مصير واحد يجمع البلدين الكبيرين مصر والمملكة العربية السعودية، وروابط تاريخية على مر الزمان تؤصل لعلاقة متجذرة بينهما، وحاضر يحتم عليهما التكامل وزيادة أواصر تلك الروابط، خاصة أن الأحداث تظهر يوما بعد الآخر أن هناك استهدافا للقطرين العربيين الشقيقين، وأنه حين يخرج سهم مستهدفا إحدى العاصمتين، فإنه يصيب الأخرى بالألم.. ذلك ما يجمع عليه كتاب ورؤساء تحرير كبريات الصحف السعودية ممن التقت بهم «اليوم السابع» أثناء زيارتهم لمقر المؤسسة، على هامش مرافقتهم ولى عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته «التاريخية» لمصر.
رؤساء تحرير صحف المملكة يؤكدون أن القاهرة والرياض تبقيان عماد الأمتين العربية والإسلامية، وأن كل محاولات الوقيعة بينهما باءت بالفشل وتحطمت على جدران العلاقات التاريخية والأزلية والمصيرية التى تربط بينهما، كما يؤكدون أن تلك المحاولات وغيرها من التحديات الإقليمية والدولية تحتم على البلدين السعى نحو التكامل والتنسيق فى مختلف المجالات، وهو ما يجرى بالفعل فى ظل قيادة حكيمة تقود السفينة فى البلدين، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
ويتحدث رؤساء التحرير عن أبعاد المؤامرة الأخيرة التى استهدفت النيل من المملكة، وقادتها كل من تركيا وقطر باستغلال قضية مقتل الصحفى جمال خاشقجى، وتسييسها، وهو ما تحطم أمام قيام المملكة بعرض كل الحقائق أولاً بأول، كما تحطم فى ظل دعم عربى غير مسبوق للمملكة وقيادتها فى مواجهة محاولات هز استقرارها.
سعود بن سلطان الريس
سعود بن سلطان الريس رئيس تحرير «الحياة»: كل محاولات الوقيعة بين القاهرة والرياض فشلت.. مصر والمملكة تقودان العالم العربى.. السعودية لم تقدم أى رواية فى حادث مقتل خاشقجى.. وتركيا سعت لتوظيف الحادث
أكد الكاتب الصحفى سعود بن سلطان الريس، رئيس تحرير صحيفة الحياة السعودية، أن مصر والسعودية تقودان العالم العربى والإسلامى، مضيفا أن هناك من سعوا كثيرا للإيقاع بين مصر والسعودية، ولكنهم لم ينجحوا، وشدد الريس، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، على أهمية واستراتيجية العلاقات التى تجمع المملكة العربية السعودية ومصر، لافتا إلى ضرورة التنسيق والتعاون بين البلدين خلال الفترة الراهنة التى تواجه فيها المنطقة أخطارا كثيرة، وعلى ضرورة أن يكون هناك تحرك واستراتيجية جديدة للسعودية ومصر فى المرحلة المقبلة.
وشدد سعود بن سلطان على ضرورة تفعيل الشراكة السعودية المصرية بشكل كامل فى كل الملفات، لافتا إلى أن هناك اتفاقات وتوافقا، وأنه لابد أن يكون هناك حرص وحراك لإحياء القومية العربية من جديد، متابعا: «لا نتحدث عن مشروع سياسى، فلسنا تركيا ولسنا إيران وليس لدينا مشروع هيمنة على المنطقة».
وعن أوضاع صحيفة الحياة، قال الريس: «كانت هناك فكرة لإعادة هيكلة الصحيفة وفتح قنوات استثمارية بنفس المنتج، ولكن بطرق مختلفة، وتم التخطيط والإعداد لذلك، وتم البدء فى الترتيبات، وهناك من خرج ليتحدث أن هناك صفقة لبيع الصحيفة، وكان هناك أكثر من مستثمر لديهم رغبة فى شرائها، ولكن الصحيفة مازالت بوضعها الحالى قادرة على التواصل»، وتابع: تأثرت الصحافة الورقية فى السعودية، وتأثير الصحافة الورقية كان مرتبطا بشكل مباشر بانخفاض الإعلان فى الصحف الورقية فى السعودية، والصحف كانت تعيش على الإعلان والآن الإعلان انخفض نتيجة الظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم والظروف الأخرى والمتغيرات، انخفض الإعلان بشكل عام، وبالتالى تأثرت الصحافة الورقية، وأصبحت تعيش فى أزمة، والصحف لم تكن تخطط لمرحلة انخفاض الإعلان، والآن أصبحت تقف عاجزة عن تقديم منتج يلبى حاجة القارئ.
وأوضح رئيس تحرير صحيفة الحياة السعودية، أنه لا توجد صحافة معارضة فى السعودية، وأن الصحف ليست مملوكة للدولة ولكنها فى المقابل تسير وفق منهج الدولة المستمد من القرآن والسنة، وتتمسك بهذا المبدأ، مشيرا إلى أن هذا المبدأ يحتم عليها السير فى الإطار الذى وضع شرعا.
وفيما يتعلق بما يتداول عن مساعى البعض لنقل مقر اتحاد الصحفيين العرب من مصر، علق قائلا: «لا توجد دولة عربية قادرة على أن تستضيف مقر اتحاد الصحفيين العرب مثل مصر، ولا توجد دولة مهيأة لذلك، موقع مصر أكثر إيجابية وتميزا.
وبشأن حادث مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى، نوه سعود بن سلطان الريس، رئيس تحرير صحيفة الحياة السعودية، إلى أن تركيا سلكت مسلكا لا يمكن أن تسلكه دولة صغيرة وأصدرت رواية تلو رواية، وكان إعلامها يردد أن السعودية قدمت رواية ثم تراجعت عنها وأن السعودية قدمت أكثر من رواية، ولكن هذا غير صحيح، مؤكدا أن السعودية لم تقدم أى رواية فى حادث مقتل جمال خاشقجى، ولكنها كانت تقدم نتائج تحقيقات.
وتابع: «عندما نتحدث عن قضية جنائية ونتحدث عن قاتل ونتحدث عن ضحية، فبالتالى القاتل لن يبوح بكل ما لديه من أول سؤال، قد تتغير أقواله فى الشهر أكثر من 5 مرات، معتمدا على أى نتيجة، وتركيا تمسكت بمنع الأدلة عن السعودية، ولم يكن لديها إشكالية فى تقديمها للغرب وتقديمها لألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ولكن عندما طالبتها السعودية لم تعرض عليها ولم يتم حتى السماح لسماع كل الأدلة ومشاهدتها، كانت تركيا من اليوم الأول تسعى إلى توظيف حادث مقتل جمال خاشقجى لمصالحها».
موفق بن سعد النويصر
موفق بن سعد النويصر رئيس تحرير «مكة»: العلاقات المصرية السعودية تكاملية.. يجب أن يكون هناك مشروع إعلامى دولى للبلاد العربية.. و«الجزيرة» خسرت الكثير من متابعيها فى الفترة الأخيرة
وصف الكاتب الصحفى موفق بن سعد النويصر، رئيس تحرير صحيفة «مكة» العلاقات المصرية السعودية، بأنها علاقات تكاملية فى كل المشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مضيفًا أن التحديات التى تواجه البلدين تحتم عليهما أن يكون هناك تكامل سياسى واقتصادى وإعلامى واجتماعى، وقال «النويصر» لـ«اليوم السابع»: «آخر زيارة لى لمصر كانت عام 2010 وخلال السنوات الماضية حتى الآن حدث تطور كبير فى مصر وهناك أشياء ظلت كما هى، ولكن أنا كشخص بعيد عن مصر فترة أشعر أن هناك تطورًا كبيرًا حدث، وهناك تقدم، وأى شخص ابتعد عن البلد فترة سيلمس ذلك».
وعن حادث مقتل جمال خاشقجى، أوضح رئيس تحرير صحيفة مكة، أن الجميع كان يرفض هذا الحادث، مشيرًا إلى أن ما كانت تسعى إليه تركيا وقناة الجزيرة هو الإساءة للمملكة العربية السعودية، متابعًا: «هى فرصة مناسبة لهما لتمرير الكثير من تصفية الحسابات مع الدول التى تكون على خلاف معها، وتركيا حاولت قدر المستطاع أن تنال من السعودية وقيادات المملكة ولكن لم تنجح».
واستطرد: «ليست لدينا كدول عربية مؤسسات إعلامية قادرة على إيصال أصواتنا للخارج ومن المهم فى هذه الفترة أن يكون هناك مشروع إعلام دولى للدول العربية وبعض الدول التى تأثرت من الإعلام القطرى عليها أن تبحث كيفية اقتحام هذا المشروع للمؤسسات الغربية وكيفية إيصال صوتنا لهذه المؤسسات»، مضيفًا: نحتاج إلى استثمار علاقتنا فى الخارج والأصوات المعتدلة التى ترى أن مصر والسعودية ودول أخرى دول منصفة ولديها القدرة على إحداث تغيير إيجابى فى دولها وخصوصًا مع المشاريع والبرامج التى تقوم بتنفيذها»، لافتًا إلى أن قناة الجزيرة فى الفترة الأخيرة خسرت الكثير من المشاهدين.
وعن عمليات قوات التحالف العربى لدعم الجيش اليمنى فى معركته ضد ميليشيات الحوثيين الانقلابية، أوضح أن القيادة المشتركة حرصت على أن تكون معاركها محدودة حتى لا تصيب الشعب والأبرياء، مضيفًا: «طوال مدة الحرب ولازال الشارع اليمنى يؤمن بعدالة المهمة التى تقوم بها قوات التحالف العربى، لم نسمع صوتًا من الشارع اليمنى يدين العمليات التى تقوم بها قوات التحالف ولكن يؤيدها لأنه يشعر بكثير من الظلم الذى وقع عليه من الحوثيين، شرعية اليمن طلبت تدخل قوات التحالف لمساعدتها على ضرب الحوثيين».
وفيما يتعلق بسعى المملكة العربية السعودية للتخلص من الفكر الوهابى، نوه الكاتب الصحفى موفق بن سعد النويصر، رئيس تحرير صحيفة مكة، إلى أن الوهابية أصبحت مثل «المسبة»، مشيرا إلى أن فى إجمالها الأساسى تعد حركة إصلاحية قبل 200 عام نجحت فى ضيق الفترة وتأقلم المجتمع معها بحكم أنه كان مجتمعا مغلقا ومجتمعا بدويا، وأن متطلباته فى الحياة كانت محدودة.
ولفت رئيس تحرير صحيفة مكة إلى أنه عندما اختلطت الوهابية بالتيارات الأخرى تلبست بلباس غير اللباس، موضحا أن كثيرا من التيارات التى كانت موجودة بالعالم العربى لبست وشاح الوهابية، متابعا: «لم نكن متعمقين فى قراءة تاريخ المذاهب والحركات الإسلامية، وما هو موجود الآن شبيه للإخوان، جميع التيارات الدينية دائمًا كانت فى مجتمعاتها مرفوضة وكانت تحاول أن تلبس ثوبا غير ثوبها حتى تمارس عملها بشكل أو بآخر».
وذكر أن عدد السعوديين المتواجدين فى تيارات القاعدة وداعش أقلية عن بعض الدول مقارنة بتونس والمغرب والجزائر وأوروبا ودول أفريقية.
فضل بن سعد البوعينين
المحلل السعودى فضل البوعينين: «نيوم» مشروع تكامل بين مصر والمملكة.. أكثر من 6 مليارات دولار حجم التبادل التجارى بين البلدين.. وجسر الملك فهد يساعد على تدفق الاستثمارات
قال فضل بن سعد البوعينين المحلل الاقتصادى السعودى والكاتب الإقتصادى بصحيفة الجزيرة السعودية، إن زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان لمصر جاءت لتعزيز العلاقات الوثيقة بين مصر والسعودية، خاصة فى الجوانب الاقتصادية و الاستثمارية، وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن هناك مشروعات ضخمة مشتركة بين مصر والسعودية، مشيرا إلى أن مشروع نيوم، هو مشروع تكامل بين البلدين، خاصة أنه عبارة عن مدينة استثمارية متكاملة على مساحة 26 ألفا و500 كيلو متر مربع، بين السعودية ومصر والأردن وباستثمارات مبدئية 500 مليار دولار بدعم من صندوق الاستثمارات العامة السعودى، وتقابله مشروعات على الساحل المصرى.
وأشار إلى أن هناك أيضا مشروع ضخم وهو جسر الملك فهد وهو مشروع تنموى من الدرجة الأولى وسيساعد فى تدفق السلع والبضائع وتدفق الاستثمارات إلى المنطقة الموازية لنيوم فى سيناء، متابعا: «بشكل هام هذه الزيارة هى تعزيز لما تم التوصل إليه من اتفاقيات سابقة من قبل والتأكيد على أن مصر والسعودية يشتركان فى مصير واحد ويدفعان نحو وجهة واحدة».
ونوه إلى أن هناك أكثر من 6 مليارات دولار حجم التبادل التجارى بين مصر والسعودية، موضحا أن العلاقة بين البلدين يفترض أن تعزز التبادل التجارى بأعلى من هذا الرقم بكثير، لأن مصر دولة منتجة لكثير من المنتجات التى تحتاجها المملكة العربية السعودية، كما أن السعودية تنتج بعض المنتجات التى يحتاجها السوق المصرى. وتابع فضل بن سعد البوعينين: «نحن نحتاج إلى تحفيز حكومى لدفع التبادل التجارى والرفع من كفاءته والذى يتحمل الدور الأكبر فى هذا الجانب، جسر الملك فهد المزمع تنفيذه فى المستقبل سيعزز من التبادل التجارى بشكل كبير».
وعن الدور الذى تلعبه قطر لزعزعة استقرار المنطقة، قال البوعينين: «الحكومة القطرية تهدف إلى زعزعة أمن المنطقة بشكل كلى، ولكنها تركز على مصر كدولة محورية، وزعزعتها زعزعة للدول الأخرى، وبعد مقاطعة الدول الأربعة تحول أيضا هذا الاستهداف المباشر إلى السعودية، فأصبح هناك استهداف من قبل قطر للسعودية ومصر وهما جناحا الأمة العربية، وبالتالى هذا الاستهداف ليس قاصرا على مصر والسعودية ولكنه استهداف لجميع الدول العربية الأخرى، والدور الخبيث الذى تقوم به قطر سيعود عليها بكوارث، وسيحمى الله مصر والسعودية طالما هذا الاتفاق والعلاقات الوثيقة بين البلدين»، لافتا إلى أن قطر حباها الله بموارد مالية، لكن بدلا من استخدام هذه الموارد فى تنمية قطر والدول العربية الأكثر حاجة للمساعدات استخدمت هذه الموارد لحشد الجهود الدولية، لمواجهة السعودية ومصر وتقليب الرأى العام وتمويل الإرهاب بشكل مباشر».
وشدد فضل بن سعد البوعينين على أن التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش» مسيسة، والدليل على ذلك أنها ترى القضية الصغيرة فى الدول العربية، وتتجاهل القضايا التى تحدث فى الدول الغربية.
وفيما يتعلق بالمشروعات التى يقوم بها الأمير محمد بن سلمان، أوضح أن الأمير محمد بن سلمان هو الأمير المجدد فى المملكة، وأن هذا التجديد مرتبط بالجانب الاجتماعى والسياسى والثقافى والتشريعى بجانب الاقتصادى، متابعا: «ولى العهد يقود ثورة تحول حقيقة فى كل مناسك الحياة فى المملكة، ولكن يركز فى القطاع الاقتصادى، منذ عام 2016 أطلق رؤية المملكة 2030 هذه الرؤية ركزت على إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادره وتنويع مصادر الدخل وتفعيل قطاعات الاقتصاد التى كانت مهملة لوقت طويل، هناك تقارير دولية من صندوق النقد الدولى تشير الى تحسن كبير فى السعودية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة