تشهد صناعة النشر فى الوقت الحالى تراجعا شديدا، يؤثر بالسلب على الناشر والقارئ فى آن واحد، ولهذا تجولنا فى معرض الشارقة الدولى للكتاب بدورته الـ 37، للقاء عدد من دور النشر، لمعرفة ما هى أسباب تهديد الصناعة وكيفية إنقاذها.
بداية تحدثنا مع الكاتبة الصحفية سمر أبو شكر، دار سعاد الصباح، والتى أكدت أن من أسباب تراجع صناعة النشر جاءت بسبب ازدياد الأيادى الكاتبة غير القارئة، بمعنى أن من "هب ودب" ويكون لدية خاطرة يكتبها، وتصبح النتيجة فى الآخر كاتب، وهناك شخص عمره راح فى القراءة والفكر يقابل صعوبات كبيرة حتى ينشر، وهذا يجعل صناعة النشر تتراجع لعدم وجود مصداقية لا بالكاتبة ولا بالمصدر.
وأوضحت "سمر"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه من أسباب تراجع صناعة النشر أيضا وجود وسطة، فإذا وجدت تلك الواسطة يعرض الكتاب مهما كان مضمونه فى أى دولة، كما أن وجود كتب تنشر بدون رقابة تؤثر بكل تأكيد على الجيل الصاعد، فالصبى الذى يبلغ 8 سنوات يقرأ روايات الخاصة بعمر 22 عاما، وذلك لغياب الرقابة، بالإضافة لعدم الاهتمام بكتب الطفل، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة بشكل كلى قد يؤدى إلى اختفاء الكتب الورقية خلال 4 سنوات، فالكتب تنفع ولا تضر ولكن الأجهزة الالكترونية تضر ولا تنفع.
من جانبه الناشر حازم عبد الستار، مدير دار نبتة للنشر والتوزيع، إن صناعة النشر تمر بأزمات عدة أولها عدم دعم الحكومات العربية للثقافة بشكل عام، ونتمنى من وزراء التربية والتعليم التعاون مع الناشرين لمواجهة التحديات التى تمر بها صناعة النشر.
وأوضح "عبد الستار" أنه لا بد من عودة الدعم الحكومى الذى يتمثل فى تبنى وزراء الثقافة، ووزراء التربية والتعليم فى العالم العربى، لمشاكل النشر، وتبنى المبادرات الثقافية المهمة مثل مشروع تحدى القراءة، والذى حقق نجاحا كبيرًا، كما يجب إعادة حصة المطالعة بالمدارس، وتزويد المكتبات المدرسية بالكتب، وعودة مشروع مكتبة الأسرة الداعم للناشرين بشكل كبير، وخفض رسوم الجمارك على الكتب، وخففض قيمة شحن الكتب بين الدول، مشددا على أن بدون دعم الحكومات ستنهار صناعة النشر.
بينما أرجع الناشر محمد عبد المنعم، مدير دار سما، سبب تراجع صناعة النشر فى الوطن العربى، للحروب والمؤامرات وقلة الوعى بثقافة الصناعة، قائلا: إن الحروب والمؤامرات التى تعرضت لها منطقتنا العربية أثرت سلبا على الثقافة العربية، ولذلك يلزم على الجميع الاهتمام بالثقافة وصناعة النشر فهى القوة الناعمة التى تصنع هوية الشعوب.
واستطرد "عبد المنعم" أن الثقافة هى السلاح القوى لمواجهة العدو والتحدى الأعظم هو نشر الوعى الصحيح لدى الشعوب بالثقافة، والتى بدورها تجعل الشعوب هى حائط الصد المنيع ضد المؤامرات والأعداء ومن هذا المنطلق نكتشف أهمية الثقافة.
واستعرض الناشر محمد عبد المنعم آليات إنقاذ صناعة النشر، قائلا: إنجاز وحدة متكاملة ومتجانسة فى المجتمع، واتكشاف الاهتمامات المشتركة بين أفراد المجتمع، والتماسك بين الناشرين للتصدى ومواجهة الأزمات فى صناعة النشر.
فى السياق ذاته، قالت الدكتورة هالة حسن، صاحبة دار كتابى للنشر والتوزيع فى مصر، إننا فى الوطن العربى نرغب فى دعم الحكومات الثقافة، لأن الثقافة صناعة كبيرة، ينتج عنها بناء العقول، التى سيكون أصحابها قادة المستقبل، ويجب إعداها بشكل أمثل، وعلينا العمل على وضع استراتيجيات بدعم وزارات الثقافة العربية بشكل مباشر.
وأضافت "هالة" أن أكبر الأزمات التى تواجه صناعة النشر، هى ارتفاع سعر الورق، وأدوات الطباعة، بالإضافة إلى عدم وجود دعم من مؤسسات الدولة، مما يؤثر على عودة صناعة النشر إلى الخلف، وبكل تأكيد هذا كله يساعد فى القضاء على الكتب الورقى فى المستقبل.
وأشارت الدكتورة هالة حسن، كما أن ما يؤثر على صناعة النشر ما نراه الآن فى حال الثقافة التى أصبحت ومضات، بمعنى أن كل ما لديه فكرة يفكر أن يصدر كتاب دون النظر للمحتوى، بالإضافة إلى الاعتماد على سمع محتوى الكتاب من الأخرين دون قراءة، فيصبح لدينا فكر سطحى، وهناك عدد كبير من الشباب يدعون أنهم كتاب ومثقفين، دون أن يكون لديهم مخزون ثقافى حقيقى.
وأضافت صاحبة دار كتابى للنشر، إننا كناشرين نحاول إنقاذ صناعة النشر من أجل البقاء، لأن النشر ليس تجارة ولكنها رسالة سامية تبنى أجيال وأجيال.
أما لمياء السعيد، مدير دار السعيد للنشر والتوزيع، قالت إن صناعة النشر مهددة بشكل كبير، وهناك العديد من الأزمات التى يجب العمل على وضع الحلول اللازمة للقضاء عليها، وتأتى أولها تزوير الإصدارات الحديثة، وعدم التسويق للكتب بشكل صحيح، بجانب ارتفاع سعر الورق، وكل ذلك يتم القضاء عليه حال تعاون مؤسسات الدول مع الناشر العربى.