يعقد قادة الدول الأوروبية فى بروكسل اليوم الأحد، قمة مخصصة للمصادقة على اتفاق تاريخى حول انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى بعد مفاوضات استمرت بين الجانبين على مدار 17 شهرا، تسببت فى أكثر من زلزال سياسى فى لندن، شهد استقالة عدد من الوزراء لرفضهم خطة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، حيث يرون أنها قدمت تنازلات كبيرة للجانب الأوروبى.
ورغم أن القمة اليوم ستحسم نقاط الخلاف بين الجانبين لتمهيد الطريق للانسحاب فى 29 مارس 2019، إلا أن اتفاق المغادرة غير المسبوق من المفترض أن يتم التصويت عليه لتمريره من قبل البرلمان الأوروبى والبرلمان البريطانى، وهو الأمر الذى سيشكل أكبر معركة لماى نظرا للانقسام الشديد بين صفوف حزبها وكثرة الحديث مؤخرا فى الأوساط البريطانية عن إمكانية وقف البريكست ككل.
وشهدت الأيام الماضية خلافات حول اتفاق الخروج، ولكن هذه المرة ليست بين البريطانيين أنفسهم، وإنما بين لندن ومدريد حول السيادة على جبل طارق، حيث هددت إسبانيا برفض الاتفاق إذا لم تحصل على ضمانات بشأن هذه القضية، وهو ما أجبرت تيريزا ماى على فعله.
وقالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن تيريزا ماى أجبرت على إبرام صفقة على جبل طارق لتفادى الخلاف الدبلوماسى قبل قمة اليوم التاريخية.
ولكن هذا عزز الانقسام داخل الأروقة السياسية البريطانية، حيث تجددت الاتهامات لرئيسة الوزراء بأنها تتنازل على حساب مصلحة الشعب البريطانى، وانتقدت لاستسلامها لمطالب إسبانيا بشأن مستقبل الأراضى البريطانية فيما وراء البحار بعد أن هددت مدريد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد تقدم صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى التى من المقرر أن يوافق عليها الاتحاد الأوروبى اليوم.
وزعم رئيس الوزراء الإسبانى، بيدرو سانشيز، - بحسب صحيفة "الإندبندنت"- أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى قد اعترفا بضرورة الحصول على ضمانات بشأن وضع جبل طارق فى المفاوضات المستقبلية، وبالتالى فأن أى صفقات مستقبلية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى لن يتم تطبيقها تلقائيا.
وقالت تيريزا ماى التى وصلت إلى بروكسل منذ مساء السبت إنه "اتفاق من أجل مستقبل أفضل يسمح لنا بانتهاز الفرص التى تنتظرنا".
وتشمل اجتماعا لقادة الدول الـ27 الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى صباح اليوم، لإقرار اتفاق الانفصال المشكل من 60 صفحة. وسيوافقون أيضا على "إعلان سياسى" ملحق بالاتفاق حول العلاقة المستقبلية "الطموحة" التى يأملون فيها بين الطرفين، قبل أن تنضم إليهم تيريزا ماى لإظهار موافقة الجميع على النص.
شنكار سنجام
ومن ناحية أخرى، اعترف شنكار سنجام، مستشار مؤيد للبريكست، أن المملكة المتحدة ستكون أفضل حالا بالبقاء فى النادى الأوروبى، بدلا من قبول خطة "بريكست" التى وضعتها ماى.
وقال سنجام، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية "لا يوجد منطق الآن من مغادرة الاتحاد الأوروبى "لأن الفرص التى تصورها ستكون ضاعت. وقال: "الجانب المفيد والفرصة ... يختفيان، ولن يتبقى سوى ممارسة الحد من الأضرار".
وتتفق تصريحاته التى أدلى بها فى مقابلة قبل إعلان رئيسة الوزراء لاتفاقها المقترح مع الاتحاد الأوروبى، مع تلك التصريحات التى أدلى بها وزير بريكست السابق، دومينيك راب، الذى قال لبرنامج فى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن مقترح ماى أدنى من مميزات استمرار عضوية لندن فى الاتحاد الأوروبى.
كما أعرب مسئولون آخرون عن رفضهم لخطة تيريزا ماى للخروج، بمن فيهم إيان دنكان سميث وبوريس جونسون.
وكذلك أكدت الصحيفة ذاتها، أن أكبر معركة تواجهها تيريزا ماى، رئيسة وزراء بريطانيا أثناء وجودها فى بروكسل هى نوابها من أعضاء حزب المحافظين الذين سيعرض عليهم خلال أقل من أسبوعين صفقة الخروج للتصويت عليها فى البرلمان.
وأوضحت الصحيفة، أن أى قراءة أساسية تظهر أن المعادلة ليست فى صالحها، حيث أعلن 85 من أعضاء حزب المحافظين أنهم لا يستطيعون تأييد اتفاقية بريكست كما هى، مما يعنى أن واحد بين كل أربعة فى الحزب يرفضون الخطة.
وأشارت "الجارديان"، إلى أن نسبة العداء داخل الحزب حيال تيريرا ماى تقترب من 40%.
وليس جميع الرافضين لاتفاق ماى من المتشككين فى الاتحاد الأوروبى، فمثلا روبرت هالفون، النائب المؤثر والقريب من وزير الداخلية ساجد جافيد دعم حملة البقاء فى 2016، ولكنه أعلن على حسابه على موقع فيس بوك أنه سيصوت ضد اتفاق ماى.
واشتكى عضو البرلمان عن هارلو من أن صفقة ماى ستترك المملكة المتحدة "فى ترتيب جمركى مفتوح"، وأنه غير راضٍ عن "الترتيبات المختلفة لأيرلندا الشمالية" ولكن قبل كل شيء "لا أعتقد أننا نحصل على القيمة مقابل المال المدفوع من فاتورة الطلاق التى يتم تحصيلها من أموال دافعى الضرائب والبالغة 39 مليار جنيه استرلينى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة