رحب الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى كلمته خلال افتتاح اجتماع الشق الوزارى رفيع المستوى، لمؤتمر الأطراف الرابع عشر، لاتفاقية التنوع البيولوجى، بوزراء ورؤساء الوفود والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات والجمعيات الحكومية والأهلية، قائلا: أهلا ومرحباً بكم فى أرض السلام، مدينة شرم الشيخ.
وقال رئيس مجلس الوزراء: إنه لمن دواعى سرورى أن ألتقى بكم اليوم فى افتتاح فعاليات اجتماع الشق الوزارى رفيع المستوى الخاص بمؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية التنوع البيولوجى المنعقد تحت عنوان "الاستثمار فى التنوع البيولوجى من أجل الإنسان والكوكب" لمناقشة دمج/ تعميم التنوع البيولوجى فى القطاعات التنموية مثل (الطاقة والتعدين والبنية التحتية والصناعة والصحة)، وهى فى الحقيقة قطاعات تنموية حيوية لأى دولة تسعى لتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف رئيس الوزراء: أبدأ كلمتى بالشكر لدولة المكسيك على رئاستها للمؤتمر الثالث عشر للتنوع البيولوجى، وأعرب عن سعادتى برئاسة مصر للمؤتمر الرابع عشر، فى العامين 2018 – 2020، وخالص أمنياتى للصين برئاسة ناجحة فى الدورة المقبلة.
وتوجه "مدبولى" بالشكر لكل الدول التى ساندت مصر لاستضافتها المؤتمر الرابع عشر للتنوع البيولوجى، وعلى رأسها أشقاؤنا بالدول الإفريقية، مؤكداً أن مصر تنوى أن تساهم بشكل كبير فى تحقيق أهداف الاتفاقية أولاً، والمنظمات الدولية سواء على مستوى الحكومات، أو منظمات المجتمع المدنى، والتعاون مع كافة الشركاء.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن جمهورية مصر العربية أولت اهتماما بقضايا البيئة، شاملة التنوع البيولوجى، وخدمات النظم البيئية، وأصدرت التشريعات الوطنية التى تحافظ على البيئة، وصون الموارد الطبيعية، وتعتبر محمية رأس محمد أول محمية طبيعية تم إعلانها عام 1983، تلاها المزيد من المحميات الطبيعية، لتصل إلى 30 محمية طبيعية، تُمثل ما يقرب من 15% من مساحة جمهورية مصر العربية، وقد قامت مصر بتوفير التسهيلات اللازمة لتحقيق أهداف الحماية، والتى شملت تأهيل أكثر من 700 شاب وأصبح لدينا مهنة جديدة تسمى "شباب المحميات"، حصل أكثر من مائة شاب منهم على رسائل الماجستير والدكتوراه، ليقوموا بتنفيذ البرامج الخاصة بالمحميات الطبيعية المحلية، ويشاركوا فى إدارة المحميات، بحيث أصبح اكثر من 70% من العاملين بالمحميات من السكان المحليين، والذى يؤكد ضرورة دمج هذه المجتمعات فى عملية التنمية، ويؤكد أيضا على الملكية الوطنية لصون الموارد الطبيعية، كما أصبحوا يشرفون على المشروعات والبرامج الممولة من شركاء التنمية والمنظمات الدولية، هذا بالإضافة إلى وجود لجنة للمرأة بكل محمية، لأن الشباب والمرأة هم عماد العمل فى المحميات الطبيعية.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن العالم يواجه اليوم تغيرات وتحديات تنخرط فى الطبيعة، والتى تهدد دولنا وتجعلنا نُفكر بمنهجية مختلفة، والدليل على ذلك اجتماع اليوم، حيث إننا لا نتحدث عن التنوع البيولوجى دون النظر إلى القطاعات التى تتأثر بالتنوع البيولوجى، مثل الطاقة والبنية التحتية والصناعة والصحة والتعدين والتنمية الحضرية والمالية، مضيفاً: يُسعدنى أن تحتضن مصر اليوم ليس فقط وزارات البيئة، ولكن الوزارات الأخرى، وتلبية الدعوة من قبل حضراتكم يدل على اهتمام ووعى الدول بأهمية هذه القضية.
وأكد رئيس الوزراء أن قطاعات الطاقة والتعدين والبنية التحتية والصناعة والصحة تعتمد على التنوع البيولوجى، والخدمات التى توفرها النظم الإيكولوجية المرتبطة بها، إلا أنها فى المقابل تؤثر على تلك النظم بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال فقدان البيئات أو تلفها أو تجزئتها، وتعطيل عملية التكاثر أو قطع مسارات الهجرة لبعض الأنواع، هذا بالإضافة إلى التغيرات فى نوعية المياه وسرعة تدفقها الطبيعى، وتلوث التربة والهواء والماء (وما ينتج عنه من تلوث حراري)، بالإضافة إلى التأثيرات الكبيرة الخاصة بالتخلص من المخلفات والتلوث الناتج من هذه القطاعات، مما يعود بالتأثير السلبى مستقبلاً على المواد الأساسية لتلك القطاعات، ويهدد استدامتها وهو أساس مفهوم التنمية المستدامة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: إن عملية دمج/ تعميم التنوع البيولوجى فى هذه القطاعات، يجب أن تتم من خلال طريقة شاملة وواعية بقيمة وأهمية صون وإدارة التنوع البيولوجى بصورة مستدامة، بمشاركة كافة القطاعات والفئات ذات الصلة والمجتمع المدنى والمرأة والشباب، وعلى سبيل المثال تعتبر البنية التحتية قضية أساسية بالنسبة للمجتمعات البشرية، ويعتبر بناء البنية التحتية حيوياً للنمو الاقتصادى، وتيسير كل جوانب الحياة الحديثة، وتشمل البنية التحتية سبل النقل والاتصالات، والبنية التحتية للطاقة التى توصل الطاقة الكهربائية إلى المنازل والأعمال التجارية، والبنية التحتية الحضرية، والسدود، ومحطات معالجة المياه وأنابيب المياه التى تدير إمدادات المياه للاستخدام المنزلى والصناعى والزراعى، مضيفاً أنه من المتوقع أن ينمو قطاع البنية التحتية على نحو كبير على مدى العقود القادمة نتيجة لزيادة السكان، والتنمية الاقتصادية، وحركة التجارة والتحضر المتزايد. ففى عام 2014، سكن ما نسبته 54 فى المائة من سكان العالم فى مناطق حضرية، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 68 فى المائة بحلول عام 2050، ونتيجة لهذه الزيادة، تشير التقديرات إلى أن حوالى 70 فى المائة من الاستثمارات المستقبلة فى البنية التحتية ستركز على المواقع الحضرية، كما سيزداد نمو القطاعات التى تعتمد على البنية التحتية وإنشائها. وتُشير التوقعات إلى أن 25 مليون كيلومتر من الطرق المرصوفة الجديدة و000 335 كيلومتر من طرق السكك الحديدية ستكون مطلوبة بحلول عام 2050. ومن المتوقع أن يتزايد الطلب أيضا على كل من شبكات الطاقة الكهربائية "التقليدية" و"الذكية".
وشدد رئيس الوزراء على أنه من الضرورى أن تستخدم الحكومات على كل المستويات مجموعة من الأدوات التى يمكن أن تقلل من الآثار السلبية على التنوع البيولوجى، مثل التخطيط المكانى، والتخطيط الحضرى، والتقييم البيئى الاستراتيجى، والتخطيط للتكيف مع تغير المناخ، آخذين فى الاعتبار احتياجات وأولويات التنوع البيولوجى، ليس لضمان عيشة كريمة مستدامة للأجيال الحالية، ولكن لضمان موارد طبيعية صحية تحظى بها الأجيال القادمة، ويأتى هذا المؤتمر ليسهم بشكل كبير من خلال مفهوم الدمج فى تعزيز رؤية مصر 2030 ولكن على المستوى الإقليمى والدولى.
وقال رئيس الوزراء: جاء اهتمام مصر بقضية البيئة ضمن أولويات التعاون على المستوى الإقليمى والأفريقى والعربى والمتوسطى والوطنى لدمج البعد البيئى فى البرامج والسياسات الوطنية، ويتجسد ذلك فى استراتيجية مصر 2030، والتى تعتمد فى طياتها البُعد الاقتصادى والبيئى والاجتماعى، مؤكداً أن القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى، تبذل قصارى جهدها من أجل ضمان هذا الدمج بجميع القطاعات.
وأشار "مدبولى" إلى أهمية المشاركة الفعالة لكل الدول الأفريقية والعربية فى فعاليات هذا المؤتمر، وقد تم تخصيص يوم أمس للشق الوزارى رفيع المستوى لضمان دمج الشواغل الأفريقية فى نتائج المؤتمر، والذى نتج عنه خطة عمل طموحة للقارة السمراء من عام 2020 وحتى عام 2030 متضمنة الاولويات الخاصة بالقارة والتى يأتى على رأسها استعادة تدهور الأراضى والنظم الايكولوجية وغيرها، ولقد تبنت مصر فى هذا الصدد منهجاً وطنياً لتحقيق الصون والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية من خلال استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، حيث تبنّت مفهوم التنمية المستدامة كإطار عام يُقصد به تحسين جودة الحياة فى الوقت الحاضر، بما لا يخل بحقوق الأجيال القادمة فى حياة أفضل، ومن ثم يرتكز مفهوم التنمية الذى تتبنّاه الاستراتيجية على ثلاثة أبعاد رئيسية، تشمل البُعد الاقتصادى والبُعد الاجتماعى والبُعد البيئى، وتراعى الاستراتيجية مبدأ تكافؤ الفرص، وسد الفجوات التنموية والاستخدام الأمثل للموارد، بما يدعم عدالة استخدامها ويضمن حقوق الأجيال القادمة فى كافة القطاعات التنموية، مثل الزراعة والصناعة والبنية التحتية، والسياحة، والنقل المستدام، وغيرها.
وأوضح رئيس الوزراء أنه تم إعداد هذه الاستراتيجية من خلال عملية تشاركية شاملة، وتعاون ممثلى الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والأكاديميين والخبراء، وبذلوا جهداً كبيراً لتحديد الملامح الأساسية لمصر المستقبل، وتكللت هذه الجهود فى هذه الوثيقة «استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030» لتكون الإطار العام المنظم لبرنامج عمل شركاء التنمية لمصر خلال السنوات القادمة.
وقال رئيس الوزراء: إن اجتماعات الشق الوزارى رفيع المستوى خلال اليوم وغداً، والذى يشرف بمشاركتكم سيقوم بمناقشة مجموعة الفرص والنُهج الخاصة بتعميم التنوع البيولوجى فى القطاعات التنموية (الطاقة والتعدين والبنية التحتية والصناعة والصحة)، بالإضافة إلى جلسات عامة حول الاستثمار فى التنوع البيولوجى من أجل الإنسان والكوكب، التنوع البيولوجى – الحل لمواجهة التغيرات المناخية وتدهور الأراضى، والفرص التمويلية والمخاطر لتعميم التنوع البيولوجى، وإطار ما بعد 2020 للاستراتيجية الدولية للتنوع البيولوجى، والتحالف الدولى من أجل الطبيعة والثقافة بمشاركة كوكبة من الجهات الفاعلة، لمناقشة الإجراءات التى يمكن اتخاذها على مستوى العمليات الدولية، والوطنية، من جانب قطاع الأعمال التجارية، والقطاعين المالى والمصرفى، والجهات الفاعلة الأخرى لزيادة تعميم التنوع البيولوجى فى هذه القطاعات، هذا بجانب منتدى القطاع الخاص والتنوع البيولوجى والذى ينظر فى الآليات المبتكرة لمشاركة القطاع الخاص فى الحفاظ على التنوع البيولوجى والذى من شأنه ان يُؤثر بصورة إيجابية فى النمو الاقتصادى المستدام لدولنا.
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلاً: إننى على يقين بأن اجتماعكم هذا وكذلك مبادرة إعلان شرم الشيخ المطروح أمامكم، سوف يساهمان فى إثراء المناقشات خلال الأسبوعين القادمين، خلال المؤتمر، وهو ما سوف ينتج عنه حلول مبتكرة وبناءة تدعم الجهود العالمية لصون التنوع البيولوجى. وأود ان اتوجه بالشكر لكل شركائنا فى التنمية والبنوك وسكرتارية الأمم المتحدة، الذين ساهموا فى تنظيم هذا الحدث العالمى، ليخرج كرسالة واضحة من أرض السلام الى شعوب العالم للحفاظ على مواردنا الطبيعية، لضمان الأمان والاستقرار لحياة أجيالنا القادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة