تأكيدا لدورها التخريبى بالمنطقة وطموحها فى الاستيلاء على مقدرات الدولة السورية كشفت وسائل إعلام تركية معارضة للنظام أن السلطات التركية جهّزت جماعات مسلّحة "مرتزقة" محسوبة على المعارضة السورية، للهجوم على شرق نهر الفرات، بذريعة محاربة "الإرهاب".
ويقول مراقبون فى الشأن التركى، إن المساعى التركية تتمثل فى ضرب النسيج الاجتماعى السورى فى شمال شرق سوريا، عبر إدخال التنظيمات المتشدّدة التى تدعمها، إلى المناطق التى تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
ولفت المراقبون، حسب وسائل الإعلام التركية، إلى أنّ تركيا تحاول نقل العناصر المتشدّدة من إدلب، واستخدامهم من أجل ضرب الأكراد فى شرقى الفرات، لتحقق بذلك غايتين، إحداهما إفراغ المنطقة العازل فى إدلب من المتشدّدين، بحسب بنود اتفق سوتشى مع روسيا، والثانى توظيف تلك العناصر المتشدّدة للإغارة على الأكراد السوريين.
تأهب لغزو شرق الفرات
وكانت قد نقلت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية خبراً أفادت فيه بأن "فرقة الحمزة" التى وصفتها بأنها "إحدى أبرز فصائل "الجيش السورى الحر" تتأهب للمشاركة فى عملية عسكرية تركية محتملة ضد بؤر الإرهاب شرق نهر الفرات"، على حد تعبيرها.
المرتزقة الارهابيين التابعين لتركيا
وتضم الفرقة، بحسب الأناضول، نحو 6 آلاف و500 مقاتل من العرب والتركمان وتشكلت عام 2015 لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابى ودعمت القوات التركية فى عمليتى "درع الفرات"، و"غصن الزيتون".
تدريب تركيا للإرهابيين
وفى تصريح للأناضول، قال سيف أبو بكر، قائد إحدى المجموعات التابعة للفرقة، والتى تخضع قواتها لتدريبات عسكرية بمدينة اعزاز التركية: "الآن نجرى استعدادات لعملية عسكرية محتملة ضد الأكراد شرق نهر الفرات، وندرب جنودنا لذلك".
وأضاف: "ليس لدينا أى مشكلة مع أشقائنا الأكراد هناك "شرق الفرات"، وعلى العكس من ذلك سننقذهم من ظلم الإرهاب"، على حد زعمه.
وأشار إلى أن هدف الفرقة باعتبارها أحد فصائل "السورى الحر"، هو إنقاذ السكان شرقى نهر الفرات من ظلم تنظيم "ب ى د/بى كا كا"، مؤكدا قيام الفصائل بالتحضيرات على قدم وساق من أجل عملية محتملة.
وبيّن أبو بكر أن "التنظيم يمارس الظلم والضغط على سكان المناطق التى يحتلها"، وتابع: "قبل عملية غصن الزيتون قدمنا الدعم لأشقائنا الأكراد الفارين من ظلم الإرهابيين وساهمنا فى تشكيل لواء صقور الأكراد المؤلف من نحو 1200 مقاتل".
وأوضح أبو بكر، بحسب الأناضول، أن "صقور الأكراد" ساهم بشكل فاعل فى عملية "غصن الزيتون" التى طهرت عفرين من الإرهابيين، حسب قوله.
وثمّن أبو بكر اتفاقية "سوتشى" حول إدلب (شمال غرب)، قائلا: "تركيا من خلال اتفاقية سوتشى أنجزت عملا فى غاية الأهمية لحماية المدنيين بإدلب".
وفى 17 سبتمبر الماضى، أعلن الرئيسان التركى رجب طيب أردوغان، والروسى فلاديمير بوتين، فى مؤتمر صحفى بمنتجع سوتشى عقب مباحثات ثنائية، اتفاقا لإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق النظام ومناطق المعارضة فى إدلب.
وفى 24 مارس احتلت القوات التركية وجماعات مسلحة تابعة لها مما يسمى بـ"الجيش السورى الحر" فى عملية "غصن الزيتون"، منطقة عفرين بعد 64 يوما من انطلاقها.
يشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ترفض أى تحرّك عسكرى تركى لضرب قوات سوريا الديمقراطية التى تشكل قوات الحماية الكردية الغالبية فيها
وتدعم الولايات المتحدة القوات الكردية وتعتبرها شريكاً رئيساً فى مكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم "داعش" الإرهابى.
نقاط المراقبة الأمريكية
وفى السياق نفسه، فيما أثارت نقاط مراقبة أقامتها الولايات المتحدة الأمريكية شمال سوريا بالتعاون مع مقاتلين أكراد من قوات سوريا الديمقراطية استياء تركيا التى رأت فى الخطوة استفزازاً لها.
وانتقدت تركيا بحدة السبت الماضى، وفق موقع "أحوال" المتخصص فى الشأن التركى، إقامة الولايات المتحدة نقاط مراقبة فى شمال سوريا تهدف إلى منع أى مواجهة بين الجيش التركى ومقاتلين أكراد مدعومين من واشنطن.
نقاط مراقبة أمريكية
وقال وزير الدفاع التركى خلوصى أكار فى تصريحات بثتها وكالة أنباء الأناضول التركية "أؤيد الرأى القائل إن هذه التدابير ستزيد من تعقيد وضع معقد أصلا"، مضيفا: "أبلغنا نظراءنا الأمريكيين باستيائنا مرات عدة"، موضحا أنه تباحث فى هذه المسألة مؤخرا مع رئيس الأركان الأمريكى جو دانفورد.
وكان وزير الدفاع الأميركى جيم ماتيس أعلن الأربعاء الماضى، أن الجيش الأمريكى سيقيم نقاط مراقبة على الحدود الشمالية لسوريا لتجنب التوتر بين تركيا وأكراد سوريا حلفاء التحالف الدولى المناهض للجهاديين.
وقال ماتيس لصحفيين فى البنتاجون: "نحن نشيّد مراكز مراقبة فى مناطق عدة على طول الحدود السورية، الحدود الشمالية لسوريا".
وأوضح أن الهدف هو التأكد من أن قوات سوريا الديموقراطية - تحالف فصائل كردية وعربية يدعمه التحالف - "لن تنسحب من المعركة" ضد تنظيم داعش و"لنتمكن من سحق ما تبقى من الخلافة الجغرافية".
وأضاف ماتيس أن مراكز المراقبة هذه "ستكون مواقع ظاهرة بوضوح ليلا ونهارا ليعرف الأتراك أين هى بالضبط"، لافتا إلى أن هذا القرار اتخذ "بالتعاون الوثيق مع تركيا".
وكانت قوات سوريا الديموقراطية أعلنت فى 11 نوفمبر الجارى، استئناف عملياتها العسكرية ضد تنظيم "داعش" فى شرق البلاد بعد 10 أيام على تعليقها رداً على القصف التركى لمناطق سيطرة الأكراد شمالاً.
ومنذ نهاية أكتوبر، طغى التوتر على الأجواء فى شمال سوريا مع بدء القوات التركية استهداف مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقرى لقوات سوريا الديموقراطية، وتهديد أنقرة بشن هجوم واسع ضدها.
وسعى التحالف الدولى طوال تلك الفترة إلى خفض التوتر عبر التواصل مع كل من قوات سوريا الديموقراطية وأنقرة.
وبعدما دعا مجددا الولايات المتحدة إلى الكف عن دعم وحدات حماية الشعب الكردية، أكد وزير الدفاع التركى أن أبراج المراقبة "لن تكون لها أى فائدة".
وقال إن "تركيا لن تتردد فى اتخاذ الإجراءات التى تفرض من الجانب الآخر من الحدود لمواجهة المخاطر والتهديدات التى يمكن أن تنشأ".
وتأمل إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أن تنتهى المعارك التى تدعمها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش فى آخر موطئ قدم له فى شمال شرق سوريا خلال أشهر، لكن دبلوماسيا أمريكيا بارزا قال مؤخرا إن القوات الأميركية ستبقى لضمان استمرار هزيمة التنظيم المتشدد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة