تميزت الحضارة المصرية القديمة عن باقى حضارات العالم بتنوع مظاهرها العلمية والفنية والأدبية والاجتماعية والسياسية، وفى هذا التميز والتنوع حظيت المرأة فى مصر القديمة على مكانة متميزة لم تحظ بها امرأة أخرى فى شتى المجتمعات والحضارات الإنسانية.
ونتحدث هنا عن جزء من تلك الحقوق التى تمتعت بها المرأة فى مصر القديمة، وهو حقوق المرأة فى الزواج والطلاق، فيقول فى هذا الشأن الدكتور ممدوح الدماطى، عبر كتابه "ملكات مصر"، إن مصر كانت لها السبق فى تحرير وثائق للزواج والطلاق. كان العقد البداية يتم مشافهة بين كبار أفراد الأسرتين، ثم تطور فيما بعد إلى نص مكتوب، وكان الأهل والأقرباء وأهل القرية يحضرون حفل العرس، ويشهد على العقد شهود تسجل أسماؤهم فى الوثيقة، ويحرر فى العقد تعهدات الزوج، وينص كتابة على قيمة الصداق من أوزان الفضة ومكاييل الغلال، فضلا عن مؤجل معين يدفعه إذا شب بينه وبين زوجته ما يدعو إلى الانفصال، وهو ما يعرف بالمؤخر فى عقودنا الحالية.
كما لم ينس المصريون القدماء قائمة المنقولات، حيث تم ذكر ذلك فى وثائق نذكر منها النص التالى "اليوم 21 من الشهر الرابع، فصل شمو السنة الخامسة للملك بسماتيك، دخل الكاهن فلان منزل الكاهن فلان ليحرر وثيقة زواج من السيدة فلانة، وقرر أن قائمة الشياء التى سيعطيها إياها مهرًا هى دبنان من الفضة وخمسين مكيالا من القمح. وقال أقسم بآمون وفرعون أننى إذا طلقت أختى ملكى فلانة وأكون أنا السبب فى الإضرار بها لأنى طلقتها أو تزوجت بامرأة أخرى عليها إلا فى حالة الخطيئة الكبرى من جانبها، فإنى أعطيها الدبنين والخمسين مكيالا من القمح المذكورين أعلاه، وكل ما سأحصل عليه من ريع، ويصبح ما سيئول إلى من أملاك أبى وأمى لأولادى منها، توقيع الموثق والشهود".
وكان الطلاق حقًا للزوجين ويتم باتفاقهما، وفى حالة حدوث الطلاق بإرادة الزوج دون ذنب اقترفته الزوجة، فكان يجب تنفيذ شرط العقد، الذى أقره الزوج فى عقد الزواج، وكذلك مؤخر الصداق وهو هدية الزواج وقيمتها تكون مسجلة فى عقد الزواج علاوة على ما تحصل عليه من قيمة الكسب المشترك طوال فترو الزواج، وهو ما يساوى ثلث ما كسبه الزوج خلال فترة زواجهما معًا.
أما فى حالة أن تكون الزوجة هى الراغبة فى إنهاء العلاقة الزوجية فيوضح الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار الأسبق، أن المرأة كانت تحصل على كل ما سبق ذكره فيما عدا القيمة الكاملة لمؤخر الصداق أى الهدية التى نص عليها فى عقد الزواج، بل يصلها منها النصف فقط، أما إذا اقترفت الزوجة الجريمة الكبرى أو الخيانة وثبت عليها ذلك فكانت لا تحصل على أى مستحقات، كما أنها كانت تحاكم وتعاقب جنائيا.