سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14أكتوبر 1930 النيابة تتهم عباس العقاد بـ«العيب فى الذات الملكية» وتأمر باعتقاله بعد انتهاء التحقيقات معه

الأحد، 14 أكتوبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14أكتوبر 1930 النيابة تتهم عباس العقاد بـ«العيب فى الذات الملكية» وتأمر باعتقاله بعد انتهاء التحقيقات معه عباس العقاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى المفكر والكاتب ونائب البرلمان عباس العقاد أنباء تؤكد نية الحكومة إلقاء القبض عليه، حسبما يؤكد الدكتور راسم محمد الجمال فى كتابه «عباس العقاد فى تاريخ الصحافة المصرية» عن «الدرا المصرية اللبنانية»، مضيفا: «جاءه النبأ اليقين من صديقه «سينوت حنا» الذى أبلغه أن مقالاته تراجع فى بعض الدوائر مراجعة خاصة انتظارا ليوم ربما كتب فيه ما يساعد على تأييد التهمة التى يقدمونه على أساسها إلى المحاكمة».
 
كانت التهمة التى تحاك ضده هى «العيب فى الذات الملكية»، وبدأت قصتها يوم 17 يونيو 1930 بإعلان مصطفى النحاس باشا استقالة حكومته الوفدية أمام البرلمان، ووفقا للجمال: «وقف العقاد فى وسط الجو الحماسى الذى ساد مجلس النواب عقب إعلان «النحاس» استقالة وزارته بطريقة مؤثرة، ليصيح: «لقد كان فى مصر وزارة طاغية، وزارة محمد محمود» وطلبت إلى صاحب الأمر إيقاف الحياة النيابية، وتعطيل الدستور وحماية حكمها، فأجيب إلى طلبها، واليوم فى البلاد حكومة دستورية تطلب صيانة الدستور، فتوضع فى طريقها العراقيل، والعقبات، والحشرات التى لا تعيش إلا من دماء الأمة، فماذا تنتظر بعد هذا؟ هل هناك شك فى أنه من الواجب أن يصان الدستور؟ ألا ليعلم الجميع أن هذا المجلس مستعد أن يسحق أكبر رأس فى البلاد فى سبيل صيانة الدستور وحمايته».
يؤكد «الجمال» أن هذا التهديد من العقاد للملك «فؤاد» قوبل بتصفيق حاد متواصل من النواب، مما جعل أحمد ماهر رئيس المجلس يدرك خطورة الأمر، فاعترض مضطربا: ما هذا يا أستاذ عباس؟ أنا لا أسمح بمثل هذا الكلام، لكن العقاد أصر على موقفه وسط تصفيق النواب الوفديين، ويضيف الجمال: «فى اليوم التالى، بدأ العقاد حملة عنيفة على الملك وحاشيته، كما بدأ حملة عنيفة ضد حكومة إسماعيل صدقى باشا التى خلفت حكومة النحاس المستقيلة»، وذلك فى مقالات كتبها فى صحيفتى «كوكب الشرق»، و«المؤيد الجديد»، ويرى «الجمال» أن هذه المقالات لم تتضمن فقط عيبا فى الملك، وإنما تضمنت فوق ذلك تحريضا على الثورة وقلب نظام الحكم والتخلص من أسرة محمد على كلها، وبلغ فيها قمة ثوريته فى دفاعه عن الدستور وعن استقلال البلاد».
 
واصل «العقاد» كتاباته حول هذه الأزمة حتى 29 سبتمبر 1930، ووفقا للجمال: «لم تستدعه النيابة للتحقيق معه إلا فى الرابع عشر من أكتوبر، أى قبل أسبوع من حل البرلمان فى 22 أكتوبر وسقوط الحصانة البرلمانية عنه، وفى ذلك دليل على أن السلطات أرادت أن تعطيه الفرصة كاملة ليمضى قدما فى طعنه فى الملك، وكتابة ما قد تجد فيه ما يؤكد اتهامه بالعيب فى الذات الملكية، وفى الوقت ذاته بات يتوقع إلقاء القبض عليه، ولو على سبيل الحجز الذى ينتهى بإفراج سريع، وتوالت عليه الأنباء تؤكد هذا التوقع من جهات عدة ثم جاءه النبأ اليقين من صديقه «سينوت حنا».
 
يذكر العقاد فى كتابه «أنا» أنه كان فى نيته السفر إلى لندن فى صيف عام 1930 مع وفد من مجلس النواب لتمثيل مصر فى مؤتمر المجالس النيابية، واستخرج جواز السفر لهذا الغرض، واشترى «دليل لندن» و«دليل العواصم الأوربية» التى كان ينوى زيارتها، ولم يتبق إلا تذكرة السفر والاتفاق على الموعد واللحاق بزملائه الذين سبقوه، غير أنه تراجع والسبب كما يذكره هو: «إذا سافرت قد أمهد بيدى وسيلة لنفيى فى أوربا سنوات بلا عمل، ولا قدرة على البقاء فى ذلك الجو القارس أيام الشتاء، وربما كان منع عودتى أسهل على الوزارة من محاكمة قد تنتهى بالبراءة، أو بعقوبة لا ترضيها، فعدلت عن السفر فى اللحظة الأخيرة، وقلت إن السجن أحب من النفى الذى لا عمل فيه، ولا ضمان للصحة ولا للحياة». 
 
استدعته النيابة للتحقيق يوم 14 أكتوبر، ويذكر «الجمال» أن عددا من كبار الوفديين القانونيين حضروا معه التحقيق، أمثال محمد نجيب الغرابلى، ومحمد صبرى أبو علم، ومحمود سليمان غنام، وبعد انتهاء التحقيق أمرت النيابة باعتقاله بعد أن وجهت إليه اتهام «العيب فى الذات الملكية»، استنادا إلى نص المادتين: 156 و156 مكرر من قانون العقوبات».
 
يؤكد «الجمال» أن الحكومة تعنتت معه، فاعتقل فى «سجن مصر» بالرغم من اتفاق نقابة الصحفيين قبل حلها، مع وزارتى الحقانية والداخلية، على عدم اعتقال الصحفى قبل محاكمته، لأن مبدأ اعتقال المتهم قبل محاكمته المقصود به منعه من تغيير معالم جريمته، وليس من المعقول بداهة أن يستطيع الصحفى تغيير معالم جريمته، لأنها كلام مسطور ومنشور، كذلك كان هناك اتفاق آخر بين النقابة والوزارتين على أن يكون الاعتقال فى سجن تتوافر فيها الراحة والمطالعة، وهو أمر غير متوفر فى السجن، وطالبت «الأهرام» الحكومة بمعاملة العقاد طبقا لهذين الاتفاقين».
اقتيد «العقاد» إلى السجن.. فماذا قال عن يومه الأول فيه؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة