، وأن المصريين عازمون ألا يعودوا إلى الاستبداد، وأن المصريين عرفوا معنى الحرية ولن يتنازلوا عنها.
ما جرى بعد ذلك هو معروف، فالقضية لم تكن يوما أحمد عرابى. 
 
 
p
 
 
 
9
 

 










مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق

أونكل الليثى وأونكل شوقى وطنط زينات

الليثى عبد الناصر الذى كان يعمل بالتدريس وزوجتة السيدة زينات عبد اللطيف التى كانت مدرسة تطريز وشقيقه شوقى عبد الناصر إمتلكوا فى الأسكندرية مجموعة من المدارس والتى كانت معروفة آنذاك بإسم المدارس القومية فمن أيـــــــــــن لهــــــــــم هـــــــذا؟

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

اكبر خطا بيقع فيه اى مؤرخ

انه فعلا بيحكى الاحداث بمقاييس وظروف النهارده مش احداث من مئات السنين بظروفها واحداثها وكمان الحكايه بتتحكى كان المؤرخ ده كان بايت مع الناس بتوع زمان ولو الناس ديه دارسه تاريخ صح بيحكى الحدث بس ويقول جميع الاراء حول الحدث مش وجهه نظره الشخصيه اللى غالبا بتبقى من عقله فقط ويفتقد لراى العقول الاخرى وواضح ان يوسف زيدان بعد ما قال فى احد حلقاته ان المسجد الاقصى مش فى القدس ان هو اصلا بيكره صلاح الدين عشان حرر القدس والمسجد الاقصى مش عشان حاجه تانيه ومتبنى وجهه النظر الصهيونيه فى الموضوع وليس من حق اى مؤرخ مهما كان مين هو ان يشتم شخصيه فى التاريخ بالفاظ خارجه لان ده معناه ان هو مش عارف تاريخ اصلا ومش بيحكم بالاسس العلميه بيحكم بالاهواء الشخصيه وده طبعا كلام ساذج وعبيط جدا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة