كثيرون يعتقدون أن عالم السحر والشعوذة، عالم افتراضى لا يمس الواقع بصلة، لكن بلدة "سالم" الأمريكية تعتبر قبلة السحرة ومكان تجمعهم، فيها يعيش أكثر من 20 ألف ساحر يتمتعون بحقوق لا يجدونها فى أى ولاية أمريكية أخرى، وفى هذه المدينة التى تقع فى الولايات المتحدة بمقاطعة إسكس يقام احتفال سنوى كبير يتصل خلاله الأهالى بالموتى من أقاربهم وأصدقائهم.
حكاية هذه المدينة غريبة والتفاصيل أشد غرابة، لا يستطيع أحد أن يمسك حقيقة واحدة عن ما يقال، لكن الكل يصدق أن تلك القرية منبع السحر والشعوذة، فقصتها قدمت فى السينما من خلال أكثر من فيلم وأخرهم فيلم Assassination Nation، والذى أقيم العرض الأول له خلال فعاليات مهرجان تورنتو السينمائى الدولى بكندا مؤخرا.
بدأت شهرة البلده فى عام 1692 حيث أُطلقت حملة شرسة للقبض على المشعوذات فى العالم أجمع، بعدما ظهرت مجموعة من الأشخاص أطلقوا على أنفسهم اسم "المتطهرون" زعموا أن الشيطان يسكن بينهم وشرعوا فى قتل الجميع، وشهدت المدينة أكبر وأبشع المذابح التى عرفها التاريخ، بدأ الأمر عندما عانت طفلتين تبلغ كل منهما 9 سنوات و11 سنة، من أعراض غريبة بعض الشىء، وتمثلت تلك الأعراض فى تشنجات متواصلة لأكثر من نصف الساعة، وخروج أصوات غريبة من حنجرتيهما وكلمات مجهولة بلغات غير مألوفة لهم، كما بدأت الطفلتان فى التصرف بسلوك عصبى وعنيف وتمتعتا بقوة جسدية ضخمة للغاية، كانت إحدى الطفلتين ابنة القس الأكبر فى القرية ويُدعى سامويل باريس، والأخرى ابنة أخته، وقد فسر ما تمر به الفتيات على أنه مرض غريب ونادر، ولكن لم يتم التعرف على المرض، وبعد ذلك انتشرت نفس الحالة لدى العديد من فتيات القرية، وبدأ القاضى والرهبان بسؤال الفتيات عما يحدث لهن، حيث تبين أن هناك أربع سيدات يقمن بأعمال السحر وهن السبب فى مرض الفتيات، وكان هذا بمثابة الشرارة التى أشعلت النيران بالقرية.
أرض السحر "سالم" شهدت شنق 600 ساحرة منذ 3 قرون، هذه البلدة يتجمع فيها آلاف السحرة مع أهالى مدينة فى قلب الليل فى وادى كبير يقع على أطراف المدينة فى اليوم الأول من نوفمبر، لحضور "عيد الاحتفال بالموتى"، يبدأ الاحتفال بالصمت التام ليصبح المناخ مهيئ للاتصال المباشر بين المتواجدين و أرواح الموتى الهائمة، وهنا يبدأ احتفال الرعب الأقوى فى العالم.
هذه المدينة ترفع شعار "أنت ساحر..إذن أنت مواطن فى مدينتنا" فالساحر والمشعوذ فى هذه المدينة يتمتع بالحقوق القانونية والدستورية لممارسة جميع أنواع السحر، والسحرة فى أنحاء ولايات أمريكا يتركزون فى مدينة "سالم" وكل هؤلاء السحرة يلتفون فى النهاية حول "كبير أو كبيرة الساحرات، ومن الصعوبة معرفة العدد الحقيقى للسحرة فى "سالم" حيث أن اعدادهم ضخمة منهم يفضلون التجمع سرا و لا يعلنون عن أنفسهم كسحرة خارج مدينتهم خوفا من نظرة الناس السيئة لهم.
ويقال أن كبيرة المنجمات فى "سالم" تحتفظ دائما بسلطة تعليم أسرار السحر الأكثر فاعلية للساحرات الجدد وليقمن بممارسته بعد ذلك تبعا لقدرة كل واحدة منهن، وتؤكد إحدى الساحرات أن السحرة فى "سالم" لو استخدموا القدرات الخارقة لديهم فى إيذاء العالم فإن التوازن الطبيعى للبشرية سيختل فى كل شىء.
وفي أقوال أخرى منقولة عن فتاة صغيرة، روت إن الأرواح أجبرتها على تغيير مهنتها العادية التى اختارتها وجعلتها ساحرة رغما عنها عن طريق المضايقات المستمرة لها، فكانت تصاب من حين إلى آخر بنوبات ضيق التنفس، وتشعر بتيار كهربائى يدخل إلى جسدها، ما اضطرها إلى قبول العمل كساحرة، وما أكد لها ذلك أن بعد ممارسته لأعمال السحره تحسنت حالتها واختفت تماما كل المضايقات التى كانت تحدث لها من قبل، وتشير إلى أول سحر قامت به هو تحضير "عمل" لأحد مديرى البنوك، وبالفعل نجح مفعوله فحصلت على قرض كبير من البنك دون أية ضمانات، وأصبحت فيما بعد قادرة على التنبوء بالمستقبل ثم امتلكت محلا لبيع كل لوازم السحر والتنجيم، وأنها على اتصال دائم بالأرواح، مؤكدة أن الأرواح توجهها وهى لا تستطيع الاعتراض حتى أنها تعرف جيدا إذا خالفت ستدفع الثمن غالى.
ويوم الساحرة ملىء ومشحون بالعمل فهى تقوم بمباركة الأطفال حديثى الولادة، وإجراء مراسيم الزواج، ودفن الموتى، واسترجاع أرواحهم، ويقمن بتفريغ الطاقة الخفية المدمرة الكامنة فيهن، فيقمن بأعمال مثل التنجيم و تحضير الأرواح وغير ذلك، وهناك البعض فى مدينة "سالم" يخشون النشاط الزائد للساحرات فى المدينة ويرفضونه رفضا قاطعا ويرونه نوعا من أنواع الشعوذة، بل إن البعض منهم طالب بإحراق جميع الساحرات فى المدينة وطرد أبنائهن من المدارس والجامعات لأنهن خطرا يهدد أمريكا وسكانها، فيما يقال أن أفعال السحر والشعوذه اختفت حاليا من المدينة، لكن من يعرف أين الحقيقة إلا من يراها بعينه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة