فى أول رد فعل مصرى على الاعتداءات الإسرائيلية على آباء وشمامسة دير السلطان فى مدينة القدس، أعرب المستشار أحمد حافظ، المتحدث بإسم وزارة الخارجية، عن الاستنكار لتعرُّض الشرطة الإسرائيلية صباح اليوم الأربعاء لعدد من آباء وشمامسة كنيسة دير السُلطان التابعة للكنيسة الأرثوذكسية المصرية بالقدس، واحتجاز أحدهم.
وأكد المتحدث باسم الخارجية فى بيان صحفى، الأربعاء، رفض مصر القاطع التعرُّض لرجال الدين، مع التأكيد على ضرورة احترام المقدسات الدينية.
وأشار "حافظ" إلى أن وزارة الخارجية تتابع عن كثب على مدار الساعة تطورات الموقف على الأرض، حيث يستمر التواصل بين السفارة المصرية في تل أبيب والقيادات الكنسية بدير السُلطان فى هذا الشأن، كما تم التواصُل مع السلطات الإسرائيلية للوقوف على مُلابسات ودوافع ذلك الحادث، حيث أسفرت تلك الاتصالات بالفعل عن سرعة إفراج الجانب الإسرائيلى عن الراهب المُعتقل، مضيفاً أن الوزارة لا تزال مستمرة فى متابعة الموقف.
بدوره أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، اليوم الأربعاء، الحملة التصعيدية التى تنتهجها سلطة الاحتلال على فلسطين المحتلة وبشكل خاص ضد مدينة القدس المحتلة وأبنائها، ووصفها بالعدوان المنظم على حقوق الشعب الفلسطينى، وشجب بشكل خاص قتل قوات الاحتلال الشهيد محمد محمود بشارات فى بلدة طمون، بأعيرة نارية مباشرة إلى الصدر بقصد إعدامه.
واستنكر عريقات اعتقال قوات الاحتلال راهبا من أمام بطركية الأقباط الأرثوذكس فى القدس القديمة صباح اليوم، وقمعها للاحتجاج السلمى الذى نظمته البطركية احتجاجا على رفض حكومة الاحتلال قيام الكنيسة بأعمال الترميم داخل دير السلطان القبطى، والتدخل فى صلاحيات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مؤكدا على أن هذا الهجوم يأتى فى إطار حملة ممنهجة ضد أبناء المسيحيين، كان آخرها تصريحات رئيس حكومة الاحتلال المضللة حول أبناء المسيحيين الفلسطينيين وتدنيس مقبرة بيت جمال الكاثوليكية الأسبوع الماضى.
وقال: "إن ذلك ينسجم تماما مع قانون "القومية" العنصرى الذى ينتهك حقوق جميع من هم من غير اليهود، ويمهد لاعتداءات أخرى".
وطالب عريقات المجتمع الدولى التدخل بشكل عاجل واتخاذ إجراءات فورية، وخاصة من الدول الأوروبية التى كانت مسؤولة تاريخيا عن حماية الطوائف المسيحية فى القدس وفقا للوضع الراهن، وقال: "إن هذه الاعتداءات تتطلب إيجاد آليات فورية لتوفير الحماية لأبناء شعبنا، فتصعيد سلطات الاحتلال لهجماتها العدوانية وجرائمها واعتداءاتها ضد أبناء شعبنا من المسيحيين والمسلمين هو نتيجة حتمية لسياسة التحريض الرسمية والممارسات غير القانونية الإسرائيلية والحصانة التى تقدمها إدارة ترمب لهذه الممارسات ولقوة الاحتلال، وعجز المجتمع الدولى عن لجم انتهاكاتها وإنهاء احتلالها " .
كانت شرطة الاحتلال الإسرائيلى قد اعتدت على رهبان كنيسة الأقباط المصرية واعتقلت أحدهم، خلال وقفة احتجاجية عند باب "دير السلطان القبطى" بمحاذاة كنيسة القيامة بالقدس القديمة.
ونظمت الكنيسة القبطية وقفة عند باب "دير السلطان القبطى" ؛ احتجاجا على رفض حكومة الاحتلال قيام الكنيسة بأعمال الترميم اللازمة داخل الدير فيما تقوم طواقم البلدية بأعمال الترميم داخله لصالح الأحباش دون موافقة الكنيسة القبطية.
وأكدت وكالة الأنباء الفلسطينية أن شرطة الاحتلال الإسرائيلى وخلال اعتصام الرهبان أمام باب "دير السلطان" ، قامت بمحاصرتهم والاعتداء عليهم بالضرب والدفع واعتقلت أحدهم، وأبعدتهم بالقوة عن المكان وسمحت لطواقم البلدية بالدخول للقيام بأعمال الترميم.
ومن جهتها، أدانت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الاعتداء على الرهبان ، مستنكرة تدخل سلطات الاحتلال بأعمال الترميم، مشيرة إلى أنه ليس من اختصاصها فى مدينة القدس المحتلة على اعتبار أن الجزء الشرقى للمدينة المقدسة منطقة تخضع لقواعد القانون الدولى الإنسانى.
ويقع دير السلطان (دير أثري للأقباط الأرثوذكس) داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، فى حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة، وتبلغ مساحته حوالى 1800 م2.
وكان صلاح الدين الأيوبى قد قام بإرجاعه للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، ولعله عرف من وقتها باسم "دير السلطان"، ولدير السلطان أهمية خاصة عند الأقباط لأنه طريقهم المباشر للوصول من دير مار أنطونيوس حيث مقر البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة.
واستولت إسرائيل على دير السلطان فى القدس الشرقية وسلمته إلى الرهبان الأحباش إثيوبيا بعد طرد الرهبان المصريين منها بعد حرب يونيو 1967 ورفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية برد الدير إلى الكنيسة المصرية وعليه قرر البابا الراحل كيرلس السادس حظر سفر الأقباط إلى القدس تحت الاحتلال الإسرائيلى بعد الاستيلاء على الدير.
ورفعت الكنيسة المصرية أكثر من 100 دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكسبتها جميعا ضد الحكومة الإسرائيلية وأثبتت حقها فى الدير، لكن سلطات الاحتلال ترفض التنفيذ حتى الآن.