الفوضى التى عانينا منها بعد 25 يناير 2011 شملت كل مجالات حياتنا ، لكنها كانت صارخة فى وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات التى انفتحت علينا مثل طاقات جهنم من كل ناحية . كنا أشبه بالجسد المصاب بمرض نقص المناعة ، هواء مفتوح لكل من يدفع أكثر ، أموال طائلة تدخل البلاد ويتم توظيفها لتدشين منصات إعلامية على كل لون ، برامج لكل من هب ودب ومحاولات مستمرة لخطف المصريين فى هذا الاتجاه أو ذاك ، أو دفعهم لاستقطاب حاد سياسي أو دينى يمكن أن يصل إلى ما يتمناه عدونا لنا ، وبالإضافة إلى ذلك خسائر بالمليارات يتحملها القطاع العريض من الفنيين والمهنيين فى الفضائيات
كانت وسائل الإعلام وفى القلب منها الفضائيات رأس الحربة فى الحرب على بلدنا ، ولم يكن لدينا الإدراك الكافى لاستيعاب الموقف ، فقد تحولنا دون أن ندرى إلى مجموعات غاضبة تصرخ للحرية وتطالب بالحرية بينما ندوس الحرية بأقدامنا ، وكان المستفيدون من هذا الوضع قلة من الوكلاء والسماسرة والمشهلاتية الذين تسللوا فى الفوضى إلى مجال الإعلام ودشنوا دكاكينهم ومنحوا المرتبات المهولة لبعض المذيعين ليقوموا بأدوار محددة وليوصلوا رسائل تدميرية ، فقد كان إعلامنا خلال هذه السنوات السوداء مركوبا مساقا إلى أهداف محددة وفق خطط تلك الحرب الخبيثة على بلدنا
ووسط هذه الفوضى قررت "إعلام المصريين" أن تتصدى للمهمة الصعبة ، وأن تبادر بإعادة هيكلة الإعلام المصرى على أسس مهنية وإدارية منضبطة ، وأن تواجه حالة الفساد الشامل التى تتمثل فى خسائر بالمليارات سنويا بينما تذهب المليارات الحرام إلى جيوب وحسابات السماسرة والمشهلاتية ووكلاء الحرب الإعلامية على مصر فى الخارج ، وكان تامر مرسى والذين معه يعرفون جيدا أنهم يمدون أيديهم فى أعشاش الدبابير ، وأنهم سيتعرضون للشائعات والأكاذيب والمقاومة اليائسة ، لكن إنقاذ الإعلام المصرى كان يستحق المخاطرة والمغامرة معا
سماسرة الإعلام و المشهلاتية و"الواجهات" الذين ينفذون الأوامر ، لا يعيشون إلا فى الظلام ولا يزدهرون إلا فى الفوضى ، ويهربون من كل كيان مؤسسى منظم ومنضبط ، بل ويتعمدون مهاجمته والتشنيع عليه ، لأنه ببساطة يكشفهم وويضعهم فى المكان الوحيد الذى يستحقونه ، ومنذ أن تصدت " إعلام المصريين" لمواجهة عشوائيات الفضائيات المصرية ورفعت شعار إعلام مهنى ووطنى ومنافسة شريفة ، وهى تواجه حملات منظمة من غربان الفوضى وسماسرة المنصات الخارجية الذين اعتادوا بث رسائل من يدفع بصرف النظر عن محتواها او تأثيرها الكارثى
وهنا لابد وأن نسترجع اعترافات عزمى بشارة لموقع «ميدل إيست أفيرز» بأن الدوحة تسيطر على أكثر من 60% من مراسلى الصحف والفضائيات والوكالات العالمية، ولديها خطط للسيطرة على 90% منها وحتى على مستوى فضائيات عربية شهيرة، وأن دول الرباعى العربى تواجه اليوم خططا مرسومة قبل عشر سنوات، وما يتم إعداده لهم فى المستقبل لا طاقة لهم به، ولا يستطيعون تحمله، فقطر تمول أكثر من 80 موقعا وصحيفة، وصحفا إلكترونية، وعددا من الفضائيات التى تصنع الرأى والحدث، وأن الدوحة ومن معها تجاوزوا نقل الحدث إلى صناعته والتحكم بمساراته.
كلما زادت وتيرة الشائعات المغرضة ضد إعلام المصريين وتامر مرسى شخصيا ، كانت المؤسسة ترد عمليا بمزيد من التوسع والنمو بالاستحواذ المباشر على مؤسسات إعلامية كبيرة أو عقد شراكات معها ، حتى تحولت إلى أكبر كيان إعلامى وفنى فى مصر ومن أكبر الكيانات الإعلامية والفنية والإعلانية فى العالم العربى ، وأصبح منهجها فى إصلاح المؤسسات الإعلامية الخاسرة والعشوائية والمركوبة من جهات خارجية مثالا يحتذى من المؤسسات الإعلامية الأخرى ، لكنه ظل هدفا للحروب الصغيرة والشائعات ومحاولات إرباك السوق الإعلامى
تامر مرسى حرص على وضع مجموعة من الأهداف العاجلة لتحقيقها فى مدى زمنى محدد لا يتجاوز العام ، فى مقدمتها إعادة الهيكلة للمؤسسات الإعلامية إداريا وماليا ومهنيا ،لتجمع بين المحتوى الجذاب والجماهيري وإمكانية تحقيق أرباح ودون إضرار بمصالح الدولة ، وكذلك إعادة ضبط السوق الإعلامى ووقف نزيف الخسائر الناتج عن تقديم معلومات وبيانات مغلوطة للمعلنين وتغطية الخسارة من بعض الفضائيات من خلال أموال خارجية تدخل فى حسابات شلة الأنس فى الخارج
استهدفت " إعلام المصريين" وقف نزيف الخسارة للفضائيات المصرية ، بإزالة الأسباب التى تؤدى للخسارة ومنها السحب على المكشوف والإنفاق العشوائى دون دراسات مهنية تستهدف تحقيق الأرباح، وعدم وجود توازن فى سوق الإعلان واستحواذ فئة المذيعين وحدهم بالقدر الأكبر من موازنات الإنتاج وتأخر صرف رواتب الفئات الأخرى العاملة فى الفضائيات
واستهدفت " اعلام المصريين " إعادة تحديد مسار وتوجهات الإعلام المصرى ، فلم يعد مسموحا بأن تتحول الفضائيات إلى منصات إعلامية للهو الخفى فى الخارج الذى يكيد لنا ويشن علينا حروب الشائعات والأخبار المفبركة التى تستهدف إثارة الفتنة وإحداث نوع من الاستقطاب السياسى والدينى ، ورفعت شعار نهاية عصر الفضائيات المفروشة ، وحماية عقول ووجدان المواطن المصرى من القصف والرسائل المفخخة وعمليات التشويه المنظمة
كما استهدفت " إعلام المصريين" تحقيق المهنية الكاملة والشفافية فيما يتعلق بالعمل الإعلامى والإعلانى ، فلم يعد الإعلام المصرى يتحمل الدخلاء على المهنة أو المكلفين بإثارة الفتن والنعرات وتأليب فئات المجتمع على بعضها ، كما لم يعد الإعلام المصرى يتحمل ألاعيب المشهلاتية والسماسرة واستهدافهم عقول المصريين بالرسائل المفخخة مقابل حقاب الأموال والتحويلات على حساباتهم فى الخارج ، بينما حسابات القنوات المعلنة تسجل الخسائر تلو الخسائر
ومن ناحية ثانية ، أثبتت " إعلام المصريين" أن الانضباط المالى والإدارى والمهنى فى وسائل الإعلام لا يتعارض مع تقديم محتوى جاد وجذاب وجماهيرى ويمكن أن يحقق أرباحا أيضا ، وفى الوقت نفسه وهو الأهم ، لا يستخدم ضد مصالح الوطن أو يتحول إلى سلاح فى أيدى من يديرون الحروب الحديثة عن بعد ويوظفون منصات الإعلام والفضائيات لاستهداف العقول
لن تتوقف الشائعات ضد إعلام المصريين وضد كل الكيانات الناجحة فى هذا البلد ، ولن يتوقف السماسرة والمشهلاتية عن إثارة الغبار أو نشر الأكاذيب لأنهم يتمنون عودة الفوضى لسوق الإعلام حتى يستطيعوا تهليب الأموال الحرام دون حساب ، لكن العبرة بالتطوير والانضباط المتحققين فى مؤسسات "إعلام المصريين" ، العبرة بالمحتوى المتنوع والجذاب الذى يرضى معظم فئات المجتمع وفى الوقت نفسه لا يتعارض مع مصلحة البلاد ، والحكم دائما للمصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة