داخل حارة "كُريم" بمنطقة بحرى، تحديدًا بوكالة الليمون الشهيرة بالإسكندرية، تجد ورشة وحيدة تفتح أبوابها يومياً وصاحبها يفترش بضاعته أمامها ليتباهى بما يصنعه، ويأخذ من وقته وجهده فهى مهنة "صناعة البراميل الخشبية"، مهنة كانت ذات أهمية كبيرة منذ 50 عامًا، ولكن بتطور الزمن بدأت فى الاندثار، واختفت ملامحها إلا أن صاحب الورشة الوحيدة بعروس البحر لازال يحتفظ بتراث أجداده.
"صناعة البراميل من أقدم الصناعات ورثناها عن جدودنا وخايفين تختفى ولسه شغالين عشان نحافظ على الأسم"، كلمات قالها عادل "براميلو" صاحب الورشة الوحيدة بمدينة الإسكندرية المتخصصة فى صناعة البراميل الخشبية، التى كانت تستخدم قديماً بشكل كبير فى العديد من الصناعات ويستخدما العديد من التجار ولكن اختفاءها لظهور منتجات جديدة بديلة من البراميل الخشبية.
وأضاف أن الورشة بدأت منذ عام 1942 فى حارة "كُريم" بمنطقة بحرى، وهى مهنة تعلمها من والده وجده، وهم عائلة مشهورين بنجارة البراميل، وتصنيعها فهى مهنة تحتاج إلى صبر كبير ودقة شديدة لاختلافها عن النجارة التى يعتاد عليها الحرفيون مثل نجارة الباب والشباك كما يطلق عليها بلغة السوق فهى مهنة من أصعب المهن لأنها تحتاج لمعرفة ومهنية شديدة وخبرة فى النجارة الحداده لاعتبارها مزيج بين المهنتين وهو يسخدمها أثناء تصنيعه للبراميل .
وأشار إلى أن البراميل قديماً كانت صناعة متميزة، ويعمل بها كبار الحرفيين، وكانوا يصنعون طلبيات خاصة لشركة "النشا والخميرة"، التى كانت منتجاتها تكتسح السوق المصرى، ولكن فى الوقت الحالى لا يوجد استخدام كبير للبراميل الخشبية سوى لمحلات الفسيخ والعطارة وتصنيع الأيس كريم فى المحلات.
وأكد أنه بسبب إندثار المهنة وعدم استخدام البراميل فى عملية التصنيع والاعتماد عليها فى الوقت الحالى، أصبح هناك استخدامات آخرى جديدة مثل استخدامها فى الديكور وتصنيع سفرة كاملة من الخشب على شكل براميل، واستخدامها فى المرايات وهى شكل جديد ومختلف يقبل على شراءه الشباب وحديثى الزواج لاختلافه عن الأثاث التقليدى، كما يقبل عليه أصحاب المطاعم والكافيهات لتصنيع كراسى بأشكال مختلفة مصنوعه من البراميل الخشبية .
كما أوضح أن عملية تصنيع البرميل الواحد تستغرق حوالى ثلاث ساعات وهى يقوم بها بمفرده وذلك لعدوم وجود عماله لديه وهى مهنه ورثها من والده ولا يوجد أحد يعمل بها بمحافظة الإسكندرية إلا قلائل وهو يعتبر الوحيدة بمنطقة بحرى التى كانت شهيرة بهذه الصناعه فى فترة الخمسينات مشيراً إلى أن المنطقة كان يتواجد بها أكثر من 10 ورش ولكن بمرور الوقت اختفت وأغلقت هذه الورش لعدم اقبال التجار على تصنيع البراميل الخشبية والاقبال حاليا على البلاستيك .
وقال أن هناك دول تعتمد حتى الآن على البراميل الخشبية فى تخمير النبيذ والتصنيع لكونه صحى أكثر من البراميل البلاستيكية التى تتفاعل مع المواد والطعام وتستبب مشاكل عديدة وغير مصرح بالتصنيع فيها فى بعض الدول الآخرى .
وعن سبب اختفاء مهنة صناعة البراميل، أكد أن ارتفاع أسعار الخشب بمرور الوقت فى مصر سبب رئيسى فى اختفاء الصناعة حيث أن اللوح الخشب الواحد بـ 50 جنيه يصنع 34 ألواح فقط من البرميل الصغير بينما البرميل الواحد يأخذ أكثر من 25 لوح خشب بعد تقطيعه وتركيبه .
وعن مراحل تصنيع البراميل، أشار إلى أنها تأخذ ثلاث مراحل الأولى هى تقطيع الالواح الخشبية، بواسطة الماكينة المخصصة لتقطيع الأخشاب، ثم تركيبها بشكل متساوى ثم مرحلة التلوين وهى بواسطة النيران وهى أسهل مرحلة تأخذ أقل من 15 دقيقة فقط ، بينما سعر البرميل يتراوح من 200 إلى 280 على حسب تكلفته والأخشاب المستخدمة.