حالة من عدم الاستقرار تشهدها أسواق الحديد والأسمنت ، نتيجة التغيرات الاقتصادية سواء أسعار الطاقة أو تحرك أسعار مكونات الإنتاج الداخلة فى صناعة الحديد والأسمنت ، الأمرالقى بظلاله على السوق العقارى ، ففى الوقت الذى يشكو فيه منتجو الحديد والأسمنت على حد سواء من ارتفاع تكلفة الإنتاج، وزيادة الفائض بأكثر مما يستوعبه السوق، مدفوعا بحالة تباطؤ السوق العقارى فى مصر، ولكن على الجانب الآخر لا يرى المطورون العقاريون ، وجود أزمة أو تباطؤ فى السوق حيث تسير مشروعاتهم بخطى ثابتة وهناك الكثير من المشروعات الجديدة فى المجال العقارى، فيما اعتبرتشعبة تجارة مواد البناء ، الإرتفاعات التى شهدها سوق الأسمنت والتى تراوحت من 50 – 100 جنيها للطن زيادة غير مبررة ولا يتقبلها السوق.
وقال طارق الجيوشى ، رئيس مجموعة الجيوشى للصلب، أن هناك حالة من الهدوء يمر بها سوق الحديد فى مصر، نتيجة انخفاض الطلب، مما خلق مخزونا كبيرا لدى المصانع، متوقعا تراجعا محدودا فى الأسعار خلال الأسبوع المقبل ، مؤكدا فى تصريحات خاصة لـ " اليوم السابع " ، أن هناك نقص فى السيولة بالسوق، وتراجع فى حجم مبيعات السوق العقارى وبالتالى تتراجع مشتريات الشركات العقارية من الحديد، ويوجد حاليا فائض فى الحديد المنتج محليا يتراوح ما بين 500 ألف الى مليون طن سنويا، من المفترض أن يتم توجيهها للتصدير، ولكن ارتفاع تكلفة الإنتاج تضعف قدرة المنتج المصرى على المنافسة بالأسواق الخارجية ، مضيفا إن منتجو الحديد يدرسون مع وزارة التجارة والصناعة تقليل تكلفة الإنتاج، حتى تتمكن الشركات من التصدير بأسعار منافسة، وهناك توجه لفتح أسواق التصدير فى أفريقيا لأنها الأقرب إلى مصر، بالإضافة لوجود مميزات تمنحها اتفاقيات التبادل لتجارى مثل الكوميسا.
ومن جانبها قالت الدكتورة نهى بكر ، المدير التنفيذى لشعبة صناعة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، أن صناعة الأسمنت تعانى من إنخفاض الطلب منذ 2015 ، وعلى الرغم من تنفيذ مشروعات عقارية سواء حكومية تنفذها الدولة أو قطاع خاص، إلا أن الطلب على الأسمنت يشهد تراجعا بلغ 4.5% خلال عام 2017 مقارنة بالعام السابق عليه، كما أن المنتج فعليا من الأسمنت فى مصر يفوق كثيرا حجم الطلب فى السوق، موضحة أن البناء المتوسط هو أكثر ما يستهلك الأسمنت، ولكن لا يوجد دراسة توضخ حجم استهلاك هذا النوع من المشروعات العقارية للأسمنت المنتج بالسوق.
وأوضحت نهى بكر ، أن مصر يوجد بها 20 مصنع أسمنت موزعة فى جميع أنحاء الجمهورية، 35% منها استثمارات أجنبية،و القدرة الإنتاجية لهذه المصانع تصل إلى 72 مليون طن سنويا، ولكن الإنتاج الفعلى قدرعام 2017 بحوالى 52 مليون طن فقط، لأن هذه القدرة الإنتاجية لم يقابلها زيادة كافية فى الطلب، مضيفا أن حجم الطلب تراجع بحوالى مليون طن خلال النصف الأول من العام الحالى ليصل إلى 25 مليون طن، مقابل 26 مليون طن فى النصف الأول من عام 2017.
وترى بكر ، أن الحل هو التوجه نحو تصدير هذا الفائض من الأسمنت، ولكن هناك مشكلتين تتلخصان فى ارتفاع تكلفة الإنتاج مما يصعب من قدرة المنتج المصرى على المنافسة خارجيا، ووجود فائض من الأسمنت المنتج فى الدول المجاورة مثل السعودية واليونان وتركيا، وهو ما يتطلب ضرورة التوجه نحو السوق الأفريقى للاستفادة من الاتفاقيات التجارية، لافتا إلى توجه الكثير من المصانع الأسمنت نحو تقليل التكلفة بالتحول نحو استخدام الطاقة المولدة من تدوير المخلفات، حيث تشكل الطاقة نسبة تتراوح ما بين 50 – 60% من سعر شيكارة الأسمنت.
ومن جانبه يرى أحمد الزينى ، رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، أنه لا يوجد تراجع فى الطلب على الأسمنت أو الحديد، ولا يوجد ركود فى السوق العقارى، حيث يستمر البناء والمشروعات الكبيرة، ولكن هناك حالة من الترقب فى السوق نتيجة قيام شركات الأسمنت بزيادة أسعارها بصورة غير مبررة، حيث رفعت بعض الشركات أسعارها اعتبارا من اليوم الأحد ما بين 50 – 100 جنيها للطن، فى حين أن السوق لا يتقبل هذه الزيادة ، مشيرا الى أن مصانع الأسمنت لا تنتج بكامل طاقتها حيث توقف بعض المصانع جانب من خطوط الإنتاج، وفى حالة الإنتاج بكامل الطاقة ستقل التكلفة، مطالبا الشركات بالتوجه نحو التصدير لتسويق الفائض فى الإنتاج.
وأكد رئيس شعبة مواد البناء ، أن الطلب على الأسمنت لم يقل حيث يتم استهلاك 4.5 مليون طن شهريا ، فى المشروعات الكبرى والمدن الجديدة، متسائلا: أين هذا الركود؟
وكانت أسعار الأسمنت شهدت تراجعا من 1300 جنيها للطن إلى أقل من 900 جنيها بعد بناء أكبر مجمع لصناعة الأسمنت فى بنى سويف، وفى الوقت الذى يترقب السوق لمزيد من الانخفاض، رفعت بعض الشركات أسعارها مرة أخرى لتتراوح ما بين 960 – 1050 جنيها اعتبارا من اليوم، وهى زيادة غير مقبولة بالسوق، بحسب الزينى.
وعلى جانب الحديد فإن الأسعار مستقرة فى الوقت الحالى، نتيجة انخفاض أسعار البيليت العالمية والخردة، وتتراوح الأسعار ما بين 11750 – 12198 جنيها للطن، ويتوقع الزينى مزيد من التراجع فى الأسعار خلال الفترة المقبلة لكنه انخفاض محدود نتيجة تحكم الصمانع الكبيرة بالسوق – بحسب رئيس شعبة مواد البناء.
ومن جانبه أكد أسامة سعد الدين ، المدير التنفيذى لغرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية، أن السوق العقارى فى مصر لا يمر بحالة ركود أو تباطؤ، قائلا : إن هناك تزايد فى عدد الشركات العقارية العاملة فى السوق المصرى ، ووصلت نسبة نمو السوق العقارى إلى 11% ، أما شكاوى منتجو الحديد والأسمنت من وجود فائض وتراجع الطلب، فهذا يتطلب دراسة وتحديد الحجم الأمثل للإنتاج ، وربما كانت توقعات بعض المنتجين أكبر من حاجة السوق الفعلية .
وتابع مدير غرفة التطوير العقارى، أن الدولة مازالت تطرح أراضى للشركات والعمل مستمر فى هذا القطاع بشكل جيد، وهناك الآلاف من العاملين فيه، أما الحديث عن وجود مشكلة تواجه القطاع قد يكون الهدف منها التأثيرعلى السوق العقارى والإضرار به .