استخدام الأخبار المتعلقة بالحضارة المصرية ليس أمرا غريبا، بل تجده فى العديد من الصحف الصفراء والباحثة عن مشاهدات أكبر بين الحين والأخر لكن الأمر يزداد عن المألوف إذا كانت الصحيفة هى "ديلى اكسبريس" والتى تنشر بشكل شبه أسبوعى خبرا من عينة "أدلة جديدة على وجود حضارة فضائية قامت ببناء الأهرامات".
إجراء عملية بحث صغيرة باسم "الأهرامات" على موقع الصحيفة، ستعطينا صدمة بسبب كمية الأخبار التى تتحدث عن مصر القديمة والكائنات الفضائية وستجد حوالى 1341 خبرا على موقع الصحيفة أحدثها يوم 13 نوفمبر بخبرين الأول يقول إن هناك أدلة على قيام الفضائيين ببناء الأهرامات والثانى يقول إن السلطات المصرية تمنع كشف حقيقة بناء الفضائيين للأثار المصرية.
نظريات المؤامرة فى ديلى اكسبريس
ولكن عند قراءة الخبر تكتشف أنه يتحدث عن فيلم وثائقى، يقول إن بناء الأهرامات يتطلب تكنولوجيا متطورة وأن هذا الرأى انتشر بين أصحاب نظريات المؤامرة، لكن التقرير الصحفى المعتمد على الإثارة يخلط الأوراق ويلقى بالقصة فى سلة "الكائنات الفضائية" وحسب بلا أدلة ويحاول إلصاق الكلام بالفيلم الوثائقى.
لماذا ينتشر الحديث عن الكائنات الفضائية والحضارة المصرية؟
بحسب موقع "لايف ساينس" فإن الحضارة المصرية تحديدا كان هناك فترة انقطاع طويلة بين نهايتها وبين إعادة اكتشافها فلا أحد خلال العصور الإسلامية أو العصور الوسطى كان يفهم أى شئ عن اللغة المصرية القديمة، بالتالى فتح هذا المجال لأى شخص بأن يقول أى تفسير حول أى لغز يتعلق بمصر القديمة.
صورة من أخبار الصحيفة
ومثال على ذلك فإن المرشح السابق لرئاسة أمريكا، بن كارسون وهو جراح أعصاب، أى أنه رجل على درجة عالية من التعليم، خرج بتصريح غريب يقول إن الأهرامات ليست سوى صوامع كان يخزن فيها المصريين الغلال.
هذه القصة تم بنائها على أراء قديمة من القرن السادس الميلادى، أى بعد إنتهاء الحضارة الفرعونية وعدم معرفة الناس كيف يقرأون الهيروغليفية، وصاحب هذا الإدعاء كان المؤرخ جريجورى دى تور الفرنسى والذى لم يزر مصر، لكن جاءته الفكرة من الرحالة الأوروبيين لمصر والذين قالوا إن السبب على حد قولهم هو تخزين الحبوب فى الأهرامات من فتحات صغيرة فى الأعلى.
وفى القرن التاسع عشر وبعد فك رموز حجر رشيد، كانت هناك رغبة فى وضع إجابات عن الحضارة المصرية وفى نفس الوقت تكون هذه الإجابات متوافقة مع الرواية المسيحية مثل أن العالم لا يمكن أن يكون عمره أكثر من 6 ألاف عام، أو أن النبى يوسف هو الذى قام ببناء الأهرامات، عندها تم إحياء نظرية جريجورى دى تور، ووصلت النظرية لأمريكا، وكان هذا سبب معرفة بن كارسون بهذه النظرية الغريبة.
أما بالنسبة للكائنات الفضائية فالأمر مشابه، ففى النصف الثانى من القرن العشرين، بدأ الهوس بفكرة الكائنات الفضائية، وأن مبان ضخمة مثل الأهرامات لا يمكن أن يتم بنائها بأدوات بدائية وأن التفسير الوحيدة بالنسبة لأصحاب نظريات المؤامرة هو أن هذه الكائنات تزور الأرض باستمرار ولذا لا بد أن تترك أثارا وتم تزييف صور للنقوش الفرعونية بحيث تظهر وكأن هناك طائرات هليكوبتر أو غواصات منقوشة على الجدران المصرية، لكنها فى الحقيقة مجرد صور مزيفة.
وكان طبيعى أن تنتشر هذه القصص نظرا لأن أصحاب النظرية يرون أن أمريكا تخفى الحقيقة عن زيارات الكائنات الفضائية، ولذا أرادوا القول أن كل حكومات العالم تمارس نفس الشئ، حيث كان سيبدو الأمر غريبا لو كانت الولايات المتحدة هى من يقف ضد كشف الحقيقة فقط، بينما لو تم القول إن الأمر يتم إخفاؤه بشكل دولى ومن قبل كل الحكومات فإن الأمر سيكون أكثر قابلية للتصديق من قبل أتباع نظريات المؤامرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة