بعد أن وقفت دولة الإرهاب تركيا، بجانب شقيقتها فى الإرهاب أيضا قطر، فى خلافها مع جيرانها العرب عقب المقاطعة العربية التاريخية لها فى الـ 5 من يونيو 2017 الماضى، خصصت الدوحة أموال الغاز ومليارات الشعب القطرى لرد الجميل على الموقف التركى للديكتاتور رجب طيب أردوغان.
قطر من جانبها تم اختبار ارادتها السياسية فى ظل أزمة "الليرة" التركية التى أدت إلى تدهور هذه العملة ما دفع تركيا إلى تلمس العون من أية جهة كانت، فجاء الموقف القطرى خلاف تمنيات حكومة "العدالة والتنمية" حيث أعلنت قطر عن الدفع بعدة مليارات ليس نقدا تسدد للبنوك التركية لإنقاذ الليرة ولكن فى شكل استثمارات.
أردوغان وتميم
فى المقابل، وحسب موقع "أحوال" الإخبارى المتخصص فى الشئون التركية، كان دخول قطر إلى القطاع المالى فى تركيا بمبلغ 3 مليارات دولار فى إطار ما عرف بالمبادلة بين بنوك الدولتين.
لكن الديكتاتور التركى وبعد عدة شهور على سريان الاتفاق ما زال يتطلع إلى المزيد وعدم الاكتفاء بذلك السقف المالى الذى لم يغير كثيرا فى الواقع السائد سواء لجهة التضخم أو انخفاض قيمة الليرة.
وفى هذا الصدد، يفيد نص كلمة لوزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو، أن تركيا تستهدف زيادة حجم التجارة مع قطر بعد أن وقع البلدان اتفاق مبادلة فى أغسطس.
وبحسب مصادر الطرفين، يبلغ الحد الأقصى لاتفاق مبادلة العملة الموقع بين بنكى تركيا وقطر المركزيين فى أغسطس 3 مليارات دولار، حيث جاء اتفاق أغسطس وسط أزمة عملة متفاقمة فى تركيا وبعد أيام من تعهد الحليف العربى الخليجى بدعم حجمه 15 مليار دولار، وكان البنك المركزى التركى أبرم اتفاقية مع نظيره القطرى حول مبادلة العملات.
وذكرت وكالة "الأناضول" المقربة من النظام التركى، أن رئيس البنك المركزى التركى، مراد جتين قايا، ونظيره القطرى عبد الله بن سعود آل ثانى، وقعا على الاتفاقية، مضيفة أن "مسئولين من كلا البلدين شاركوا فى مراسم إبرام الاتفاقية بمقر البنك المركزى القطرى فى الدوحة".
وتهدف الاتفاقية إلى تسهيل عمليات التجارة بين البلدين بالعملة المحلية، مع توفير السيولة والدعم اللازمين للاستقرار المالى حيث أن قيمة الدفعة الأولى وفى المرحلة الأولى هى 3 مليارات دولار".
وبحسب المصادر المالية القطرية، فأن الجانب التركى يتطلع إلى دخول كامل الأموال المتفق عليها إلى السوق التركى.
وفى وقت تبحث به قطر عن مشترين لأصولها العقارية فى أوروبا من أجل الحصول على السيولة اللازمة لتخفيف آثار المقاطعة التى تتعرض لها بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، تجد الدوحة نفسها مضطرة إلى سحب جزء من مبلغ 15 مليار دولار من ثروات البلاد من أجل دعم الحليف التركى.
تميم وأردوغان
ولم تتخذ هذه الخطوة إلا بعد تعرضها لضغوط من أنقرة حيث انتقدت الصحافة الموالية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، النظام القطرى بسبب صمته حيال الأزمة المالية التى ضربت البلاد.
وبناء على ذلك، أعلنت تركيا على لسان وزير خارجيتها نهاية شهر أكتوبر الماضى، أنها لن تقوم بإغلاق قادتها العسكرية فى قطر، وأنه لا توجد صلة بين نشر قواتها والنزاع الخليجى الحالى، على حد زعمها.
ورفض وزير الخارجية التركى، طلب السعودية والدول الحليفة لها إغلاق قاعدة تركية عسكرية فى قطر، واصفا إياه بـ"غير الواقعى"، حسبما قال فى مقابلة نشرتها صحيفتى "الوطن" و"قطر تريبيون"، حيث قال: "تم نشر القوات المسلحة التركية فى قطر بموجب اتفاق التعاون الثنائى فى المجالين العسكرى والدفاعى الموقع بين تركيا وقطر فى عام 2014، قبل وقت طويل من النزاع الخليجى فى 2017"، على حد قوله.
وقطعت كلا من مصر والسعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر فى الخامس من يونيو 2017 بسبب دعمها للإرهاب، وتمويلها لجماعات الإرهابية بالمنطقة العربية.
وعرضت الدول الأربعة على قطر قائمة من 13 طلبا لإعادة العلاقات معها، ومن بينها الحد من علاقاتها مع إيران، وإغلاق قاعدة طارق بن زياد التركية العسكرية على أراضيها، ورفضت الدوحة هذه المطالب مؤكدة بدورها أنها غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، على حد زعمها.
وسجل تقارب كبير بين قطر وتركيا منذ بدء الأزمة الدبلوماسية بين الدوحة وجاراتها. وكان أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى أول زعيم أجنبى يتصل بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان خلال الانقلاب الفاشل فى تركيا عام 2016.
وتعهدت قطر مؤخرا باستثمارات مباشرة فى تركيا بقيمة 15 مليار دولار، فى خطوة تأتى دعما للاقتصاد التركى مع انهيار العملة الوطنية.
وفى سبتمبر، أهدى الأمير القطرى طائرة خاصة فاخرة من طراز 747 لأردوغان، ما أثار موجة من الانتقادات بين صفوف المعارضة.
وأعلنت تركيا فى 5 من أكتوبر الجارى عن تأسيس شركة صناعات دفاعية مشتركة مع قطر، فى خطوة جديدة تأتى فى إطار نهج البلدين لتعزيز التعاون العسكرى الثنائى بينهما.
وقالت مؤسسة "أسيلسان" للصناعات الدفاعية التركية، فى بيان، إن الشركة أطلق عليها اسم "برق" وتتخذ من قطر مقرا لها، موضحة أن تأسيسها جرى بالاشتراك مع كل من شركتى "برزان القابضة" التابعة لوزارة الدفاع القطرية و"SSTEC" التركية لتقنيات الصناعات الدفاعية.
وبدأ التواجد العسكرى لتركيا داخل قطر يثير الشبهات، ويأخذ أبعادا متطورة هذا العام، وذكرت مصادر خاصة فى العاصمة القطرية أن عملية إدماج الجنود الأتراك داخل النسيج الاجتماعى بل ومنحهم الجنسية القطرية هى قيد الإعداد بما يطرح علامات استفهام حول طبيعة الدور، والوظيفة التى يلعبها التواجد العسكرى فى تركيا.
وأشار الكاتب مارك بنتلى فى مقالة له فى موقع أحوال تركية، إلى أن قطر تخلف بوعودها الاستثمارية مع تركيا، وأن البلدين اللذين دعما معا جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فى جميع أنحاء المنطقة، أصبحا أكثر تهميشا على المستوى الدولى إذ أصبحت تركيا دولة منبوذة تقريبا بسبب تزايد استبداد أردوغان وانتهاكات حقوق الإنسان، بينما انعزلت قطر بفعل مقاطعة جيرانها بما فى ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية ومصر بسبب دعمها الجماعات الإرهابية.