قصتها بدأت قبل أكثر من تسع أعوام ، ولا أحد يعلم كيف ستنتهى، لكن ما أصبح مؤكدا الآن أن " آسيا بيبى " المرأة الباكستانية المسيحية ، قد أثارت اضطرابا فى بلادها بسبب قضيتها التى بتت فيها المحكمة العليا مؤخرا بحكم لم يرضى المتشددين، مما أثار احتجاجات فى البلاد لعدة أيام، اضطرت الحكومة بعدها إلى عقد اتفاق مع المحتجين تعهدت فيه بعدم السماح لبيبى بمغادرة البلاد.
محتجون يقفون على صورة آسيا بيبى
القصة بدأت عام 2009، حسبما تقول هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، بسبب كوب ماء ، حيث نشب خلاف بينها وبين مجموعة من النساء اللائى كن يجمعن محصول الفاكهة بأحد الحقول، وقالت بعضهن إنهن لن يستخدمن دلواللماء بعدما استخدمته آسيا بيبى المسيحية لأنها "نجسة" على حد وصفهن ،
ووفقا للمحقيين، تطور النقاش بين النساء وآسيا ، وطالبنها باعتناق الإسلام فرفضت وقالت كلاما مسيئا للنبى محمد، وفقا لروايتهن ، وتعرضت للضرب فى منزلها لاحقا وأقرت خلال ذلك بتهمة "الإزدراء" بحسب قول من يتهمونها ، وألقت الشرطة عليها لتواجه 2010 المحاكمة بتهمة التجديف ، وصدور حكم ضدها بالإعدام، حتى أصدرت المحكمة العليا الباكستانية يوم الأربعاء الماضى قرار بإلغائه ، وقالت فى حيثيات الحكم إن القضية مبنية على أدلة واهية، وأن اعتراف المتهمة كان أمام مجموعة من الناس يهددونها بالقتل.
وأثار هذا الحكم احتجاجات ومظاهرات واسعة من حركة "لبيك باكستان" الإسلامية ، اعتراضا على الحكم الصادر وإطلاق سراحها، مما دفع حكومة إسلام أباد إلى التدخل والاتفاق مع الحركة لوقف احتجاجاتها مقابل وعد بمحاولة منع آسيا من مغادرة البلاد والسماح لهم بالطعن على الحكم.
جانب من الاحتجاجات
ونص الاتفاق أيضا على إطلاق سراح المحتجين ، الذين ألقى القبض عليهم خلال الأيام الماضية، مما أثار اتهامات لحكومة إسلام أباد بمساندة المتطرفين وعدم القدرة على تطبيق حكم أعلى محكمة فى البلاد ، ومن جانبه، أعلن زوج السيدة المسيحية، ويدعى عشيق مسيح ، أنه وزوجته لا يشعران بالأمان بالبقاء فى باكستان وطالب باللجوء إلى الولايات المتحدة او كندا أو بريطانيا.
وقالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن مسيح ، طلب من رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماى، منح زوجته والعائلة اللجوء فى بريطانيا، وطالب أيضا بمساعدة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو، وقال : إنه يطلب من ثلاثتهم مساعدتهم ومنحهم الحرية بقدر الإمكان.
اسيا بيبى
وفى ظل التهديدات المستمرة، غادر المحامى الذى يدافع عن بيبى ، باكستان خوفا على حياته، وقال فى تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية إنه اضطر لمغادرة البلاد حتى يستطيع الاستمرار فى الدفاع عنها.
من جانبه، علق روان ويليامز ، أسقف كانتبرى ، السابق على قضية آسيا بيبى، قائلا : إن رفض الحكومة الباكستانية السماح لها بمغادرة البلاد مأساة. وأضاف فى تصريحات لصحيفة "الأوبزرفر" إن على الحكومة الباكستانية أن تقرر ما إذا كانت تحترم حكم القانون أم لا ، فقد تم تبرئة بيبى أخيرا فى المحكمة من تهمة ملفقة. والتأخير فى تأمين العدالة لها قد أضر بالفعل بإحترام باكستان فى العالم.