شخصية النبى موسى، عليه السلام، من أكثر الشخصيات المثيرة فى التاريخ الإنسانى، فهو دائما عرضة للتأويلات قديما وحديثا، ومن أغرب هذه التفسيرات التى قرأتها مؤخرا الربط بينه وبين أوزوريس، وذلك ما أشار إليه كتاب "منابع تاريخ الأديان" لـ فيليب بورجوه ترجمة الدكتورة فوزية العشماوى والصادر عن المركز القومى للترجمة.
كتاب منابع تاريخ الأديان
ويقول الكتاب إن"إيفان كونيج" اقترح أن نعترف بأن اختيار اسم موسى، طبقا للنص اليونانى الإغريقى لأسفار موسى الخمسة (السبعينية) هو "موسياس" وله مرجعية لأوزوريس، وهذا الاسم يأتى من كلمتين باللغة المصرية القديمة وهما كلمة "مو" ومعناها الماء وكلمة "يساس" ومعناها دولة مجيدة نتجت عن دخول كوكب فى كوكب آخر.
لوحه تعبيريه للنبى موسى
أما "فلافيوس جوزيف" فى كتابه عن موسى "الآثار اليهودية" فإنه يؤكد هذه التسمية اللغوية كما يؤكد أن الأميرة المصرية التى احتضنت الطفل الرضيع وأخذته من على ضفاف النيل أعطته هذا الاسم "مويساس"، لأنه كان قد سقط فى الماء، لأن المصريين يطلقون على الماء كلمة "مو" والذين ينقذون وينتشلون من الماء كلمة "يساس" وهكذا أطلق على الرضيع هذا الاسم المكون من هاتين الكلمتين "موسى المنتشل من الماء".
كما نلاحظ أن الأميرة التى أنقذت موسى هنا "ترموزيس" وهو المقابل المترجم فى اللغة اليونانية للاسم المصرى "إيزيس" وطبقا للكاتب "كونيج" فإن الصلة متوافرة مع أسطورة أوزوريس الذى ظل جسده محبوسا فى صندوق وطفا مع مياه النيل بينما موسى، فى النص التوراتى، وضع أيضا فى سلة مصنوعة من أوراق البردى وعزل عنها بواسطة دهان من القطران وسارت على ضفاف النيل، ويؤكد "مانتون" أن الاسم المصرى لموسى، الذى كان كاهنا مصريا من هليوبوليس هو (أوزارسب) ما هو إلا ترجمة لاسم (أوزوريس هليوبوليس).
المعبودة أيزيس
أما عن خروج موسى وقومه من مصر فقد ذكر الكتاب حكايات مختلفه منها ما قال به المؤرخ الكبير (هيكاتيه دابدار) فى كتاب خصصه عن مصر، ألفه بعد وفاة الإسكندر الأكبر بقليل، يقول فيه "إن وباء الطاعون قد انتشر فى الماضى فى وادى النيل، وكان الشعب على يقين أن سبب الوباء موجود عن الآلهة، وفى الواقع فقد كان أفراد الشعب يعتقدون أن وجود أعداد كبيرة من الأجانب الذين يمارسون مختلف الشعائر والقرابين والتضحية طبقا لثقافات وتقاليد مختلفة، إنما كان ذلك من المحتمل أن يفسد التعبد للآلهة الموروثة عن الأجداد، وقد اتفق الأهالى المصريون على أنه لن يكون هناك حل لهذه الأوبئة إلا بطرد الأجانب وهذا ما قولوه وما نفذوه بالفعل، وكان من الخارجين "موزس" ومن معه.
وبعيدا عن موضوع النبى موسى يقول الكتاب "إن الآلهة والأساطير وحتى الشعائر عمرها الافتراضى نسبى، ومن بين الأديان التى ظهرت عبر التاريخ نجد أن المسيحية والبوذية والإسلام تبدو عارضة ويمكن تصديرها، وتبدو أنها نجحت جيدا، ولم يكن الحال كذلك بالنسبة للديانة المانوية، ولا بالنسبة لديانة "التوحيد الشمسى" التى اخترعها إخناتون. ومن بين الأديان المعروفة فإن اليهودية وكذلك الديانات القديمة فى الهند واليابان وديانة لاو تسو الصينى هى التى تزدهر، كذلك وبدرجة أقل ديانة المجوس، وهم أتباع الزرادشتية الفارسية القديمة، إلى جانب ديانة قوى الطبيعة "الماندية" وديانة اليازيدية وهم ورثة المجوس القدماء المؤمنين بإلهين".
الدكتور زاهى حواس
وردا على ما جاء فى الدراسات السالف ذكرها، تواصلنا مع عالم الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، حيث قال إن جميع ما يقال عن النبى موسى أو فرعون الخروج، مجرد تخمينات وآراء ليس لها أى أساس علمى.
وأضاف "حواس"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الحقيقة الوحيدة هو ما ذكر فى لوحة مرنبتاح المعروفة بلوحة النصر، وهى لوحى كتبها شاعر من الشعراء، لتمجيد الملك مرنبتاح ابن الملك رمسيس الثانى، وتحدث فيها عن عهد رخاء وسلام، وكانت هناك جملة واحدة فقط تشير إلى إسرائيل هى أن شعب إسرائيل انتهى بذريته.
ولفت عالم الآثار المصرية إن ما ذكر فى الأديان السماوية، هو أن غرق فرعون موسى، وبالتالى فمن المستحيل أن يمجد شاعر فى فرعون مات، إذا فرعون الخروج، ليس مرنبتاح لكن كان قبله، لكن لا يوجد أى دليل علمى أو آثر على من هو ذلك الشخص.
واختتم "حواس" أنبياء الله ليس لهم وجود على الآثار حتى الآن، ونحن حتى الآن كشفنا نحو 30% فقط من آثارنا، وهناك 70% آخرين لازالوا فى باطن الأرض، فربما يظهر ما يدل على وجود النبى موسى أو فرعون الخروج، وتحديد هويتهم، ما دون ذلك، مجرد تخمينات واجتهادات، ربما يقوم بها طفل صغير فى مدرسة.