عاش حياته كلها يعمل للإنفاق على أولاده، حتى تزوجوا جميعاً، وحين تقدم به العمر، بدأ المرض ينهش جسده، لكنه لم يكن يملك من الأموال ما يعالج به نفسه. لم يفكر في الاعتماد على أولاده المتزوجين لعلمه بضيق يد كل منهم، فقرر الاقتراض من جاره ليعالج نفسه، وعندما حل موعد السداد فشل في الوفاء بالدين، فدخل السجن.
قصة واقعية بطلها عم "طلعت" صاحب الوجه البشوش، الذي عاش حياته كلها في مدينة ملوي بمحافظة المنيا، لا يحلم سوى بالستر والصحة وراحة البال، ولم يكن يدري أنه في نهاية العمر سيدخل السجن بسبب حاجته للمال.
صاحب الواقعة نفسها، سرد لـ"اليوم السابع"، قصته، بعد الافراج عنه بعفو رئاسي انتشله من السجن ليعود لمسقط رأسه مجدداً.
وبالرغم من قسوة الأيام والظروف، ما زال وجه "عم طلعت" بشوشا، مبتسماً للحياة التي تعانده، إذ يبدو مصراً على التغلب على المصاعب بالصبر والعزيمة والرضا بالحال.
يبدأ "عم طلعت" حكايته قائلا: "بدأت أشعر بالم في عيني بطريقة غير عادية، ترددت على الأطباء دون فائدة، حتى أصبح لا بديل عن إجراء جراحة بها، لكنها مكلفة ولا أملك النفقات، ولم أفكر في الاعتماد على أولادي، فكل منهم لديه أسرته المشغول بها و"اللي رايح أكتر من اللي جاي"، فلم أفكر في أن أكون عبء إضافي عليهم، لذا قررت الاقتراض من جاري، و"ياريتني ما استلفت منه حاجة"، ليتني عشت بالألم في عيني أفضل من الألم النفسي وأنا محبوس.
يلتقط "عم طلعت أنفاسه" ويخرجها بقوة، قائلاً: "اقترضت 7 الآف جنيه، لاجراء عملية جراحية في عيني، وعجزت عن السداد، فلجأ صاحب الدين لجهات التحقيق ليصدر ضدي حكم بالسجن لمدة 6 سنوات وشهرين.
وتابع "عم طلعت" :" دخلت السجن لمدة 7 أشهر، هي الأصعب في حياتي، فلم أكن أتخيل أن ينتهي المطاف هنا، وتكون الشيخوخة داخل أسوار السجن، فقد ربيت وعلمت أولادي دون أن اقترض من أحد، وعندما داهمني المرض عجزت أمامه، فلجأت للاقتراض ليكون السجن كلمة النهاية في حياتي".
وأضاف: "كانت لدي ثقة في الله أنني سأخرج"، وبالفعل خرجت، بعدما سدد صندوق "تحيا مصر" ديوني.
وأردف "عم طلعت" :"لا توجد كلمات شكر كافية لأقدمها للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أزاح الهم من على قلبي، وكل أمنيتي افتتاح محل نجارة في منطقتي للعمل به والكسب من عمل يدي، فأنا أجيد هذه المهنة، متمنياً من الجهات المعنية أن تساعدني فيما تبقى من عمري".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة