أدت قافلة وزارة الأوقاف الدعوية إلى محافظة مطروح، برنامجها الدعوي بإلقاء الدروس الدينية بالمساجد الكبرى بمدينة الضبعة، وإلقاء خطبة الجمعة الموحدة تحت عنوان ” دور الشباب في بناء الدول والحضارات ” .
من جانبه أكد الدكتور كمال محمد سيف مدير عام المتابعة الفنية بوزارة الأوقاف، أن الشباب عماد الأمة، وقلبها النابض ، وساعدها القوي، ولا ينكر أحد دور الشباب في بناء الأوطان والأمم ونهضتها ورقيها , وقد جعل نبينا (صلى الله عليه وسلم) منزلة الشباب المستقيم الذي يخدم دينه ووطنه تالية لمنزلة الإمام العادل في السبعة الذين يظلهم الله (عز وجل) في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله , حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّه، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّه).
وأشار إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حثَّنا على اغتنام هذه المرحلة المهمة من مراحل العمر، بالعمل والعطاء ، والتزود من عمل الخير لأنفسنا وديننا ومجتمعنا ؛ لتحقيق سعادتنا وما فيه خير لنا في الدنيا والآخرة ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، فراغك قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ).
وأكد الدكتور عمرو عبد الغفار الكمار – عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة، أن الشباب نعمة كغيرها من النعم, وأن العبد سيسأل عنها أمام الله (عز وجل) يوم القيامة ، فقال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟) .
وأضاف الكمار: مما لا يخفى على أحد أن سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) العطرة ، شاهدة على اهتمامه (صلى الله عليه وسلم) بالشباب ، ورعايتهم وتعليمهم وتوجيههم ، وحرصه على الحوار معهم ، وتأهيلهم للقيادة ، فتراه (صلى الله عليه وسلم) يُدنيهم ويقربهم من مجلسه حتى يكتسبوا العلم والخبرة والحكمة .
كما أشار إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أولى الشباب اهتمامًا كبيرًا ، ومنحهم الثقة وحملهم المسئولية للتأكيد على ضرورة استثمار مرحلة الشباب الاستثمار الأمثل ، وبذل الوسع في توظيف طاقاتهم وقدراتهم , وكان الحسن البصري (رحمه الله) يقول : (قدّموا إلينا شبابكم ؛ فإنهم أفرغ قلوبًا ، وأحفظ لما سمعوا ، فمن أراد الله أن يُتِمّه له أتمّه) .
وقال الكمار: لسنا نبالغ إذا قلنا : أن كثيرًا من مظاهر التقدم والتطور العلمي الذي يعيشه العالم في العصر الحديث في شتى المجالات قامت على أكتاف الشباب الذين أسهموا بجهود متميزة في خدمة الإنسانية ؛ ففي مجال الفضاء نجد أن أصغر رائد فضاء لم يكن عمره يتجاوز الخامسة والعشرين عندما صعد إلى الفضاء في عام (1961)، وكذلك كانت أول امرأة في التاريخ تطير إلى الفضاء منفردة دون طاقم يصحبها شابة في السادسة والعشرين من عمرها ، وذلك في عام (1963) .
وأكد الشيخ حسام محمود بيومي – مدير إدارة الخطباء بالمساجد الأهلية ، أن الاهتمام بالشباب والحرص على تأهيلهم للقيادة وتحمل المسئولية منهج نبوي أصيل سار عليه الخلفاء الراشدون (رضي الله عنهم) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ فهذا سيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) يكلف سيدنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه) بجمع القرآن الكريم ، قائلًا له: (إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ ، وَلاَ نَتَّهِمُكَ ، كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ) ، وهذا تكليف عظيم ، ومهمة كبيرة قال عنها سيدنا زيد (رضي الله عنه) : (فَوَ اللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ ، مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ) ، قال ابن حجر (رحمه الله) معلقًا على كلام سيدنا أبي بكر (رضي الله عنه) : فكونه شابًّا يكون أنشط لما يطلب منه ، وكونه عاقلًا فيكون أوعى له ، وكونه لا يتهم فتركن النفس إليه ، وكونه كان يكتب الوحي فيكون أكثر ممارسة له .
ولفت بيومى، إلى الفهم العميق من الصديق (رضي الله عنه) ، ينبغي لنا أن نقف معه ، فعند إعداد قيادات المستقبل لا بد من توافر صفات ومقومات تأتي في مقدمتها الكفاءة والأمانة ، وهو ما ينبغي توفره في كل من يتولى عملًا عامًا ، وهو أيضًا ما يجب أن نربي عليه أبناءنا وشبابنا ؛ حتى يستطيعوا تحمل المسئولية ، بكل جدارة ، وكفاءة ، وكفاية .
أكد الشيخ محمد سمير محمد عبد الغني مدير إدارة الدول العربية بالإدارة العامة للعلاقات الخارجية ، أن القرآن الكريم قد لفت أنظارنا إلى أهم صفتين من مقومات إعداد القادة واختيارهم , وهما القوة والأمانة , أو الحفظ والعلم , حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) في قصة سيدنا موسى (عليه السلام) : {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}, ويقول سبحانه على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) في مخاطبة عزيز مصر : {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}, فالأمانة وحدها لا تكفي ، والكفاءة بلا أمانة لا تُغني ولا تُجدي.
وأضاف عبد الغنى، أنه في إطار هاتين الصفتين لا بد من توافر صفات ومقومات تفصيلية وفق طبيعة المهمة التي تُوكل إلى القائد أو المسئول ، ودرجة المسئولية الملقاة على عاتقه ، وحساسية المهام المنوطة بها , ومن أهمها : التفاني والإخلاص في العمل , والقدرة على تحمل الضغوط ، والعمل تحت الضغوط المتعددة , والتعامل مع الأزمات وحسن معالجتها , والرؤية السياسية , والإلمام بمتطلبات الأمن القومي , والقدرة على العمل بروح الجماعة والفريق , والتميز في مستوى الوعي والثقافة العامة , فثمة ما يعرف في علم الإدارة بعموم الفهم وخصوصية التكاليف , ذلك بأن يكون الموظف أو المسئول أو القائد على مستوى عال من الفهم العام لكل جوانب عمله ، والإلمام بأطرافه، ومشكلاته، وتحدياته، وتداخلاته، وتشابكاته مع الجهات الأخرى , أو الزملاء الآخرين , وأن يكون واسع الثقافة ، واسع الإدراك ، شديد الوعي بالمستجدات والمتغيرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة