ربما يعتبره الكثيرون ملفا شائكا أو يتجنبون الحديث فيه على الرغم من انه يشغل أوقات الفتيات بمختلف أعمارهن منذ نعومة أظافرهن، فالنظافة الشخصية ليست سلوك فردى بقدر ما هى تنشئة اجتماعية تعتمد فى الأساس على تربية الأسرة ويكون فيها الدور الأكبر للأم.
التقرير التالى يرصد تطور مفهوم النظافة الشخصية لدى الفتيات تحديدا ودور الأمهات فى هذا المنظور، وتطور استخدام الحمامات الشعبية إلى الجاكوزى والأسبا ومراكز وصالونات التجميل بمختلف مسمياتها والخدمات التى تقدمها.
حمام ثابت للبخار فى العصر العثمانى
منذ ما يقرب من مائتى عام وتحديدا فى عام 1822، قام محمد ثابت بك بن أيوب جلبى بن محمد كاشف بكزادة بإنشاء الحمام الذهبى والمشهور بحمام ثابت فى منطقة القيسارية بمدينة أسيوط وتحديدا فى العصر العثمانى وكان يسمى وقتها بالسماط الشرقى كان الحمام عبارة عن حوائط من القيشانى تتوسطه نافورة كبيرة زخرف القيشانى الخاص به بألوان مختلفة وتلتف حول الرخامة وأسفل الحوائط القيشانى سنادات من الرخام كانت تستخدم بغرض الجلوس، وكان يخرج البخار ليغطى الوجوه بالحمام.
ويعتبر حمام ثابت هو الأول من نوعه بالمحافظة بدأت تصل الدعاية الخاصة بالحمام عن طريق النسوة على اعتبار أنه شىء جديد فى النظافة الشخصية، حيث كانت تتوجه السيدة وتخلع جميع ملابسها وتغطى كامل جسدها ببشكير من القطن وشعرها وتجلس تحت طائلة البخار لعدة ساعات حتى تتفتح مسام الجسم ولا يخلو الأمر من بعض الرتوش الجمالية كاستخدام الشيرة أو الفتلة بالإضافة إلى التكبيس والتكيس والتدليك وهو ما أصبح حديثا يطلق عليه مسمى المساج، وكانت تخرج منه السيدة فى قمة جمالها وأنوثتها على الرغم من أن الأمر كان لا يزيد عن استخدام الصابون العتدى والبخار والماء وبعض أدوات التجميل البسيطة كالملقاط والحجر الأبيض والحجر الأحمر.
ولا سيما كانت العروس هى الأولى بتلك الأوقات الممتعة من النظافة حيث كانت الفتاة وقتها لا تجرؤ على الاقتراب من هذا الحمام قبل يوم العرس ولكنها تكون زبونة دائمة بعد الزواج حيث تكون وقتها قد خلعت ثوب الحياء الذى يجعلها تخجل أن تخلع ملابسها أمام أخريات.
وكان يتنافس نسوة أخريات على الفوز بتزيين العروس فى هذا اليوم وكان الأمر يقتصر على الحفافة والداية والدلالة فهن مكلفات بأن تصبح العروس فى هذا اليوم مثل قطعة البلور ولكن كان دورهن لا ينتهى بقدر ما يبدأ بعد ذلك فلا تجرؤ فتاة على التحدث إلى الحفافة قبل أن تتزوج أو تتزين لنفسها فى تحت مسمى النظافة الشخصية مالم يحدد موعد زفافها.
ثقافة النظافة الشخصية للأمهات عبر الأجيال
ثم تطور الأمر بعد ذلك بسبب المستحدثات التى تم ادخالها عن طريق الواردين من الخارج من ناحية أو عن طريق تطور الثقافة والتعليم بعد ذلك ولكن بقيت هناك عادات وتقاليد راسخة لا يمكن بأى حال من الأحوال تغيرها خاصة لدى الأمهات، فظلت الفتاة لا يمكنها الذهاب للكوافير لتهذيب حواجبها قبل يوم زفافها ، أو استخدام أى وسيلة من وسائل إزالة الشعر الجسم أيضا قبل زفافها مهما كان الأمر صعب أو كان مسببا للروائح الكريهة، وعلى الرغم من الانفتاح على العالم ، وتبادل الثقافات إلا أنه ظلت الأمهات بالصعيد متمسكات بتلك العادات على الرغم من أن أصبحت منهن الطبيبة والمهندسة والمعلمة والموظفة الحكومية ولكنهن فضلن عدم التراجع عن تلك الرواسخ لاسيما وأنهن ربطن مابين الحفاظ على الشرف والنظافة الشخصية للفتاة.
الأمهات والتقاليد
قالت الحاجة أم محمد أنها تعتبر ما يفعله الإناث هذه الأيام قلة حياء وخجل حيث كانت الفتاه قديما لها طلتها ونورها ليلة الزفاف لانها كانت تفعل كل شىء لأول مرة ، فكان من المستحيل أن تذهب فتاة قبل يوم الزفاف للكوافيرة وكانت قد وقتها يسمونها الحفافة، وكان وضع الكحل للبنت التى لم تتزوج عيب كبير بل وتصل إلى معايرة أهلها بهذا الأمر إذا ما حدث وكن الفتيات ينتظرن سبت النور من العام للعام وهو اليوم الذى يسبق عيد شم النسيم وكانت الفتيات يضعن الكحل فى هذا اليوم فقط حتى تزداد عيونهن جمالا طوال العام ويتم التكحيل بغمس مرود الكحل فى البصل ثم وضعه فى الكحل وتكحيل العين حتى تنكوى وتكون العيناء صافية وواسعة طول العام ، وكان هذا أكثر ما يقمن الفتيات بفعله ولا يجرؤن على تكرار الأمر طوال العام، وكانت الفتاة بعيدة كل البعد عن استخدام أى وسائل لإزالة الشعر حتى تكون مختلفة ليلة زفافها وبعد خطبتها وفى يوم الزفاف يتجمعن السيدات والجارات ويقمن بتنظيف جسدها بالكامل والذهاب لحمام التلات لتدليك الجسم بالبخار وفركه واستخدام مواد طبيعية فى التوريد والتنظيف كاستخدام الطوب الأحمر بطحنه جيدا ووضع الفتله به قبل استخدامها لإزالة الشعر حتى تعطى لون وردى للخدود والبشرة، واستخدام الشبة الزفرة وبودرة التلك الخاصة بالأطفال فى رش كامل الجسد بها ليشع بياضا ، بالإضافة إلى استخدام أعواد القرنفل والمستكة وطحنها لاستخدامها كمزيل للعرق، وكانت تختلف العروس بشكل كامل عما كانت عليه قبل ذلك، ولا يمكن للفتيات رؤية ما يستخدم للعروس فى التجميل أو النظر إليه أو حضور مجلس السيدات أثناء تنظيف جسد العروسة وتجميلها.
أما الآن فاصبحت البنت لا تكمل عامها العاشر وتذهب للكوافير وتضع مساحيق التجميل وتهذب حواجبها وأشياء أخرى كثيرة لا تجروء حتى المتزوجة كانت على فعلها بسبب الحياء وأدى ذلك إلى تدهور الإخلاق وزيادة حالات التحرش.
وقالت إيناس فوزى طالبه، أنه لم يعد الصعيد كما كان وتلك العادات والتقاليد المتمسكة بها الجدات اندثرت وتغيرت، وأصبح شكل الفتاة ونظافتها عنوان المنزل الذى خرجت منه وأضافت إيناس فى الوقت الحالى أصبح من المستحيل عدم ذهاب الفتاة لصالونات التجميل المختلفة والتى أصبحت مليئة بالفتيات من كل الأعمار، وكثيرا ما كانت جدتى تشاكس من أجل هذا الأمر ولكن تغير الزمن وتغيرت الأجيال واختلف حتى مفهوم صالون التجميل نفسه.
وأضافت الدكتورة منى محمد أن اختلاف الجيل كان له مردود الفعل فى كل شىء فى حياتنا وبالفعل كانت الأمهات قديما بالصعيد وحتى فترة قريبة جدا يرفضن أفعال كثيرة للفتيات بحكم العادات والتقاليد فعلى الرغم أن الفتاة كانت من الممكن أن تخرج بدون حجاب الا أن هناك أشياء كانت مجرد التفكير فيها ممنوع مثل الذهاب للكوافيرة أو تهذيب الحواجب أو تنظيف كامل الجسد بوسائل إزالة الشعر المختلفة، مالم تتزوج الفتاة، وتربت الفتيات ونشأن على هذه التقاليد بدون أدنى تمرد ، على الرغم من انها شكلت ثقافة جافة وغير سوية فتسببت تلك العادات فى مشكلات عديدة خاصة بعد الزواج فمن لم يعتد على شىء صعب عليه قبوله وربما كان هذا الامر هو البطل فى اغلب مشكلات الزواج فحتى هذه اللحظة ورغم اختلاف الجيل جيلا بعد جيل الا أن بعض الامهات يصمدن امام تلك العادات ويحاربن التحرر بقوة بل ويقنعن بناتهن المتزوجات منذ سنوات بالتمسك بتلك العادات من اجل حياة زوجية سعيدة على الرغم أن تلك النصائح نفسها اصبحت فى الوقت الحالى هى مفتاح خراب كل بيت وهدم كل اسرة.
من حمام ثابت للجاكوزى والاسبا وصالونات التجميل
رانيا قطب خبيرة التجميل قالت لليوم السابع أن جهل الامهات قديما وراء ارتفاع نسب الطلاق فى الوقت الحالى، وذلك لان قديما كان هناك ارتباط بين النظافة الشخصية وثقافة العيب
مضيفة انه فى الوقت الحالى تحضر العروسة محطمة نفسيا بسبب انها لم تقم بعمل ازالة لشعر الجسم قبل ذلك وكانت تستخدم عليه مزيل للعرق فتسبب ذلك فى اسمرار المناطق الحساسة وتغير لونها بشكل ملحوظ.
فالجهل سبب كل تلك المشاكل سبب مشاكل قديمة تحدث للفتاة وهى بنت وسبب مشاكل كثيرة تحدث للمرأة بعد الزواج وخاصة تلك التى لم تعتاد على الاهتمام بالنظافة الشخصية قبل الزواج.
واشارت رانيا أن ذلك ادى بدوره إلى بحث الرجل عما ينقص زوجته خارج منزل الزوجية خاصة بعد ازدياد قنوات التليفزيون بمختلف ما تقدمه من منوعات، وتعدد مواقع السوشيال ميديا فتعددت حالات الخيانة الزوجية وبالتبعية تعدد الزواج الثانى وارتفعت حالات الطلاق فالسبب الرئيسى وراء كل تلك الحالات السابق ذكرها عدم اهتمام المرأة بنفسها.
وأوضحت رانيا انه ليس هناك حجة للزوجة فى عدم القدرة على الاهتمام بنفسها بسبب ضيق الوقت أو بسبب اهتمامها الاكثر بالأبناء والمنزل والعمل فلابد على السيدة عموما أن كانت فتاة أو زوجة أن تجعل النظافة الشخصية واهتمامها بنفسها اسلوب حياة فحتى لنفسها ليس لشخص اخر "الست المصرية لو حطت مانكير نفسيتها بتتغير" فاقل اهتمام بنفسها يترتب عليه صلاح الحالة النفسية وبالتالى اذا اصبحت ربة المنزل سعيدة اصبح المنزل بالكامل والاسرة كلها سعادة لأنها عمود المنزل وليس الرجل وكان الأولى أن يكون امهاتنا زمان هم الاحق بتلك النصائح قبل فوات الاوان ، وعلى كل ام حاليا أن تنظر إلى تطور صالونات التجميل من حولها وازدياد مراكز الليزر والتجميل وتنبية الابنة من المرحلة الاعدادية أن تهتم بنظافتها الشخصية لنفسها ليس لاى شخص اخر مثل الاهتمام بعلاج الحبوب قبل أن تسبب اثار بقع بالبشرة وتفاجىء بهذا الامر بعد تعليق الزوج ، أو عمل هير رموف عن طريق الطرق التقليدية أو استخدام الليزر واصبحت المراكز الان كثيرة ومتعددة بمحافظة اسيوط ، وعدم ربط النظافة الشخصية بالعيب والحرام "واللى مايصحش قبل الجواز " لانه ما لايصح أن تخرج من الفتاه رائحة عرق وسط زملائها فى الكلية أو أن تكون بشرتها باهته وغير صحية نتيجة الاهمال ، ثقافة المتعلمات فى محافظة اسيوط اصبحت تتغير للافضل واصبحت النظرة للصعيد مختلفة فكانت قديما العروسة تلجأ للحفافة يوم زفافها واقصى ما تفعله ازالة الشعر وتهذيب الحواجب واستخدام الحجر الخفاف الان العروس تحاول إصلاح ما اتلفه الزمن قبل زفافها باسابيع وتستخدم الوسائل الحديثة والمتنوعة فى التجميل ففكرة صالونات التجميل لا تقتصر فقط على الكوافيرة يوم الفرح بل تطورت من حمام ثابت للبخار إلى الجاكوزى والاسبا والساونا والمساج حتى وان كان الامر مكلف للبعض الا أن هناك اشياء بسيطة يمكن عملها بالمنزل كفيلة بان تساعد ربة المنزل أو الام أو الزوجة فى الحفاظ على حيويتها ونضارة بشرتها ، كاستخدام الليمون ليلا على الايدى للتفتيح والتنعيم وبعد يوم شاق فى المطبخ والعمل ايضا استخدام كريم مرطب للبشرة قبل النوم حتى وان تم وضعه بجوار السرير منعا للسهو والنسيان كفيل بعلاج علامات تقدم البشرة والشحوب ، واستخدام الفازلين على الرموش والحواجب لاصلاحهما وتكثيفهما ، واستخدام زيت طبيعى للشعر للحفاظ على لمعانة ، أشياء بسيطة وغير مكلفة كفيلة بأن تعيد سعادة منزل بالكامل.
وعلى كل أم لديها فتاه مقبلة على الحياة أن تتناسى تلك العادات القديمة والخرافات المرتبطة بالعيب والحرام وان تقوم بتثقيفها وتعليمها ومساعدتها فى أن تكون انسانة نظيفة بكل ما تحمل الكلمة من معنى فالنظافة لا تقتصر على لية الزفاف وهذه العادات كانت مما يقرب من 300 عام، مشيرة إلى انه على كل زوجة وام وفتاة أن تدرك أن الامر تغير بمرور الوقت والثقافات اختلفت وهناك وعى والامهات التى تعمل عكس ذلك تظلم ابنتها وتخرب حياتها الزوجية فيما بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة