فى نوفمبر من كل عام ينتظر الصحفيون والعاملون بالسينما وعشاقها فعاليات بانوراما الفيلم الأوروبى -التى انتهت فعالياتها السبت الماضى- لمشاهدة أفضل أفلام القارة العجوز، فى حدث ثقافى يعتبره البعض أحد أهم الأحداث فى الوسط السينمائى والثقافى المصرى، ويقبل أهل الصحافة والفن والطلاب لتسجيل بياناتهم على الموقع الرسمى للبانوراما للحصول على البطاقات المخفضة لمتابعة الأفلام المنتظرة، رغم زيادة سعرها بمقدار الضعف مقارنة بآخر نسخة من الفعالية العام الماضى 2017 .
ومع الإعلان عن استقبال البانوراما 5 أفلام مرشحة للأوسكار و7 آخرى تنافست على جائزة السعفة الذهبية فى مهرجان كان، زاد الإقبال على البطاقات المخفضة كل حسب مجاله، وزاد حماس الصحفى ليكتب ويحلل أحداث أفلام الدورة الـ11، وصناع السينما للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه الصناعة، والطلاب لتنمية ذائقتهم الفنية، لكن كانت المفاجأة بخلو العروض المتاحة لأصحاب البطاقات من هذه الأفلام المذكورة أعلاه، واقتصرت العروض المتاحة لهم على الأفلام التسجيلية وقسم علامات سينمائية - تلك الأعمال التى أثرت فى 3 من صناع السينما المصرية فى بداياتهم - وسينما المخرج السويدى إنجمار برجمان، وكل تلك الأفلام بجانب افتقادها للإثارة فهى من الأعمال الكلاسيكية المتوفرة عبر قنوات ومواقع الإنترنت ويمكن مشاهدتها وأنت ملقى على أريكة منزلك.
قد يقول قائل إن مشاهدة الأفلام لها متعة خاصة بين صفوف المشاهدين فى صالة العرض السينمائى، وقد يكون ذلك محفزًا لعشاق الأفلام للذهاب إلى السينمات، لكنه فى الواقع ليس كافيًا، فماذا يمنع الجمع بين لذة المشاهدة فى صالة العرض والأفلام المهمة فى برنامج البانوراما، لكنَّ القائمين على البرنامج وضعوا أصحاب البطاقات بين خيارين إما الاكتفاء بالعروض الفقيرة المتوفرة لهم أو الوقوف فى طابور شباك التذاكر دون أى اعتبار لبطاقاتهم المدفوعة سلفًا.
يبدو أن الفكر الاقتصادى طغى على الجانب الثقافى لدى القائمين على البانوراما، بعد أن كان هدفها إثراء الحياة الثقافية والفنية فى مصر على مدار 10 دورات ماضية وإصلاح ما أفسده السوق الذى لا يهمه سوى الصراع على لقب الأعلى إيرادًا دون النظر إلى المحتوى، نتفهم ضرورة الجانب المادى لتغطية تكلفة الفعالية وضمان إقامتها فى السنوات المقبلة، لكن مع الحفاظ على غاية البانوراما وعدم الانسياق إلى حسابات السوق السينمائى الذى لا يهمه سوى التربح من الصناعة، ونتمنى أن يأخذ المكتب الفنى لبانوراما الفيلم الأوروبى ملاحظاتنا بعين الاعتبار لتفاديها فى الدورات المقبلة من الفعالية التى نتعبرها -من أهم اللقاءات السينمائية إن لم تكن الأهم -.