انطلقت فعاليات الجلسة الثانية من ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات، الذي تنظمه أبو ظبي تحت عنوان «كرامة الطفل في العالم الرقمي»، وبرعاية الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي.
يدير الجلسة الدكتور مصطفى يوسف علي الأمين العام للشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال، ويشارك فيها: مود دو بوير بوكيسيو المقررة الخاصة بالأمم المتحدة المعنية بمسألة بيع الأطفال واستغلالهم جنسيا، وكورنيليوس وليامز المدير المساعد لإدارة حماية الطفل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف»، وسليم ج. أدديي رئيس السياسات العامة والعلاقات الحكومية في جوجل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجاكلين بوتشير المدير التنفيذي لحماية الأمن على الإنترنت في شركة مايكروسوفت، وروبرت فاندن بيرج المدير التنفيذي لمنظمة إيكبات العالمية.
في البداية قدم مدير الجلسة، مصطفى يوسف علي، الضيوف المشاركين في الحلقة النقاشية، وعرّف بهم، ثم وجه سؤالا لهم عن رؤيتهم للواقع الرقمي وشبكة الإنترنت، وهل هي نعمة أم نقمة؟ وردت السيدة مود دو بوير بأن الإنترنت لا نعمة ولا نقمة، وإنما هي أداة اتصال متطورة وفعالة، يتحدد تأثيرها بحسب الأطر التي نضعها لاستخدامها، وآلية هذا الاستخدام، وضربت مثالا بحفيدها الذي يستخدم تطبيقات الإنترنت للاسترشاد والوصول إلى الوجهات التي يقصدها دون مساعدة أو خطر.
وقالت جاكلين بوتشير من مايكروسوفت، إن الشركة تنظم حملة تحت شعار «التحضر الرقمي» تستهدف تحسين كفاءة استخدام الإنترنت وإشاعة مناخ من القيم والانضباط في التعامل مع الشبكة وتجنب مخاطرها، لافتة إلى أن نتائج الدراسات المسحية التي تجريها الشركة ستكون متوفرة في اليوم العالمي للسلام، وإن كانت أبرز المخاطر التي يواجهها الأطفال والمراهقون تتمثل في الاستغلال الجنسي والاتصال غير المرغوب فيه، والتطفل على الخصوصية، والرسائل الجنسية، مع ما يحيط بهذا من خطاب كراهية وعمليات احتيال وتحرش وتنمّر وغيرها من المضايقات.
بدوره، قال كورنيليوس وليامز من منظمة «يونسيف» إن شبكة الإنترنت زادت من حجم الإتاحة ووصول المجرمين ومستغلي الأطفال لضحاياهم رغم فروق المسافات واللغات، أي أن الأطفال أصبحوا أكثر عرضة لقدر أكبر من المخاطر والاستغلال من أفراد كثيرين قد يكونون على بُعد آلاف الأميال، لافتا إلى أن التكنولوجيا سهلت عمليات الاعتداء على الأطفال إلى حد أن المعتدي الماهر لا يحتاج أكثر من 45 دقيقة لتحقيق غرضه بالكامل. متابعا: «هناك أشخاص كثيرون يستفيدون من المواد الجنسية المنتَجة عبر استغلال الأطفال».
في السياق ذاته، قال روبرت فاندن بيرج من منظمة إيكبات العالمية، إن نداء الطفلة الإماراتية فاطمة الكعبي في كلمتها خلال افتتاح الملتقى اليوم بضرورة حماية الأطفال هي الغاية التي يتعين على الجميع العمل من أجلها. وأضاف «بيرج» إلى أن التطورات التقنية المتسارعة تفرض علينا ضرورة العمل بإيقاع أسرع لملاحقة المعتدين، الذين أصبحوا أكثر تمكنا وخبثا وقدرة على المراوغة والإفلات من متعقبيهم، كما أن أغلبهم لم يعودوا يحتفظون بالمواد البصرية التي تتضمن انتهاكا للأطفال عبر أجهزتهم، وإنما يستخدمون الحوسبة السحابية، ما يجعل من الصعب تتبعهم أو إدانتهم بسبب هذه المواد.. وفجر روبرت مفاجأة بأن حجم المواد المستغلة للأطفال التي صادرتها الأجهزة الأمنية في الفترة الأخيرة أكبر من حجم المكتبة الرقمية للكونجرس.
من جانبه، قال سليم أدديي من جوجل الشرق الأوسط، إن ملايين البشر يستخدمون الإنترنت في كل ساعة، وفي الشرق الأوسط والمنطقة العربية يبلغ عددهم 180 مليونا في الوقت الحالي من المتوقع زيادتها العام المقبل إلى 240 مليونا، ويتجاوز عدد الأطفال دون 17 سنة 20 مليونا في الوقت الحالي. لافتا إلى أن العالم العربي أكثر شبابا وهو ما يزيد من مخاطر وتحديات استخدام الإنترنت مع ارتفاع نسبة وصول الأطفال للشبكة. وتابع سليم: «تخيلوا أنكم تعيشون في الصحراء وظهر خلل في المناخ وفجأة وجدتم مصدرا للمياه العذبة، هذا ما يحدث مع الإنترنت في الوقت الحالي، والآن ليس علينا تعليم أبنائنا عبور الشارع فقط، وإنما علينا تعليم أنفسنا بالدرجة نفسها لنستطيع التعامل مع جيل جديد يستخدم التكنولوجيا بشكل فطري. الفجوة كبيرة للغاية». وشدد سليم على أن شركات التقنية تزيل مقطع فيديو كل ثانية، وجوجل تتلقى يوميا 9 ملايين طلب لحذف محتوى مسيء أو مستغل.
يُذكر أن فعاليات منتدى تحالف الأديان لأمن المجتمعات، انطلقت صباح اليوم الاثنين تحت عنوان "كرامة الطفل في العالم الرقمي"، وذلك في إمارة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة عدد من القادة الروحيين لعدد من الأديان بدول العالم المختلفة.
ويهدف المنتدى، الذي يُعقد تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، لمواجهة التحديات التي تؤثر على سلامة وأمن المجتمعات، وأبرزها: الاتجار بالبشر، والمخدرات، والعنف ضد الطفل وجرائم التطرف والإرهاب. وبحسب خطة العمل فإن المنتدى يستهدف استمرار الحوار العالمي بشأن حماية الطفل وكرامته في العالم الرقمي، وتحويله إلى خطوات ملموسة وحلول واقعية، عبر جمع القيادات الدينية المرموقة لضمان إحداث تأثير إيجابي على أمن المجتمعات، وتعزيز القادة الدينيين بالمعرفة لدعم كرامة الطفل في مجتمعاتهم.
كانت الإمارات قد أعلنت عن المنتدى في أكتوبر 2017، وتُعقد دورته الأولى بالشراكة مع عدد من الجهات والمؤسسات الإقليمية والدولية، أبرزها مشيخة الأزهر الشريف، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف"، والمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، والشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال. وسبقته ورش عمل تحضيرية منذ يناير 2018 غطّت 7 معتقدات دينية وروحانية أساسية في 30 دولة بمشاركة أكثر من 270 قائدًا دينيًّا.
تضم اللجنة التنفيذية للملتقى فريقًا من دولة الإمارات، إضافة إلى: إيرني آلن رئيس مجلس إدارة مبادرة "نحن نحمي" الدولية بالولايات المتحدة، والبارونة جوانا شيلدز مؤسس مبادرة "نحن نحمي" في بريطانيا، وكورنيليوس وليامز المدير المساعد لإدارة حماية الطفل بمنظمة يونسيف، والحاخام ديانا جيرسون نائب الرئيس التنفيذي لمجلس نيويورك للحاخامات، والأب هانز زولينر مدير مركز حماية الطفل بالجامعة البابوية الجريجورية، وهوارد تايلور المدير التنفيذي لمبادرة إنهاء العنف ضد الأطفال في منظمة يونسيف بالولايات المتحدة، ويليام فندلي الأمين العام للمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، ومصطفى يوسف علي الأمين العام للشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال.
ويُشارك في فعاليات المنتدى بدورة هذا العام عدد من القادة الدينيين والروحيين، منهم: البطريرك برثلماوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية، وقداستها ماتا أمريتانداماي الزعيم الروحي الهندوسي، والحاخام مايكل شودريش الحاخام الأكبر في بولندا، وبهاي صاحب بهاي موهيندر سينج الزعيم السيخي، وكيشي مياموتو رئيس مجلس إدارة منظمة مايوشيكاي البوذية، والكاردينال لويس أنطونيو تاجلي رئيس أساقفة مانيلا، والحاخام جو بوتسانيك رئيس حاخامات نيويورك، والحاخام جاي روسنبوم رئيس مجلس حاخامات أمريكا الشمالية، وصاحب السيادة متروبوليت عمانوئيل نائب رئيس مؤتمر الكنائس الأوروبية، والإمام عمر أحمد إلياسي رئيس هيئة أئمة عموم الهند، والشيخ أبو بكر أحمد الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بعموم الهند، والبطريرك سبستيان كاماتشو رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية القديمة بأمريكا اللاتينية، و"بني دوجال" الممثل الرئيسي لدى الأمم المتحدة للمجتمع الدولي البهائي، وقداسة الكاثوليكوس كاريكين الثاني البطريرك الأعظم والكاثوليكوس لعموم الأرمن، والسفير يوسف عبد الرحمن نزيبو رئيس المجلس الأعلى لمسلمي كينيا، والأسقف خوليو موراي رئيس أساقفة الأنجليكاني لأمريكا الوسطى، وعدد من الشخصيات الدولية وممثلي المنظمات والمؤسسات العالمية المعنية بحقوق الأطفال وحوار الأديان.