شغلت عملة البيتكوين الافتراضية العالم بأسره، حتى أصبحت حديث العامة فى الشوارع، ولكن هل يتأثر تداول البيتكوين سلبًا فى مصر والدول الإسلامية بعد إعلان دار الإفتاء المصرية تحريمها شرعا؟.
الفتوى التى أعلنها الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية كانت قاطعة بتحريم البيتكوين، لكنها ليست الأولى، فقد سبقتها فتوتين صادرتين عن كل من الرئاسة التركية للشئون الدينية "ديانيت" وهى أعلى سلطة دينية فى تركيا، ودار الإفتاء الفلسطينية وكلاهما أقرا بتحريم البيتكوين.
وانتهت الفتوى التركية الصادرة فى 28 نوفمبر الماضى، إلى أن التداول سواء (البيع أو الشراء) بعملات افتراضية لا يتوافق مع الدين، لأن الدولة لا تعترف بها، لأنها مفتوحة على المضاربة، ويمكن استخدامها بسهولة فى أنشطة غير مشروعة مثل غسيل الأموال لأنها لا تخضع لرقابة الدولة.
أما دار الإفتاء الفلسطينية فقد أصدرت فتواها فى 20 ديسمبر الماضى تحرم التعامل بالعملة الإليكترونية الافتراضية بيتكوين، وهو ما أرجعته فى بيانها إلى ارتباطها بالمقامرة واحتوائها على الغرر الفاحش، وقالت فى بيانها: "العملات الافتراضية لا يجوز بيعها أو شرائها لأنها عملة مازالت مجهولة المصدر ولا ضامن لها وشديدة التقلب وتتيح مجالاً للنصب والاحتيال".
وأشار بيان الافتاء الفلسطينية بحسب النص الذى أوردته وسائل إعلام محلية، أن العملات الافتراضية ليست من السلع لأنها لا تشبع أى رغبة استهلاكية عند الانسان وتُكيف على أنها برنامج الكترونى كأداة تمويل وتأخذ دور العملة في بعض الدول.
وأردفت دار الافتاء قائلة إن تحريمها التعامل مع العملة الافتراضية الإلكترونية على المواطنين، لعدم توافر شروط النقد الشرعية فيها، والمتمثلة فى أن هذه العملة لا تعد مقياسًا للسلع والخدمات، وليست شائعة بين الناس، ولا تصدر عن سلطة معلومة.
نفس هذه الأسانيد مجتمعة كانت هى ما اعتمدت عليه دار الافتاء المصرية فى تحريم التعامل بالبيتكوين أو غيرها من العملات الافتراضية، حيث قضت فى بيانها أنه لا يجوز شرعًا تداول عملة "البيتكوين" والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع من الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول.
وبحسب الفتوى فإن هذه الوحدات الافتراضية غيرُ مغطَّاةٍ بأصولٍ ملموسةٍ، ولا تحتاج فى إصدارها إلى أى شروطٍ أو ضوابطَ، وليس لها اعتمادٌ ماليٌّ لدى أيِّ نظامٍ اقتصادى مركزى، ولا تخضعُ لسلطات الجهات الرقابية والهيئات المالية؛ لأنها تعتمدُ على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية (الإنترنت) بلا سيطرة ولا رقابة.
الفتوى الثلاثة اجتمعت على نفس الأسباب التى حرمت التعامل بالبيتكوين أو أى عملات افتراضية، ولكن هل تؤثر هذه الفتاوى على تداولات البيتكوين فى العالم العربى والإسلامى؟.
التساؤلات التى ظلت دائرة لفترة طويلة ربما امتدت لأكثر من عامين بين المتعاملين بالعملات الرقمية على منصات التواصل الاجتماعى، حول شرعية التعامل بهذه العملات، وجدت من يجيب عنها بوضوح الآن، ومع ذلك لا يتوقع أن تتأثر التداولات بهذه العملات كثيرا بالفتوى الدينية، خاصة وأن عدد كبير من المتعاملين بالبيتكوين يرون أن حرمانية التعامل بها من عدمه تتوقف على طبيعة المعاملة، فإذا كانت لتمويل تجارة غير مشروعة مثلا أو غسل أموال أو تمويل عمليات إرهابية فقطعا هى حرام، أما إذا كانت بغرض الاستثمار والمتاجرة فهذا ليس حراما، وهو الرأى الذى أكده أحد المتعاملين بالبيتكوين لـ"اليوم السابع".
وأثارت الفتوى هجوما لاذعا من المتعاملين بها على منصات التواصل الاجتماعى، فى حين اتفق معها كثيرون أيضًا، ولكن من الواضح أن تأثيرها سيكون محدودا على التداول فى مصر فى ظل قناعة عدد كبير من المتعاملين بأنها عملة تداول ولها قيمة تقابل الدولار، وأنها تستخدم فى شراء سلع وخدمات بالعديد من المتاجر التى تقبل التعامل بها فى العالم.