يهتم كتاب "الزواج والمال والطلاق فى المجتمع الإسلامى فى العصور الوسطى" تأليف يوسف رابو بورت ترجمة أحمد عبد المنعم العدوى والصادر عن مركز تراث للبحوث والدراسات، بالجوانب الاجتماعية فى المجتمع المسلم فى فترات قديمة تعود إلى مئات السنين.
وتقول مقدمة الكتاب، غالبا ما يفضل المؤرخ تناول موضوعات التاريخ السیاسى لیس فقط لكونه الأغزر مادة، فى بطون كتب التاريخ، وإنما لأنه عد بین المؤرخین ولزمن طويل التاريخ الحق فمسیرة التاريخ الإنسانى فى نظر أغلب المؤرخین القدامى وكثیر من المحدثین حددھا منذ القدم وقع سنابك الخیول، ونتاج صلیل السیوف. فلو لم ينتصر زيد ولم ينھزم عمرو لتغیر وجه التاريخ.
وھكذا أخذ التاريخ السیاسى يتضخم على حساب غیره من التواريخ، وبفعل عوامل لا تعود فى مجملھا إلى أھمیته فحسب، وإنما إلى الصعوبة والمشقة اللتین يلقاھما المؤرخ فى میادين التاريخ الأخرى، لا سیما التاريخ الاجتماعى، وما زال الأمر جاريا على ھذا المنوال، حتى رسخت فى أذھان الناس، من غیر المتخصصین، صورة ذھنیة مؤداھا أن التاريخ ما ھو إلا تاريخ قیام الدول وسقوطھا فحسب، بدلا عن كونه تأريخا للأمم والمجتمعات قديما وحديثا.
ومع أن التاريخ الاجتماعى لا يزال حقلا بكرا، فإن معظم المؤرخین انصرفوا عنه وألوه ظھورھم، بسبب وعورة طرقه، وتشعب مناھجه، وتعقد نظرياته، على أن السبب الأھم ھو ندرة مظانه، وشح مادته. ومن ثم ظل التاريخ الاجتماعى مرتقى صعبا، ومیدانا وعرا.
والشجاع فحسب من الباحثین ھو من يجرؤ على ولوج میدانه، ويقدم على سبر أغواره.
مؤلف ھذا الكتاب من ھذا الصنف الجريء من الباحثین؛ فقد درس فى ھذا الكتاب ظاھرة الطلاق فى المجتمع الإسلامى فى العصور الوسطى، وھى ظاھرة اجتماعیة معقدة، تتقاطع عندھا الضغوط المادية والاجتماعیة والنفسیة والعاطفیة، كما تتقاطع عندھا، بطبیعة الحال، علوم شتى، منھا التاريخ والفقه والاجتماع وعلم النفس وتاريخ القانون والتاريخ الاجتماعى وغیرھا.
ويقع ھذا الكتاب فى خمسة فصول، ناقشت الفصول الثلاثة الأولى الجوانب الاقتصادية المؤثرة فى ظاھرة الطلاق، فى حین ناقش الفصلان الأخیران الجوانب القانونیة المتعلقة بتلك الظاھرة. وقد سبق للمؤلف أن نشر ورقتین منفصلتین، ھما قسم من الفصل الرابع، وتمام الفصل الخامس من ھذا الكتاب.
شوار العروسة
كان شوار العروس شيئاً بالغ الأهمية فى الزواج عند جميع الطبقات فى المناطق الحضارية. كان يتكون من ثلاث دكك، دكة فضى، ودكتى نحاس أبيض وأصفر.
وكتب المقريزى فى بدايات القرن الخامس عشر الميلادى واصفاً ممارسات من سبقوه، وما شاع عندهم من أن جهاز العروس المثالى تكون من دكة واحدة من النحاس على الأقل، قيمتها لا تقل عن 200 دينار، ومعها مجموعة من الأوانى المخصصة للشرب (طاسات) والمصنوعة من النحاس المطلى بالفضة، إضافة إلى مجموعة من الأطباق والمصابيح وصناديق الجوهر، وأحقاق الأُشنان (الصابون)، فضلاً عن المبخرة، والطشت والإبريق. أما جهاز بنات الأمراء والأثرياء من البيروقراطيين والتجار فكان يتألف من سبع دكك كلها مطعمة بالمواد النفيسة.
الزواج والمال