تحتفل الهيئة العامة للكتاب ووزارة الثقافة والدولة المصرية كلها باليوبيل الذهبى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى الدورة المقبلة المقرر إنعقادها أخر يناير 2019، وبهذا يكون مر على إقامة المعرض خمسون عاما، حيث أقيم للمرة الأولى عام 1969، حيث كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفى فقرر ثروت عكاشة وزير الثقافة وقتها تحويل الاحتفالات لعرس ثقافى، فكلف الكاتبة الكبيرة سهير القلماوى وزير الثقافة انذاك وبالفعل أقيم المعرض للمرة الأولى فى الجزيرة بالزمالك وشارك فيه عدد كبير من المثقفين بالإضافة لإقامة الفعاليات الثقافية مثل المعارض التشكيلية والندوات وعروض المسرح كما شارك وقتها فى المعرض عدد كبير من الناشرين العرب.
معرض القاهرة الدولى للكتاب
ولد معرض الكتاب كبيرا وشامخا واتسم بالصفة الدولية منذ الدورة الأولى رغم صعوبة الظروف التى كانت تمر بها مصر وقتها، حيث كانت مصر غارقة وقتها فى حرب الإستنزاف التى بدأت عام 1968 أى قبل إقامة الدورة الأولى للمعرض بعام، واستمرت لعام 1970، زمع ذلك أقيم المعرض ونجح وعلى مدار الخمسون عاما استطاع المعرض الصمود أمام كل الأزمات والظروف السياسية التى تمر بها البلاد، من حرب 73، ثم معاهدة السلام، وإغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات وتولى الرئيس محمد حسنى مبارك حتى ثورة يناير عام 2011 والفترات الإنتقالية وحكم الإخوان المسلمين وتغيير الحكومات مصر فى فترة اتسمت بغياب الأمن وعدم استقرار الظروف السياسية والإقتصادية، وعلى الرغم من ذلك استمر المعرض المقيد على جداول المعارض الدولية فى العالم والذى تسقط عنه الصفة الدولية لو تم إلغاء إقامته ثلاث سنوات متتالية، لكن رغم الظروف كلها استطاعت وزارة الثقافة إقامة المعرض وسط كل هذه الطروف وحافظت على اسم المعرض الذى يعتبر أكبر معرض للكتاب فى الوطن العربى وثانى أكبر معرض فى العالم بعد معرض فرانكفورت الدولى.
الدكتور محمد صابر عرب
وأضاف عرب فى تصريحات خاصة لليوم السابع أن فترة بعد ثورة يناير قد تكون الفترة الأصعب فى عمر المعرض حيث تم إلغاؤه عام 2011 لقيام الثورة فى نفس الأيام، وكان التحدى الكبير هو إقامته عام 2012 حيث كانت الحكومة إنتقالية وهناك معارك سياسية ونزاع على السلطة فى مصر والثورة كانت مشتعلة، وكانت هناك مخاوف كبيرة من عدد كبير من الناشرين خاصة العرب من المشاركة نظرا للأوضاع الأمنية، وبالرغم من ذلك أفتتح فى موعده وكان المشهد فريد من نوعه حيث كانت المرة الأولى التى يفتتح فيها وزير الثقافة بنفسه المعرض دون رئيس الجمهورية وكانت المكان غير ممهد والأمن غير كاف، فظهر بمظهر سوق للكتاب أكثر منه معرضا دوليا، لكنه فى النهاية أقيم دون مشكلات.
معرض الكتاب
أما الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق قال أن الوضع الأمنى بعد ثورة يناير هو أصعب ما مر به المعرض على مدار تاريخه، موضحا أن وزارة الداخلية وقتها حاولت منع إقامة المعرض خوفا على الأوضاع الأمنية ولعدم استغلال المعرض سياسيا لكنه أصر على إقامته، موضحا أنه أصر على أن يكون المعرض رسالة للعالم أن مصر سالمة وأمنة فتم افتتاح دورة المعرض عام 2012 والتى كانت تونس ضيف شرف لها، وكان عنوان المعرض العريض هو الاحتفاء بثورة تونس وثورة يناير.
الدكتور شاكر عبد الحميد
بينما قال حلمى النمنم وزير الثقافة الأسبق فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن مسئولى الثقافة فى مصر يدركون جيدا أن التراكمية والإستمرارية هى السمة الرئيسية فى أى عمل ثقافى ناجح، لذا كان الحرص الدائم على إقامة المعرض فى موعده، موضحا أن الدولة المصرية بذلت جهدا كبيرا لإنجاح معرض القاهرة الدولى للكتاب خاصة بعد ثورة يناير فكانت تسهل الإجراءات وتقدم الدعم السياسى والأمنى، كذلك وزارة الثقافة المصرية والهيئة العامة للكتاب التى كانت تسخر كل مواردها لإقامة دورات ناجحة، موضحا أن الناشرين المصريين وكذلك العرب كان لهم أيضا دورا كبيرا فى إقامة المعرض فقد تحالفوا بشكل غير معلن ودون اتفاق على ضرورة أن يكون المعرض ناجحا ولم تظهر مشكلات فيما يتعلق بالناشرين، بل على العكس تعاونوا وتساهلوا لإقامته.
حلمى النمنم وزير الثقافة الأسبق
وأضاف النمنم أن المعرض على مدار الخمسون عاما كان يمثل تحديا أمنيا، وسياسيا، لأن عدد كبير من الجماعات السياسية أرادت استغلاله لكن المعرض كان يصمد ويصد ويرفض من خلال القائمين عليه أن يكون جزء من السياسه وظل محتفظا بسمته الثقافية، مؤكدا أن الفترة الأصعب فى عمر المعرض رغم الظروف التى مرت بها مصر فى حرب الاستنزاف ومعاهدة السلام وحتى مقتل السادات هى فترة بعد ثورة يناير، فكل ما شهدته مصر قبل ذلك كان المعرض صامدا دون أن يتأثر أما فترة يناير كان الخطر كبير والتهديدات خاصة الأمنية أكبر لكن استطاعت مصر الحفاظ على المعرض والخروج به من كل الأزمات التى واجهته وكان الهدف هو إقامته تحت أى ظرف وبأى شكل.